الأحد، 31 يناير 2021

الكوزمولوجيا الصوفية



هو نهج صوفي لعلم الكونيات يناقش خلق الإنسان والكون ويعتبر وفقا للمتصوفين الأساس الجوهري الذي يقوم عليه الكون الديني الإسلامي. ووفقا للكوزمولوجية الصوفية فإن علة خلق الله للكون والبشرية هي "التجلي" و "الاعتراف" بذاته كما ورد في الأثر "کنت کنزاً مخفیاً فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لکي أعرف".

ويصف المتصوفون الإسلاميون "الأصل الرباني" وخلق الكون والبشرية عندما خرج نور الأحد من وحدته المنعزلة عن نفسه لعلة إظهار نفسه في التعددية، وتسمى مراحل هذا الخلق "بالتنزلات الست" وشرح العديد من القديسين هذه التنزلات في كتبهم وتحدث عنها أبو سعيد مبارك المخزومي في كتابه المسمى التحفة المرسلة كما ناقشها ابن عربي في تفسير فصوص الحكم، وهذه التنزلات هي:

ـ عالم الهاهوت (العالم المجهول الذي لا يقارن): ويتعلق هذا العالم بالجوهر الإلهي قبل التجلي والمرحلة الروحية المرتبطة بها تسمى الأحدية (أو العزلة)، وهذا هو عالم الوجود المسبق ومستوى عدم الخلق، وبحسب الصوفيين فإن حالة الأحدية هذه غير قابلة للتصور ولا التفسير وتتجاوز كل الحدود المنطقية، وفي هذه المرحلة تكون الذات الإلهية محتجبة في حجابها غير متمثلة بشيء فلا يوجد شيء؛ فلا كون ولا خلق وهنا لا تنكشف صفات الذات (الجوهر الرباني) ولا تتجلى.

ـ عالم الياهوت (عالم المظهر الأول): ويشار إلى المرحلة الروحية المتعلقة بالياهوت باسم "الوحدة"، والياهوت هو المقام الأول من مظاهر "الهو"، عندما شاء الجوهر الرباني أن يتجلى فتجلى في شكل نور محمد، وبما أن الياهوت هو عالم الوحدانية فإن نور محمد هو مظهر من مظاهر الجوهر الرباني وليس كيانا منفصلا وهي الخطوة الأولى نحو الأصل الرباني على أن الخلق لم يبدأ هنا بعد، وهنا يدعى "هو" الله "المعبود" لأن هناك كيان في صورة نور محمد يعبد الله، ويطلق على هذا المقام "الياهوت" لأن هناك كيانا يخاطب "الهو" بعبارة "يا هو".

ـ عالم اللاهوت (عالم الوحدة المطلقة): ويرتبط عالم اللاهوت بمقام "الوحدية"، وهنا تتجلى روح محمد من نور محمد، وبما أنه عالم الوحدة فإن نور الله ونور محمد في نفس المستوى في هذا المقام، لذا فروح محمد هي في الحقيقة روح الله التي تدعى "الروح القدسية"، وفي هذا المقام يحتجب الكون بأسره وخلقه في نور محمد وهو حريص على التجلي.

والمقامات الثلاثة المذكورة أعلاه هي مقامات الوحدة وعدم الخلق، ويشير وجود "الهو" في "الهاهوت" و "الياهوت" و "اللاهوت" إلى الوحدة المطلقة، بينما يتم الخلق في المقامات الأدنى من "الجبروت" و "الملكوت" و "الناسوت".

ـ عالم الجبروت (عالم القوة): والجبروت يعني "الجسر" أو أي شيء يربط شيئين، ويطلق عليه الجبروت لأنه يربط بين المقامات الثلاثة المذكورة أعلاه من عدم الخلق ومقامات الخلق القادمة، ويرتبط مقام الجبروت بمستوى خلق أرواح البشر، هنا برأ الله أرواح البشر من الروح القدسية، وتدعى روح البشر المخلوقة من الروح القدسية "الروح السلطانية"، والصفات الإلهية مثل المعرفة والحكمة وما إلى ذلك كانت موجودة في الروح القدسية في المقامات العليا لغير الخلق انتقلت إلى البشر، والروح السلطانية لها صفات الملائكة لأن الملائكة خلقت في نفس المقام، وهنا تحتجب الروح القدسية في الروح السلطانية.

ـ عالم الملكوت (عالم الفطنة): ويشير هذا المقام إلى عالم الهيآت الرمزية، وعند هذا المقام اتخذت الأرواح هيآت واضحة وغير مادية لأول مرة، وهنا تحتجب الروح السلطانية في غلاف الروح النورانية (روح النور السماوية)، وقد خلقت أرواح الحيوانات والنباتات وجميع الكائنات غير الحية في هذا المقام كذلك، ولعلة خلق الحيوانات في هذا المقام اكتسبت الروح البشرية صفات وحشية مثل الشهوة والجشع وما إلى ذلك.

