الخميس، 31 أكتوبر 2019

جفوراه

شجرة الحياة القابالية بناء على تصور المنجم والفيزيائي الإنجليزي "روبرت فلود" (1574-1637).




أو "غبوراه" هي "السيفيراه" الخامسة في شجرة الحياة القابالية والسمة الانفعالية الثانية في "السيفيروت" وتقع أسفل "بيناه" وفوق "هود" وتتقابل مع "حيسيد".

"الجفوراه" هي "جوهر الحكم والتحديد، وتتوافق مع الرعب وعنصر النار".

وكُتب في "البحير": "ومن هم الضباط؟ لقد تعلمنا أنهم ثلاثة: القوة (جفوراه) هي ضابط جميع الأشكال المقدسة على يسار المقدس المبارك، إنه غابرييل".

وترتبط "الجفوراه" باللون الأحمر.

"الجفوراه" كما تقدم هي الخامسة من "السيفيروت العشر" والثانية من السمات الانفعالية في الخلق والتي تتوافق مع اليوم الثاني من خلق البريئة، وذُكر في "البحير": "وما هي الكلمة الخامسة؟ الخامسة هي نار الرب العظيمة التي تقول: "دعني لا أرى المزيد من هذه النار العظيمة لئلا أموت"، إنها يد الرب اليسرى".

يفهم أن "جفوراه" هي طريقة الرب في عقاب الأشرار والحكم على الإنسانية بوجه عام، إنها منشأة الصرامة، والالتزام المطلق بخطاب القانون، والمخرج الصارم للعدالة، إنها تقف على النقيض من "حيسيد".

نحن بذلك نتحدث عن طرق عمل الإله الأساسية باعتبارها لطف وعدم مساءلة في "الحيسيد" مقابل الصرامة والمسائلة الصارمة في "الجفوراه"، إنها تدعى "القدرة الجبارة" بسبب قوة حكم الإله المطلقة.

وترتبط "جفوراه" بالروح بقوة لكبح جماح المرئ في فعل الخير للآخرين عندما ينظر إلى متلقي هذا الخير بأنه غير جدير بالثقة وعلى أنه من الممكن أن يسيء استخدامه، كالقوة التي تقيس وتقيم الجدوى من الخلق.

("سمة الحكم") هي القدرة الكبحية الجبارة "لجفوراه" التي تسمح للمرئ بأن يتغلب على أعدائه سواء كانوا في "الداخل" أو "الخارج" (الميول الشريرة).

ويطلق على النظام الملائكي لهذا النطاق "السارافيم" يحكمه رئيس الملائكة "خامائيل"، وتمثل "الكليفاه" المعارضة بالنظام الشيطاني "الغولاشاب" الذي يحكمه رئيس الشياطين "آشماداي".

"الجفوراه" و "الحيسيد" يتصرفان سويا لخلق توازن داخلي في نهج الروح في العالم الخارجي، فبينما تعمل يد "حيسيد" اليمنى على التقرب من الآخرين فإن يد "جفوراه" اليسرى تحتفظ بخيار صد أولئك الذين لا يستحقون، وحتى تجاه أولئك الذين تربطهم علاقة أولية "بصد اليد اليسرى"، يجب على المرئ بعد ذلك تطبيق المبدإ التكميلي "لتقريب اليد اليمنى".

في نهاية المطاف فإن قدرة "جفوراه" تصبح القوة وإمكانية تنفيذ الرغبة الفطرية للمرئ في "حيسيد"، فقط من خلال قوة "جفوراه" تستطيع "حيسيد" اختراق السطح الخشن والمعادي للواقع، وفي هذا الصدد يناقش الحاخام "بعل شيم توف" قدرة "جفوراه" على تحقيق "الانسحاب الإلهي" (زيمزوم) الذي بدوره يخلق قدرة "حيسيد" على إحداث أثرها في الخلق.

وتظهر "جفوراه" في تكوين "السيفيروت" على طول المحور الأيسر، مباشرة أسفل "بيناه" ومطابقة "للزيليم إلوكيم" "الذراع اليسرى".

والقيمة العددية "لجفوراه"، 216، وهي 6 مرات 6 مرات 6. ألواح العهد التي تلقاها موسى في سيناء كانت 6 في 6 في 3 أشبار، أعطيت التوراه لموسى وإسرائيل من "فم جفوراه"، هي من الأهمية بحيث لم يستعمل إسم أي من "السيفيروت" من قبل "حكمائنا" للتعبير عن الإله بنفسه إلا إسم "جفوراه" (يشار إلى الإله في الكتاب المقدس "نيتساح" { الأبدية } إسرائيل ـ سفر صموئيل ـ لكن ليس "نيتساح" (وهي إحدى السيفيروت) وحدها)، هنا تشير "الجفوراه" إلى قوة الإله الأساسية في تقليص أو تكثيف نوره وقوته اللامتناهيان على حروف التوراة المتناهية (خاصة تلك التي نقشت على ألواح العهد، الوصايا العشر).

جفوراه = 216 = 3 مرات 72 (شيسيد). كل إسم من أسماء الإله الـ 72 الخفية يمتلك 3 حروف، وهي في مجموعها 216 حرفا. المعنى يكمن في الكلمات والأسماء. "المعنى" النهائي لكل واحد من أسماء الإله هو تعبيره عن الحب (شيسيد) لخلقه، فكل إسم من أسمائه يعبر عن حبه بطريقة مميزة، مكونات كل كلمة وإسم، "اللبنات الأساسية" للخلق هي الحروف التي تتحد لتشكل كلمات، الحروف، "مجتزأة" من "المادة الخام" "لما قبل الخلق" (سر "الريشيمو"، "انطباع" ضوء الإله اللامتناهي الباقي بعد الفعل الأولي "لزيمزوم"، "التقلص") تعكس "جفوراه" الرب.

اليدان اللتان تعملان معا لتشكيل كل الواقع، "حيسيد" (72) بالإضافة إلى "جفوراه" (216) = 288 = مرتان 12 مربعا، 288 هو رقم "النيزوزوت" "الشرر الساقط" (من الجائحة البدئية "لكسر الأوعية") اللتان تتخللان الواقع المخلوق، من خلال الجهد المزدوج "لحيسيد" و"جفوراه" ليس فقط لتشكيل الواقع، بل لتصحيح الواقع كذلك، (من خلال وسائل "اليد اليسرى التي تصد" و"اليد اليمنى التي تقرب") هذا الشرار الساقط يخلص ويرفع للعودة والتوحد مع مصدره النهائي. بمعنى عالمي، هذا هو سر مجيئ "الماشياش" (الماشيح) وقيامة الأموات.

"وفي عهد "كيدمون"، صار شائعا أن "جفوراه" رديف للحب، وسعى الرجال الحكماء إلى معرفة "جفوراه" لبناء الحلول التي من شأنها أن تقي رفاقهم من الموت".
المرجع:

بلعم


في الديمونولوجيا، بلعم (أو بالام، أو بالان) هو ملك قوي وعظيم (وحسب بعض المؤلفين دوق أو أمير) للجحيم الذي يحكم أربعين فيلقا من الشياطين، يعطي أجوبة مثالية حول أشياء من الماضي والحاضر والمستقبل، ويمكنه كذلك جعل الرجال مخفيين وبارعين. 

ويصور "بالام" بثلاثة رؤوس، رأس ثور، ورأس رجل، ورأس خروف، لديه عينان مشتعلتان وجدع أفعى، يحمل بازا في قبضته ويمتطي دبا قويا، وفي أحيان أخرى يظهر في شكل امرأة عارية تمتطي دبا. 

ويبدو أن إسمه مقتبس من إسم "بلعم" وهو بلعم بن باعورا الساحر التوراتي.
المرجع:

بعل بيريث



بعل بيريث (سيد العهود) وإيل بيريث (إله العهود) وهما إلهان، أو إله واحد، عُبدا في "شكيم" في إسرائيل القديمة، ومصطلح "العهد" ("بيريث" في العبرية) يظهر أيضا في النصوص الأوغاريتية التي تعود للألفية الثانية قبل الميلاد في لفظة "برت"، وربما تعادلها لفظة "بيروث" في الأساطير الفينيقية القديمة المسماة "أعمال سانشونياثون" 

وبالعودة إلى الكتاب المقدس فإن سفر القضاة هو الكتاب التوراتي الوحيد الذي أشار إلى "بعل بيريث" و "إيل بيريث"، ومن غير الواضح ما إذا كانا عبارة عن شكلين منفصلين للآلهة "بعل" و "إيل" أو هما نفس الآلهة في الواقع، ويرجح العلماء أن عبادة "بعل بيريث" و "إيل بيريث" كانت متصلة بالخصوبة والنبات، واعتمادا على سفر القضاة يبقى من الواضح أي عهد أو عهود يعنيها الإسم "بيريث"، وفي موضع آخر من السفر كان بعض "الشكيميين" يُدعون "رجال حامور" وهذا يقارن بـ "أبناء حامور" وهي تسمية شرق أوسطية قديمة كانت تطلق على الناس الذين كانوا ينذرون عهودا مختومة بالتضحية بـ "حامور" (حمار)، "أولاد" أو "أبناء حامور" تظهر بنفسها في سفر التكوين وسفر يشوع، وفي كلاهما ـ على غرار القضاة ـ يدعى "حامور" "أب شكيم"، وسفر التكوين أيضا يصور رجلا يدعى حامور حكم في منطقة شكيم، وكان لديه ابن يدعى "شكيم"، وبالمرور إلى التقليد الحاخامي نجده يساوي "بعل بيريث" بـ "بعل زبوب" إله عقرون الفلسطينية. 

واعتمادا على أعمال سانشونياثون، يقول في مذهبه "اليوهيمري" بالنسبة للآلهة الفينيقية أن رجلا كان يدعى "إيليون" أو المسمى كذلك "الأكثر سموا" وامرأة تدعى "بيروث" كانا ساكنين بجوار "بيبلوس"، في سواحل لبنان حاليا، وكان لديهما طفلين، ولد يدعى إبيجيوس/ أوتوشثون/ السماء، وبنت تدعى "الأرض"، وبسبب جمال هذين الطفلين، سميت السماء باسمها والأرض كذلك تيمنا بهما، ووفقا لسانشونياثون فمن الأرض والسماء ولد إيل وباقي المعبودات، رغم أن النصوص القديمة تشير إلى "إيل" بـ خالق السماء والأرض، وعلاقة بـ "بيريت" العبرية (العهد) أو مدينة بيروت فكلاهما اقتُرح اشتقاقا لـ "بيروث"، كما أن الثيوغونيا الحيثية تسمي الإله الأولي "علالو" الذي أنجب السماء (واحتمالا الأرض) والذي أطيح به من قبل ابنه "السماء"، الذي أطيح به بدوره من قبل ابنه "كوماربي"، وهو تقليد متشابه ويبدو أنه أساس مذهب سانشونياثون. 

أما في الأدب الربي فالمعبود "بعل بيريث" الذي عبده اليهود بعد وفاة "جدعون" كان متطابقا حسب الحاخامات مع "بعل زبوب"، "سيد الذباب"، رب عقرون (سفر الملوك الثاني)، وكان يعبد في شكل ذبابة، وتنص التقاليد اليهودية على أن الولعين بهذه العبادة كانوا يهودا من طائفته وأنهم سيحملون صوره في جيوبهم، يخرجونها، ويقبلونها بين الفينة والأخرى، ويدعى "بعل زبوب" بـ "بعل بيريث" لأن مثل هؤلاء اليهود قد يقال لهم اقطعوا عهودا (بريث في العبرية) للتفاني مع المعبود فلا يرغبون في التخلي عنها لحظة واحدة (شبات 83ب، وأيضا سنهدرين 63ب)، وحسب تصور آخر كان "بعل بيريث" موضوعا فاحشا للعبادة الوثنية، ربما كتمثيل أو تقليد للإله الروماني "بريابس"، وهذا مبني بوضوح على الدلالة الأخيرة لكلمة "بيريت" التي تعني "ختان". 

وبالنسبة للمسيحية فوفقا لـ "التاريخ البديع" المؤلف من قبل الأب سيباستيان ميشايليز سنة 1612، فإن بعل بيريث تملك ذات مرة راهبة في مدينة "آكس أون بروفانس" الفرنسية وفي عملية التعويذ فإن بعل بيريث لم يتطوع فقط باسمه الخاص وأسماء جميع الشياطين الآخرين الذين يتملكونها، بل كذلك باسم القديسين الذين سيكونون أكثر فاعلية في معارضتهم.
المرجع:

بعل (شيطان)

ختم بعل.

