الخميس، 26 نوفمبر 2020

شعب تشوكشي

تصوير لأسرة من شعب تشوكشي بواسطة لويس خوريس (1816).


تشوكشي (Chukchi أو Chukchee) هم السكان الأصليون لشبه جزيرة تشوكشي أقصى شمال شرق آسيا وكذا منطقة بحر بيرنغ في المحيط المتجمد الشمالي وهم منضوون داخل الاتحاد الروسي ويتحدثون لغة تشوكشي، وينحدر هذا الشعب من الأفراد الذين عاشوا حول بحر أوخوتسك، ووفقا لبحث جينومي حديث، فإن شعب تشوكشي يعد أقرب الأقارب الآسيويين للشعوب الأصلية في الأمريكيتين. 

ويقيم أغلب أبناء هذا الشعب دائرة تشوكوتكا ذات الحكم الذاتي لكن البعض منهم يقيمون في جمهورية ياقوتيا (ساخا) غربا و ماغادان أوبلاست في الجنوب الغربي بينما يقطن آخرون في أجزاء مختلفة من روسيا وكذلك في أوروبا وأمريكا الشمالية، ويقدر تعداد أفراد هذا الشعب في العالم بأزيد من 16.000 نسمة بقليل. 

وينقسم شعب تشوكشي تقليديا إلى تشوكشي البحريين الذين استقروا على الساحل وعاشوا أساسا من صيد الثدييات البحرية، وتشوكشي الرنة الذين يعيشون كبدو رحل في منطقة التندرا الداخلية ويهاجرون موسميا مع قطعانهم من الرنة، والإسم الروسي "تشوكشي" مشتق من كلمة "تشوتشو" التشوكشية التي تعني "الغني بالرنة" والتي استخدمها أفراد "تشوكشي الرنة" لتمييز أنفسهم عن "تشوكشي البحر" الذين يدعون "أنقاليت" بمعنى "شعب البحر". 

وفي معتقدات "تشوكشي" توجد روح لكل كائن سواء كان حيا أم ميتا ويمكن أن تكون هذه الروح ضارة أو خيرة، وتكشف بعض أساطير تشوكشي عن ازدواجية في الكوزمولوجيا الخاصة بهم. 

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي أعيد تنظيم المزارع التي كانت تديرها الدولة وخوصصتها إسميا، فكانت هذه العملية مدمرة في الأخير للاقتصاد القروي في تشوكوتكا ولم تتعاف المنطقة بعد بشكل كامل من آثار هذه العملية واندثرت العديد من المناطق الريفية في تشوكوتكا وتأثر الروس في هذه المنطقة بدورهم ولم يكن في وسعهم البقاء إلا بفضل المساعدات الإنسانية المباشرة، وقد حصل بعض أفراد شعب تشوكشي على درجات جامعية وأصبحوا شعراء كتابا وسياسيين ومعلمين وأطباء. 

وانخرط شعب تشوكشي في عصور ما قبل التاريخ في أنماط حياة الصيد وجمع الثمار، وفي الوقت الحالي ماتزال هناك بعض عناصر صيد الكفاف لدى هذا الشعب ومن أشكالها صيد الدببة القطبية والثدييات البحرية وحيوانات الرنة، وبدءا من عشرينيات القرن العشرين نظم السوفييت الأنشطة الاقتصادية لتشوكوتكا وأنشؤوا في نهاية المطاف 28 شركة مملوكة للدولة بشكل جماعي، واعتمدت هذه الأنشطة على رعي الرنة وصيد الثدييات البحرية ونحت العاج وتلقى السكان الأصليون تعليمهم في المدارس السوفيتية، ويتقن أفراد هذا الشعب اليوم اللغة الروسية بنسبة 100 % تقريبا، ولا يعمل سوى جزء منهم اليوم مباشرة في رعي الرنة أو صيد الثدييات البحرية ويواصلون العيش بأسلوب الحياة البدوي في خيام اليارانغا. 

وبدأ الروس بالاتصال بشعب تشوكشي عندما وصلوا إلى نهر كوليما سنة 1643 ونهر أنادير سنة 1649، وأصبح الطريق من نيجنيكوليمسك إلى الحصن في أناديرسك على طول الجنوب الغربي من منطقة تشوكشي طريقا تجارية رئيسية، وكانت الرحلة البرية من ياقوتسك إلى أناديرسك تستغرق حوالي ستة أشهر. 
رجل من تشوكشي.


وتم تجاهل هذا الشعب طوال الخمسين عاما الموالية لأنه كان حربيا بطباعه ولم يوفر أي فراء أو سلع قيمة لفرض الضرائب عليها، وبدأت المناوشات المسلحة بين الروس وأفراد التشوكشي في النشوب منذ عام 1700 تقريبا وعندما بدأ الروس العمل في شبه جزيرة كامشاتكا كانوا في حاجة إلى حماية مواصلاتهم من غارات التشوكشي و الكورياك فجرت المحاولة الأولى للتغلب على الشعبين سنة 1701 وأرسلت حملات أخرى للمنطقة في 1708 و 1709 و 1711 والتي تمخض عنها إراقة دماء كثيرة دون تحقيق نجاحات كبيرة، ثم تجددت الحرب سنة 1729 وعندما هزم أفراد تشوكشي رحلة استكشافية من أوخوتسك وقتلوا قائدها انتقلت القيادة إلى الرائد ديمتري بافلوتسكي الذي تبنى تكتيكات مدمرة للغاية حيث عمد إلى حرق وقتل وإبعاد قطعان الرنة وأسر النساء والأطفال، وفي عام 1742، أمرت الحكومة في سانت بطرسبرغ بشن حرب أخرى كان من المقرر فيها "استئصال شعبي تشوكشي و كورياك تماما"، ودارت رحى الحرب (1744-1747) بوحشية مماثلة وانتهت عندما قُتل بافلوسكي في مارس 1747، ويقال أن شعب تشوكشي احتفظوا برأس بافلوسكي لسنوات كتذكار نصر، وشن الروس حربا أخرى في خمسينيات القرن الثامن عشر. وفي عام 1762 تبنت سانت بطرسبرغ سياسة مختلفة، وكلفت صيانة الحصن في أناديرسك حوالي 1.380.000 روبل، لكن المنطقة لم تعد سوى 29.150 كضرائب، فتخلت الحكومة عن أناديرسك سنة 1764، وتخلى أفراد تشوكشي عن تحرشاتهم وبدؤوا في المتاجرة بسلام مع الروس، ومنذ عام 1788 شاركوا في موسم تجاري سنوي في كوليما السفلى، وتم إنشاء موسم آخر قبل ذلك في عام 1775 على نهر أنجاركا أحد روافد نهر بولشوي أنوي، وتراجعت هذه التجارة في أواخر القرن التاسع عشر عندما بدأ صائدوا الحيتان الأمريكيون وغيرهم في إنزال البضائع على سواحل المنطقة، ودخل المبشرون الأرثوذكس الأوائل إقليم تشوكشي بعض الوقت بعد عام 1815. 

وما عدا أربعة مدارس أرثوذكسية، لم تكن هناك مدارس في أرض تشوكشي حتى أواخر عشرينيات القرن الماضي، وفي عام 1926 كان هناك 72 فردا متعلما من التشوكشيين، وأدل السوفييت الأبجدية اللاتينية إلى المنطقة سنة 1932 واستبدلوها بالحروف الكيريلية في عام 1937، وفي عام 1934 كان نحو 71 % من قبيلة تشوكشي من البدو الرحل، وفي عام 1941 كانت 90 % من حيوانات الرنة لاتزال ملكية خاصة بأفراد هذا الشعب، وتجول الكولاك بقطعانهم الخاصة حتى خمسينيات القرن العشرين، وبحلول سنة 1990 وسقوط الاتحاد السوفيتي حدث نزوح جماعي كبير للروس من المنطقة.
المرجع:

تاريخ وجغرافيا بريموري المنشورية

شعار النبالة الخاص بريموريسكايا أوبلاست في بدايات القرن العشرين


بريمورسكي كراي هي إحدى الكيانات الفدرالية في روسيا الاتحادية توجد في أقصى الشرق الروسي وتعتبر مدينة فلاديفوستوك هي المركز الإداري لهذا الكيان، وعبر تاريخ هذه المنطقة استقرت العديد من القبائل التونغوسية والتركية مثل سوشين والقبائل المغولية البدائية مثل الشيوي والموهي، ويقال أن شعب الأوديجي استقر تقليديا في الأراضي الواقعة على طول نهر بيكين منذ فترة طويلة ومع ذلك فمن المحتمل أنه من أصول جورشنية. 

