الخميس، 24 أكتوبر 2019

بانشي

"بانشي بونورث" من مؤلف "أساطير الجنيات وتقاليد جنوب إيرلندا" لصاحبه "تومارس كروفتون كروكر" سنة 1825.

"البانشي" Banshee وتعني بالإيرلندية القديمة "المرأة من تل الجن" أو "المرأة الجنية" هي روح أنثوية في الميثولوجيا الإيرلندية تبشر أحد أفراد العائلة بالموت من خلال البكاء والصراخ والندب عادة، وقد ارتبط إسمها بالجثوات الأسطورية المهمة أو التلال التي تنتشر في الريف الإيرلندي والمعروفة باسم síde في الإيرلندية القديمة. 

وهناك العديد من الأوصاف المختلفة التي أعطيت "لبانشي"؛ ففي بعض الأحيان يكون لديها شعر طويل متدفق وترتدي عباءة رمادية فوق فستان أخضر وعيناها حمراوتان بسبب البكاء المتواصل، وفي أحيان أخرى تكون ذات شعر أحمر وبشرة شبحية وفقا لكاتبة المذكرات "آن ليدي فانشاو" (1625-1680)، وتقدم الشاعرة الإيرلندية "ليدي وايلد" (1821-1896) وصفا آخر قائلة: 

"لقد اختلف حجم "بانشي" عما كان متعارفا عليه في المنطقة، ورغم أن بعض الحكايات تحدثت عن طولها الفارع غير العادي إلا أن أغلب ما قيل عن "بانشي" أنها كانت قصيرة تراوح طولها بين القدم والأربعة أقدام، وترافق قصرها الاستثنائي هذا مع كونها امرأة عجوزا رغم أن الغاية من ذلك ربما كانت التأكيد على صورتها كمخلوق خرافي". 

وفي أحيان أخرى افترض أن شكل "بانشي" كان يشبه عذراء الغناء اللطيف لفرد العائلة الذي يموت صغيرا، وأن مهمتها تلك أعطيت لها من قبل القوى الخفية لتصبح نذير الموت القادم لقريبها الفاني، وربما نظر إليها كامرأة محتجبة في الليل جاثمة تحت الأشجار تندب بوجه ملثم، أو تطير في ضوء القمر وتبكي بمرارة. وصيحة هذه الروح حزينة تفوق كل الأصوات الأخرى على الأرض، وتنذر بموت مؤكد لأحد أفراد العائلة كلما سمعت في صمت الليل. 

وكانت المرأة النواحة في "إيرلندا" وأجزاء من "إسكتلندا" جزءا تقليديا من الحداد حيث كانت تبكي رثاء للميت، وربما كانت هذه المرأة محترفة للنواح في بعض الحالات لذا كان الطلب يتزايد على أفضل النائحات. 

وتتحدث الأسطورة الإيرلندية عن رثاء تتغنى به امرأة جنية أو "بانشي"، وكانت تقوم بذلك عندما يموت أحد أفراد الأسرة أو يكون على وشك الموت ولو كان بعيدا لم ترد أخبار وفاته بعد، لذا كان بكاؤها بمثابة نذير موت للأسرة. وهكذا اعتبرت "بانشي" متنبئة موت، وعندما كان يتعرض شخص ما لموقف قد لا يخرج منه حيا فإنها كانت تعمل على تحذير أهله عبر النحيب والبكاء. 

وغالبا ما يذكر أن "بانشي" كانت تندب فقط أحفاد السلالة النقية "للميليزيين" في "إيرلندا" (الغايليون الذين أبحروا من "هسبانيا" إلى "إيرلندا" والذين يعتبرون أسلاف الإيرلنديين المعاصرين) أو الذين يشار إليهم كذلك بأولئك الذين يتقدم ألقابهم حرف "أو" و "ماك" Ó and Mac. وتذكر بعض الحكايات أن كل عائلة لديها "بانشي" خاصة بها، وهناك حكاية أخرى تضيف "الجيرالديين" إلى "الميليزيين" كذلك والذين أصبحوا على ما يبدو "إيرلنديين أكثر من الإيرلنديين أنفسهم" في مواجهة المقولات التي تحتكر "البانشي" لسلالة "الميليزيين" فقط. 

وعندما تظهر عدة جنيات "بانشي" في وقت واحد فإن الأمر كان يشير إلى وفاة شخص عظيم أو مقدس، وتروي بعض الحكايات أنه وعلى الرغم من اعتبار "بانشي" جنية إلا أنها كانت في حقيقة الأمر شبحا لامرأة مقتولة في الغالب أو امرأة ماتت أثناء مخاض الولادة. 

ومعظم الألقاب العائلية المرتبطة بجنيات "البانشي" إن لم تكن جميعها تبتدئ ب Ó أو Mc/Mac ذات الأصول الجودية والتي تعود إلى العائلات المحلية من الأراضي السلتية المعزولة دون العائلات ذات الأصول الشمالية أو الإنجليزية أو النورماندية. وترجع بعض حكايات "البانشي" هذه إلى عام 1380 تاريخ نشر "انتصارات تورلوج" من قبل المؤرخ الإيرلندي "شون ماك كريث"، ويمكن كذلك العثور على ذكر "بانشي" في الأدب النورماندي لذلك الوقت. 

ويعتقد أن "البانشي" الخاصة بعائلة O’Brien (Ua Briain) مثلا كانت تدعى "إيبيل" Aibell وكانت حاكمة على 25 من جنيات "البانشي" اللواتي كن دائما رهن إشارتها. ومن المحتمل أن تكون هذه القصة هي مصدر فكرة أن عويل مجموعة من "البانشي" النائحات يدل على وفاة شخص عظيم. 

وفي بعض المناطق من "لينستر" يشار إلى "البانشي" باسم "المرأة المنتحبة" bean chaointe التي يمكن أن يكون عويلها خارقا لدرجة تحطيم الزجاج، وفي الفولكلور الإسكتلندي يعرف مخلوق مماثل "للبانشي" باسم "المرأة المنظفة الصغيرة" bean nighe أو ban nigheachain وكذلك nigheag na h-àth (منظفة المخاضة الصغيرة) وكان ينظر إليها وهي تغسل الملابس الملطخة بالدماء أو دروع أولئك الذين هم على وشك الموت، وفي الفولكلور الويلزي عرف مخلوق مماثل باسم "كيوريث" Cyhyraeth.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...