وأحيانا ينطق "باعل" أحد أمراء الجحيم السبعة في كتابات السحر الغويتية للقرن السابع عشر، الإسم مستمد من الإله الكنعاني "بعل" والمشار إليه في التناخ بإله الفينيقيين الأساسي. 

وفي هذا التسلسل الهرمي، فإن بعل (عادة ما ينطق "باعل" في هذا السياق، وهناك احتمال أن هاتين الشخصيتين غير متصلتين) يصنف ملك الجحيم الأول والأساسي، حاكم على الشرق، ووفقا لبعض المؤلفين، فـ "بعل" دوق مع ستة وستون فيلقا تحت إمرته، وحسب "فرانسيس باريت"، فإن لـ "بعل" القوة على جعل الذين يستحضرونه غير مرئيين. 

وخلال الفترة "التطهيرية" الإنجليزية، قورن "بعل" بإبليس أو تم اعتباره مساعده الرئيسي، وبعض الديمونولوجيين يعتقدون أن قواه تصبح أشد في شهر أكتوبر، وأن أصل الهالوين في مهرجان "سامهاين" ينطوي على عبادة وتقديم أضحيات لـ "بعل". 

وبينما صور سلفه "السامي" على شكل رجل أو ثور، فقد قيل بأن الشيطان "بعل" في التقليد الغريمواري في صورة رجل أو قط أو علجوم، أو توليف من هذه الكائنات، وكمثال على ذلك في كتاب جاك كولين دوبلانصي "المعجم الجهنمي" يصور هذه رؤوس هذه الكائنات الثلاث مندمجة ولها سيقان عنكبوت.
رسم "للويس لوبريتون" من طبعة 1863 "للمعجم الجهنمي".
المرجع:

السبت، 26 أكتوبر 2019

أستاروث

تصور أستاروث من المعجم الجهنمي (1818).

أستاروث ( وتنطق أيضا أشتاروث وأستيروث)، في الديمونولوجيا هو دوق الجحيم الأعظم في التسلسل الهرمي مع بعل زبوب ولوسيفر، فهو جزء من ثالوث الشر، وملامح إسمه الذكورية مشتقة غالبا من الإلهة الميسوبوتامية عشتار. 

الإسم "أستاروث" مستمد بشكل أساسي من الإلهة الفينيقية للألفية الثانية قبل الميلاد المسماة "عشتروت"، المعادلة لعشتار البابلية وإنانا السومرية في وقت سابق، ويشار إليها في "التناخ" في صيغ "عشتوريث" (مفردا) وعشتاروث (بصيغة الجمع، في إشارة إلى تماثيلها المتعددة هنا)، وهذا الشكل الأخير "عشتوريث" ترجم مباشرة إلى الإصدارات الإغريقية واللاتينية المبكرة للكتاب المقدس. 

وفي الكتاب المنحول "عهد سليمان" المنسوب إلى سليمان ملك إسرائيل (النبي عند المسلمين) فإن "أستيراوث" (في الإغريقية) هو ملاك معادى من قبل قوة شيطانية. 

أما الإسم "أستاروث" كشيطان ذكر فقد عرف أولا من "كتاب أبراميلين" الذي يقال أنه كُتب بالعبرية سنة 1458، ثم تكرر في أكثر الغريموارات (كتب التعويذات) السحرية للقرون اللاحقة، ويصور أستاروث كذلك بأنه شيطان قائد (archdemon) مرتبط بـ "الكليفوث" (القوى المعاكسة في القابالا) حسب النصوص القابالية المتأخرة. 

وقد وصف الديمونولوجي الألماني "جوهان واير" أستاروث أيضا في "مملكة الشياطين الزائفة" (1577) هكذا: "أستاروث دوق عظيم وقوي، يخرج في شكل ملاك كريه، يجلس فوق تنين ناري، ويحمل في يده اليمنى أفعى سامة"، والذي يزعم كذلك أنه يحكم 40 فيلقا ويجب أن يكون قريبا من المستحضر مع خاتم سحري توقيا من أنفاسه النتنة، ويشار إليه بشكل مقارب في عمل القرن 17 "المفتاح الأصغر لسليمان". 

وحسب بعض ديمنولوجيي القرن 16 فإن أغسطس هو الشهر الذي تكون فيه هجمات هذا الشيطان ضد الإنسان أقوى، ووفقا "لسباستيان ميشايليز" فإن أستاروث هو الشيطان الأول في التسلسل الهرمي الذي يغوي عن طريق الكسل والشك في النفس والفلسفات العقلانية، وغريمه هو القديس برثولماوس، الذي يمكنه أن يقي من هذا الشيطان حيث سبق وأن قاوم إغراءاته، وبالنسبة لآخرين، فإن هذا الشيطان يلقن العلوم الرياضية، والحرف اليدوية، ويمكنه أن يجعل الرجال غير مرئيين ويقودهم إلى الكنوز المخفية، ويجيب عن أي سؤال يوجه إليه، ويقال أنه يعطي كذلك للكائنات البشرية السلطة على الثعابين. 

ووفقا "لفرانسيس باريت" (سنة 1801) فإن أستاروث هو أمير المتهمين والمحققين، ومن ناحية الوصف، يصور أستاروث في المعجم الجهنمي (1818) في هيئة رجل عار مع جناحين مكسوان بالريش، يرتدي تاجا، ويحمل ثعبانا في إحدى يديه، ويركب وحشا بجناحي تنين وذيل أفعواني.
ختم أستاروث (حسب المفتاح الأصغر لسليمان).
المرجع:

الجمعة، 25 أكتوبر 2019

ستانيسلاس دو غويتا


ستانيسلاس دو غويتا (6 أبريل 1861، "تاركيمبول"، إقليم "موزيل" – 19 دجنبر 1897، "تاركيمبول") كان شاعرا فرنسيا استقر في "باريس"، وخبيرا في مجال الباطنية والروحانية الأوروبية، وعضوا نشطا في نظام الصليب الوردي، وقد كان ناجحا جدا في وقته، كما كان لديه الكثير من النزاعات مع أشخاص آخرين شاركوا في السحر والتنجيم، وكان التنجيم والسحر جزءا من رواياته. 

وينحدر "دو غويتا" من عائلة إيطالية نبيلة انتقلت إلى فرنسا وعلى هذا النحو كان لقبه "ماركيز"، وقد ولد في قلعة "ألتيفيل" في بلدية "تاركيمبول"، "موزيل"، والتحق بالمدرسة الثانوية في "نانسي" حيث درس الكيمياء والميتافيزيقا والقابالا، وعندما كان يافعا، انتقل إلى "باريس" وأصبحت شقته الفاخرة مكانا للقاء الشعراء والفنانين والكتاب الذين كانوا مهتمين بالثقافة الباطنية والتصوف، وفي ثمانينيات القرن التاسع عشر، نشر "دو غويتا" مجموعتين شعريتين هما "الإلهام المظلم" سنة 1883 و "الوردة الروحانية" سنة 1885 واللتين أحرزتا شعبية كبيرة. 

لقد تأثر "دو غويتا" بكتابات "آبي ألفونس-لويس كونستانت" الملقب "بإليفاس ليفي" الفرنسي البارز المختص في علم التنجيم، وهكذا أصبح "دي غويتا" مهتما بالتنجيم وزاد اهتمامه بعد قراءته لرواية "جوزيفين بلادان" والتي كانت متداخلة مع مواضيع التنجيم والصليب الوردي. وفي "باريس"، تعرف "دو غويتا" على "بلادان"، وفي عام 1884 قرر الإثنين إعادة بناء أخوية الصليب الوردي وجندا "جيرارد إنكوس" لتلك الغاية، وكان هذا الأخير المعروف بلقب "بابوس" فيزيائيا فرنسيا إسباني المولد ومنجما ألف كتبا عن السحر والقابالا والتاروت. 

وفي عام 1888 أسس "دو غويتا" النظام القابالي للصليب الوردي، والصليب الوردي هو نظام سري وأسطوري وثق أول مرة علنا في أوائل القرن السابع عشر، وأضاف "دو غويتا" إلى نظامه للصليب الوردي التدريب على القابالا، وهو شكل من أشكال الباطنية لدى الغموضيين اليهود والمسيحيين يحاول الكشف عن رؤى صوفية خفية في الكتاب المقدس والطبيعة الإلهية، كما أجرى هذا النظام امتحانات وقدم شهادات جامعية حول موضوعات القابالا، وكان "لدو غويتا" مكتبة خاصة كبيرة تضم مؤلفات حول مواضيع الميتافيزيقا والسحر و"العلوم الخفية"، وقد أطلق عليه معاصروه لقب "أمير الصليبيين الورديين" لتعاليمه الواسعة حول قضايا "الصليب الوردي"، وكان "بابوس" و "بيلادان" و "أنطوان دو لاغوشفوكولد" أعضاء بارزين في أخوية "دو غويتا"، كما كان "موريس بريس" صديقا مقربا له. 

وفي أواخر ثمانينات القرن التاسع عشر، قاد "آبي بولان" وهو قس كاثوليكي معزول ورئيس فرع منشق يسمى "كنيسة الكرمل" حربا سحرية ضد "دو غويتا"، وصور الروائي الفرنسي البلجيكي "جوغيز كي. أويسمان"؛ أحد أنصار "بولان"، "دو غويتا" بأنه ساحر شيطاني في رواية "لا با"، كما تحدى مناصر آخر "لبولان" وهو الكاتب "جولي بوا" "دو غويتا" في مبارزة بالمسدسات، وقد وافق "دو غويتا" على ذلك وشارك في المبارزة إلا أن لا أحد منهما أصيب بأذى. 

وبحلول تسعينيات القرن التاسع عشر، طبع تعاون "دو غويتا" و "بابوس" و "بيلادان" توتر متزايد بسبب الخلافات حول الاستراتيجيات والمذاهب، وهكذا فقد "دو غويتا" و "بابوس" دعم "بيلادان" الذي غادر الأخوية وبدأ في إنشاء نظام منافس، وتوفي "دو غويتا" سنة 1897 عن عمر 36 سنة. 

وقد ظهرت رسمته الأصلية للخماسي المقلوب برأس عنزة في "مفتاح السحر الأسود" الذي نشر في السنة التي مات فيها.
لقد قام "ستانيسلاس دو غويتا" برسم "خماسي الماعز" الأصلي الذي ظهر أول مرة في كتاب "مفتاح السحر الأسود" في عام 1897 وأصبح هذا الرمز فيما بعد مرادفا "لبافوميت" ويشار إليه عادة باسم "الماعز السبتي".
المرجع:

آندروماليوس


إنه إيرل الجحيم العظيم والجبار، لديه ستة وثلاثون فيلقا من الشياطين في خدمته، يمكن أن يحضر أي لص ويرجع أي مسروق، ويعاقب كل اللصوص والأشخاص الفاسدين، ويكشف الكنوز المخفية وكل الشرور والمعاملات غير النزيهة، يصور آندروماليوس كرجل يحمل ثعبانا ضخما في يده.

واقتباسا عن كتاب التعويذات المفتاح الأصغر لسليمان:

"الروح الثانية والسبعون في النظام تسمى آندروماليوس، يحمل لقب إيرل، عظيم وجبار، يظهر في شكل رجل يحمل ثعبانا ضخما في يده، مهمته إحضار السارق والمسروق، وكشف الشر، والاتفاقات المخادعة، ومعاقبة كافة اللصوص وباقي الأشخاص الفاسدين وكشف الكنوز التي أخفيت، إنه يحكم أكثر من 36 فيلقا من الأرواح، ختمه هو ذا الذي ترتديه كما سبق ذكره... إلخ".
المرجع:

الخميس، 24 أكتوبر 2019

سومر - الجزء الثاني

هاجر أوائل المزارعين من "سامراء" إلى "سومر" وبنوا الأضرحة والمستوطنات في "إريدو".

وتشير التقديرات إلى أن تعداد ساكنة "أوروك" ـ وهي واحدة من أكبر مدن سومر ـ قد تراوح بين 50.000 و 80.000 نسمة، وبالنظر إلى باقي المدن السومرية التي كانت ذات نشاط زراعي كبير يمكن القول أن العدد الإجمالي لسكان "سومر" تراوح ما بين 800.000 و 1.500.000 نسمة، بينما كان يقدر عدد سكان العالم في هذه الفترة بـ 27 مليون نسمة. 