وخلال عهد مملكة بالهاي كان معظم الكراي داخل حدود مقاطعات دينجلي و أنبيان و أنيوان، وبعد غزو مملكة بالهاي من قبل شعب الخيتان أصبحت المنطقة جزءا من الدائرة الشرقية لمملكة لياو (916-1125) ثم مملكة جين (1115-1234) ثم أصبحت تحت حكم المغول والمانشو. 

وأدى الاستحواذ على سيبيريا من قبل روسيا القيصرية والتوسع الروسي اللاحق في اتجاه الشرق الأقصى إلى جعل الروس في اتصال مباشر مع الصينيين، ورسمت معاهدة نيرشينسك الموقعة سنة 1689 الحدود بين الدولتين فجعلت جميع الأراضي الواقعة جنوب جبال ستانوفوي بما فيها بريموري ضمن حدود إمبراطورية تشينغ، وعندما ضعف أمر الإمبراطورية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأت روسيا تتوسع في المنطقة، وفي عام 1858 تم تأسيس مدينة خاباروفسك و بلاغوفيشنيسك، وفي نفس السنة وقع الجنرال الروسي نيكولاي مورافيوف أمورسكي (1809-1881) معاهدة إيغون مع الصين ثم معاهدة بكين بعد ذلك بعامين، ونتيجة للمعاهدتين تحولت الحدود الصينية الروسية جنوبا إلى نهري أمور و أوسوري مما منح روسيا السيطرة الكاملة على بريموري. 

وكانت بريمورسكايا أوبلاست قد تأسست باعتبارها القسم الشرقي من الإمبراطورية الروسية سنة 1856 وشملت أراضي بريمورسكي كراي الحديثة بالإضافة إلى أراضي خاباروفسك كراي و ماغادان أوبلاست والتي امتدت من فلاديفوستوك إلى شبه جزيرة تشوكشي في أقصى الشمال. 

وفي الفترة الممتدة من 1859 إلى 1882 تم إنشاء خمسة وتسعين مستوطنة في منطقة بريموري بما فيها فلاديفوستوك و أوسوريسك و فلاديميرو-ألكسندروفسكوي و شكوتوفو و بوكروفكا و توري روج و كامين ريبولوف، وكان ثلثا السكان يعملون في المقام الأول في القنص والصيد والزراعة. 

وخلال الجزء الأخير من القرن التاسع عشر اكتشفت موارد كبيرة بالمنطقة وحدث نمو صناعي واقتصادي في "بريموري" وأصبح تعدين الفحم صناعة بارزة كما هو الحال مع تصدير الكرنب البحري والقرون المخملية والأخشاب وسرطان البحر والأسماك المجففة وخيار البحر، وتمت تغذية التوسع الاقتصادي السريع في بريموري إلى حد كبير عن طريق استثمار الرأسمال الروسي والأجنبي. 

وبعد اندلاع الثورة البلشفية وانتصار الشيوعيين أعادت الحكومة الجديدة تسمية "بريمورسكايا أوبلاست" إلى "زيمتوف الإقليم البحري" وعرفت بأنها جمهورية الشرق الأقصى (1920-1922) ثم إقليم الشرق الأقصى (1922-1926) ثم الكراي الشرقي الأقصى (1926-1938). 

وأصبحت المنطقة ساحة معركة لقوات الحلفاء والبلاشفة خلال اجتياح سيبيريا، وفي عام 1922 ـ أي قبل وقت قصير من انتهاء الحرب الأهلية الروسية ـ أصبحت بريموري تحت سيطرة البلاشفة، ووجهت الحكومة الجديدة التنمية الاقتصادية والعلمية والثقافية للإقليم وأمضت الحكومة السوفيتية السنوات العشر التالية في محاربة "الإيديولوجية البرجوازية" في العديد من مجالات الحياة والثقافة، ونتيجة لذلك تم فرض الرقابة على الموسيقى والمسرح والأدب والفنون الجميلة في بريموري. 

وكانت بريمورسكي مركزا للأقلية العرقية الكورية في روسيا وتم إنشاء الرايون الوطني الكوري بموجب سياسة الكورنة في عشرينيات القرن العشرين، فكان لدى الكراي نحو 105 بلدة كورية استخدم فيها السكان الكورية كلغة رسمية محلية، وكان ما يقارب 200.000 كوري يعيشون في الكراي بحلول وقت ترحيلهم عام 1938، حيث كان الاتحاد السوفيتي في وقت سابق قد رحل الإثنيات الصينية كذلك من غرب سيبيريا. 

وخلال هذه الفترة أكدت الحكومة السوفيتية على التخطيط المركزي للاقتصاد في المنطقة كما هو الشأن بالنسبة لباقي مناطق الاتحاد، وأعطيت الأولوية للصناعات الثقيلة مع التركيز بشكل خاص على التعدين والصيد التجاري، وكان هناك استثمار واسع النطاق في بناء السكك الحديدية والنقل المائي وتم إنشاء موانئ جديدة بالمنطقة. 

وتم تشكيل البريمورسكي كراي من خلال مزيد من التقسيمات الفرعية لكراي الشرق الأقصى في عام 1938 كجزء من سياسة التفكيك في عهد ستالين، وتم تحديد بريمورسكي كراي في تلك السنة بالمنطقة التي تتوافق مع الجزء الشمالي الشرقي من المنطقة التاريخية لمنشوريا الخارجية. 

وفي 18 أبريل 1942 أصبحت المنطقة متورطة فجأة في الحرب العالمية الثانية حيث دخلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن هاجمت اليابان بيرل هاربور في ديسمبر 1941، وكانت بريمورسكي كراي الموقع الذي تواجدت فيه إحدى فيالق طائرات جيش الولايات المتحدة الستة عشر بقاذفات بي ـ 25 ميتشل والقاذفات المتوسطة، وتم إطلاق مجموعة حاملة الطائرات يو أس أس هورنيت (سي في – 8) لتنفيذ غارة دوليتل على اليابان، ولم تكن اليابان والاتحاد السوفيتي في حالة حرب وقتها. 

وخلال سبعينيات القرن العشرين وسع الاتحاد السوفيتي المؤسسات العلمية في بريموري وخاصة في مدينة فلاديفوستوك حيث وجدت العديد من المؤسسات البحثية الكبيرة مثل معهد البيولوجيا والزراعة ومعهد المحيط الهادئ للكيمياء العضوية الحيوية ومعهد البيولوجيا البحرية ومعهد المحيط الهادئ للجغرافيا ومعهد المحيط الهادئ لعلوم المحيطات بالإضافة إلى العديد من المعاهد التابعة لقسم الشرق الأقصى للأكاديمية الروسية للعلوم. 

وبحلول أوائل تسعينيات القرن العشرين تطورت الشركات الصغيرة في المدينة إلى شركات كبيرة كما تم إنشاء العديد من مؤسسات المجمع الصناعي العسكري الروسي. 

ويحاول شعب الأوديجي اليوم بقيادة بافل سولياندزيغا السيطرة على أراضيه التقليدية على طول نهر بيكين وعلى وجه الخصوص إقليم استخدام الموارد الطبيعية التقليدية ذات الوضع الفدرالي TTNRU. 
متنزه بيكين الوطني.

ويغلب على الكراي المناخ القاري الدافئ والرطب ويبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية حوالي 1+ درجة مئوية (34 درجة فهرنهايت) شمال الكراي و 5.5+ درجة مئوية (41.9 درجة فهرنهايت) على الساحل الجنوبي ومتوسط هطول الأمطار السنوي هو 600-850- ملم. 

وتهيمن المرتفعات على أراضي الكراي حيث إن معظم الأراضي جبلية وحوالي 80 % منها غابات، ومتوسط الارتفاع هو 500 متر (1600 قدم)، ويعتبر سيخوتي-ألين تكوينا جبليا يمتد في معظم أنحاء الكراي، وتوجد العديد من الكهوف الكارستية جنوب بريموري وتوجد أجزاء محفوظة جيدا نسبيا من البراكين القديمة في المنطقة. 

