الأحد، 12 يناير 2020

دعات



في فرع الروحانية اليهودية المعروف بالقبالة تعتبر دعات (المعروفة بالعبرية: דעת ـ المعرفة) هي موضع اتحاد جميع السيفيروت العشر. 

وفي دعات، توجد كل السيفيروت في حالة كمال من التقاسم الأبدي، فالسمات الثلاث على العمود الأيمن التي من شأنها استقبال وإخفاء النور الإلهي تقوم بمشاركته وكشفه بدلا من ذلك، لأن جميع السيفيروت تشع النور الإلهي الذي يمنح ذاته بلا حدود، وهكذا لا يعود ممكنا التمييز بين إحدى السيفيروت فتصبح جميعها واحدا. 

ولم يتم تصوير دعات في تمثيل السيفيروت دائما، بل يمكن اعتبارها "فتحة فارغة" حيث يمكن وضع بذرة أية سيفيرا أخرى، وبصورة صحيحة، يكون النور الإلهي ساطعا دائما لكن ليس كل البشر يمكنهم رؤيته. 

إن الوحي أو إخفاء النور الإلهي الساطع من خلال دعات لا يحدث فقط في دعات نفسها، بل يمكن أن يظهر من منظور إنساني أيضا ضمن الشؤون الدنيوية (ملكوث)، ويمكن أن يحدث إدراك النور الإلهي بوضوح في ملكوث أيضا في جميع الأحوال التي يصبح فيها الإنسان موثرا، إلا أن البشر الذين يظلون أنانيين لا يمكنهم رؤيته وتبقى كراماته مخفية بالنسبة لهم. 

صحيح أن دعات ليست سيفيرا، بل هي جميع العشر سيفيروت متحدة، ومع ذلك تحسب دعات في بعض الأحيان سيفيرا بدل كيتير من منظور الخلق المحدود وذلك باستخدام دعات لتمثيل انعكاس (أو البعد الداخلي) أبدية كيتير. وهكذا تظهر دعات في تكوين السيفيروت على طول المحور الأوسط أسفل كيتير مباشرة، إنها تتطابق مع صورة الرب، وتنتج القراءات البديلة للسيفيروت عشر قوى (10 وليس 9، 10 وليس 11 ـ سيفيرا نتساح)، عن طريق كيتير أو دعات. وتم حذف دعات في مخطط موسى بن يعقوب كوردوفيرو، بينما تم حذف كيتير في مخطط إسحاق لوريا، ويصف كوردوفيرو السيفيروت كضوء واحد في عشرة أوعية، وقد تبع لوريا هذا الوصف، لكنه سرد السيفيروت بدءا من حوخما (الحكمة) لوصف أبعادها الخارجية. 

والكوحوس حانيفيش (الحالة النفسية) المقابلة لسيفيرا دعات هي يشود (التوحيد). 

وفي النظام العقدي الغموضي للثيليما فإن "ليل بان" يرتبط بالتقدم من خلال دعات، وتقع مدينة الأهرامات وبابلون على الشاطئ الآخر. 

وفي فلسفة "تانيا" الحاسيدية تعتبر دعات القوة الفكرية الثالثة والأخيرة للفكر، لكنها في هذا السياق دعات الدنيا "لبارتزوف" "زير أنبين" (وليست دعات العليا لآدم قدمون). 

وتشير "الزير أنبين" إلى "تجسيد" (بارتزوف) لستة سيفيروت من "حيسيد" إلى "ياسوود" وككل تجسد سماتها العشر ودعات. وتجسد "الزير أنبين" الوحي التوراتي وترتبط بالمستوى الثاني من النفس البشرية المسمى "روح" (روش) وتتوافق مع الجوانب العقلية بما في ذلك المنطق والعاطفة. 

ووفقا لذلك، ترتبط دعات في الروح بقدرات الذاكرة والتركيز والقدرات التي تعتمد على الاعتراف "حاكاراه" والحساسية "حيرجيش" والجدوى المحتملة لتلك الأفكار الناتجة في الوعي من خلال قوى حوخما و بينا "الفهم". 

وتعمل دعات على مستويين، المستوى الأعلى الذي يسمى دعات إليون (المعرفة العليا) أو "دعات حانيعلام" (المعرفة الخفية)، وتعمل على تأمين الروابط بين القوتين العلويتين للفكر حوخما و بينا؛ الحكمة والفهم، وهذه هي دعات داخل الكيتير. 

أما المستوى الأدنى الذي يشار إليه باسم "دعات تحتون" (المعرفة الدنيا) أو "دعات حاميتباشت" (المعرفة الممتدة) فيعمل على الربط بين الفكر ككل بمجال العاطفة، وبالتالي تعزيز تصميم الفرد وعزمه على التصرف وفقا للحقائق الأساسية المندمجة في وعيه، وهذه هي دعات باعتبارها القوة الثالثة للفكر. 

وفي هذا المستوى الأدنى لدعات يقال (سفر الأمثال 24:4): "وبالمعرفة تمتلئ المخادع من كل ثروة كريمة ونفيسة". والمخادع هنا هي غرف القلب وعواطف الروح (كما أشارت إليها كلمة "حيدير"؛ "غرفة"؛ والتي هي اختزال لـ "حيسيد دين راحاميم"، أو العواطف الثلاثة الأولى للروح، ويملأ الوعي الداخلي لدعات هذه الغرف وينشطها كما تفعل الروح للجسم. 

وفي الزوهار، يشار إلى هذا المستوى من دعات بأنه "المفتاح الذي يضم ستة"، ويفتح "مفتاح" دعات جميع الغرف (الصفات) الست للقلب ويملؤها بقوة الحياة، ويشار إلى كل غرفة من هذه الغرف الست عندما تمتلئ بدعات بأنها "دعياه" معينة ("موقف" من جذر "دعات") للروح. 

وتتوافق دعات مع النسيج الخلالي في جسم الإنسان، وفي الدماغ، تمثل دعات بغلالة العائق، وعلى الرغم من أن شكلهما منفصل ومتباين، إلا أن وظيفتهما متشابهة إلى حد ما.
المرجع:

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...