وكما سبقت الإشارة، تحدث السومريون لغة معزولة، لكن عددا من اللغويين زعموا أنهم تمكنوا من اكتشاف الأساس اللغوي لترتيب مجهول دون السومرية لأن أسماء بعض المدن السومرية لم تكن سومرية، مما يكشف عن تأثيرات السكان السابقين، ومع ذلك، فإن السجل الأثري يدل على استمرارية ثقافية واضحة دون انقطاع منذ وقت مبكر من فترة العبيديين (5300-4700 ق.م)، وفي جنوب بلاد الرافدين قام السومريون الذين استقروا هناك بزراعة الأراضي التي صارت خصبة بسبب الطمي الذي كان يخلفه نهرا دجلة والفرات هناك. 

وقد تكهن بعض علماء الآثار أن المتحدثين الأصليين باللغة السومرية القديمة ربما كانوا من المزارعين الذين انتقلوا من شمال بلاد ما بين النهرين بعد إتقان زراعة الري هناك، وتم ربط فخار فترة العبيديين في جنوب بلاد ما بين النهرين عبر أدوات موقع "شوغا مامي" التي تؤرخ لمرحلة انتقالية نحو ثقافة فترة "سامراء" (حوالي 5700-4900 ق.م)، وشمالا بأولئك الذين كانوا أول من مارس شكلا بدائيا من زراعة الري على طول نهر دجلة الأوسط وروافده، ويظهر هذا الارتباط أكثر في "تل عويلي" بالقرب من "لارسا" الذي تم التنقيب فيه من قبل الفرنسيين في الثمانينات حيث أسفرت التنقيبات عن ثمان مستويات من فخار ما قبل فترة العبيديين يشبه الفخار السامرائي، ووفقا لهذه النظرية، انتشرت الشعوب الزراعية في جنوب بلاد ما بين النهرين لأنها طورت منظومة اجتماعية محورها المعبد لتعبئة اليد العاملة والتقنية اللازمة التي من شأنها التمكين من التحكم في المياه، وكذا تمكين هذه الشعوب من البقاء والازدهار في هكذا بيئة صعبة. 

واقترح آخرون أن السومريون انحدروا من الصيادين المحليين المرتبطين بالتجمعات القبلية الموجودة على الساحل العربي، ويعتقد أحد هؤلاء وهو "جوريس زراينش" أن السومريين ربما كانوا هم الأشخاص الذين عاشوا في منطقة الخليج الفارسي قبل أن يتدفق ماؤه في نهاية العصر الجليدي الأخير. 
إعادة تشكيل لأغطية الرأس والقلائد التي ترتديها النساء في المقبرة الملكية "لأور"، المتحف البريطاني.

وتشير الصور التوضيحية البدائية التي تعود للفترة السومرية المبكرة إلى أن الفخار كان وفيرا للغاية، وكانت أشكال المزهريات والأوعية والأطباق متنوعة، وكانت هناك جرار خاصة للعسل والزبدة والزيت والنبيذ الذي ربما كان مصنوعا من التمور، وكانت بعض المزهريات ذات قوائم مدببة ومتشابكة، والبعض الآخر كان مسطحا، ويوضع على إطارات مربعة أو مستطيلة من الخشب، وقد تم ختم الجرار الزيتية وربما غيرها أيضا بالطين كما حدث في مصر في وقت مبكر. 

وكان السومريون يرتدون ثيابا من الريش كما استخدموا الأسرة والمقاعد والكراسي، وكانت القوائم منحوتة على شكل قوائم الثور، وكانت هناك أماكن مخصصة للمواقد والمذابح. 

وكانت السكاكين والمثاقب والأوتاد والمناشير معروفة جميعا عند الشعب السومري بينما استخدمت الرماح والأقواس والسهام والخناجر ـ وليس السيوف ـ في الحروب. 

وتم استخدام الألواح لأغراض الكتابة وكان يتم تقلد الخناجر ذات الشفرات المعدنية والمقابض الخشبية ووضع النحاس في صفائحها بينما القلائد أو الأطواق فكانت مصنوعة من الذهب. 

وتم حساب الوقت بالأشهر القمرية. 

وهناك أدلة كثيرة على الموسيقى السومرية التي عزفت فيها آلات السمسميات والمزامير ومن بين أشهر الأمثلة على ذلك سمسميات "أور". 

وتحدد النقوش إصلاحات "أوروكاجينا" ملك "لجش" (حوالي 2300 ق.م) في إلغائه للعرف السابق المتعلق بتعدد الأزواج في بلده وأصدر قوانين تأمر برجم كل امرأة اقترنت بأزواج متعددين. 

لقد سيطر على الثقافة المسمرية في المجمل الذكور والتفكير الطبقي، وتوضح مدونة "أورنمو" والتي تعد أقدم مدونة تكتشف في هذا الشأن والتي يرجع تاريخها إلى فترة "أور الثالثة" لمحة عن البنية المجتمعية في سومر حيث أنه تحت الملك "لوغال" (الرجل العظيم في معنى آخر) كان ينقسم المجتمع إلى طبقتين أساسيتين: طبقة "لو" أو الأشخاص الأحرار والعبيد (كان يسمى الذكور منهم "أراد أو عراد" والإناث "جيمي")، وكان ابن "لو" يطلق عليه "دومو-نيتا" إلى أن يتزوج، وكانت المرأة (مونوس) تنتقل من طور الإبنة (دومو-مي) إلى الزوجة (دام) وعندما كان يموت عنها زوجها تسمى (نوماسو) بمعنى أرملة وكان في استطاعتها الزواج بعد ذلك من رجل آخر من نفس القبيلة. 
أميرة سومرية في زمن "جوديا" حوالي 2150 ق.م.

وعادة ما كان يتم ترتيب الزيجات من قبل والدي العريس والعروس، وكان يتم الانتهاء من تلك الترتيبات عبر الموافقة على العقود المسجلة على أقراص الطين، وكانت تعتبر هذه الزيجات قانونية بمجرد تقديم العريس هدية الزفاف إلى عروسه، وتصف إحدى الأمثال السومرية الزواج السعيد المثالي من خلال افتخار الزوج بأن زوجته أنجبت منه ثمانية أبناء ولاتزال متلهفة لممارسة الجنس. 

ويبدو أن السومريين عادة ما كانوا لا يشجعون الجنس قبل الزواج، ولكن كان من المحتمل أن يتم ذلك سرا، ولم يكن للسومريين والأكاديين لاحقا مفهوم للعذرية، وعند وصف الخبرة الجنسية لامرأة بدل نعتها بالعذراء تحدد النصوص السومرية أفعال الجنس التي لم تقم بها بعد، ولم يكن للسومريين أي معرفة بوجود غشاء البكارة، وما إذا كانت العروس المحتملة قد انخرطت في ممارسة جنسية من قبل أم لا، حيث لم يكن يعرف ذلك إلا من خلال إقرارها. 

ويتضح من التسجلات الأولى أنه كان لدى السومريين مواقف مريحة للغاية تجاه الجنس، حيث كان يتم تحديد عاداتهم الجنسية ليس انطلاقا من المعايير الأخلاقية بل انطلاقا من المعايير الطقوسية التي تحدد ما إذا كان الجنس الممارس سيجعل الشخص طاهرا أم لا، وكانوا يعتقدون على نطاق واسع أن ممارسة العادة السرية تساعد على الفعالية الجنسية سواء بالنسبة للرجال أو النساء حيث كثيرا ما كانوا يشاركون فيها سواء منفردين أو مع شركائهم، كما لم يعتبر السومريون الجنس الشرجي من المحرمات، حيث منعت كاهنات "إنتو" مثلا من الإنجاب فكن يمارسن الجنس الشرجي كثيرا كوسيلة من وسائل تحديد النسل، كما وجدت الدعارة في "سومر" غير أنه ليس من الواضح ما إذا كانت تعتبر مقدسة أم على النقيض.
المرجع:

بانشي

"بانشي بونورث" من مؤلف "أساطير الجنيات وتقاليد جنوب إيرلندا" لصاحبه "تومارس كروفتون كروكر" سنة 1825.

"البانشي" Banshee وتعني بالإيرلندية القديمة "المرأة من تل الجن" أو "المرأة الجنية" هي روح أنثوية في الميثولوجيا الإيرلندية تبشر أحد أفراد العائلة بالموت من خلال البكاء والصراخ والندب عادة، وقد ارتبط إسمها بالجثوات الأسطورية المهمة أو التلال التي تنتشر في الريف الإيرلندي والمعروفة باسم síde في الإيرلندية القديمة. 

وهناك العديد من الأوصاف المختلفة التي أعطيت "لبانشي"؛ ففي بعض الأحيان يكون لديها شعر طويل متدفق وترتدي عباءة رمادية فوق فستان أخضر وعيناها حمراوتان بسبب البكاء المتواصل، وفي أحيان أخرى تكون ذات شعر أحمر وبشرة شبحية وفقا لكاتبة المذكرات "آن ليدي فانشاو" (1625-1680)، وتقدم الشاعرة الإيرلندية "ليدي وايلد" (1821-1896) وصفا آخر قائلة: 

"لقد اختلف حجم "بانشي" عما كان متعارفا عليه في المنطقة، ورغم أن بعض الحكايات تحدثت عن طولها الفارع غير العادي إلا أن أغلب ما قيل عن "بانشي" أنها كانت قصيرة تراوح طولها بين القدم والأربعة أقدام، وترافق قصرها الاستثنائي هذا مع كونها امرأة عجوزا رغم أن الغاية من ذلك ربما كانت التأكيد على صورتها كمخلوق خرافي". 

وفي أحيان أخرى افترض أن شكل "بانشي" كان يشبه عذراء الغناء اللطيف لفرد العائلة الذي يموت صغيرا، وأن مهمتها تلك أعطيت لها من قبل القوى الخفية لتصبح نذير الموت القادم لقريبها الفاني، وربما نظر إليها كامرأة محتجبة في الليل جاثمة تحت الأشجار تندب بوجه ملثم، أو تطير في ضوء القمر وتبكي بمرارة. وصيحة هذه الروح حزينة تفوق كل الأصوات الأخرى على الأرض، وتنذر بموت مؤكد لأحد أفراد العائلة كلما سمعت في صمت الليل. 

وكانت المرأة النواحة في "إيرلندا" وأجزاء من "إسكتلندا" جزءا تقليديا من الحداد حيث كانت تبكي رثاء للميت، وربما كانت هذه المرأة محترفة للنواح في بعض الحالات لذا كان الطلب يتزايد على أفضل النائحات. 

وتتحدث الأسطورة الإيرلندية عن رثاء تتغنى به امرأة جنية أو "بانشي"، وكانت تقوم بذلك عندما يموت أحد أفراد الأسرة أو يكون على وشك الموت ولو كان بعيدا لم ترد أخبار وفاته بعد، لذا كان بكاؤها بمثابة نذير موت للأسرة. وهكذا اعتبرت "بانشي" متنبئة موت، وعندما كان يتعرض شخص ما لموقف قد لا يخرج منه حيا فإنها كانت تعمل على تحذير أهله عبر النحيب والبكاء. 

وغالبا ما يذكر أن "بانشي" كانت تندب فقط أحفاد السلالة النقية "للميليزيين" في "إيرلندا" (الغايليون الذين أبحروا من "هسبانيا" إلى "إيرلندا" والذين يعتبرون أسلاف الإيرلنديين المعاصرين) أو الذين يشار إليهم كذلك بأولئك الذين يتقدم ألقابهم حرف "أو" و "ماك" Ó and Mac. وتذكر بعض الحكايات أن كل عائلة لديها "بانشي" خاصة بها، وهناك حكاية أخرى تضيف "الجيرالديين" إلى "الميليزيين" كذلك والذين أصبحوا على ما يبدو "إيرلنديين أكثر من الإيرلنديين أنفسهم" في مواجهة المقولات التي تحتكر "البانشي" لسلالة "الميليزيين" فقط. 

وعندما تظهر عدة جنيات "بانشي" في وقت واحد فإن الأمر كان يشير إلى وفاة شخص عظيم أو مقدس، وتروي بعض الحكايات أنه وعلى الرغم من اعتبار "بانشي" جنية إلا أنها كانت في حقيقة الأمر شبحا لامرأة مقتولة في الغالب أو امرأة ماتت أثناء مخاض الولادة. 