ويتم قطع السلاسل الجبلية بواسطة وديان ضيقة وعميقة تعبرها أنهار خلابة وجداول كبيرة مثل بارتيزانسكايا ونهر كيفكا و زركالنايا و شيريوموخوفايا و يدنكا و سامارغا و بيكين و أوسوركا و بولشايا، وتحتوي معظم الأنهار في الكراي على قيعان صخرية ومياه صافية وأكبرها أوسوركا بطول 903 كيلومتر (561 ميل) وينبع على بعد 20 كيلومترا (12 ميل) إلى الشرق من جبل أوبلاشنايا، وتمتد أراضي الخانكا المنخفضة الشاسعة إلى الغرب والجنوب الغربي من بريموري وهي مغطاة بغابات الصنوبر النفضية وجزء من هذه الأراضي المنخفضة يحيط بأكبر بحيرة في الشرق الأقصى الروسي وهي بحيرة خانكا وتشغل هذا الحيز الجغرافي غابات سهبية. 

ويتضمن الموقع الجغرافي لبريموري مجموعة متنوعة من النباتات لأن هذا الإقليم لم يتعرض للغطاء الجليدي في الماضي على عكس بقية سيبيريا خلال العصور الجليدية، وتمخض عن هذا الظرف بالإضافة إلى خصوصيات الموقع الجغرافي والسمات المناخية الخاصة تنوع فريد وثراء في الموارد النباتية، ويوجد من بين نباتات بريموري أكثر من ألفي نوع تم إحصاؤها من النباتات الوعائية منها حوالي 250 نوعا من الأشجار والشجيرات والنباتات المتسقلة الخشبية، وتعتبر الطحالب والأشنات متنوعة للغاية في المنطقة باعتبارها جزءا من النباتات الساحلية وهناك العديد من النباتات الطبية والنباتات ذات القيمة الغذائية الغنية والعديد من الأنواع المتوطنة، وتم إدراج حوالي 250 نوعا من النباتات ضمن القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض كأنواع نادرة ومهددة بالانقراض. 

وتوجد مناطق التندرا الجبلية والصنوبريات والغابات الصنوبرية النفضية وغابات السهوب والتي تسمى أحيانا براري الشرق الأقصى حيث تم الحفاظ على العديد من الأنواع النباتية القديمة بما فيها السرخس واللوتس وصفصاف كوزينيا، ومن بين نباتات الإقليم المعروفة نجد الطقسوس الشرافي والعرعر القاسي والأشجار الفلينية الأمورية والكالباناكس والأراليا العالية والسنط الأموري والنغت الياباني والكيوي مرقش الأوراق والشزندرة الصينية والحرابيات المحلية وأزهار التلانديانتا دوبيا القرعية وشجيرات ويجيلا والجنسنج السيبيري والفلويغيا و دوتسية والنيلم الجوزي والبيتولا والكاربينوس كورداتا والقيقب المنشوري والمحلاق الكرمي والكرمة الأمورية والجنسنج الآسيوي وغيرها كثير. 

كما أن حيوانات بريموري متنوعة حيث تم العثور على الحيوانات التالية في المنطقة: الدب الأسود الأوسوري والببر الآموري والنمر الآموري والوشق الأوراسي والخنازير البرية والأيل المنشوري واليحمور السيبيري والأيل المسكي والغورال الآموري والأيل المرقط والسمور وبومة السمك بلاكيستون والنسر الرمادي والوقواق طويل الجناح وغيرها. ومن بين نحو 690 نوعا من الطيور التي عاشت في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق تم العثور على 350 نوعا في بريموري وحدها، وتتضمن الثروة السمكية السلمون والتروتة السيبيرية العملاقة وسلمون اللينوك والمصايد البحرية لسرطان البحر والبلوق وأنواع أخرى تجعل البيئة المائية والبحرية موردا قيما للمنطقة، ومع ذلك فإن التنوع الغني للحياة البرية في بريموري مهدد بسبب الصيد الجائر والاتجار غير المشروع، وتنشط مختلف الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المحلية والوطنية والعالمية في المنطقة للحفاظ على الحياة البرية والموائل.
المرجع:

الأحد، 22 نوفمبر 2020

تاريخ وجغرافيا شبه جزيرة كولا

تجمع لعائلة من شعب "سامي" في "بريرشني" سنة 1903.


لقد بدأت المستوطنات البشرية في شبه جزيرة "ريباتشي" الواقعة شمال شبه جزيرة "كولا" منذ الألفية السابعة قبل الميلاد، واستوطنت الشعوب التي وصلت من الجنوب (مقاطعة "كاريليا" الحديثة) شبه جزيرة "كولا" في الألفيتين الثالثة والثانية قبل الميلاد، وتعتبر جزيرة "بولشوي أوليني" في خليج "كولا" في بحر "بارنتس" موقعا أثريا هاما من العصر البرونزي حيث تم استعادة الحمض النووي القديم هناك. 

واستوطن شعب "سامي" شبه الجزيرة منذ نهاية الألف الأولى للميلاد، ولم يمتلك هذا الشعب دولة خاصة به ولكن أفراده عاشوا في عشائر يحكمها كبار السن، وكانوا يعملون في الغالب في رعي الرنة وصيد الأسماك، وفي القرن الثاني عشر اكتشف "البومور" الروس من شواطئ خليج "أونيغا" والروافد الدنيا من شمال "دفينا" شبه الجزيرة وثرواتها من الطرائد والأسماك، وقاموا بزيارات منتظمة للقنص والصيد هناك وبدؤوا في تجارة المقايضة مع شعب "سامي"، كما أطلقوا على ساحل البحر الأبيض لشبه الجزيرة إسم ساحل "تيرسكي" أو أرض "ترسكايا". 

وبحلول نهاية القرن الثاني عشر كان "البومور" قد استكشفوا الساحل الشمالي لشبه الجزيرة ووصلوا إلى "فينمارك" (وهي منطقة في شمال "النرويج") مما استلزم من "النرويج" دعم المنطقة بحرس بحري، وكان الإسم الذي أطلقه "البومور" على الساحل الشمالي هو "مورمان" ويبدو أنه تصحيف للفظة "نورمان". 

وسرعان ما تتبع جامعوا الجزية من "نوفغورود" مسار "البومور" وأصبحت شبه الجزيرة جزءا من أراضيهم، وتذكر معاهدة "ياروسلاف ياروسلافيتش" مع النوفغوروديين "تري فولوست" التي أشير إليها في وثائق أخرى دونت في وقت متأخر من سنة 1471، وبالإضافة إلى "تري" أشارت وثائق نفوغورودية من القرن 13 إلى القرن 15 إلى "كولو فولوست" التي تحد "تري" تقريبا على طول الخط الفاصل بين جزيرة "كيلدين" ورأس "توري" وكانت "كولو فولوست" تقع إلى الغرب من هذا الخط بينما كانت "تري" تقع إلى الشرق منه. 

وبحلول القرن الثالث عشر ظهرت الحاجة لإضفاء الطابع الرسمي على الحدود بين جمهورية "نوفغورود" والدول الإسكندنافية، ووصل النوفغوروديون جنبا إلى جنب مع الكاريليين الذين أتوا من الجنوب إلى ساحل ما يعرف الآن بمقاطعة "بجيينكسكي" وجزء من ساحل "فارانجيرفيورد" قرب نهر يعقوب الذي يعد الآن جزءا من "النرويج" وأجبروا شعب "سامي" على دفع الجزية وحاولوا السيطرة على هذه الأراضي مما أدى إلى نشوب نزاعات مسلحة، وفي عام 1251 أدى نزاع بين الكاريليين والنوفغوروديين وخدم ملك النرويج إلى شن حملة نوفغورودية في النرويج، وفي نفس السنة تم توقيع أول معاهدة مع النرويج في "نوفغورود" بشأن أراضي "سامي" ونظام جمع الجزية، مما جعل شعب "سامي" يدفع الجزية لكل من "نوفغورود" و "النرويج"، وكان في استطاعة النوفغوروديين بموجب المعاهدة جمع الجزية من شعب "سامي" إلى حدود مضيق "لينغن" في الغرب بينما أمكن للنرويجيين جمع الجزية على أراضي شبه جزيرة "كولا" بأكملها باستثناء الجزء الشرقي من ساحل "تيرسكي" ولم يتم الاتفاق على حدود رسمية بين الدولتين في تلك المعاهدة. 

وأعقب المعاهدة فترة سلام قصيرة لكن النزاعات المسلحة تواصلت بعد ذلك، وتوثق السجلات التاريخية الهجمات التي شنها النوفغوروديون والكاريليون على "فينمارك" وشمال النرويج عموما منذ عام 1271، واستمرت هذه النزاعات حتى القرن الرابع عشر، وتم إنشاء الحدود الرسمية بين كل من أراضي "نوفغورود" وأراضي "السويد" وأراضي "النرويج" بموجب معاهدة "نوتنبرغ" في 12 أغسطس عام 1323، وركزت المعاهدة في المقام الأول على حدود برزخ "كاريليا" والحدود الواقعة شمال بحيرة "لادوجا". 