ـ عالم الناسوت (عالم الأجسام المادية): ويشير مقام الناسوت إلى العالم المادي للأجسام الملموسة، وهي المرحلة التي يوضع فيها أساس عالم المادة الملموس، وهنا تحتجب الروح النورانية في غلاف الروح الحيوانية (الروح المرتبطة مباشرة بالجسد المادي) والتي استنشقت في الأجسام المادية من اللحم والعظام والأشياء غير الحية، وهنا اكتملت عملية الخلق البشري وتجلت الروح الربانية بشكل كامل في البشر من خلال الاحتجاب في أغلفة الروح القدسية والروح السلطانية والروح النورانية والروح الحيوانية.
المرجع:

السبت، 23 يناير 2021

سيجورد

موت "سيجفريد"، يقف "هاغن" عن يمين "سيجفريد" وفي يده قوس، من مخطوطة "هوندشاغن".

"سيجورد" هو بطل أسطوري في الميثولوجيا الجرمانية قتل تنينا ثم قُتل لاحقا، ومن المحتمل أن تكون شخصيته مستوحاة من أفراد السلالة الفرنجية الميروفنجية لاسيما "سيجيبرت الأول" الملك الفرنجي "لأوستراسيا"، وقد ربطته الدراسات القديمة أحيانا "بأرمينيوس" الزعيم الشيروسكي الذي هزم الرومان في معركة "فاروس"، كما قد يكون ذا أصل أسطوري بحت. 

"سيجورد" يختبر سيف "غرام" (1901) من "يوهانس غيرتس".

ووُثقت قصة "سيجورد" لأول مرة على مجموعة من المنحوتات من ضمنها الأحجار الرونية في السويد والصلبان الحجرية في الجزر البريطانية التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر الميلادي. وتم تصوير "سيجورد" في كل من التقاليد النوردية والتقاليد الجرمانية القارية على أنه يُقتل بسبب خلاف بين زوجته "جودرون" أو "كريمهيلدا" (Gudrun/Kriemhild) وامرأة أخرى تدعى "برونهيلدا" Brunhild التي كان قد احتال عليها ليزوجها من الملك البورغندي "غونار" أو "غونثر" Gunnar/Gunther، كما أن ذبحه للتنين وامتلاكه كنز "نيبلونغ" Nibelungen أمران شائعان في كلا التقليدين، وأهم الأعمال التي تناولت حكايات "سيجورد" هي القصيدة الملحمية "أغنية نيبلونغز" Nibelungenlied وملحمة "فولسونغ" Völsunga saga وأشعار "الإيدا". كما يظهر "سيجورد" في العديد من الأعمال الجرمانية والإسكندنافية بما فيها سلسلة الأغاني الراقصة الإسكندنافية الحديثة المبكرة في العصور الوسطى أو الـ Ballads. 

فراق "سيجفريد" "لكريمهيلدا"من قبل "يوليوس شنور فون كارلسفيلد" حوالي 1843.

واستخدم "ريتشارد فاغنر" أساطير "سيجورد" في أوبراه "سيجفريد وشفق الآلهة" واعتمد بشدة على التقاليد الإسكندنافية في إنجاز نسخته من "سيجفريد"، وأثر تصويره لبطله على العديد من التصويرات اللاحقة. 

وأصبح "سيجفريد" مرتبطا بشدة بالقومية الألمانية في القرنين التاسع عشر والعشرين. وأنهت ملحمة "الفيلكينا" Thidrekssaga حكاية "سيجفريد" بالقول: 

"... قال الجميع أنه لن يوجد رجل حي أو يولد من بعدُ مساويا له في القوة والشجاعة وفي كل صنوف الكياسة، وكذلك في الجرأة والكرم الذي كان يتمتع بهما أكثر من كل الرجال، وأن اسمه لن يهلك أبدا في لسان الجرمان، ونفس الأمر ينطبق على الشماليين". 

وعلى عكس العديد من الشخصيات ذات التقليد البطولي الجرماني، لا يمكن التعرف بسهولة على "سيجفريد" من خلال شخصية تاريخية معينة، والنظرية الأكثر شيوعا هي أن أصول "سيجورد" ترجع إلى شخصية أو عدة شخصيات من السلالة الميروفنجية الفرنكية حيث كان لدى الميروفنجيين العديد من الملوك ابتدأت أسماؤهم ب "سيجي" Sigi-، وعلى وجه الخصوص "سيجيبرت الأول" الذي كان متزوجا من "برونهيلدا" الأستراسية، وهي نظرية تم اقتراحها لأول مرة سنة 1613، وكان "سيجيبرت" هذا قد قُتل على يد شقيقه "شيلبيريك الأول" بتحريض من زوجته الملكة "فريديغوندا"، وإذا صحت هذه النظرية فإنه قد تم تبديل أدوار "فريديجوندا" و "برونهيلدا" في الأساطير الجرمانية والنوردية بينما تم استبدال "شيلبيريك" "بغونثر"، ومع ذلك فهذه التشبيهات ليست دقيقة ولا محل إجماع من قبل العلماء، ويجادل أحد هؤلاء ـ "ينس هوستين" ـ بأنه وإن كانت لقصة "سيجورد" أصداء ميروفنجية فلا توجد لها ـ مع ذلك ـ صلة مقنعة بأي شخصية معينة أو حدث تاريخي معين. 