ومعظم الألقاب العائلية المرتبطة بجنيات "البانشي" إن لم تكن جميعها تبتدئ ب Ó أو Mc/Mac ذات الأصول الجودية والتي تعود إلى العائلات المحلية من الأراضي السلتية المعزولة دون العائلات ذات الأصول الشمالية أو الإنجليزية أو النورماندية. وترجع بعض حكايات "البانشي" هذه إلى عام 1380 تاريخ نشر "انتصارات تورلوج" من قبل المؤرخ الإيرلندي "شون ماك كريث"، ويمكن كذلك العثور على ذكر "بانشي" في الأدب النورماندي لذلك الوقت. 

ويعتقد أن "البانشي" الخاصة بعائلة O’Brien (Ua Briain) مثلا كانت تدعى "إيبيل" Aibell وكانت حاكمة على 25 من جنيات "البانشي" اللواتي كن دائما رهن إشارتها. ومن المحتمل أن تكون هذه القصة هي مصدر فكرة أن عويل مجموعة من "البانشي" النائحات يدل على وفاة شخص عظيم. 

وفي بعض المناطق من "لينستر" يشار إلى "البانشي" باسم "المرأة المنتحبة" bean chaointe التي يمكن أن يكون عويلها خارقا لدرجة تحطيم الزجاج، وفي الفولكلور الإسكتلندي يعرف مخلوق مماثل "للبانشي" باسم "المرأة المنظفة الصغيرة" bean nighe أو ban nigheachain وكذلك nigheag na h-àth (منظفة المخاضة الصغيرة) وكان ينظر إليها وهي تغسل الملابس الملطخة بالدماء أو دروع أولئك الذين هم على وشك الموت، وفي الفولكلور الويلزي عرف مخلوق مماثل باسم "كيوريث" Cyhyraeth.
المرجع:

فيارني هيرجولفسون

رسمة تخيلية "لفيارني هيرجولفسون".

عاش "فيارني هيرجولفسون" في القرن العاشر وكان مستكشفا إيسلنديا شماليا ويعتقد أنه أول مستكشف أوروبي يصل إلى البر الرئيسي للأمريكيتين والذي عاينه سنة 986. 

وقد ولد "فيارني" في "هيريولف" وهو إبن "باردي هيرجولفسون" و "ثورجيرد" في "إيسلندا"، وفي مرحلة البلوغ، أصبح "فيارني" نقيبا للتجار وأقام في "النرويج" ولكنه كان يزور والده كل صيف في "إيسلندا". 

ويعتقد أن "فيارني" هو أول أوروبي يرى أمريكا الشمالية، وتحكي ملحمة "الغرينلاندرز" أنه أبحر في إحدى السنوات إلى "إيسلندا" لزيارة والده كالمعتاد ليجد أن والده قد ذهب مع "إريك الأحمر" إلى "غرينلاند"، فأخذ طاقمه وانطلق للعثور عليه، لكن في صيف ذلك العام؛ عام 986، "فيارني" الذي لم يكن يملك خريطة ولا بوصلة أضاع مساره بسبب عاصفة عابرة ليرى قطعة أرض لم تكن "غرينلاند" وكانت مغطاة بالأشجار ومحاطة بالجبال، ورغم توسل طاقمه إليه، إلا أنه أصر على عدم الرسو في تلك الأرض واستكشافها، ونظرا لأن لا أحد من طاقمه كان قد زار "غرينلاند" من قبل فقد اضطروا للخنوع، وتمكن "فيارني" من استعادة مساره وأبلغ عن رؤية تلال منخفضة مغطاة بالغابات على مسافة أبعد إلى الغرب، وبدا أن تلك الأرض كانت صالحة للاستقرار، إلا أنه كان حريصا على الوصول إلى "غرينلاند" لرؤية والده فلم يهبط لاستكشاف تلك الأراضي الجديدة إلا أن لا أحد أظهر اهتماما كبيرا، ومكث "فيارني" في "هيريولفسنس" مع والده إلى حين وفاة هذا الأخير ثم عاد بعد ذلك إلى "النرويج". 

وبعد رحلة "فيارني" تلك، انتشرت قصة الأراضي صوب الغرب التي رآها، مما أدى إلى خلق جدال كبير في جميع أنحاء الإمبراطورية الشمالية، وتم الاحتفاء باكتشاف "فيارني" هذا لكن سرعان ما أهمل الأمر من قبل "الملك إريك" بسبب افتقار الأدلة الكافية، وصرح الأستاذ "تريفي جي. أولسون" من جامعة "مانيتوبا" في هذا الصدد بأن هناك حجج قوية لوجهة النظر القائلة بأن الأراضي الثلاث التي رآها "فيارني" هي "نيوفاوندلاند" و "لابرادور" وجزيرة "بافن". 

واهتم "الغرينلانديون" بشكل خاص باكتشاف "فيارني" وبما أنهم كانوا يفتقدون الأخشاب فقد استحوذوا على الساحل الشمالي المشجر الذي اكتشفه "فيارني"، وبعد ذلك بوقت قصير اشترى "ليف إريكسون" إبن زعيم "غرينلاند" "إريك الأحمر" السفينة التي استخدمها "فيارني" في هذه الرحلة واستأجر طاقما من 35 شخصا وانطلق لإعادة تجربة "فيارني" ويعتقد أن النتيجة كانت استقرار "الفايكينغ" في "لانس أو ميدوز" في "نيوفاوندلاند" وهكذا كانت هذه المحاولة الأولى المعروفة لاستقرار الأوروبيين في الأمريكيتين.
المرجع:

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

نويدي

نقش نحاسي (1767) من قبل "أودفارت هيلمولد فون لود" يظهر شامان نويدي مع طبل "الميافريسغاري" خاصته


كان "نويدي" بمثابة شامان عند شعب "سامي" في دول الشمال وقد مثل ديانة الطبيعة الأصلية للمنطقة، إلا أن معظم ممارسات "النويدي" تلاشت خلال القرن السابع عشر نتيجة لمقاومتها التنصير وسلطة الملك على الأرجح، وتمت الإشارة إلى أفعال هؤلاء الشامانات في المحاكم بالسحر أو الشعوذة، وكانت العديد من المعتقدات والممارسات الشامانية للساميويين مماثلة لتلك الموجودة في بعض الثقافات السيبيرية. 


لقد كان "النويدي" هم الشامانات الساميويون المعالجون تقليديا والحماة، ويقال أنه كان لديهم دور الوسيط بين البشر والأرواح، وللقيام بهذه الوساطة كان على "النويدي" التواصل مع عالم الأرواح وسؤالهم عن التضحية اللازمة التي يتعين تقديمها من أجل الشفاء أو الصيد الوفير وحتى من أجل تحسين الطقس، وكانت هذه التضحيات تحدد من قبل "النويدي" لإعادة التوازن بين العالم الفاني والعالم الخالد، مستخدمين الطبل التقليدي الذي شكل رمزا وأداة في نفس الآن للشامان الساميوي، وكان هؤلاء "النويدي" كذلك يستحضرون الأرواح ويستجدون مساعدتها ويسافرون خارج أجسامهم عبر "الروح الحرة" بمساعدة باقي أعضاء "سييدا"، وقد ميز شعب "سامي" بين "الروح الحرة" و"الروح الجسدية" الدنيوية حيث لم تكن هذه الأخيرة قادرة على اجتياز الفجوة الفاصلة بين العالم السفلي الروحي والعالم الواقعي المادي. 

وأمكن "للنويدي" الانخراط في أي نوع من العمل الذي يتطلب الحكمة، ويقال أنهم كانوا يتلقون مقابلا لخدماتهم، وشملت أنشطتهم شفاء الناس من الأسقام ومساعدة الأطفال واتخاذ القرارات وحماية حيوانات الرنة الي كانت تمثل أهم مصدر للغذاء والتي استخدمت كذلك كجزء من الجزية المدفوعة. 

وتبقى أهم المصادر المؤرخة لممارسات "النويدي" هي بروتوكولات المحاكم والحكايات الشفاهية والحفريات الأثرية إضافة إلى التقارير التبشيرية. وكانت تتم معاقبة هؤلاء "النويدي" بعقوبات مختلفة وصلت في بعض الحالات إلى الحكم عليهم بالإعدام بسبب "سحرهم" أو ربما في محاولة لطمس معارضتهم السياسية للتاج الملكي، ولم يتح في هذا الشأن أي نوع من الحرية الدينية بموجب القانون خلال معظم فترة القرن التاسع عشر وما قبله لأن الكنيسة اللوثرية السويدية كانت هي الديانة الوحيدة المسموح بها (باستثناء بعض المقيمين المؤقتين من الأجانب) وهكذا أكد الكهنة السويديون إدانة "النويدي" بالسحر. 

واستمر التطبيل والهتاف التقليدي في شكله الساميوي الشاماني للعبادة ذا أهمية فريدة في وقتنا الحالي في المنطقة التاريخية لشعب "سامي"، كما تقام بعض الأفراح هناك على الطقوس الشامانية إذ تم حفظ هذه الذاكرة من خلال الفولكلور الشفاهي.
المرجع:

الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019

آندريالفوس


(أيضا آندروالفوس) يظهر الشيطان الـ 54 في مجلد جوهان واير عن الديمونولوجيا "مملكة الشياطين الزائفة" ويوصف بأنه ماركيز عظيم مع مظهر الطاووس الذي يثير ضوضاء عظيمة ويلقن البراعة في علم الفلك، وفي مظهر الإنسان يلقن علم الهندسة بطريقة مثالية، ويوصف أيضا بأنه يحكم أزيد من ثلاثين فيلقا وله القدرة على تحويل أي رجل إلى عصفور، ويظهر آندريالفوس كذلك كالشيطان الـ 65 في الـ Goetia حيث يوصف بسمات مشابهة، ولكنها تشمل كذلك القدرة على جعل الرجال حاذقين في كل الأمور المتعلقة بالقياس من بين أشياء أخرى.
المرجع:

عامي



أو آمي (أيضا أونس، حانار، حاني) هو شيطان غوتي تم وصفه في "المفتاح الأصغر لسليمان" (بمثابة الروح الثامنة والخمسين)، المعجم الجهنمي بإصدار توماس رود (باسم أونس وفي الرتبة الثامنة والخمسين أيضى)، ومملكة الشياطين الزائفة (الروح الستون) و (كـ حاني) وفي "كراسة ميونيخ للسحر الشيطاني" كرئيس، يظهر في البداية كشعلة قبل أن يتحول إلى شكل إنسان، ويزعم أنه يلقن علم الفلك والفنون المتحررة ويعطي الأرواح الخادمة، ويحث على ردود فعل إيجابية من الحكام، و (حسب كل المصادر باستثناء كراسة ميونيخ) يكشف الكنوز، وحسب كل المصادر فإنه يحكم أكثر من ستة وثلاثين فيلقا من الشياطين، وحسب جوهان واير كان من نظام الملائكة وكذلك "البوتيستات" ويحمل أملا مجديا في العودة إلى السماء السابعة بعد اثنتي عشر قرنا، وفقا لرود، فإن آمي معارض من قبل الملاك ذي الإسم الصريح لياليل.
المرجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/Amy_(demon)

الزنوج الأحرار في الولايات المتحدة الأمريكية

امرأة حرة ملونة مع إبنتها الربع إفريقية (Quadroon)، اللوحة تعود لأواخر القرن الثامن عشر، "نيو أورلينز".


كان مصطلح "زنجي حر" Free Negro أو "أسود حر" في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى وضع قانوني في المنطقة الجغرافية للولايات المتحدة حاليا انسحب على السود الذين لم يكونوا عبيدا. 

وكان هذا المصطلح مستعملا قبل تحرر المستعمرات الثلاث عشرة ومناطق أخرى في أمريكا الشمالية البريطانية إلى أن تم إلغاء العبودية في الولايات المتحدة الأمريكية بصفة نهائية في دجنبر من عام 1865 مما جعل المصطلح متجاوزا بعد ذلك. 