وتناولت معاهدة أخرى مسائل الحدود الشمالية وهي معاهدة "نوفغورود" الموقعة مع النرويج عام 1326، والتي أنهت عقودا من المناوشات الحدودية بين "النرويج" و "نوفغورود" في "فينمارك"، ووفقا لبنود هذه المعاهدة تخلت "النرويج" عن جميع مطالبها في شبه جزيرة "كولا"، إلا أن المعاهدة لم تتطرق إلى شؤون شعب "سامي" الذي كان يدفع الجزية لكل من "نوفغورود" و "النرويج" واستمرت هذه الممارسة حتى عام 1602، في حين أن معاهدة 1326 لم تعين الحدود بالتفصيل لكنها أكدت ترسيم الحدود الذي أقرته معاهدة 1323 والذي ظل دون تغيير إلى حد ما خلال الستمائة سنة التالية وحتى عام 1920. 
خريطة للإمارات الروسية سنة 1237.

وفي القرن الخامس عشر بدأ النوفغوروديون في إنشاء مستوطنات دائمة في شبه الجزيرة، وكانت "أومبا" و "فارزوغا" أول مستوطنتين دائمتين تم توثيقهما للنوفغوروديين ويعود تاريخهما إلى عام 1466، وبمرور الوقت تمت تسوية جميع المناطق الساحلية الواقعة إلى الغرب من نهر "بياليتسا" مما أدى إلى إنشاء منطقة كان معظم سكانها من النوفغوروديين، وتم تقسيم هذه المنطقة إداريا إلى "فارزوجسكايا فولوست" و "أومبسكايا فولوست" واللتان كانتا تحكمان من قبل "البوسادنيك" (العمدة) من منطقة شمال "دفينا"، وفقدت جمهورية "نوفغورود" المنطقة لصالح دوقية "موسكو" الكبرى بعد معركة "شيلون" سنة 1471، ولم تعد الجمهورية نفسها موجودة سنة 1478 عندما استولى "إيفان" الثالث على مدينة "نوفغورود" وأصبحت بالتالي جميع الأراضي النوفغورودية بما فيها شبه جزيرة "كولا" جزءا من دوقية "موسكو" الكبرى. 

ولم تتوقف الهجرة الروسية إلى شبه الجزيرة رغم فقدان السيطرة عليها من قبل جمهورية "نوفغورود" وتم إنشاء العديد من المستوطنات الجديدة خلال القرن السادس عشر وأرغم شعبا "سامي" و "البومور" على القنانة، وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر أصبحت شبه الجزيرة موضوع نزاع مجددا بين "روسيا" القيصرية ومملكة "الدانمارك و النرويج" وتمخض عن هذا النزاع تعزيز الموقف الروسي في شبه الجزيرة، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر تم إجبار السكان الأصليين من شعب "سامي" على التموقع شمالا من قبل الروس والوافدين الجدد من شعب "كومي" الذين هاجروا من موطنهم الأصلي هربا من وباء الرنة، وكان المركز الإداري والاقتصادي الأصلي هو "كولا" التي تقع عند مصب نهر "كولا" في خليج "كولا"، ومع ذلك تم تأسيس "رومانوف-نا-مورمان" ("مورمانسك" حاليا) سنة 1916 وسرعان ما أصبحت أكبر مدينة وميناء في شبه الجزيرة. 

لقد أجبرت الهجرات الروسية الجديدة إلى شبه جزيرة "كولا" في نهاية القرن الخامس عشر على اشتغال شعبي "سامي" و "البومور" في أعمال القنانة لصالح الأديرة خاصة، لكن نظام القنانة هذا ألغي سنة 1764 عندما أصبح كل فلاحي شبه الجزيرة تابعين للدولة. 

وطالب "فريدريك" الثاني ملك "الدانمارك و النرويج" في النصف الثاني من القرن السادس عشر أن تتنازل "روسيا" القيصرية عن شبه الجزيرة لكن هذه الأخيرة رفضت، ومن أجل تنظيم دفاعات مناسبة تم إنشاء موقع "فويفودا" في "كولا" الذي أصبح مركزا إداريا للمنطقة، ولم يتكثف الاستيطان الدائم لشبه الجزيرة حتى ستينيات القرن التاسع عشر، وبقي منذ ذلك الحين متقطعا حتى عام 1917، وكان عدد سكان "كولا" عام 1880 على سبيل المثال حوالي 500 نسمة يعيشون في 80 أسرة مقارنة بـ 1900 نسمة في 300 أسرة عاشت هناك عام 1582، وكانت مرافق النقل شبه معدومة ووسائل الاتصال مع بقية "روسيا" غير منتظمة، وشهد عام 1887 تدفقا لأفراد من شعبي "كومي" و "نينيتس" الذين كانوا يهاجرون هربا من وباء مرض الرنة وجلبوا معهم قطعان الغزلان الكبيرة مما أدى إلى زيادة المنافسة على أراضي الرعي واحتدم الصراع بين شعب "سامي" وشعب "كومي" مما أدى في الأخير إلى تهميش السكان المحليين، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر أجبر سكان شعب "سامي" في الغالب على الاستقرار شمالا بينما استقرت باقي الإثنيات الروسية في جنوب شبه الجزيرة. 

وفي عام 1894 زار وزير المالية الروسي شبه الجزيرة الذي أصبح مقتنعا بالإمكانيات الاقتصادية للمنطقة وبالتالي تم مد خط الهاتف عام 1896 وخط التلغراف إلى "كولا" مما أدى إلى تحسين الاتصال مع البر الرئيسي، كما تم النظر في إمكانية بناء سكة حديد لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء عملي في سبيل ذلك، وتم تأسيس قرية باسم "ألكسندروفكس" في نفس السنة ("بوليارني" حاليا) ونما حجمها بسرعة كبيرة لتُمنح وضع المدينة في عام 1899، وتم تغيير إسم "أويزد (محافظة) كولسكي" إلى "أويزد ألكسندروفسكي" في تلك المناسبة. 

وخلال الحرب العالمية الأولى وجدت شبه الجزيرة التي كانت ماتزال ضعيفة التطور نفسها فجأة كموقع إستراتيجي حيث انقطع الاتصال بين "روسيا" والحلفاء وبقيت موانئ ساحل "مورمان" هي الوسيلة الوحيدة لإرسال الإمدادات الحربية إلى الجبهة الشرقية، وفي مارس من عام 1915 تم التعجيل ببناء خط السكة الحديد وسرعان ما افتُتح في السنة الموالية رغم اكتمال بنائه جزئيا وسوء الأشغال، وتم تأسيس "رومانوف-نا-مورمان" ("مورمانسك" الحديثة) كنقطة طرفية للسكك الحديدية الجديدة ونمت هذه المدينة بسرعة لتصبح أكبر مدينة في شبه الجزيرة. 

وتأسست القوات السوفييتية على أراضي شبه الجزيرة في 9 نونبر 1917 لكن المنطقة احتلت من قبل قوات حلفاء "روسيا" قبل الحرب من مارس 1918 إلى 1920، وتم تحويل "ألكسندروفسكي أويزد" إلى محافظة "مورمانسك" من قبل الحكومة السوفييتية في يونيو 1921، وفي فاتح أغسطس 1927 أصدرت اللجنة التنفيذية المركزية لعموم "روسيا" قرارين بشأن إنشاء منطقة "لينينغراد أوبلاست" وحول حدود وتكوين مقاطعة "أوكروغ" في "لينينغراد أوبلاست"، وبموجب ذلك تم تغيير محافظة "مورمانسك" إلى "مورمانسك أوكروغ" (التي تم تقسيمها إلى ست مقاطعات) وضمت إلى "لينينغراد أوبلاست"، واستمر هذا الوضع حتى 28 مايو 1938 عندما تم فصل "أوكروغ" عن "لينينغراد أوبلاست" لتندمج مع منطقة "كندالاكشسكي" في جمهورية "كاريليا" الاشتراكية السوفييتية المتمتعة بالحكم الذاتي وتحولت إلى منطقة "مورمانسك أوبلاست" الحديثة. 