وتقول نظرية أخرى أن قصة "سيجورد" وذبحه للتنين تشكل نسخة أسطورية لانتصار "أرمينيوس" على الجنرال الروماني "بوبليوس كوينكتيليوس فاروس" في معركة غابة "تويتوبورغ" سنة 9 ميلادية، وتم اقتراح صلة بين "سيجورد" و "أرمينيوس" لأول مرة من قبل "فرانز-جوزيف مون" سنة 1830 الذي اعتقد أن "سيجورد" هو اندماج للعديد من الشخصيات التاريخية، وفي عام 1837 اقترح "أدولف غريزبرخت" أن "سيجورد" هو نسخة أسطورية "لأرمينيوس"، بينما يمثل الرومان "التنين"، وأخيرا اقترح "أوتو هوفلر" سنة 1959 أن "غنيتا-هيث" Gnita-Heath هو اسم المكان الذي يقتل فيه "سيجورد" التنين في التقاليد الإسكندنافية ويمثل ساحة معركة غابة "تويتوبورغ"؛ بينما ربما كان اسم "أرمينيوس" الجرماني هو "سيجفريد". وترفض الدراسات الحديثة بشكل عام وجود علاقة بين "سيجورد" و "أرمينيوس" باعتبارها مبنية على تكهنات ضعيفة وغير أكاديمية. 

كما تم اقتراح أن "سيجورد" قد يكون شخصية أسطورية بحتة بدون أي أصل تاريخي، واستمد علماء القرن التاسع عشر في كثير من الأحيان قصة "سيجورد" من الأساطير التي تتحدث عن الآلهة الجرمانية بمن فيها "أودين" و "بالدر" و "فرير"، ويجادل "كاتالين تارانو" بأن حكاية قتل "سيجورد" للتنين هي ذات أصول هندوأوروبية في نهاية المطاف، وأنها صارت مرتبطة فيما بعد بقصة مقتل "سيجيبرت الأول" الملك الميروفنجي، وفيما يلي أهم التقاليد والشهادات التي تناولت أسطورة "سيجورد". 

أولا ـ التقاليد والشهادات الجرمانية: 

مقتل "سيجفريد"، مخطوطة 'النيبلونغ".

انطلقت التقاليد الجرمانية القارية حول "سيجورد" مع قصيدة "أغنية نيبلونغ" حوالي عام 1200، ويربط التقليد الجرماني بقوة بين "سيجفريد" ومملكة تسمى "نيدرلاند" Niederland، وهي ليست "هولندا" الحديثة رغم تشابه الإسمين، ولكنها مملكة "لسيجفريد" كانت موجودة في محيط مدينة "كسانتن" الألمانية، ويحدد كتاب الأبطال Heldenbuch "نيدرلاند" بالمنطقة المحيطة بمدينة "فورمس" الألمانية، لكنه يصفها بمملكة منفصلة عن أرض الملك "جيبيش" (أي مملكة بورغندي). 

منقوشة "سيجفريد في كسانتن".

وتعطي قصيدة "أغنية نيبلونغ" الملحمية وصفين متناقضين لشباب "سيجفريد"، فبالنسبة للقصة الرئيسية حصل "سيجفريد" على تكوينه الأول في بلاط "كسانتن" على يد والده الملك "سيجموند" Siegmund وأمه "سيجليندا" Sieglind وتوجه في شبابه إلى "فورمس" عاصمة مملكة "برغونة" لخطب ود الأميرة "كريمهيلدا"، لكن الإقطاعي البورغندي "هاغن فون ترونخي" يروي قصة مختلفة عن شباب "سيجفريد"، حيث جعله محاربا متجولا فاز بكنز "النيبلونغ" وسيف "البالمونغ" وعباءة التخفي Tarnkappe التي كانت تزيد من قوة مرتديها اثني عشر مرة، كما يروي حكاية غير ذات صلة عن كيفية قتل "سيجفريد" لتنين والاستحمام بدمه مما جعله يكتسب جلدا صلبا وسميكا كقرون الحيوانات فوقاه من الأخطار. 

مقتل "سيجفريد" في "أودينهايم" وهو أحد المواقع المزعومة لمقتل "سيجفريد" في "أودينوالد".

ومن أجل الفوز بوصل "كريمهيلدا" صار "سيجفريد" صديقا للملوك البورغنديين "غونثر" Gunther و "غيرنو" Gernot و "غيسلر" Giselher، وعندما قرر "غونثر" استمالة "برونهيلدا" ملكة "إيسلندا" المحاربة عرض على "سيجفريد" تزويجه "بكريمهيلدا" مقابل مساعدته في ذلك، فظهر "سيجفريد" ـ كجزء من الخطة ـ أنه من أتباع "غونثر"، لكن "برونهيلدا" اشترطت على كل من أراد الزواج بها أن يقوم بمجموعة من المهام الجسمانية فإذا فشل في أدائها كان الموت مصيره، ثم ساعد "سيجفريد" "غونثر" في كل مهمة مستعينا بعباءته في ذلك، وعند عودتهما إلى "فورمس" تزوج من "كريمهيلدا" مباشرة بعد زواج "غونثر" من "برونهيلدا" إلا أنه في ليلة زفاف "غونثر" منعته "برونهيلدا" من النوم معها وربطته بحزامها وعلقته بخطاف، وفي الليلة التالية استخدم "سيجفريد" عباءة التخفي لإحباط مساعي "برونهيلدا" فتمكن "غونثر" بذلك من النوم معها، وإن لم يكن "سيجفريد" قد نام مع "برونهيلدا" إلا أنه أخذ حزامها وخاتمها ثم أعطاهما "لكريمهيلدا". 