لقد كانت العبودية فيما مضى قانونية ومورست في كل المستعمرات الأوروبية في أوقات مختلفة، لكن لم يكن جميع الأفارقة الذين أتوا إلى أمريكا عبيدا، فقد جاء قلة منهم حتى في القرن السابع عشر كرجال أحرار وبحارة عملوا على متن السفن، وفي السنوات الاستعمارية المبكرة، جاء بعض الأفارقة كذلك كخدم عملوا بالسخرة وأفرج عنهم بعد فترة محددة، كما فعل الكثير من المهاجرين من الجزر البريطانية مثلا، فأصبح هؤلاء الخدم أحرارا عندما أكملوا فترة عملهم، كما أنهم كانوا مؤهلين للاستفادة من منح الإقامة في المستعمرة الجديدة في منطقة خليج "تشيزبيك" حيث تركز الخدم العاملون بالسخرة. 

وفي وقت مبكر من عام 1619، كانت هناك طبقة من السود الأحرار متواجدين في أمريكا الشمالية بالفعل، وزاد عدد الزنوج الأحرار بعدة طرق أهمها: 

ـ الأطفال المولودون لنساء ملونات حرائر. 

ـ أطفال "المولاتو" أو الخلاسيون المولودون لنساء بيض عاملات بالسخرة أو نساء حرائر. 

ـ أطفال من عرق مختلط ولدوا لنساء هنديات (وقد حظر استعباد الهنود منذ منتصف القرن الثامن عشر لكن هذا الشكل استمر في التواجد حتى عهد التحرر). 

ـ عبيد عتقاء. 

ـ عبيد آبقون (أطلق عليهم مسمى "شعب المارون"). 

وفي معظم الأماكن، كان العمال السود إما خدم منازل أو عمال مزارع، وكان للعمالة السوداء أهمية اقتصادية في مزارع التبغ الموجهة للتصدير في "فرجينيا" و "ميريلاند"، ومزارع الأرز والنيلة في "كارولاينا الجنوبية"، وقد تم استيراد حوالي 287.000 من العبيد إلى المستعمرات الثلاث عشرة الذين شكلوا نسبة 2 % تقريبا من العبيد الذين جلبوا من إفريقيا عموما، وقد ذهبت الغالبية العظمى إلى مستعمرات السكر في منطقة البحر الكاريبي والبرازيل، حيث كان العمر المتوقع قصيرا وكان يجب تجديد اليد العاملة باستمرار. 

وفيما يلي عدد العبيد المستوردين إلى أمريكا المستعمرة على مر السنوات قبل القضاء على الرق: 

· 1620-1700: 21.000. 

· 1701-1760: 189.000. 

· 1761-1770: 63.000. 

· 1771-1780: 15.000. 

وهكذا شكل المجموع 287.000 من العبيد. 

وقد كان العمر المتوقع للعبيد أعلى بكثير في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى ارتفاع معدل المواليد بشكل كبير، وارتفعت الأرقام بسرعة حيث تجاوز عدد المواليد عدد الوفيات ووصل إلى ما يقرب من 4 ملايين نسمة بحلول تعداد عام 1860، ومن عام 1770 حتى عام 1860 كان معدل النمو الطبيعي للعبيد في أمريكا الشمالية أكبر بكثير مقارنة بسكان أي دولة أوروبية، وكان يشكل تقريبا ضعف النمو الحاصل في إنجلترا، ويعزى ذلك في بعض الأحيان إلى ارتفاع معدلات المواليد، وفي هذا الصدد يقول "مايكل تادمان": "عبيد الولايات المتحدة إذن وصلوا إلى معدلات مماثلة في الزيادة الطبيعية للبيض ليس بسبب امتيازات من نوع ما ولكن من خلال عملية من المعاناة الشديدة والحرمان المادي". 

ووفقا "لبول هاينج"، فإن معظم الأسر السوداء الحرة التي أقامت في المستعمرات الثلاث عشرة قبل الثورة الأمريكية كانت تنحدر من اتحادات للنساء البيض سواء كن عاملات سخرة أو حرائر ومن رجال أفارقة سواء كانوا عبيد سخرة؛ أحرارا أو عبيدا، فقد حدثت هذه العلاقات غالبا بين الطبقات العاملة التي كانت تعكس مجتمعات أكثر مرونة في ذلك الوقت، ولأن أطفال العرق المختلط ولدوا لنساء حرائر فقد كانوا أحرارا، ومن خلال استخدام وثائق المحكمة والوقائع الموثقة والوصايا وغيرها من السجلات، قام "بول هاينج" بتتبع أسلاف عائلات لما يقارب 80 % من الزنوج الأحرار أو السود الأحرار المسجلين في إحصاءت الجنوب الأمريكي الأعلى من 1790 إلى 1810. 

وبالإضافة إلى ذلك، قام ملاك العبيد بإعتاق بعض العبيد لأسباب مختلفة منها الحصول على مكافأة سنوات الخدمة الطويلة لأن الورثة مثلا لم يكونوا يرغبون في تملك العبيد أو تحرير المحظيات وأطفالهن، وكان يسمح للعبيد أحيانا بشراء حريتهم، وقد يسمح لهم بتوفير المال من الرسوم المدفوعة عندما يتم "توظيفهم" للعمل لدى غير ملاكهم، وفي منتصف القرن الثامن عشر وحتى أواخره، شجع الإنجيليون المعمدانيون والمنهاجيون في الصحوة الكبرى الأولى أصحاب العبيد على تحرير عبيدهم إعتقادا منهم بأن جميع الناس متساوين أمام الله، وقد حولوا العديد من العبيد إلى المسيحية ووافقوا على أن يصبح بعض القادة السود وعاظا، وهكذا طور السود كنيستهم المسيحية الخاصة، وقبل حرب الاستقلال الأمريكية تم إعتاق من العبيد. 

وقد مزقت حرب الاستقلال الأمريكية مجتمعات العبيد إلى حد كبير بدءا من عهد اللورد "دونمورد" حاكم "فرجينيا" حيث جندت الحكومات الاستعمارية البريطانية العبيد المتمردين في القوات المسلحة ووعدتهم بالحرية في المقابل، في حين بدأت قوات الجيش القاري بالتدريج أيضا بالسماح للسود بالقتال مقابل الحرية، وهكذا هرب عشرات الآلاف من العبيد من المزارع وأماكن أخرى خلال الحرب، خاصة في الجنوب، وعندما أخلى البريطانيون "نيويورك" نقلوا أكثر من 3000 من الموالين السود والآلاف من باقي الموالين لإعادة توطينهم في "نوفا سكوشا" و "أونتاريو" الكنديتان، فتم إجلاء أكثر من 29.000 موال في نهاية المطاف من مدينة "نيويورك" وحدها، وقام البريطانيون بإجلاء الآلاف من العبيد الآخرين عندما غادروا الموانئ الجنوبية وقاموا بإعادة توطين الكثيرين في منطقة بحر الكاريبي والبعض الآخر في إنجلترا. 

وفي العقدين الأولين بعد حرب الاستقلال، ارتفع عدد ونسبة الزنوج الأحرار في الولايات المتحدة بشكل كبير، وألغت الولايات الشمالية العبودية، وتم كل ذلك بشكل تدريجي، وقام العديد من أصحاب الرقيق في الجنوب الأمريكي العميق على وجه الخصوص بإعتاق عبيدهم ملهمين في ذلك بمثل الحرب، ومن 1790 إلى 1810، ارتفعت نسبة السود الأحرار في الجنوب الأقصى الأمريكي إلى أقل من 1 % بشكل عام، وعلى الصعيد الوطني، ارتفعت نسبة السود الأحرار وسط السود إلى 13 %، ولكن أدى انتشار زراعة القطن في الجنوب الأمريكي العميق إلى زيادة الطلب على العبيد بعد عام 1810، فانخفضت عمليات الإعتاق بعد هذه الفترة، وفي فترة ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية، هرب العديد من العبيد إلى الحرية في الشمال الأمريكي وكندا من خلال شبكات السكك الحديدية التحت أرضية بمساعدة العبيد السابقين وأنصار إلغاء العبودية. 

ولم تبدأ معظم الحركات السياسية والاجتماعية المناضلة لإلغاء العبودية حتى منتصف القرن الثامن عشر، وكانت المشاعر النابعة عن الثورة الأمريكية والمساواة التي أثارها إعلان الاستقلال قد حشدت العديد من الأمريكيين السود تجاه القضية الثورية وألهبت آمالهم في التحرر، وقد قاتل كل من الرجال السود المستعبدين والأحرار في الثورة إلى الجانبين، وفي الشمال، هرب العبيد من أصحابهم في خضم الحرب، بينما في الجنوب، أعلن بعض العبيد أنفسهم أحرارا وتخلوا عن عمل العبيد للانضمام إلى البريطانيين. 

وفي 1770 تقريبا، بدأ السود في جميع أنحاء "نيوإنجلاند" بإرسال عرائض إلى الهيئات التشريعية الشمالية للمطالبة بالحرية، وبحلول عام 1800، ألغت جميع الولايات الشمالية العبودية أو وضعت تدابير لتقليصها تدريجيا، وعلى الرغم من أن السود كانوا أحرارا، فقد كان عليهم في الغالب أن يناضلوا مع قضية الحقوق المدنية المتدنية، مثل القيود المفروضة على التصويت، فضلا عن العنصرية والفصل العنصري والعنف الجسدي، وكانت "فيرمونت" قد ألغت العبودية سنة 1777 بينما كانت مستقلة، وعندما انضمت إلى الاتحاد الأمريكي باعتبارها الولاية الرابعة عشر سنة 1791 كانت تعتبر أول ولاية تلغي العبودية، وهكذا ألغت جميع الولايات الشمالية الأخرى العبودية بين عامي 1780 و 1804، وقد ألغت ولاية "ماساتشوستس" العبودية كذلك عام 1780، واعتمدت عدة ولايات شمالية أخرى التحرر التدريجي. وتم حظر الرق في الإقليم الشمالي الغربي الفيدرالي عموما بموجب المرسوم الشمالي الغربي لعام 1787 والذي تم إقراره قبل التصديق على الدستور الأمريكي مباشرة. وهكذا زاد عدد السكان السود الأحرار من 8 % إلى 13.5 % بين 1790 و 1810، وكان معظمهم يعيشون في الولايات الوسطى الأطلسية و "نيوإنجلترا" وفي "الجنوب الأعلى" حيث كان معظم السكان العبيد يعيشون في ذلك الوقت. 

وقد تقلبت حقوق السود الأحرار وتضاءت مع الارتفاع التدريجي في سلطة البيض الفقراء أواخر 1820 وأوائل 1830، وكانت حركة "المؤتمر الوطني للزنوج" قد بدأت سنة 1830 حيث عقد السود اجتماعات منتظمة لمناقشة مستقبل العرق الأسود في أمريكا، وسمعت خلال هذه الاجتماعات وعبر محاضرات عامة أصوات بعض النساء الزنجيات مثل "ماريا ستيوارت" و "سوجورنر تروث"، وشجعت هذه الحركة على مقاطعة السلع المنتجة من قبل الرقيق، لكن هذه الجهود قوبلت بالمقاومة، حيث إنه في بدايات القرن التاسع عشر تنامت المشاعر المعادية للسود بعد أن بدأت شعلة الثورة في الخفوت. 

وبسبب التسوية في الدستور الأمريكي، أمكن للولايات الجنوبية احتساب ثلاثة أخماس من العبيد المتواجدين بها ضمن ساكنتها لغرض توزيع المجالس والحشود الانتخابية، وقد أدى ذلك إلى امتلاك تلك الولايات سلطة سياسية بالنسبة لفائض أصوات الناخبين البيض، وقد سيطر الجنوب الأمريكي بذلك على الحكومة الوطنية والرئاسة لسنوات، واعتمد الكونغرس تشريعات تفضل أصحاب الرقيق، مثل السماح بالرق في المناطق التي بدأت فيها الأمة بالتوسع غربا، وتم تعزيز قانون الرقيق الهارب لسنة 1793 بموجب قانون 1850 الذي عد جزءا من تسوية سنة 1850 التي طالبت حتى حكومات وسكان الولايات الحرة بضرورة القبض على العبيد الآبقين وإعادتهم، وقد حصل الهاربون المشهورون مثل "فريدريك دوجلاس" و "سوجورنر تروث" على دعم البيض أنصار إلغاء العبودية لشراء حريتهم وتجنب القبض عليهم وإعادتهم إلى الجنوب والعبودية. وفي عام 1857، فرض حكم "دريد سكوت ف. ساندفورد" حرمان السود من الجنسية في جميع الحالات. 