وشهدت الفترة السوفيتية إجمالا زيادة ملحوظة في عدد السكان (799.000 في عام 1970 مقابل 15.000 في عام 1913) رغم أن معظم السكان ظلوا متمركزين في المناطق الحضرية على طول السكك الحديدية والساحل البحري وتم استخدام معظم الأراضي ذات الكثافة السكانية المنخفضة خارج المناطق الحضرية لرعي الغزلان، وتم إنشاء مدينة "كيروفسك" بين عامي 1920 و 1940 والعديد من المستوطنات العمالية كذلك. 

وخضع شعب "سامي" للتجميع القسري حيث تم جمع أكثر من نصف قطعان الرنة بين 1928 و 1930، بالإضافة إلى ذلك تم التخلص تدريجيا من ممارسات الرعي التقليدية لشعب "سامي" مقابل النهج الحكومي الأكثر ربحية اقتصاديا والذي أكد التسويات الدائمة على الرعي الحر، ونظرا لأن ثقافة شعب "سامي" مرتبطة ارتباطا وثيقا بممارسات الرعي، فقد أدى ذلك إلى فقدان هذا الشعب للغته ومعارفه التقليدية بالرعي تدريجيا وأجبر أغلب أفراده على الاستقرار في قرية "لوفوزيرو" التي صارت المركز الثقافي لشعب "سامي" في روسيا، أما الذين قاوموا التنظيم الجماعي فقد تعرضوا للعمل القسري أو الموت، واستمرت أشكال القمع المختلفة ضد شعب "سامي" حتى وفاة "ستالين" عام 1953، وفي تسعينيات القرن العشرين كان 40 % من شعب "سامي" يعيشون في المناطق الحضرية رغم انتشار بعض قطعان الرنة عبر أغلب المنطقة. 

ولم يكن شعب "سامي" الوحيد الذي تعرض للقمع، بل تم إرسال آلاف الأشخاص من مختلف مناطق الاتحاد السوفيتي إلى "كولا" بين ثلاثينيات وخمسينيات القرن العشرين، وفي عام 2007 كان مايزال أكثر من ألفي شخص من أحفاد أولئك الذين أرسلوا قسرا يعيشون في شبه الجزيرة، وكان جزء كبير من هؤلاء الأشخاص المنفيين فلاحين من جنوب روسيا تعرضوا لعمليات نزع الملكية، وغالبا ما تم الاعتماد على عمالة السجناء لبناء مصانع جديدة ولإمداد المصانع النشطة. 

لقد عانت شبه الجزيرة ككل من أضرار بيئية كبيرة نتيجة التلوث الناجم عن الصناعة العسكرية (لاسيما البحرية) والتعدين الصناعي لفوسفات "الأباتيت" والنفايات النووية العسكرية، وفي وقتنا الراهن يوجد حوالي 137 مفاعلا نوويا بحريا نشطا و 140 مفاعلا نوويا بحريا تم إيقاف تشغيله أو تعطل كلها أنتجت من قبل الجيش السوفيتي، وتم إلقاء النفايات النووية في البحر بواسطة الأسطول الشمالي وشركة "مورمانسك" للشحن لمدة ثلاثين سنة، وهناك دليل أيضا على وجود تلوث من آثار كارثة "تشيرنوبيل" عام 1986 مع وجود ملوثات في لحم الرنة والحيوانات الأخرى ومن التفجيرات النووية المقيدة بين عامي 1972 و 1984 على بعد 21 كيلومترا (13 ميلا) شمال غرب "كيروفسك"، بالإضافة إلى ذلك توجد العديد من نطاقات اختبار الأسلحة النووية ومرافق تخزين النفايات المشعة في شبه الجزيرة. 

ومصدر التلوث الصناعي الرئيسي هو "نوريلسك نيكل" في "مونشيجورسك" ـ المصاهر الكبيرة المسؤولة عن أكثر من 80 % من انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت وتقريبا جميع انبعاثات النيكل والنحاس، ومنذ عام 1998 انخفضت انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت في المنطقة بنسبة 60 % تقريبا، ومن 88.3 ألف طن إلى 37.3 ألف طن في عام 2016 وفقا "لنوريلسك نيكل"، واستنادا إلى برنامج الكبريت 2.0 الجديد وضعت "نوريلسك نيكل" لنفسها أهدافا مرحلية لخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت والتي يمكن أن يكون لها آثار صحية وبيئية سلبية والهدف النهائي هو خفض 95 % من ثاني أوكسيد الكبريت بحلول عام 2030 للقطاع القطبي في شبه جزيرة "تايمير" والتي تشمل مصهر "ناديجدا" ومصنع النحاس وذلك بشكل جزئي من خلال محلول التقاط ثاني أوكسيد الكبريت، وتبقى من بين الملوثات الأخرى محطات الطاقة الحرارية في "أباتيتي" و "مورمانسك". 

ونظرا لأن العصر الجليدي الأخير أزال طبقة الرواسب العلوية من التربة، أصبحت شبه جزيرة "كولا" على السطح غنية جدا بالعديد من الخامات والمعادن، بما في ذلك الأباتيت والنيفلين وخامات النحاس والنيكل والحديد والميكا والكيانيت والمواد الخزفية وكذلك العناصر الأرضية النادرة والخامات غير الحديدية، كما أن رواسب مواد البناء مثل الجرانيت والكوارتزيت والحجر الجيري وفيرة ورواسب التراب الدياتومي شائعة بالقرب من البحيرات وتستخدم لإنتاج المواد العازلة. 
مشهد بانورامي لشبه جزيرة "كولا" قرب "مورمانسك".

ويؤدي قرب شبه الجزيرة من تيار الخليج إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد في الشتاء مما يقود إلى اختلافات كبيرة في درجات الحرارة بين اليابسة وبحر "بارنتس" وتذبذب درجات الحرارة أثناء هبوب الرياح العاتية، وتكون الأعاصير نموذجية خلال المواسم الباردة بينما تتميز الفصول الدافئة بالأعاصير المضادة، وتعتبر الرياح الموسمية شائعة في معظم المناطق حيث تسود الرياح الجنوبية والجنوبية الغربية في أشهر الشتاء مع رياح شرقية أكثر وضوحا إلى حد ما في الصيف، وتهب رياح عاصفة شديدة ما بين 80 إلى 120 يوما في السنة، وتظل مياه ساحل "مورمان" دافئة بدرجة كافية لتخلو من الجليد في فصل الشتاء. 

ومستويات هطول الأمطار في شبه الجزيرة مرتفعة إلى حد ما: 1000 ملم (39 بوصة) في الجبال و 600-700 ملم (24-28 بوصة) على ساحل "مورمان"، و 500-600 ملم (20-24 بوصة) في مناطق أخرى، وأكثر الشهور رطوبة هي من أغسطس حتى أكتوبر، في حين أن مارس وأبريل هما الأكثر جفافا. 

ويبلغ متوسط درجة الحرارة في شهر يناير 10- درجة مئوية (14 درجة فهرنهايت) مع درجات حرارة منخفضة نموذجية في الأجزاء الوسطى من شبه الجزيرة. ومتوسط درجة الحرارة في يوليو حوالي 11+ درجة مئوية (50 درجة فهرنهايت)، وقد بلغ أدنى مستوى لدرجة الحرارة 50- درجة مئوية (58- درجة فهرنهايت) في الأجزاء المركزية ومن 35- إلى 40- (31 إلى 40- درجة فهرنهايت) على السواحل، وتجاوزت الارتفاعات القياسية 30+ درجة مئوية (86 درجة فهرنهايت) تقريبا في جميع أراضي شبه الجزيرة، ويحدث الصقيع الأول في وقت مبكر من أغسطس وقد يستمر حتى مايو أو يونيو. ومعظم مناطق شبه جزيرة "كولا" هي ذات مناخ شبه قطبي وتنتمي الجزر القريبة عادة إلى مناخ التوندرا. 

تغطي التايغا شبه الجزيرة في الجنوب والتوندرا في الشمال، وتحد الظروف الباردة والرياح والتربة الصقيعية من نمو الأشجار في مناطق التوندرا مما ينتج عنه منظر طبيعي تغلب عليه الحشائش والأزهار البرية والشجيرات مثل البتولا والقزم وتنتشر الأشنات الصخرية والشجيرات في المناطق الساحلية الشمالية وتتكون التايغا في المناطق الجنوبية في الغالب من أشجار الصنوبر والتنوب. 

