الخميس، 31 أكتوبر 2019

بعل بيريث



بعل بيريث (سيد العهود) وإيل بيريث (إله العهود) وهما إلهان، أو إله واحد، عُبدا في "شكيم" في إسرائيل القديمة، ومصطلح "العهد" ("بيريث" في العبرية) يظهر أيضا في النصوص الأوغاريتية التي تعود للألفية الثانية قبل الميلاد في لفظة "برت"، وربما تعادلها لفظة "بيروث" في الأساطير الفينيقية القديمة المسماة "أعمال سانشونياثون" 

وبالعودة إلى الكتاب المقدس فإن سفر القضاة هو الكتاب التوراتي الوحيد الذي أشار إلى "بعل بيريث" و "إيل بيريث"، ومن غير الواضح ما إذا كانا عبارة عن شكلين منفصلين للآلهة "بعل" و "إيل" أو هما نفس الآلهة في الواقع، ويرجح العلماء أن عبادة "بعل بيريث" و "إيل بيريث" كانت متصلة بالخصوبة والنبات، واعتمادا على سفر القضاة يبقى من الواضح أي عهد أو عهود يعنيها الإسم "بيريث"، وفي موضع آخر من السفر كان بعض "الشكيميين" يُدعون "رجال حامور" وهذا يقارن بـ "أبناء حامور" وهي تسمية شرق أوسطية قديمة كانت تطلق على الناس الذين كانوا ينذرون عهودا مختومة بالتضحية بـ "حامور" (حمار)، "أولاد" أو "أبناء حامور" تظهر بنفسها في سفر التكوين وسفر يشوع، وفي كلاهما ـ على غرار القضاة ـ يدعى "حامور" "أب شكيم"، وسفر التكوين أيضا يصور رجلا يدعى حامور حكم في منطقة شكيم، وكان لديه ابن يدعى "شكيم"، وبالمرور إلى التقليد الحاخامي نجده يساوي "بعل بيريث" بـ "بعل زبوب" إله عقرون الفلسطينية. 

واعتمادا على أعمال سانشونياثون، يقول في مذهبه "اليوهيمري" بالنسبة للآلهة الفينيقية أن رجلا كان يدعى "إيليون" أو المسمى كذلك "الأكثر سموا" وامرأة تدعى "بيروث" كانا ساكنين بجوار "بيبلوس"، في سواحل لبنان حاليا، وكان لديهما طفلين، ولد يدعى إبيجيوس/ أوتوشثون/ السماء، وبنت تدعى "الأرض"، وبسبب جمال هذين الطفلين، سميت السماء باسمها والأرض كذلك تيمنا بهما، ووفقا لسانشونياثون فمن الأرض والسماء ولد إيل وباقي المعبودات، رغم أن النصوص القديمة تشير إلى "إيل" بـ خالق السماء والأرض، وعلاقة بـ "بيريت" العبرية (العهد) أو مدينة بيروت فكلاهما اقتُرح اشتقاقا لـ "بيروث"، كما أن الثيوغونيا الحيثية تسمي الإله الأولي "علالو" الذي أنجب السماء (واحتمالا الأرض) والذي أطيح به من قبل ابنه "السماء"، الذي أطيح به بدوره من قبل ابنه "كوماربي"، وهو تقليد متشابه ويبدو أنه أساس مذهب سانشونياثون. 

أما في الأدب الربي فالمعبود "بعل بيريث" الذي عبده اليهود بعد وفاة "جدعون" كان متطابقا حسب الحاخامات مع "بعل زبوب"، "سيد الذباب"، رب عقرون (سفر الملوك الثاني)، وكان يعبد في شكل ذبابة، وتنص التقاليد اليهودية على أن الولعين بهذه العبادة كانوا يهودا من طائفته وأنهم سيحملون صوره في جيوبهم، يخرجونها، ويقبلونها بين الفينة والأخرى، ويدعى "بعل زبوب" بـ "بعل بيريث" لأن مثل هؤلاء اليهود قد يقال لهم اقطعوا عهودا (بريث في العبرية) للتفاني مع المعبود فلا يرغبون في التخلي عنها لحظة واحدة (شبات 83ب، وأيضا سنهدرين 63ب)، وحسب تصور آخر كان "بعل بيريث" موضوعا فاحشا للعبادة الوثنية، ربما كتمثيل أو تقليد للإله الروماني "بريابس"، وهذا مبني بوضوح على الدلالة الأخيرة لكلمة "بيريت" التي تعني "ختان". 

وبالنسبة للمسيحية فوفقا لـ "التاريخ البديع" المؤلف من قبل الأب سيباستيان ميشايليز سنة 1612، فإن بعل بيريث تملك ذات مرة راهبة في مدينة "آكس أون بروفانس" الفرنسية وفي عملية التعويذ فإن بعل بيريث لم يتطوع فقط باسمه الخاص وأسماء جميع الشياطين الآخرين الذين يتملكونها، بل كذلك باسم القديسين الذين سيكونون أكثر فاعلية في معارضتهم.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...