كما أصدرت الولايات الجنوبية قوانين صارمة تنظم سلوك السود الأحرار، وفي العديد من الحالات تم منعهم من الدخول أو الاستقرار في تلك الولايات؛ ففي ولاية "ميسيسيبي" أمكن استرقاق زنجي حر بعد مكوثه فيها أزيد من 10 أيام، وأقرت "أركانساس" قانونا في عام 1859 أباح استعباد كل شخص أسود حر لايزال متواجدا على ترابها بحلول عام 1860، وعلى الرغم من أنه لم يتم تطبيقه، فقد نجح في تقليص عدد سكان ولاية "أركانساس" من السود الأحرار ليصبح الأقل من أي ولاية أخرى. وقامت العديد من الولايات الشمالية أيضا بتقييد هجرة السود الأحرار، مما أدى بهم إلى مواجهة صعوبات في إيجاد أماكن للاستقرار القانوني. 

وجلبت قضية إلغاء العبودية دعما عرقيا في الشمال خلال سنوات ما قبل الحرب الأهلية، وفي عهد الرئيس "أبراهام لنكولن"، أصدر الكونغرس الأمريكي عدة قوانين لمساعدة السود على الحصول على ما يشبه الحرية أثناء اندلاع الحرب، وسمح قانون المصادرة لعام 1861 للعبيد الهاربين الذين فروا وراء خطوط الاتحاد بالبقاء أحرارا حيث أعلن الجيش أنهم جزء من "التهريب" من الحرب ورفض بالتالي إعادتهم إلى أصحاب الرقيق، وضمن قانون المصادرة لعام 1862 لكل من العبيد الهاربين وأسرهم الحرية الأبدية، وسمح قانون الميليشيا للرجال السود بالتسجيل في الخدمة العسكرية. 

وفي شهر يناير من عام 1863، قام إعلان تحرير "لينكولن" بتحرير المستعبدين في الأراضي التي تسيطر عليها القوات الكونفدرالية فقط، وتم قبول الرجال السود رسميا للعمل في جيش الاتحاد وتم تنظيم قوات الولايات المتحدة الملونة، وأثبتت مشاركة السود في القتال أنها ضرورية لتحقيق النصر. 

وفي عام 1865، فازت قوات الاتحاديين في الحرب، وصادقت الولايات على التعديل الثالث عشر الذي حظر العبودية (باستثناء المعاقبة على الجريمة) في جميع أنحاء البلاد، وسنت الولايات الجنوبية في البداية القوانين السوداء في محاولة للحفاظ على السيطرة على اليد العاملة السوداء؛ فميز قانون "الميسيسيبي" الأسود (أول تلك القوانين السوداء وأكثرها شهرة) بين "الزنوج الأحرار" (في إشارة إلى أولئك الذين كانوا أحرارا قبل الحرب في بعض الأماكن التي أطلق عليها إسم "القضايا القديمة") والأحرار حديثا والخلاسيين، وعلى الرغم من فرض قيود مماثلة على الحرية العامة للسود، استطاع السود المزدادون في الولايات المتحدة اكتساب الجنسية القانونية بموجب قانون الحقوق المدنية العام لسنة 1866 والفقرة الرابعة عشر المعدلة من بند المواطنة. 

وقد تباينت حياة السود الأحرار تبعا لمواقعهم داخل الولايات المتحدة الأمريكية؛ فقد كان هناك تحيز كبير من جانب السود الأحرار للاستقرار في المدن حيث هاجر العديد منهم من الريف مع مرور الوقت في الشمال وفي الجنوب على حد سواء، ذلك أن المدن أعطت السود مجموعة من الفرص الاقتصادية والاجتماعية لم تكن متوفرة في الأرياف، وكان لدى معظم المدن الجنوبية كنائس مستقلة يديرها السود وكذلك مدارس سرية للتطوير التربوي، كما أعطت المدن الشمالية فرصا أفضل للسود، فعلى سبيل المثال، كان الزنوج الأحرار الذين يعيشون في "بوسطن" يتمتعون عموما بمزيد من فرص الوصول إلى التعليم الرسمي. 

وبالعودة إلى الجنوب الأمريكي قبل الثورة كان هناك عدد قليل جدا من السود الأحرار في المستوطنات هناك، والجنوب الأدنى عموما ـ باستثناء الحواضر ـ لم يجتذب الكثير منهم، وهكذا نما عدد السود الأحرار في المناطق الحضرية بشكل أسرع وهذا النمو جاء إلى حد كبير نتيجة للهجرة الجماعية للزنوج الأحرار الريفيين، ومن أمثلة هذه المناطق الحضرية كانت "ريتشموند" و "بيترسبورغ" في "فرجينيا" و "رالي" و "ويلمينغتون" في "كارولاينا الشمالية" و "تشارلستون" في "كارولاينا الجنوبية" و "السافانا" ("أطلنطا" لاحقا) في "جورجيا"، وهكذا طور الجنوب عموما مجموعتين متمايزتين من السود الأحرار وكان عدد السود المتواجدين في الجنوب الأدنى أكبر، وأظهر إحصاء 1860 أن 144 زنجيا حرا فقط وجد في "أركانساس"، و 773 في "ميسيسيبي"، و 932 في "فلوريدا"، بينما كان في "ميريلاند" 83.942 وفي "فرجينيا" 5842 وفي "كارولاينا الشمالية" 30.463 وفي "لويزيانا" 18.647، وكان السود الأحرار في الجنوب الأدنى أكثر تحضرا وتعليما وثراء، وكانوا عموما من عرق مختلط من الآباء البيض مقارنة بالسود الأحرار في أعالي الجنوب، وعلى الرغم من هذه الاختلافات أصدرت الولايات الجنوبية قوانين مماثلة لتنظيم حياة السود متأثرة ببعضها البعض في هذا الشأن. 

وتعكس الأرقام المذكورة أعلاه محاولة متعمدة لطرد الزنوج الأحرار من أقصى الجنوب حيث "أصبح الجنوبيون يعتقدون أن الوسيلة الناجحة الوحيدة لإزالة تهديد الزنوج الأحرار هي طردهم من الولايات الجنوبية أو تغيير وضعهم من الأشخاص الأحرار إلى ... العبيد". وأصبح يُنظر إلى الزنوج الأحرار على أنهم "شر غير عادي" ومقوضين لنظام العبودية. وكان يجب إقناع العبيد أنه لا توجد ميزة في أن يصبحوا أحرارا، وهكذا، أصبح الزنوج الأحرار ضحايا لمخاوف العبيد أنفسهم. وأصبحت التشريعات في هذا الصدد أكثر قوة؛ فقد كان على الزنجي الحر الرضوخ لدوره الجديد أو مغادرة الولاية، ففي ولاية "فلوريدا" على سبيل المثال منعهم تشريع سنة 1827 و 1828 من الانضمام إلى التجمعات العامة و "إلقاء الخطب التحريضية"، كما أنهت قوانين 1825 و 1828 و 1833 حقهم في حمل الأسلحة النارية ومُنعوا كذلك من خدمة هيئة المحلفين ومن الشهادة ضد البيض، ولإثبات حرية العبد كان على السيد أن يدفع ضريبة قدرها 200 دولار لكل منهما ويوقع سندا يضمن أن الزنجي الحر سيغادر الولاية في غضون 30 يوما، وفي النهاية، أصبح لبعض مواطني مقاطعة "ليون" أكثر سكان "فلوريدا" عددا والأكثر ثراءً عبيد أكثر من أي مقاطعة أخرى في "فلوريدا"، الذين شكلوا في تعداد سنة 1860 نسبة 73% من سكانها، وقد التمس هؤلاء من الجمعية العامة إجلاء جميع الزنوج الأحرار من الولاية. وفي ولاية "فلوريدا" أيضا، فرض التشريع الذي تم إقراره في عام 1847 على جميع الزنوج الأحرار أن يكون لديهم أشخاص بيض بمثابة أوصياء قانونيين، وفي عام 1855 صدر قانون منع الزنوج الأحرار من دخول الولاية، وفي عام 1861، تم إقرار قانون يتطلب من جميع الزنوج في "فلوريدا" التسجيل لدى قاضي التحقيق في المقاطعة التي يقيمون بها، وكان على الزنجي عند التسجيل أن يذكر إسمه وعمره ولونه وجنسه ومهنته، وكان عليه أن يدفع دولارًا واحدًا للتسجيل... وكان على جميع الزنوج الذين تزيد أعمارهم عن اثني عشر عاما أن يكون لديهم وصي معتمد من قِبل قاضي التحقيق... ووفقا لهذا القانون أمكن مقاضاة الوصي على أي جريمة يرتكبها الزنجي بحيث لم يمكن مقاضاة الزنوج. وبموجب هذا القانون الجديد كذلك، تم تصنيف أي زنجي حر أو خلاسي لم يسجل لدى أقرب قاضي تحقيق كرقيق ليصبح ملكا قانونيا لأي شخص أبيض يدعي حيازته. 

وهكذا فقد هاجر السود الأحرار إلى الولايات الشمالية، ورغم مواجهتهم لبعض المشاكل المتعلقة بالاستقرار هناك، إلا أنهم وجدوا المزيد من الفرص في الشمال. وخلال القرن التاسع عشر عموما، تقلص عدد ونسبة السكان السود الأحرار في الجنوب كجزء كبير من السكان السود، وانتقلت بعض الشخصيات السوداء الحرة البارزة والموهوبة إلى الشمال بحثا عن الفرص المتاحة لها مستنزفة الجنوب من القادة السود الأحرار المحتملين، وعاد بعضهم بعد الحرب الأهلية للمشاركة في عصر إعادة الإعمار وتأسيس الشركات وانتخابهم لمنصب سياسي. واستمر هذا الاختلاف في توزيع السود الأحرار حتى الحرب الأهلية، حيث كان هناك حوالي 250.000 من السود الأحرار يعيشون في الجنوب. 

لقد قدم التفوق الاقتصادي والعسكري والعلمي للنخب مبررات للعبودية من خلال فكرة "العناية الإلهية" أي فكرة أن "الأمور كانت كما كانت لأن الرب أرادهم أن يكونوا على هذا النحو"، وبالتالي كان ينظر إلى السود كأعضاء في العرق السفلي، حيث أن الإله قد سمح للنخب باستغلال تجارة الرقيق على ما يبدو دون أي تلميح إلى أنه قد يخطط لأي نوع من العقاب الإلهي بخصوص ذلك؛ وأكد القضاء هذا الوضع التبعي حتى عندما لم تكن القوانين ذات العنصرية الصريحة متاحة. 

لم يمكن في مقدور السود الأحرار مزاولة العديد من المهن المدنية مثل الطب والمحاماة لأنهم مُنعوا من التعليم اللازم، ونفس الوضع واجههم في المهن التي تتطلب حيازة سلاح ناري أو الوظائف المتعلقة بالمكاتب الانتخابية أو الرخص الممنوحة بشأن المشروبات الكحولية، كما تطلبت الكثير من هذه المهن استثمارات رأسمالية كبيرة لم يستطع معظم السود الأحرار تحملها. 

وتمتع الذكور السود الأحرار عموما بفرص عمل أوسع من الإناث اللائي كانت أدوارهن محصورة إلى حد كبير في المهن المنزلية. وفي حين أمكن لأولاد السود الأحرار أن يتدربوا ليصبحوا نجارين وصانعي براميل وحلاقين وحدادين كانت خيارات الفتيات محدودة بدرجة أكبر حيث اقتصرت على الأعمال المنزلية مثل الطهي والتنظيف والخياطة ورعاية الأطفال. وعلى الرغم من كل ذلك أمكن في بعض المناطق أن تصبح النساء السوداوات الحرائر عضوات بارزات في مجتمع السود الأحرار، واستطعن بهذا إدارة الأسر وتشكيل جزء كبير من القوى العاملة السوداء الحرة. 

لقد أصبحت العديد من العائلات الأمريكية الإفريقية الحرة في ولاية "كارولينا" الشمالية الاستعمارية و"فرجينيا" مثلا مالكة للأراضي والبعض الآخر أصبح مالكا للعبيد أيضا. وفي بعض الحالات، قامت هذه العائلات بشراء أفراد من أسرهم لحمايتهم حتى يتمكنوا من إطلاق سراحهم، وفي حالات أخرى، شاركت في الاقتصاد الكامل للعبيد، فعلى سبيل المثال، قام رجل حر أطلق عليه اسم "كابريان ريكارد" بشراء عقار في "لويزيانا" تضمن مائة عبد. 