"سيجفريد" و "ديتريش" من مخطوطة من القرن الخامس عشر "لحديقة الورود في فورمس".

وأنجب "سيجفريد" و "كريمهيلدا" ابنا سمياه "غونثر"، وفي وقت لاحق حدث خلاف بين "كريمهيلدا" و "برونهيلدا" على المنزلة الفضلى وتجادلتا أمام باب الكاتدرائية حول من يجب أن تدخل أولا فنعتت "برونهيلدا" "كريمهيلدا" بأنها زوجة تابع لكن "كريمهيلدا" ادعت أن "سيجفريد" قد أخذ عذرية "برونهيلدا" وأظهرت الحزام والخاتم كدليلين ورغم نفي "سيجفريد" للأمر فقد قرر كل من "هاغن" و "برونهيلدا" قتله ورضخ "غونثر" لخطتهما فاحتال "هاغن" على "كريمهيلدا" لتخبره بأضعف موضع من جلد "سيجفريد" ثم دعا "غونثر" "سيجفريد" لاحقا للمشاركة في الصيد في "الفاسكنفالد" (جبال "الفوج") وعندما كان "سيجفريد" يروي عطشه من إحدى الينابيع قام "هاغن" بطعنه في الجزء الأضعف من ظهره بحربة، فأصيب "سيجفريد" في مقتل لكنه مع ذلك حاول التصدي لهجوم "هاغن" ثم صاح لاعنا "البورغنديين" ومات، وألقى "هاغن" بجثة "سيجفريد" أمام باب غرفة "كريمهيلدا" التي نعته كثيرا ودفنته في "فورمس". 

غير أن بعض التنقيحات الطفيفة أجريت للنص الأصلي حيث فلم يقتَل "سيجفريد" في "فاسكنفالد" بل في "أودنفالد" حيث يزعم الراوي أنه مايزال بالإمكان زيارة النبع الذي قتل عنده "سيجفريد" قرب قرية "أودنهايم" Odenheim (وهي اليوم جزء من "أوسترينغن" Östringen) ويقول الراوي أن "سيجفريد" دفن في دير "لورش" Lorsch بدل "فورمس"، ويذكَر أيضا أنه دفن في تابوت رخامي ـ وقد يكون الأمر ذا صلة محتملة بالتوابيت الرخامية المعروضة في الدير ـ التي استخرجت بعد حريق نشب سنة 1090. 

وفي القصيدة البطولية المنمنمة "حديقة الورود في فورمس" (Rosengarten zu Worms) المدونة في القرن الثالث عشر باللغة الألمانية الوسطى كان "سيجفريد" خطيبا "لكريمهيلدا" وهو أحد الأبطال الإثني عشر الذين يدافعون عن حديقة ورودها في "فورمس"، ثم قررت "كريمهيلدا" اختبار قوة "سيجفريد" ضد البطل "ديتريش فون بيرن" فدعت "ديتريش" واثني عشر من محاربيه لمقاتلة أبطالها الإثني عشر وعندما أوشكت المعركة على البدء رفض "ديتريش" بداية منازلة "سيجفريد" لأن دم التنين جعل جلده محصنا من الأخطار إلا أنه اقتنع أخيرا بقتاله بسبب ما أشيع حول مقتل معلمه "هيلدبراند" حيث ثار غضبه حتى نفث النار من أنفاسه فذابت طبقة القرن الواقية عن جلد "سيجفريد" وأصبح بذلك "ديتريش" قادرا على اختراق جلده بالسيف فخاف "سيجفريد" وفر إلى حضن "كريمهيلدا" وظهر "هيلدبراند" حيا فيما بعد مما حال دون مقتل "سيجفريد". 

ولا يتوافق دور "سيجفريد" كخطيب "لكريمهيلدا" في هذه القصيدة مع القصيدة الملحمية "أغنية نيبلونغ" حيث لم يعقد الإثنان خطبتهما رسميا أبدا كما أن والد "كريمهيلدا" هو "جيبيش" بدل "دانكرات" في "أغنية النيبلونغ"، إلا أن قصيدة "حديقة الورود" تضمنت بعض التقاليد القديمة الغائبة عن سابقتها رغم اعتمادها بشكل كبير عليها، وبعض التفاصيل المذكورة تتفق مع "الثيدريكساجا"، وتشير "حديقة الورود" إلى أن "سيجفريد" تلقى نشأته عند حداد يدعى "إيكريتش". 

كما تناولت ملحمة "بيوريك من بيرن" الفروسية قصة "سيجفريد"، ورغم أن هذه الملحمة المسماة أيضا "البيوريكساجا" (أو "الثيدريكساجا" بالإنجليزية) Þiðrekssaga (حوالي 1250) كُتبت بالنوردية القديمة فإن أغلب موادها ترجمت من الحكايات الشفاهية الجرمانية (وبالأخص الألمانية الدنيا) وكذلك من بعض المصادر المكتوبة بالألمانية مثل "أغنية النيبلونغ". 