وتزور قطعان الرنة المراعي في الصيف وتشمل باقي الحيوانات الثعالب الحمراء والقطبية وحيوانات الشره والموظ وثعالب الماء والوشق في المناطق الجنوبية، وتم إطلاق المنك الأمريكي بالقرب من نهر "أولينيتسا" في 1935 و 1936، وهو الآن منتشر في جميع أنحاء شبه الجزيرة ويتم صيده لأغراض تجارية، وتم إعادة توطين القنادس بين عامي 1934 و 1957 والتي كانت مهددة بالانقراض بحلول عام 1880، وإجمالا يعيش في شبه الجزيرة 32 نوعا من الثدييات وما يقارب مائتي نوع من الطيور. 

وتعتبر حيتان البيلوجا هي الحيتان الوحيدة الشائعة في بحار شبه الجزيرة كما تقوم باقي الحيتان مثل الحيتان مقوسة الرأس والحدباء والزرقاء والزعنفية بزيارة المنطقة. 

وتعتبر سواحل خليج "كندالاكشا" وبحر "بارنتس" مناطق تكاثر مهمة للفقمة الملتحية والفقمات الحلقية، ويعد بحر "بارنتس" أحد الأماكن الوحيدة التي يمكن العثور فيها على الفقمة الرمادية النادرة، كما يمكن رؤية فقمات "غرينلاند" وفقمات "هارب" من وقت لآخر. 

وتم التعرف على 29 نوعا من أسماك المياه العذبة في شبه الجزيرة بما فيها السلمون المرقط وأبو شوكة والكراكي الرمحي والفرخ الأوروبي، وتعتبر الأنهار موطنا مهما لسمك السلمون الأطلسي الذي يعود من "غرينلاند" وجزر "فارو" لتفرخ في المياه العذبة ونتيجة لذلك تم تطوير مصايد الأسماك الترفيهية مع عدد من النزل والمخيمات النائية المتاحة لاستضافة الصيادين الهواة، وتم تنظيم محمية "كندالاكشا" الطبيعية عام 1932 لحماية موطن العيدر الشائع. 

وتتوفر شبه جزيرة "كولا" على العديد من الأنهار الصغيرة سريعة الحركة من منحدراتها وأهمها: "بونوي"، "فارزوغا"، "أومبا"، "تيريبركا"، "فورونيا"، و "يوكانغا". وتنبع معظم الأنهار من البحيرات والمستنقعات وتتجمع مياهها من ذوبان الجليد، وتصبح الأنهار محصورة بالجليد خلال فصل الشتاء والمناطق ذات المنحدرات القوية تتجمد متأخرة أو لا تتجمد أبدا. 

وتشمل البحيرات الرئيسية "إماندرا" و "أومبوزيرو" و "لوفوزيرو"، ولا توجد بحيرات تقل مساحتها عن 0.01 كيلمتر مربع (0.0039 ميل مربع) كما تم تطوير مصايد الأسماك الترفيهية في المنطقة. 
المرجع:

الأربعاء، 18 نوفمبر 2020

هايمر

الملك "هايمر" و "أسلوج" (1856) من قبل "أوغوست مالمستروم" (1829-1901).


أو "هاما" Háma بالإنجليزية القديمة، و "هيمر" أو "هايمر" Heimir بالنوردية القديمة، و "هايم" Heime بالجرمانية، كان بطلا جرمانيا أسطوريا ظهر في الحكايات غالبا إلى جانب صديقه "وودجا" Wudga، وقد ذُكر في القصائد الأنجلوسكسونية "بيوولف" Beowulf و "ويدسايث" Widsith وفي أساطير "ثيودريك العظيم" Þiðrekssaga وفي الملاحم الجرمانية كملحمة "موت ألفارت" Alpharts tod. 

ونظرا لأن قصة "وودجا" صديق "هاما" تستند إلى بطل قوطي يدعى "فيديجوا" Vidigoia، فمن المرجح أن يكون "لهاما" أصل مماثل، وتتحدث القصيدة الأنجلوسكسونية "ويدسايث" عن "هاما" و "وودجا" كمحاربين قوطيين يقاتلان ضد "الهون" في غابات "فيستولا" Vistula (أو "غوثيسكاندزا" Gothiscandza التي تعتبر ـ حسب المؤرخ القوطي "يوردانيس" ـ أول منطقة أقام فيها القوط بعد هجرتهم من "سكاندزا" أو "الجزيرة العظيمة" Scandza؛ أو "إسكندنافيا" بالمفهوم المعاصر) حيث أقام القوط في بادئ الأمر، وفي وقت لاحق من تعاقب الأساطير، ارتبط ذكر البطلين بالملكين القوطيين "أرماناريك" (حوالي 291-376) و "ثيودريك العظيم" (454-526)، وتلاحق ذكرهمها كخائنين كما هو الحال في أساطير "ثيودريك العظيم". 

ووفقا "لبيوريكساجا" كان اسم "هاما" في الأصل "ستوداس" Studas على إسم والده، ومع ذلك غُير اسمه إلى "هاما" أو "هايم" لأنه بدا شرسا ومتجهما كتنين، وفي النسخ الجرمانية فإنه كان قد قتل التنين، ويمتلك "هاما" سلاحا مميزا اسمه "بلوتغانغ" Blutgang وحصانا مشهورا يسمى "ريسبا" Rispa. وعندما كان "ثيودريك العظيم" يبلغ من العمر 12 عاما كان "هاما" يبلغ 17 عاما، وقد غادر هذا الأخير بيته لتحدي "ثيودريك" في مبارزة، وأثناء القتال دُمر سيف "هاما" "البلوتغانغ" وتحطمت خوذة "ثيودريك" وفي الأخير خسر "هاما" المبارزة وأقسم بالولاء "لثيودريك"، وفي وقت لاحق عندما حصل "ثيودريك" على سيف "إكيساكس" Eckesachs أعطى سيفه القديم "ناغرلينغ" Nagerling "لهاما"، ويعتبر "هاما" من رجال "ثيودريك" الإثنا عشر الذين ساعدوه في محاربة "إيسونغ" Isung. 

وفي القصائد الجرمانية اشترى "أرماناريك" ذمة "هاما" فتخلى هذا الأخير عن "ثيودريك" إلا أن ذلك لم يذكر في "البيوريكساجا" لكنه ـ بمعية صديقه "ويدجا" ـ يقاتلان من أجل "أرماناريك"، وذُكر هذا الارتباط بين "وودجا" و "هاما" في "الويدسايث" كذلك، وفي قصيدة "موت ألفارت" أنقذ "هاما" "وودجا" ("فيتيج" Witege) من "ألفارت" Alphart نسيب "هيلدبراند" Hildbrand، وقاتل الاثنان ضد "ألفارت" وأردياه قتيلا. 

وحسب "البيوريكساجا" قضى "هاما" ("هايم" Hieme) سنواته الأخيرة في دير وأطلق على نفسه اسم "لودفيج" Ludwig، وعندما هدد عملاق يدعى "أسبيليان" Aspilian الدير ارتدى "هاما" درعه مرة أخرى وقتل العملاق، وفشل في العودة إلى حياته كراهب لأن "ثيودريك العظيم" اتصل به مجددا وطلب خدماته، ثم يعود "هايم" إلى الدير ليطالب الرهبان بالضرائب وعندما لا يحصل على شيء يقتل كل راهب بداخل الدير ويحرقه، ثم يضطر إلى محاربة عملاق آخر لكنه يخسر النزال ويُقتل وينتقم "ثيودريك" من العملاق، ووفقا لمصادر جرمانية يدفن "هايم" بالقرب من "إنسبروك" Innsbruck ـ عاصمة ولاية "تيرول" النمساوية ـ بالقرب من دير يدعى "فيلتن" Wilten. 

وذكر "هيمر" في القصيدة الإيدية نبوءة "غريبير" "غريبيسبا" Grípisspá والقصيدة النوردية القديمة "جولة برينهايلد" Helreið Brynhildar وملحمة "فولسونغ" Völsunga saga، ورغم أنه يختلف عن "هيمر" المذكور في الروايات السابقة فقد ظل الاعتقاد سائدا أنهما نفس الشخص، وبناء على ذلك فإن "هايمر" هو ملك "هليمدالير" Hlymdalir خال "برينهايلد" وزوج ابنة هذه الأخيرة وأيضا الأب بالتبني "لأسلوغ" Aslaug ابنة "برينهايلد" من "سيجورد" أو "سيجفريد" (Sigurd / Sigffried)، وعندما عزم البورغنديون على قتل الطفلة الصغيرة "أسلوغ" أبقاها "هايمر" مخبأة في قيثارة له وتجول كمنشد حتى وصل إلى "سبانجيريد" Spangereid في النرويج حيث قُتل خلال نومه على يد "آكي" Áki و "جريما" Grima اللذين اعتقدا أنه يخفي أشياء ثمينة الجنك أو قيثار الهارب، وستكبر "أسلوج" هذه وستصبح إحدى زوجات حاكم الفايكينغ الأسطوري "راغنار لوثبروك" في أسطورة أخرى.
المرجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/H%C3%A1ma#King_Heimir

الجمعة، 6 نوفمبر 2020

طنجة الفرجينية



طنجة الفرجينية هي بلدة تقع في مقاطعة "أكوماك"، في ولاية "فرجينيا" الأمريكية على جزيرة تحمل نفس الإسم (أو "طانجير" Tangier بالإنجليزية) توجد في خليج "تشيزبيك". وحسب تعداد الولايات المتحدة لسنة 2010 بلغ عدد سكان البلدة 727 نسمة. وابتداء من سنة 1850، تقلصت مساحة الجزيرة بنسبة 67 % بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن تختفي معظم مساحة اليابسة المتبقية من الجزيرة خلال الخمسين سنة القادمة، ومن المرجح آنذاك أن يتم إخلاء هذه البلدة. 

