الأحد، 5 فبراير 2023

مكانة البخور في الإسلام


يطرح موضوع البخور إشكالا عند بعض الإخوة حيث يعمد نفر منهم إلى المجازفة بتحريمه وتبديعه أو وصم صاحبه بالتخلف والرجعية في أحسن الأحوال، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه، ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه". وللإجابة على هذا الإشكال نقول: أولا: لا يوجد نص نقلي من القرآن ولا من السنة يحرم البخور، والأصل في الأشياء الإباحة، ثانيا: يثور سؤال: هل استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم البخور؟ الإجابة: نعم، فقد روى نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا استجمر - أي استبخر - إستجمر بالألوَّة (العود القماري) غير مطرّاة (أي غير ممتزجة ببخور آخر) وبكافور (البلدي وليس الرومي) يطرحه مع الألوّة، ثم قال - أي ابن عمر - هكذا كان يستجمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم في صحيحه. ونضيف حديثا للاستئناس رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر،... إلى أن قال: آنيتهم الذهب والفضة وأمشاطهم الذهب ووقود مجامرهم الألوّة". رواه البخاري في صحيحه. إذن فالبخور موجود حتى في الجنة، سيقول قائل أن البخور ذو الرائحة الطيبة كالعود هو المباح، أما الذي لا يكون طيب الرائحة فهو حرام، والجواب على هذا القول هو حديث رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخر". رواه مسلم في صحيحه، والعبرة هنا أن المرأة لو كانت استجمرت بالعود القماري مثلا لما نهاها الرسول صلى الله عليه وسلم عن حضور العشاء ولكن نهيه هنا جاء من أن البخور الذي استخدمته ليس زكي الرائحة رغم فائدته كالفاسوخ وما إلى ذلك، ولم يحرمه الرسول صلى الله عليه وسلم بدليل الإشارة، وقياسا على هذا حديث ابن عمر عن الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر، حيث قال: من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا. رواه البخاري في صحيحه. إذن هل الثوم حرام لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى آكله من دخول المسجد؟ الجواب: لا، إذن فمن استبخر ببخور غير العود لا يعد فعله حرام كذلك. وقد سئل الإمام ابن باز رحمه الله تعالى عن البخور فقال: إذا نفع لا بأس. وأغلب البخور إما نباتات أو أوراق أشجار أو لبانها، والاستبخار لا يقتضي طقوسا معينة، فمجرد إحراق أوراق بعض الأشجار يدخل في هذا المعنى، وحتى المدخن يعد من المستبخرين لأنه يحرق ورق التبغ رغم كراهة فعله. فالبخور يكون حلالا متى استخدم في نطاق مشروع ويصير حراما متى خالف الشرع، فهو كالسكين سلاح ذو حدين، فيحرم البخور مثلا إذا استعمل لجلب الجن، كالذبيحة إذا ذبحت لله فهي حلال وإذا ذبحت لوثن أو مزار فهي حرام. والاستبخار بأعواد السذاب (الفجل بالمغربية) يطرد شياطين الجن من المنزل لأنه لا يطيق رائحته إضافة إلى حبوب القبّار (أو الكبار بالمغربية) وهو نبات طيب يطرد الشياطين كذلك، حتى أن الفقهاء قالوا أن المكان الذي ينبت فيه السذاب والقبار لا يستطيع الجن المرور بمحاذاتهما، وينصح الاحتفاظ بهذين النباتين في سائر البيوت وهما متوفران بكثرة وبأثمان عادية، وللوقاية من العين دأب المغاربة على الاستبخار بالشب (الشبة بالمغربية) والحرمل، لكن الاستبخار بهما بعد أذان المغرب يؤذي صبية عُمّار المكان مما قد يؤدي إلى انتقام آبائهم، والأفضل من الشب والحرمل الاستبخار بالحبة السوداء (السانوج بالمغربية) وفيها حديث أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام (الموت)". رواه البخاري في صحيحه. إذن فخلاصة القول أن البخور حلال لا إشكال فيه، وقد يحرم إذا استعمل على وجه مخالف كالسحر، فبخور استرضاء الجن واستجلابه مثلا يتم بالراتنج الصمغي (الجاوي بالمغربية) وكذا حبوب الكزبرة الصغيرة (القزبور حبوب بالمغربية) التي يعشقها الجن ويسميها الروحانيون "تفاح الجن"، فهناك بخور للدفع وبخور للجلب.
المرجع:
عن أبي الفتح الجعفي بتصرف.

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...