وتشير هذه الساجا إلى "سيجفريد" باسم "سيجورد" وجعلته ابنا للملك "سيجموند" من "تارلونغلاند" Tarlungaland (ربما كان تصحيفا "لكارلونجلاند" أو أرض "الكارولنجيين") والملكة "سيسيبي" من إسبانيا، وعندما عاد "سيجموند" من إحدى غزواته اكتشف أن زوجته حامل فشك في خيانتها له ثم أمر بنفيها إلى "الغابة السوابية" (أو الغابة السوداء) حيث أنجبت "سيجورد" وماتت بعد ذلك بقليل، فرضع "سيجورد" من أنثى أيل الهيند قبل أن يعثر عليه الحداد "ميمير" فحاول هذا تربية الصبي لكن "سيجورد" لم يكن منضبطا لتعليماته فأرسله إلى شقيقه "ريجين" الذي كان قد تحول إلى تنين على أمل أن يقتل الصبي إلا أن "سيجورد" ذبح التنين وتذوق لحمه فتعلم منطق الطير وعرف بغدر "ميمير" فلطخ نفسه بدماء التنين وأصبحت بشرته محصنة ضد الأخطار ثم عاد إلى مربيه الذي حاول أن يساومه ببعض الأسلحة لكن "سيجورد" قتله رغم ذلك، والتقى فيما بعد "ببرونهيلدا" التي منحته الحصان "غران" وبعد ذلك توجه إلى "إيسونج" ملك "بيرتانجلاند". 

وفي إحدى الأيام أتى "ثيودريك" (ديتريش فون بيرن في حكايات أخرى) إلى "بيرتانجلاند" وقاتل ضد "سيجورد" ثلاثة أيام لكنه لم يستطع إحداث جرح واحد في جسد "سيجورد" بسبب جلده المنيع، إلا أنه تلقى في اليوم الثالث سيف "ميمونغ" فتمكن من اختراق جلد "سيجورد" بواسطته وإلحاق الهزيمة به أخيرا ثم تصالح الإثنان وركبا إلى الملك "غونار" (غونثر) حيث تزوج "سيجورد" من أخت "غونار" "جريمهيلدا" (كريمهيلدا) وأوصى "غونار" بالزواج من "برونهيلدا" فتم ذلك، وزعمت "برونهيلدا" فيما بعد أن "سيجورد" كان سيتزوجها في وقت سابق إلا أنها وافقت على الزواج "بغونار" الذي لم تسمح له بالدخول بها فقام "سيجورد" ـ بموافقة من "غونار" ـ بالتخفي في هيئته وافتض عذريتها مما سلبها قوتها، ثم عاد البطلان "ببرونهيلدا" إلى بلاط "غونار". 

وفي وقت لاحق تخاصمت "جريمهيلدا" و "برونهيلدا" على من لديها رتبة أعلى وادعت "برونهيلدا" أن "سيجورد" ليس من أصول نبيلة فردت عليها "جريمهيلدا" أن "سيجورد" هو من افتضها وليس "غونار" زوجها فأقنعت "برونهيلدا" كلا من "غونار" و "هوغني" Högni (هاغن) بقتل "سيجورد" وهو ما فعله "هوغني" بينما كان "سيجورد" ينهل من نبع أثناء رحلة صيد، ثم وضع الأخوان جثة "سيجورد" في فراش "جريمهيلدا" التي ندبت موته طويلا. 

وكان مؤلف هذه "الساجا" قد أجرى عدة تغييرات لإخراج قصة متماسكة إلى حد ما من بين العديد من المصادر الشفاهية وربما الكتابية، ويذكر المؤلف النسخ الإسكندنافية البديلة للعديد من هذه الحكايات نفسها، ويبدو أنه غير بعض التفاصيل لتتناسب مع القصص التي يعرفها جمهوره الإسكندنافي، وخاصة فيما يتعلق بشباب "سيجورد" الذي جمع فيه عناصر من التقاليد الإسكندنافية والقارية التي وثقت لاحقا في بالاد "أغنية سيجفريد قرني الجلد" Lied vom Hürnen Seyfrid التي تحتوي أيضا على قصة غير موثوقة حول والدي "سيجورد". وللإشارة لم تذكر "الثيدريكساجا" كيف فاز "سيجورد" بكنز "النيبلونغ". 

ويعرض الشطر الثاني من القصيدة البطولية "بيرولف و ودييتليب" المدونة بين 1250 و 1300 حربا بين أبطال بورغنديين من "نيبيلانجين ليد" وأبطال الدورة حول "ديتريش فون بيرن" وفي هذا السياق نشبت معركة بين "سيجفريد" و "ديتريش" أيضا حيث هزم هذا الأخير "سيجفريد" بعد أن تخاذل في بادئ الأمر، ويعرض النص أيضا معركة بين "سيجفريد" والبطل "هايم" حيث أخذ "سيجفريد" سيف "هايم" الشهير "ناغيلرينغ" وتقاتل كلا الفريقين للاستيلاء على السيف. 

ويشير النص أيضا إلى أن "ديتريش" أحضر ذات مرة "سيجفريد" إلى بلاط "إيتزل" كرهينة وهو ما تمت الإشارة إليه كذلك في "أغنية النيبلونغ". 