ووصل الأشخاص الذين استوطنوا الجزيرة بشكل دائم في سبعينيات القرن الثامن عشر وكانوا من المزارعين، وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأ السكان في الاعتماد على صيد السرطانات والمحار من خليج "تشيزبيك". 

وكثير من الناس الذين يعيشون في طنجة الفرجينية يتحدثون لهجة مميزة من الإنجليزية الأمريكية، واعتبر العديد من العلماء أن هذه اللهجة مشتقة بنسب مختلفة من المعجم والصوتيات الخاصة بالإنجليزية البريطانية، ويعزو اللغوي"ديفيد شورز" هذا التميز اللغوي إلى طفرة محلية نافيا أن يكون الأمر انعكاسا لتأثيرات اللغة الإنجليزية البريطانية، والسبب في ذلك ـ بحسب "شورز" ـ هو العزلة الجغرافية للسكان عن البر الرئيسي. وقد أدرجت جزيرة طنجة في السجل الوطني الأمريكي للأماكن التاريخية. 

طنجة، فرجينيا، في يونيو 2017.
طنجة، فرجينيا، في يونيو 2017.

وقبل وصول المستعمرين إلى الجزيرة كانت الجزيرة ملاذا لهنود "البوكوموك" لعدة قرون، وعلى الرغم من أنه لا يُعرف الكثير عن هذا الشعب، إلا أن وجودهم يتضح من خلال الآلاف من رؤوس الأسهم الحجرية التي تم العثور عليها في جميع أنحاء الجزيرة، ويمكن العثور على رؤوس أسهم جديدة في الشاطئ كل صباح تقريبا بعد هبوب الرياح القوية ليلا، كما أن اكتشاف محار قديم بعيد عن الشاطئ قدر عمره بآلاف السنين يحتوي على كومة ضخمة من الأصداف التي لم يكن في وسع غير البشر إيداعها بهذا الشكل هو دليل آخر على وجود تجمعات منتظمة في الجزيرة على الأقل في الموسم الدافئ من العام وذلك قبل فترة طويلة من وجود اللغة الإنجليزية، وتشير الأعداد الهائلة من رؤوس الأسهم والرماح التي تم العثور عليها في هذه الجزيرة إلى أن مساحة هذه الأخيرة كانت أكبر بكثير مما يمكن أن يؤكده التاريخ المسجل وأنها كانت موطنا للعديد من أنواع الحيوانات. 

وأول مستكشف أوروبي معروف وصل إلى الجزيرة كان "جون سميث" سنة 1608، وأطلق على الجزيرة اسم "طنجة" وعلى الجزر المحيطة بها اسم "جزر راسل" تيمنا باسم الطبيب الذي كان على متن سفينته. 

وفي عام 1670 كسب "أمبروز وايت" حقوق الامتياز على مساحة قدرت ب 400 فدان (160 هكتار) في الجزيرة أطلق عليها اسم "جزيرة في خليج تشيزبيك"، وفي العام الموالي منح "أمبروز" امتيازه "لتشارلز" و "جون ويست"، وفي عام 1673 مُنح "ويليام والتون" 400 فدانا في الجزيرة الغربية التي كان امتيازها ممنوحا في السابق من قبل "وايت". وفي عام 1678 تم إصدار امتياز رسمي لكل من "سكاربرج" و "ويست"، وترك "تشارلز سكاربرج" (الذي كان يهجأ اسمه "سكاربورو") امتيازه لزوجته "إليزابيث" سنة 1702، وانتقل امتياز "جون ويست" إلى ابنه الأكبر بعد عام من ذلك، وفي عام 1713 تم منح امتيازين "لإليزابيث سكاربرج" و "أنتوني ويست" على جزر طنجة، قدرت مساحة أحدهما ب 900 فدان (360 هكتار) والآخر ب 170 فدان (69 هكتار) من الأرض الجديدة جنوب طنجة المسماة "جزيرة الشاطئ الرملي"، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تسمية جزر "طنجة" في السجلات. وعلى الرغم من أن "إليزابيث سكاربرج" تركت امتيازها لبناتها إلا أنه انتقل في نهاية المطاف إلى ابنها الأكبر "بينيت" ثم انتقل إلى "هنري سكاربرج" ثم إلى "تشارلز سكاربرج" الثاني، وفي عام 1762 أكد "تشارلز سكاربرج" بيعا لنصف امتيازه إلى العقيد "توماس هول"، وفي العام التالي باع "هول" حصته "لويليام أندروز" التي بلغت 475 فدانا (192 هكتار). 

واليوم يحمل العديد من سكان الجزيرة لقب "كروكيت" Crockett، وهو اسم أول مستوطن أنجلو-أمريكي دائم في أواخر القرن الثامن عشر، وتشمل الألقاب الشائعة الأخرى في الجزيرة Pruitt و Thomas و Marshall و Charnock و Dise و Shores و Parks، وبحلول عام 1900 كانت هناك 1064 نسمة في الجزيرة. 

واستخدم البريطانيون الجزيرة كمنطقة تجمع في العامين 1813-1814 تحت قيادة الأدميرال "جورج كوكبورن" ذي السمعة السيئة خلال حرب 1812 حيث قام ببناء حصن "ألبيون"، وقد فر العديد من العبيد إلى البريطانيين في الجزيرة ومنحوهم حريتهم، وانضم البعض الآخر إلى فيلق البحرية الاستعمارية، واستخدمت طنجة كقاعدة للهجوم على العاصمة الأمريكية في الانتصار المذهل للفرقة الحمراء في معركة "بلادينسبيرغ" وما تلاها من حرق "لواشنطن" في أغسطس 1814، وأعقب ذلك معركة "بالتيمور" عندما فشل قصف بحري بريطاني، وقد أثرت أحداث هجوم البارجة على "فورت ماكهنري" في مرفإ "بالتيمور" والمعركة البرية المتزامنة في "نورث بوينت" جنوب شرق المدينة في أيام 12 و 13 و 14 سبتمبر 1814 على كتابة "فرانسيس سكوت .كي" للقصيدة التي أصبحت معروفة باسم "الراية الموشحة بالنجوم" والتي سميت النشيد الوطني الأمريكي سنة 1931... 

كان اسم الكنيسة الأصلية في الجزيرة "ليز بيثل" Lee’s Bethel وأحرقت في القرن التاسع عشر، ومايزال هناك مقعد يشير إلى موقعها في مقبرة "كانتون"، وتوجد كنيستان حاليا في الجزيرة تحمل الأولى اسم كنيسة "سوين" التذكارية الميثودية ـ سنة 1835، بينما الأخرى فاسمها كنيسة "مجمع العهد الجديد" وقد تأسست عام 1946 وهي موقع عبادة مسيحي تاريخي وغير طائفي، وبالنسبة للمدافن فإنها تقع أحيانا في أفنية المنازل وتوجد أخرى كذلك في أفنية الكنائس. 

وقد تسببت ثلاثة أعاصير من القرن الحادي والعشرين وهي أعاصير "إيزابيل" عام 2003 و "إرنستو" عام 2006 و "ساندي" عام 2012 في وقوع فيضانات في أجزاء كبيرة من الجزيرة، وهجرت بعض المنازل أو هدمت بسبب الأضرار الناجمة عن تلك الأعاصير، في حين بنيت منازل جديدة ومازال بناء بعضها مستمرا إلى اليوم. 