ووضع السود الأحرار التماسات للانضمام إلى الجيش خلال الثورة الأمريكية، بدافع من الأمل المشترك بالحرية، وعزز هذا الأمل من خلال إعلان عام 1775 من قبل المسؤول البريطاني اللورد "دونمور" الذي وعد بالحرية لأي عبد كان يقاتل إلى جانب البريطانيين خلال الحرب. وقاتل السود أيضا إلى الجانب الأمريكي كما سبق ذكر ذلك آنفا على أمل الحصول على فوائد الجنسية في وقت لاحق. وخلال الحرب الأهلية أيضا، قاتل السود الأحرار مع الجانبين الكونفدرالي والاتحادي، وكان السود الأحرار الجنوبيون الذين قاتلوا مع الجانب الكونفدرالي يأملون في الحصول على درجة أكبر من التسامح والقبول بين جيرانهم البيض، وتم تحقيق الأمل بالمساواة من خلال الجيش مع مرور الوقت، مثل معادلة الأجور للجنود السود والبيض قبل شهر من انتهاء الحرب الأهلية. 

وتمكنت العديد من النساء ضمن زيجات السود الأحرار من المشاركة على قدم المساواة في علاقاتهن مع نساء النخبة من البيض، ويمكن رؤية هذه الصورة للمساواة في الزواج من خلال مثال "الأرستقراطية الملونة" للنخبة السوداء الصغيرة في "سانت لويس"، حيث كانت النساء غالبا شريكات اقتصاديات في زيجاتهن. وكانت هذه المجموعات الصغيرة من السود تنحدر عموما من الزيجات المختلطة الفرنسية والإسبانية. وفي المناطق الأمريكية التي كان يسيطر عليها الفرنسيون، كان للنساء في هذه الزيجات نفس حقوق النساء البيض وأمكنهن كذلك حيازة الممتلكات، وكانت هؤلاء النساء يأملن في أن يبقين مستقلات ماليا لأنفسهن ومن أجل حماية أطفالهن من قوانين "ميسوري" التقييدية مثلا. 

ولم تكن الفكرة التقليدية حول سيطرة الزوج على الزوجة هي الفكرة المركزية في هذه الزيجات النخبوية بسبب أهمية المرأة في جلب دخل للأسرة، وكان على النساء توخي الحذر في العلاقات الزوجية، فكان الزواج من رجل أسود لا يزال عبدا سيجعل المرأة السوداء الحرة مسؤولة قانونا عن سلوكه سواء كان جيدًا أو سيئًا. 

كانت النساء السوداوات المستعبدات في "نيوإنجلاند" يذهبن إلى المحكمة لكسب حريتهن بينما النساء السود الأحرار كن يتوجهن إلى المحكمة للتمسك بحريتهن؛ واستندت دعاوى حرية المرأة في كثير من الأحيان إلى الجوانب التقنية، مثل عدم وجود مستندات قانونية للرقيق أو أصل من عرق مختلط أو إعفاء البعض من خدمة العبيد، وفي عام 1716، أصبحت "جوان جاكسون" أول امرأة من العبيد تفوز بحريتها في محكمة "نيوإنجلاند". وقدمت "إليزابيث فريمان" أول اختبار قانوني لدستورية العبودية في ولاية "ماساتشوستس" بعد الثورة الأمريكية، مؤكدة أن الدستور الجديد للدولة وتأكيده لمساواة الرجل بموجب القانون يعني أن العبودية لا يمكن أن توجد. وكمالكة للأراضي ودافعة للضرائب، اعتبرت "فريمان" واحدة من أشهر نساء السود في العصر الثوري.
المرجع:

الأحد، 20 أكتوبر 2019

آمدوسياس


آمدوسياس (أيضا آمدوسكياس، آمدوكياس أو آمبدوسكياس) لديه 29 فيلقا من الشياطين والأرواح تحت إمرته، ويصور على انه إنسان ببراثن بدل يدين ورجلين ورأس أحادي القرن وبوق للإشارة إلى قوة صوته، آمدوسياس مرتبط بدوي الرعد، وقد قيل بأن صوته يسمع أثناء العواصف، وفي مصادر أخرى، فإنه يكون مصحوبا بأصوات الأبواق عندما يأتي وأنه سيعطي حفلات عندما يؤمر بذلك، لكن بينما يمكن سماع جميع الآلات الموسيقية الخاصة به فإنه لا يمكن رؤيتها، ويعتبر الشيطان المسؤول عن الموسيقى الناشزة التي تعزف في الجحيم، ويمكن أن يجعل الأشجار تنحني بإرادته.
المرجع:

أمايمون


في الديمونولوجيا، أمايمون (أيضا أميمون أو أمويمون) هو أمير من أمراء الجحيم، ووفقا لبعض الغريموارات، الوحيد الذي يملك قوة أكثر من "أسموداي". 

السمة الغريبة لهذه الروح تظهر أثناء استدعاء أسموداي للظهور المرئي، حين ينبغي على طارد الأرواح الشريرة الوقوف باعتدال نازعا قبعته أو غطاء رأسه في إظهار للاحترام، لإنه إذا لم يكن كذلك فإن أمايمون سيخدعه ويخرب كل عمله. 

يقال أن لأمايمون نفس سام قاتل. 

ينص "المفتاح الأصغر لسليمان" على أن طارد الأرواح الشريرة أو المشعوذ يجب أن يكون لديه خاتم فضي، وأن يكون "مكرسا" حسب الأصول وأن يوضع الخاتم في الإصبع الوسطى كشكل من أشكال الحماية ضد هذا التنفس الوهمي السام. 

وحسب "مملكة الشياطين الزائفة" فإن أمايمون هو ملك الغرب على الرغم من أن بعض ترجمات "المفتاح الأصغر لسليمان" تجعله ملك الشرق (رغم أن بعض ترجمات المفتاح الأصغر لسليمان تعتبر "بيليال" و "بيليث" و "أسموداي" و "غاب" ملوك الاتجاهات الأربع الرئيسية على الرغم من عدم إعطاء التفاصيل على الإشارة الرئيسية لكل اتجاه). 

وفقا لغريموار "آبراميلين" المترجم من قبل صامويل ليدل ماكغريغور ماذرز فإن أمايمون (كأميمون) كان واحدا من الأمراء الفرعيين الثمانية، ويوصف بأنه شيطان مصري قيده آبراميلين عن الأعمال الشريرة من الساعة الثالثة صباحا إلى وقت الظهيرة ومن الساعة التاسعة إلى الليل.
المرجع:

الجمعة، 18 أكتوبر 2019

حضارة نازكا

شخصية دميوية أنثوية من "نازكا" مصنوعة من سن حوت العنبر.


كانت حضارة "نازكا" ( تنطق أيضا "ناسكا") حضارة أثرية ازدهرت بين 100 ق.م و 800 م في الساحل الجنوبي القاحل "لبيرو" ضمن نطاق الأودية النهرية "لريو غراندي دي نازكا" ووادي "إيكا". وكانت هذه الحضارة متأثرة بشدة بحضارة "باراكاس" السابقة لها والتي كانت معروفة بمنسوجاتها المعقدة للغاية، وقد أنتجت حضارة "نازكا" مجموعة من الأدوات الحرفية اليدوية إضافة إلى تقنيات السيراميك والمنسوجات والجيوغليفات ـ المعروفة بخطوط "نازكا" ـ كما قام شعب "نازكا" ببناء نظام مثير للإعجاب لقنوات المياه الجوفية معروف باسم "بوكيوس Puquios" والذي لايزال يعمل حتى يومنا هذا، وقد تم إطلاق تسمية مقاطعة "نازكا" تيمنا بهذا الشعب. 
موقع نفوذ وتأثير حضارة "نازكا".


وتطور مجتمع "نازكا" خلال الفترة الوسيطة المبكرة وانقسم تاريخه عموما إلى عصر "ما قبل نازكا" (من 100 ق.م إلى 1 م) و "نازكا القديمة" (من 1 إلى 450 م) و "نازكا الوسطى" (من 450 إلى 550 م) ثم "نازكا المتأخرة" (من 550 إلى 750 م). 

وقد بدأت حضارة "نازكا" في الانحطاط منذ 500 م لتنهار تماما بحلول 750 م، ويعتقد أن هذا حدث عندما تسببت ظاهرة "النينيو" في فيضانات واسعة النطاق ومدمرة، وتشير الدلائل أيضا إلى أن سكان "نازكا" ربما يكونوا قد فاقموا من خطورة تلك الفيضانات من خلال القطع التدريجي للأشجار لإفساح المجال لزراعة الذرة والقطن، وكانت هذه الأشجار تلعب دورا هاما باعتبارها حجر الزاوية البيئي في تلك المنطقة خاصة فيما يتعلق بمنع التآكل الناتج عن الأنهار والرياح، وكان من شأن الإزالة التدريجية للأشجار تعريض المنطقة لآثار الاضطرابات المناخية مثل ظاهرة "النينيو". 

وكان مجتمع "نازكا" المبكر مؤلفا من المشيخات المحلية إضافة إلى المركز الإقليمي للسلطة الذي تمحور حول "كاهاواتشي" والذي كان عبارة عن موقع احتفالي غير حضري يتموقع في التلال، وتمكن العلماء من تطوير نظريات بناء على الحفريات المختلفة في "كاهاواتشي" مفادها أن الموقع كان مركزا للطقوس والولائم المتعلقة بالزراعة والمياه والخصوبة، وقد كان للتدهور البيئي يد في انهيار هذا المركز الذي يقع في الجزء السفلي من وادي "نازكا" والذي كان آهلا منذ مرحلة "باراكاس" المتأخرة، ويعتبر هذا المركز فريدا بين جميع مواقع "نازكا" الأخرى وهو الموقع الأكثر أهمية لدراسة ثقافة "نازكا" القديمة حيث حول الناس التلال الطبيعية إلى تلال هرمية لأغراض احتفالية ودينية. 

وقد أعطت الحفريات في "كاهاواتشي" العلماء فكرة رئيسية عن الحضارة، وتضمنت بقايا المواد المتواجدة في الموقع كميات كبيرة من الفخار متعدد الألوان والمنسوجات العادية ونظيرتها المبهرة وكميات ضئيلة من الذهب والفقاحات ومجموعة من أدوات الطقوس. ودفعت بقايا الفخار التي عثر عليها في "كاهاواتشي" علماء الآثار إلى الاعتقاد بأن الموقع كان على وجه التحديد غير حضري واحتفالي بشكل طبيعي. ومن بين المواد الغذائية التي عثر عليها هناك كانت الفاصولياء والذرة والقرع إضافة إلى الفول السوداني وبعض الأسماك. 
وعاء رسم عليه السمك من متحف"فيكتوريا وألبرت".

وقد توقف البناء في "كاهاواتشي" ويبدو أنه تم التخلي عن الموقع نهائيا خلال نهاية فترة "نازكا الوسطى" وبداية "نازكا المتأخرة". وعلى الرغم من وجود العديد من الأسباب المحتملة لانهيار "كاهاواتشي"، يعتقد العلماء أن وقف الاستخدام الاحتفالي للموقع ارتبط بشمول الجفاف لمنطقة "الأنديز"، وفي وقت لاحق ـ بعد "كاهاواتشي" ـ تم إعادة بناء مجتمع "نازكا" بطريقة مماثلة لما كان من قبل، ولكن لم يعد التركيز منصبا على بناء المجمعات المعمارية الكبيرة مثل تلك الموجودة في "كاهاواتشي". 

ومن المحتمل أن تكون المعتقدات الدينية "لنازكا" قائمة على الزراعة والخصوبة في انسجام مع الطبيعة القاحلة والمتطرفة للبيئة المحلية. وقد صور جزء كبير من فن "نازكا" آلهة الطبيعة القوية، مثل الحوت الأسطوري القاتل والقط المرقط الأسطوري والمخلوقات الأفعوانية، وكما هو الحال في حضارة "موش" المعاصرة "لنازكا" والتي تمركزت في شمال غرب "بيرو"، استخدم الشامان على ما يبدو الأدوية المهلوسة مثل تلك المستخرجة من صبار "سان بيدرو" للحث على الرؤى ويصور استخدام هذه المواد أيضا في الرسومات الموجودة على فخاريات "نازكا"، وكانت الأحداث الدينية والاحتفالات تقام في "كاهاواتشي" وعبد الناس آلهة الطبيعة للمساعدة في نمو الزراعة. 