ويعد كتاب الأبطال Heldenbuch-Prosa الذي وثق أولا سنة 1480 أحد أهم الشهادات للتقاليد الشفاهية خارج "أغنية نيبلونغ" مع العديد من التفاصيل الموافقة "للثيدريكساجا"، ويتضمن هذا المؤلف عموما القليل من التفاصيل عن "سيجفريد" حيث يشير إلى أنه كان ابن الملك "سيجموند" من "نيدرلاند" وكان متزوجا من "كريمهيلدا" وأنها دبرت محاكمة "إتسل" للانتقام من مقتل "سيجفريد" على يد "ديتريش فون بيرن"، ووفقا للكتاب قتل "ديتريش" "سيجفريد" وهو يقاتل في حديقة الورود في "فورمس". 

"سيجفريد" يحارب التنين لإنقاذ "كريمهيلدا"، نقش خشبي حديث مبكر "لسيجفريد القرني".

وتقدم الأغنية البطولية "سيجفريد قرني الجلد" Das Lied vom Hürnen Seyfrid التي تعود لأواخر العصور الوسطى سردا لمغامرات "سيجفريد" في مرحلة شبابه وتتفق في كثير من تفاصيلها مع "الثيدريكساجا" والمصادر النوردية القديمة الأخرى "كأغنية نيبلونغ"، ووفقا لهذا المصدر اضطر "سيجفريد" إلى ترك بلاط والده "سيجموند" بسبب سلوكه المتمرد وترعرع على يد حداد في الغابة، ومع ذلك كان جامحا لدرجة أن الحداد خطط لمقتله على يد تنين، لكن "سيجفريد" كان قادرا على قتل التنين كما قتل العديد من التنانين الأخرى من خلال محاصرتها تحت جذوع الأشجار وإضرام النيران فيها فذابت جلود التنانين التي وصفت بأنها سميكة كالقرون وقد وضع "سيجفريد" أصبعه فيها فصار جلده قرنيا ثم لطخ كامل جسده بجلد التنين الذائب باستثناء بقعة واحدة وفي وقت لاحق عثر على أثر تنين كان قد اختطف الأميرة "كريمهيلدا من فورمس" ثم حارب العملاق "كوبيران" بمساعدة القزم "ويجل" وكان هذا القزم يملك مفتاح الجبل الذي نقلت "كريمهيلدا" إليه فأنقذ الأميرة وذبح التنين ووجد كنز "نيبلونغ" داخل الجبل، وتنبأ له القزم "ويجل" بأنه لم تبق سوى ثماني سنوات من عمره ليعيشها فأدرك "سيجفريد" أنه لن يكون قادرا على استخدام الكنز فألقاه في نهر "الراين" في طريقه إلى "فورمس" وتزوج "كريميهلدا" وحكم هناك مع إخوتها "غونثر" و "هاغن" و "جيزلر" لكن في السنة الثامنة استاؤوا منه وقتلوه. 

لوحة جدارية تظهر الأبطال "سيجفريد" و "ديتريش فون بيرن" و "ديتليب" بالقرب من "بوزن" حوالي 1400.

ويسجل رئيس الدير الإيسلندي "نيكولاوس من ثفيرا" أنه أثناء سفره عبر "ويستفاليا" ظهر له المكان الذي قتل فيه "سيجورد" التنين (الذي يدعى "غنيتا-هيث" في التقليد الإسكندنافي) بين قريتين جنوب "بادربورن". 

وفي أغنية للشاعر الغنائي المتجول "دير مارنر" من منتصف القرن الثالث عشر أورد ذكر وفاة "سيجفريد" كقصة شائعة كان الجمهور الألماني يستمتع بسماعها إلى جانب كنز "نيبلونغ". 

وتسجل سجلات مدينة "فورمس" أنه عندما زار الإمبراطور "فريدريك الثالث" المدينة عام 1488 أخبره سكان البلدة بأن "سيجفريد" مدفون في مقبرة القديس "ماينهارد" والقديسة "سيزيليا" فأمر "فريدريك" بنبش القبور ـ وحسب مصدر لاتيني ـ لم يعثر على أي شيء؛ لكن سجل التاريخ الألماني يذكر أن "فريدريك" وجد جمجمة وبعض العظام البشرية ذات أحجام أكبر من المعتاد. 

ثانيا ـ التقاليد والشهادات الإسكندنافية: 

قد تكون بعض عناصر التقاليد الإسكندنافية بالفعل أقدم من الشهادات القارية عن هذه الشخصية، ويبدو أن جزءا كبيرا من هذه التقاليد قد تغير بسبب سياق تنصير آيسلندا والدول الإسكندنافية، فالظهور المتكرر للآلهة الوثنية يعطي القصص البطولية طابع حقبة منتهية. وتعد أقدم الشهادات للتقاليد الإسكندنافية هي عبارة عن رسوم تصويرية، ولا يمكن فهم هذه الرسوم إلا من خلال معرفة القصص التي تصورها. 

"سيجفريد" كما تخيلته الرسامة السويدية "جيني نيستورم" (1854-1946).