وفي ستينيات القرن العشرين استولى الجيش الأمريكي على أجزاء من جزيرة طنجة مما أجبر بعض السكان بمن فيهم "والتر كروكيت" و "ماجي إسكريدج كروكيت" على الانتقال إلى "إيكسمور" في البر الرئيسي حتى يتمكن الجيش من إجراء اختبارات الصواريخ، ويعتقد العديد من سكان طنجة الفرجينية أن هذه العمليات تسببت بشكل كبير في الانجرافات الحالية. 

إن جزيرة طنجة معرضة لخطر الزوال بسبب عوامل التعرية وارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة التغير المناخي، وقد تقلصت مساحة الجزيرة منذ سنة 1850 بنسبة 67% بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن تضيع مساحة كبيرة من اليابسة المتبقية في الخمسين عاما القادمة ومن المحتمل أن تكون المدينة في حاجة إلى التخلي عنها. 

ويعتقد العديد من السكان أن التعرية هي سبب زيادة حدوث الفيضانات وشدتها، وخلصت دراسة لسنة 2015 أجراها كل من "ديفيد م. شولت" و "كارين م. دريدج" و "مارك هـ . هودجنز" ـ وجميعهم أعضاء في فيلق المهندسين بالجيش الأمريكي ـ إلى أن طنجة لا يزال أمامها بين 25 إلى 50 عاما من الحياة المتبقية وأن الانخسافات متواصلة منذ منتصف القرن التاسع عشر على الأقل، واستنتج هؤلاء أن الأسباب الرئيسية للانخسافات في منطقة خليج "تشيزبيك" الجنوبية راجع إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان صفيحة "لورينتايد" الجليدية إضافة إلى استخراج المياه الجوفية على البر الرئيسي "لفرجينيا" وكذا الآثار المتبقية من فوهة خليج "تشيزبيك" بالقرب من "كيب تشارلز" قبل نحو 35.5 مليون سنة. 

وقد تحدث السكان كثيرا مع الممثلين السياسيين منذ عقود حول الحصول على تعزيزات حمائية للجزيرة من خلال تدشين أرصفة بحرية أو أسوار بحرية، ويواصل أهالي البلدة جمع التبرعات لتمويل الجدار البحري، وفي عام 2017 بثت قناة سي إن إن قصة عن بلدة "طنجة" ظهر فيها عمدتها "جيمس دبليو إسكريدج" واتصل رئيس الولايات المتحدة "دونالد ترامب" بالعمدة شخصيا ليؤكد له أن البلدة ستنجو، لكنه لم يقدم أي دلائل ملموسة من الإغاثة أو المساعدات المالية. 

وتحتوي "طنجة" الفرجينية والجزر المجاورة على الأهوار الملحية التي تعد موطنا ثمينا للطيور المائية خاصة في غياب مفترسات هذه الطيور، وهكذا تضم هذه المستنقعات العديد من الطيور بما فيها البجع ومالك الحزين الأزرق وعدة أصناف من البلشونيات وطيور المرعة والإوزيات والعقبان النسرية، وتعد "مجموعة الجزر" من المعاقل القليلة المتبقية للبط الأسود الأمريكي في "فرجينيا". 

ويبلغ إجمالي مساحة جزيرة "طنجة" ـ إذا أضفنا إليها المستنقعات المحيطة ـ أقل من 740 فدانا (300 هكتار) منها 83 فدانا فقط (34 هكتار) كاف للسكن، وأعلى نقطة لليابسة عن مستوى سطح البحر هي بالكاد 4 أقدام (1.2 متر)، ويقدر أن حوالي 9 فدادين (3.6 هكتارات) من ساحل طنجة تتآكل في "تشيزبيك" كل عام مما يشكل تهديدا لوجود السكان المحليين. 

وتضم وسائل النقل خارج الجزيرة الطائرات والقوارب، ويوجد مطار بالجزيرة مفتوح من الفجر إلى الغسق، وهناك قاربان يسافران بانتظام من "كريسفيلد"، "ماريلاند" إلى "طنجة". ويتم نقل الركاب والبريد على هذه القوارب، حيث يغادر قارب البريد "كورتني توماس" جزيرة "طنجة" على الساعة الثامنة صباحا ويغادر "كريسفيلد" على الساعة الثانية عشر زوالا، وتغادر سفينة الرحلات البحرية "ستيفن توماس" ـ التي تتسع لـ 300 راكب ـ "كريسفيلد" في الثانية عشر ونصف زوالا خلال موسم الصيف من اليوم التذكاري حتى أكتوبر، وتغادر جزيرة "طنجة" على الساعة الرابعة مساء، وتسافر في فترة الصيف سفينة "تشزبيك بريز" يوميا من "ريدفيل"، "فرجينيا" على الساحل الغربي في الساعة 10.00 صباحا، وتغادر "طنجة" في الساعة الثانية ظهرا، وتعمل خدمة العبارات من وإلى "أونانوك"، "فرجينيا" على متن السفينة "جويس ماري" يوميا من عطلة نهاية الأسبوع الأولى من شهر مايو وحتى نهاية الأسبوع الأول من شهر أكتوبر. 

ولا تعتمد حركة النقل داخل الجزيرة على السيارات كثيرا، ويقوم بعض السكان بتجهيز عربات الغولف بمقطورات للركاب لتقديم "جولات تاريخية" في الجزيرة للسياح، والطرق في الجزيرة واسعة بما يكفي لعربات الغولف هذه، وغالبا ما يستخدم السياح والسكان عربات الغولف والقوارب والدراجات البخارية والدراجات الهوائية لكن بعضهم يستخدم الشاحنات والسيارات. 

ونشير إلى أن الارتباط التاريخي "بكورنوول" هو سبب وجود علم "سانت بيران" في أعلى يسار الكانتون من علم الجزيرة. 

ويعتمد سكان "طنجة" الفرجينية اليوم على صيد الأسماك لكسب رزقهم، وغالبا ما يشار إلى أن "طنجة" الفريجينية هي عاصمة السلطعون لين الصدفة في العالم، ويصطاد معظم الصيادين سرطان البحر والمحار ويبيعونه، وكان المحار في السابق صناعة رئيسية في الجزيرة وقد عاد في السنوات الأخيرة كمكمل لصناعة السلطعون الأكثر شهرة، والصناعة الرئيسية في الجزيرة إلى جانب صيد الأسماك هي السياحة، حيث تأتي خلال فصل الصيف العديد من سفن الرحلات البحرية إلى الجزيرة كل يوم، مما يسمح للركاب باستكشاف وشراء البضائع من سكان الجزر، وهناك نزلان للمبيت والإفطار يستطيعان استيعاب عدد محدود من الزوار الذين يأتون لقضاء الليل وتوجد العديد من المطاعم ومحلات بيع الهدايا التذكارية. 

ومع توفر جميع وسائل النقل والخدمة الهاتفية العادية يتمتع السكان بطرق منتظمة للبقاء على اتصال بالبر الرئيسي والجزيرة بها أيضا تلفزيون الكابل وخدمة الإنترنت. ويسود جو هادئ وسلمي على الجزيرة، وتكاد الجرائم العنيفة تنعدم في الجزيرة، وهناك شاطئ بري بدون ممشى خشبي أو امتيازات، والعديد من المطاعم وأربعة متاجر للهدايا ومتجر لأجهزة الكمبيوتر ويوجد متحف تاريخي ومركز ثقافي وجهاز صراف آلي وتقبل معظم المراكز والمحلات بطاقات الائتمان وتشتهر الجزيرة بأطباق المأكولات البحرية وخاصة شطائر السلطعون الناعمة. 

كانت المثيودية ولا تزال التأثير القوي للغاية على "طنجة" الفرجينية وقد نبع تأثيرها من اجتماعات الوعظ الجذابة إحياء المخيمات التي عقدت هناك في أوائل القرن التاسع عشر من قبل "جوشوا توماس" ـ قسيس الجزر الشهير ـ ، وبسبب علاقتهم بالكنيسة الميثودية الشمالية لم يؤيد سكان الجزيرة العبودية في القرن التاسع عشر ولم ينضموا إلى "فرجينيا" في الانفصال عن الاتحاد خلال الحرب الأهلية، ويحظر قانون محلي بيع الكحول مما يجعل الجزيرة "جافة"، وقد صوت 87% من السكان "لدونالد ترامب" في انتخابات الرئاسة سنة 2016، واعتبارا من عام 2020 يوجد بالجزيرة ما يقارب 440 مقيما دائما. 

ويتميز المناخ في "طنجة الفريجينية" بصيف حار ورطب وشتاء معتدل إلى بارد بشكل عام.
المرجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/Tangier,_Virginia

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...