وخلال هذه الفترة كان جميع أفراد المجتمع في القرى المجاورة يسافرون إلى المركز ويشاركون في الولائم أيضا، وكان في استطاعة غير النخبة الحصول على سلع ذات قيمة عالية، مثل الفخار متعدد الألوان، وفي المقابل، كان في إمكان النخبة وضع سلطتها السياسية وتعزيزها في الوقت الذي كان يشترك فيه العوام في العمل وبناء الموقع. 
مدافن "نازكا" في مقبرة "تشوتشيلا".

وقد استمر الجدل حول الغرض من الرؤوس البشرية المغنومة في حضارة "نازكا" إلى يومنا هذا، سواء كانت غنائم حرب أو ممارسات طقوسية، وغالبا ما تربط التصويرات المرئية لقطع الرؤوس بين قاطعي الرؤوس والملابس العسكرية التي كان يمكن ارتداؤها في مناسبات احتفالية بحتة كذلك، وصاغ عالم الآثار "ماكس أول" مصطلح "الرؤوس المغنومة" الذي يعتبر تصويرا للرؤوس المقطوعة في الفن البيروفي القديم ليتوافق مع غنائم الحرب. وأشار الباحثون إلى أن جميع تلك الرؤوس المغنومة كانت تحتوي على تعديل مشترك وهو عبارة عن ثقب في الجبهة يمكن من خلاله إدخال حبل لغاية عرض الرأس المقطوعة أو حمله على ما يبدو. 
مدفن لحضارة "نازكا".

والعديد من مدافن أبناء شعب "نازكا" كانت على شكل ما يعرف "بالمدافن الجزئية"، حيث اشتملت هذه المدافن الجزئية على حزم من الأطراف أو مخابئ الرؤوس المقطوعة أو الأجسام التي تفتقد إلى عدة أجزاء، وتم اكتشاف العديد من المدافن التي يكون فيها رأس الهيكل العظمي مفقودا ويتم استبداله بما يشار إليه كثيرا باسم "جرة الرأس"، وهذه الجرة عبارة عن وعاء خزفي طبع عليه رأس بشري إلى جانب الأشجار والنباتات المتفرعة عنه. 

وخلال فترة "نازكا" الوسطى، بدا أن عدد الرؤوس المقطوعة قد زاد بشكل كبير انطلاقا من البقايا المكتشفة، وخلال فترة "نازكا" المتأخرة انخفض عددها على الرغم من أن ممارسة قطع الرؤوس ظلت شعبية، وتشير أيقونوغرافيا "نازكا" المتأخرة إلى أن مكانة قادة مجتمع "نازكا" كانت تتعزز من خلال النجاح في اصطياد هذه الرؤوس. 

واستند اقتصاد شعب "نازكا" بالأساس على الزراعة، وتشير الأيقونات المنقوشة على السيراميك والبقايا المحفورة إلى أن شعب "نازكا" كان لديه نظام غذائي متنوع شمل الذرة والقرع والبطاطا الحلوة والبفرة والقنا وأثر صغير من الأسماك المختلفة، كما استخدموا العديد من المحاصيل غير الغذائية مثل القطن للمنسوجات والكوكا وصبار "سان بيدرو" والقرع الذي كان يزين لوصف الأنشطة اليومية ويمكن إيجاد أدلة الكوكا في المجتمع من خلال رصد البقايا وكذا منقوشات السيراميك، ونفس الشيء ينسحب على صبار "سان بيدرو" المهلوس الذي صور في الاحتفالات على العديد من الأواني، ومن حيث الموارد الحيوانية، كان شعب "نازكا" يقدم تضحيات من حيوانات اللاما وخنازير غينيا في "كاهاواتشي"، كما تم استغلال اللاما بشكل شاسع كحيوانات أحمال ولأجل صوفها وكمصدر للحوم أيضا. 
الحوت القاتل، حضارة "نازكا"، فخار، متحف "لاركو"، "ليما، بيرو".

وتشير الأدلة الأثرية حتى الآن إلى أنه خلال وقت ما من فترة "نازكا" المتوسطة أنشأ شعب "نازكا" نظام قنوات ري للحفاظ على الحياة في بيئة قاحلة، وكان تاريخ الشروع في اعتماد هذه القنوات أو "البوكيوس" محل جدل بسبب المواد المستخدمة في بنائها إلا أن ذلك تم في العموم بدءا من فترة "نازكا" المتوسطة. 

ويتكون نظام الري من قنوات تحت أرضية والتي تعرف باسم "البوكيوس" كما سبقت الإشارة والتي تم استغلالها في المياه الجوفية، وكانت القنوات تحفر في سفوح الجبال إلى أن تصل إلى المياه الجوفية وكانت تصفف بالصخور النهرية ولم يتم استخدام الملاط حتى تمر المياه إلى القنوات لأغراض الزراعة أو لإيداع المياه في خزانات صغيرة لاستخدامها لاحقا، وكانت توضع العديد من الثقوب أو العيون على طول سطح القنوات والتي كانت تعمل بنفس طريقة المطابق حاليا، وكان الناس ينزلون إلى القنوات باستمرار لإزالة العوائق أو لإصلاحها. 

وبقيت العديد من القنوات قيد الاستخدام حتى وقتنا الحاضر مما يشهد على أهميتها في تلك البيئة القاحلة، لكن مع الاستخدام الحديث قام الناس بتعديلها لتعمل بكفاءة أكثر وشملت التعديلات تركيب مضخات آلية، وفي بعض الأحيان، تبطين الخزانات بالخرسانة من أجل الحفاظ على المياه بشكل أفضل، وتوجد بعض أفضل تلك القنوات في "كانتالوك". 
صنبور مزدوج، وعاء المقبض الجسري، متحف "بروكلين".

وقد تميزت حضارة "نازكا" كذلك بفخارها متعدد الألوان الجميل المطلي بما لا يقل عن 15 لونا مميزا، وكان التحول من أسلوب الرسم الصمغي بعد التعرض للنار إلى أسلوب الرسم الدهاني قبل التعرض للنار بمثابة نهاية للفخار على طراز حضارة "باراكاس" وبداية الفخار على طراز حضارة "نازكا"، وشملت الأشكال الفخارية الرئيسية الأوعية الجسرية والصنابير المزدوجة والزبديات والأكواب والمزهريات والأشكال الدميوية والمخلوقات الأسطورية، ويوضح علماء الآثار أن الفخارات عالية القيمة لم تكن حكرا على النخبة وحدها بل كان في مقدور عامة الناس الحصول عليها من خلال الولائم والحج إلى "كاهاواتشي". وتم تقسيم تسلسل فخار "نازكا" إلى تسعة مراحل، حيث أدرجت الصور المرسومة على الفخارات في المرحلة الأولى مواضيع واقعية مثل الفواكه والنباتات والناس والحيوانات، وزادت أهمية هذه الواقعية في المراحل الثلاثة الموالية المشار إليها باسم المراحل الأثرية، وفي المرحلة الخامسة حدثت طفرة كبيرة تم فيها إضافة الأشعة والأشكال الحلزونية وغيرها على العناصر الخارقة للطبيعة في الأوعية، وتسمى هذه المرحلة بالانتقالية لأنها سجلت التغيير في الأسلوب وفي المحتوى، وشملت المرحلتين السادسة والسابعة بعض العناصر السابقة لكنها أكدت أيضا على العناصر العسكرية، مما يشير إلى تحول في التنظيم الاجتماعي، واشتملت الزخارف في هذه المرحلة على عناصر مجردة كجزء من التصميم، وأضيفت الكثير من الأشعة والشرابات إلى الصور التي تعكس موضوعات أسطورية بالخصوص، وتظهر الرسوم الموجودة على الفخار في هذه الفترة أيضا التأثر بحضارة "موش" في شمال ساحل "بيرو"، وأخيرا، شهدت "نازكا" في المرحلة الثامنة إدخال أشكال مفككة تماما وهندسات أيقونية يصعب فك رموزها، ويعتقد أن المرحلتين الثامنة والتاسعة تعودان إلى الأفق الأوسط مما يعكس انتقال السلطة من الساحل إلى المرتفعات مع ظهور حضارة "واري" حوالي 650 م. 
وعاء الكركند الدميوي، المرحلتين الثالثة والرابعة.

ولم يكن لدى شعب "نازكا"، كسائر المجتمعات ما قبل الكولومبية في أمريكا الجنوبية بما في ذلك "الإنكا" نظاما للكتابة، وعلى عكس "المايا" في أمريكا الوسطى كانت الأيقونات ومختلف الرموز على السيراميك وسيلة للاتصال، وتنقسم الزخارف المرسومة على فخار "نازكا" إلى فئتين رئيسيتين: فئة مقدسة وأخرى مدنسة، فقد آمن شعب "نازكا" بأرواح الطبيعة القوية التي كان يعتقد أنها تسيطر على معظم جوانب الحياة، وصورت هذه الأرواح في شكل كائنات أسطورية ومخلوقات لها مجموعة من الخصائص البشرية والحيوانية في نفس الآن من قبيل الطيور والأسماك، وقام أفراد "نازكا" برسمها على الفخار، وشملت هذه المخلوقات أصنافا عدة مثل الكائنات الأسطورية المجسمة والطيور الرهيبة والحوت الأسطوري القاتل إضافة إلى مشاهد الحروب وقطع الرؤوس والممارسات الطقوسية للرؤوس المغنومة من قبل الشامانات. 
عباءة من "نازكا"، المدينة الجنائزية "لباراكاس"، ما بين 1 و 100م، والتصميم يعكس صور أسماك مزدوجة (على الأرجح أسماك القرش) مجموعات متحف "بروكلين".

إضافة إلى ما تقدم، اشتهرت حضارة "نازكا" بمنسوجاتها المعقدة تقنيا، وكانت هذه المنسوجات على الأرجح تحاك من قبل النساء في مساكنهن من الصوف والقطن بواسطة النول الخلفي وهي الطريقة المعمول بها في المنطقة إلى اليوم، وقد تم نسج الأقمشة بزخارف شائعة قبل ظهورها في الفخار، وحافظت الصحراء الجافة على نسيج حضارتي "نازكا" و "باراكاس" على حد سواء والتي تضم معظم ما يعرف عن المنسوجات المبكرة في تلك المنطقة. 

وتم العثور كذلك على الشالات والفساتين والسترات والأحزمة والحقائب وغيرها من خلال الحفريات في "كاهاواتشي" وأماكن أخرى، ومعظم المنسوجات المرتبطة بحضارة "نازكا" اشتملت على الملابس التي كانت تضم إلى المرفقات الجنائزية في المدافن، وكان يتم لف كل الجسم تقريبا بالنسيج كجزء من طقوس الدفن، وغالبا ما كان يتم العثور على أكوام من العظام ملفوفة في ثوب من المنسوجات، واحتوت ودائع الفساتين والشالات على الملابس الراقية (مع الريش والرسم والتطريز) والملابس العادية أيضا مما يعطي انطباعا بأدوار ومسؤوليات اجتماعية مختلفة. 
رأس مغنومة لحضارة "نازكا".

وكانت عملية النقب عملية جراحية بدائية في الجمجمة استخدمها شعب "نازكا" لغرض تخفيف الضغط على الدماغ جراء الجروح الناتجة عن المعارك أو لأغراض طقوسية، وكانت هذه العملية تستلزم إزالة جزء أو أكثر من أجزاء العظام على الجمجمة ـ بينما لايزال الشخص على قيد الحياة ـ ، وقد شوهدت أدلة على النقب من خلال تحليل الجماجم المحفورة، وأظهرت بعض الجماجم علامات على الشفاء مما يدل على أن بعض الأفراد الذين خضعوا لهذه الجراحة قد نجوا. 
تمثيل لمحارب يحمل رأسا مغنومة.

كما شوهدت جماجم ممدودة نتيجة لإعادة تشكيل الجمجمة، وما استنتجه العلماء من خلال الحفريات التي أجريت في "كاهاواتشي" أنه تم تحقيق هذا التأثير عبر ربط وسادة بجبهة الرضيع ولوحة على الجزء الخلفي من الرأس، وتشير العديد من النظريات إلى أن إعادة تشكيل الجمجمة كانت الغاية منه خلق هوية عرقية أو من أجل توضيح وضع اجتماعي معين.
المرجع:

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...