وتعد الإيدا النثرية (Prose Edda) أو الإيدا الصغرى أو إيدا سنوري (Snorra Edda) والتي نسبت إلى "سنوري ستورلوسون" أقدم شهادة غير مصورة للنسخة الإسكندنافية عن حياة "سيجورد" ويرجع تاريخها إلى عام 1220 تقريبا، ويعيد "سنوري" من خلالها سرد قصة "سيجورد"، ويبقى عرضه للقصة مشابها جدا للقصة الموجودة في ملحمة "فولسونغا" Völsunga saga، لكنه أقصر بكثير، ولا تذكر هذه النسخة انتقام "سيجورد" لمقتل والده، ويذكر النص أن "سيجورد" نشأ في مكان يسمى "ثجود" (Thjod). 

وحسب هذه الإيدا فإن "سيجورد" تربى في بلاط الملك "هلبريك" وتلقى سيفه "غرام" من الحداد "ريجين"، وقتل التنين "فافنير" في براح "غنيتا" عن طريق النزول في حفرة وطعنه قلب التنين من الأسفل وتذوق دمه فتمكن من فهم منطق الطير عندما أخبره طائر أن "ريجين" سيقتله من أجل الحصول على ذهب التنين فقتل "ريجين" وأخذ كنز "النيبلونغ" لنفسه وركب بعيدا مع كنزه متوجها إلى مملكة الملك "جوكي"، وهناك تزوج من ابنته "غودرون" وساعد شقيقها "غونار" في الحصول على "برونهيلدا" التي طلب يدها من شقيقها "آتلي" ولأجل تلك الغاية خدع "سيجورد" "برونهيلدا" من خلال تقمص شكل "غونار" بعدما عجز هذا الأخير عن الوفاء بشرط الركوب عبر جدار اللهب؛ فركب "سيجورد" النيران وتزوج "برونهيلدا" لكنه لم ينم معها ووضع سيفه بينهما في الفراش ثم عاد و"غونار" إلى شكليهما السابقين. 

ورزق "غونار" و "سيجورد" من زوجتيهما بطفلين هما "سفانهيلد" و "سيجموند" الأصغر، وفي وقت لاحق كشف شجار نشب بين "برونهيلدا" و "غودرون" أن "سيجورد" هو الشخص الذي ركب خلال النيران وأظهرت زوجة "سيجورد" حلقا كان قد أخذها زوجها من "برونهيلدا" كدليل على صحة قولها فرتبت "برونهيلدا" لقتل "سيجورد" على يد شقيق "غونار" المسمى "غوثورم"، فطعن هذا الأخير "سيجورد" أثناء نومه لكن "سيجورد" تمكن من شطره إلى نصفين بسيفه قبل أن يموت، كما كان "غوثورم" قد قتل "سيجموند الأصغر" ابن "سيجورد" ذو الثلاث سنوات ثم قتلت "برونهيلدا" نفسها وأحرق جثمانها في نفس المحرقة التي أحرق فيها جثمان "لسيجورد". 

وتضمنت الإيدا الشعرية ـ التي جمعت حوالي عام 1270 في آيسلندا ـ الأغاني الأسطورية والبطولية من مختلف العصور، وشكلت قصة "سيجورد" جوهر القصائد البطولية لهذه الإيدا، ومع ذلك فإن تفاصيل حياة "سيجورد" وموته في القصائد المختلفة تتعارض مع بعضها البعض، بحيث لا تظهر قصة "سيجورد" بوضوح. 

وبوجه عام، لا يعتقد أن أيا من القصائد قد تم تأليفها قبل عام 900، ويبدو أن بعضها كتب في القرن الثالث عشر، ومن الممكن أيضا أن تكون القصائد القديمة قد كتبت بأسلوب قديم وأن القصائد الحديثة لم تكن سوى إعادة صياغة لها، لذا فإن التاريخ الموثوق به يبقى أمرا مستحيلا بالنسبة لهذه الإيدا التي تعرف"سيجورد" كملك للفرنجة. 

وتعد فقرة "موت سينفيوتلي" نصا نثريا قصيرا بين القصائد الذي تضمن في نهايته ولادة "سيجورد" الذي جاء أنه ولد بعد مقتل والده "سيجموند" أثناء محاربة أبناء "هوندينغ" وتزوجت "هيورديس" والدة "سيجورد" ابن "هايلبريك" وربت ابنها في بلاطه. 

وتناولت "الجريبيسبا" ذهاب "سيجورد" إلى "جريبير" خاله من أجل سماع نبوءته عن حياته فأخبره "جريبير" أنه سيقتل أبناء "هاندينغ" والتنين "فافنير" و "ريجين" الحداد ليحصل على كنز "النيبلونغ" ثم سيوقظ "الفالكيري" ويتعلم منها الأحرف الرونية ثم توقف "جريبير" عند هذه الواقعة لكن "سيجورد" ألح عليه ليتم نبوءته فأخبره أنه سيذهب إلى منزل "هايمر" ويخطب "برونهيلدا" لكنه سيجرع شرابا في بلاط "جوكي" يجعله ينسى وعده فيتزوج "غودرون" ثم بعد ذلك سيعمل على تزويج "برونهيلدا" "لغونار" وينام مع "برونهيلدا" دون ممارسة الجنس وستفطن "برونهيلدا" بالخدعة وتزعم أن "سيجورد" قد ضاجعها مما سيقود إلى مقتله على يد "غونار". 

وتتألف مجموعة أشعار شباب "سيجورد" من ثلاثة قصائد وتمزج بين قصتين "لسيجورد"، فتارة تظهره كأمير ملكي ذكي وتارة أخرى تحكي عن ترعرعه في بيت "ريجين" الحداد وتظهره فظا بليدا، ومن المرجح أن "سيجورد" أمضى شبابه مع "ريجين"، ويبدو أن نجاحه جاء نتيجة للمساعدة الخارقة للطبيعة لا بفضل مكره ودهائه. 

ونجد في القصيدة الإيدية "مصرع ريجين" "ريجين" الحداد الذي كان يقيم في بلاط "هالبريك" والذي أخبر "سيجورد" عن كنز كان على الآلهة تجميعه من أجل تعويض عائلة "أوتر" الذين قتلوا على أيديهم، لكن "فافنير" أخ "أوتر" كان قد تحول إلى تنين وكان يحرس الكنز وحث "ريجين" "سيجورد" على قتل "فافنير" وصنع سيف "غرام" لأجل هذه المهمة لكن "سيجورد" قرر قتل "لينفي" وأبناء "هاندينغ" الآخرين قبل أن يقتل التنين، وقد رافقه "أودين" في طريقه وبعد مقتل الإخوة في المعركة ونحت نسر الدم على جدث "لينفي" امتدح "ريجين" ضراوة "سيجورد" في المعركة. 

وتحكي قصيدة "أقاويل فافنير" عن توجه "سيجورد" رفقة "ريجين" الحداد إلى "غنيتا-هيث" حيث حفر حفرة ونزل فيها ليطعن "فافنير" في قلبه من الأسفل عندما مر فوق الحفرة، وقبل موت "فافنير" أخبر "سيجورد" ببعض حكمه وحذره من اللعنة التي تحيط بالكنز، وبمجرد موت التنين مزق "ريجين" قلبه وطلب من "سيجورد" أن يطهوه وأثناء الطهي حاول "سيجورد" التحقق من استواء القلب فأحرق أصبعه ووضعه في فمه فتمكن بذلك من فهم منطق الطير الذي حذره من تخطيط "ريجين" لقتله، فقتل "ريجين" الحداد وطلبت منه الطيور الذهاب إلى قصر محاط بالنيران حيث تكون الفالكيري "سيجدريفا" نائمة وتوجه إلى هناك وحمل الكنز على صهوة حصانه. 

وحسب قصيدة "قائد النصر" ركب "سيجورد" إلى "هندارفال" حيث وجد جدارا مصنوعا من الدروع ووجد امرأة نائمة في الداخل ترتدي درعا نما على جلدها فقطع "سيجورد" درعها واستيقظت الفالكيري "سيجدريفا" وعلمته الحروف الرونية وبعض التعاويذ السحرية وقدمت له بعض النصائح. 

حصان "سيجورد" "غراني" يبكي فوق جسد صاحبه.

وتبدأ القصيدة المبتورة "قطعة من أغنية سيجورد" مع "هوغني" و "غونار" اللذين تشاورا حول قتل "سيجورد" بسبب ارتياب "هوغني" في حقيقة نوم "سيجورد" مع "برونهيلدا" ثم قتل كل من "غوثورم" و "غونار" وشقيق "هوغني" الأصغر "سيجورد" في الغابة وبعد ذلك اعترفت "برونهيلدا" أن "سيجورد" لم ينم معها أبدا. وتظهر هذه القصيدة تأثير التقاليد الجرمانية القارية حيث تصور موت "سيجورد" في الغابة بدلا من سريره. 

وفي قصيدة "مدفن سيجورد" أتى "سيجورد" إلى بلاط "جوكي" وأدى إلى جانب "غونار" و "هوغني" قسم الصداقة ثم تزوج "سيجورد" من "غودرون" واستحوذ على "برونهيلدا" لأجل "غونار" دون أن ينام معها، وكانت "برونهيلدا" راغبة في "سيجورد" وعندما فشلت في الظفر به كادت لقتله فذبح "غوثورم" "سيجورد" في سريره لكن "سيجورد" تمكن من قتله قبل أن يموت ثم قتلت "برونهيلدا" نفسها وطلبت أن تحرق في نفس المحرقة التي أحرق فيها "سيجورد"، ويفترض عموما أن هذه القصيدة ليست قديمة جدا. 

"سيجورد" يمص إبهامه بعد قتل "فافنير" ـ مدرج كنيسة "هيليستاد".

أما ملحمة "فولسونغ" أو "الفولسونغا ساجا" فتضمنت السرد الأكثر تفصيلا لحياة "سيجورد" في كل من التقاليد الألمانية أو الإسكندنافية إلى جانب "الإيدا الشعرية"، وتتبع هذه "الساجا" الحبكة الواردة في الإيدا الشعرية على الرغم من غياب ما يشير إلى معرفة المؤلف بالنص الآخر، ويبدو أن المؤلف كان يعيش في النرويج وكان مطلعا على "الثيودريكساجا" وبالتالي فإن تاريخ ملحمة "فولسونغ" يعود إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وتغير الملحمة الموقع الجغرافي لحياة "سيجورد" من ألمانيا إلى إسكندنافيا وهي مرتبطة بملحمة "راغنار لودبروك" التي تعتبر هذه الأخيرة تكملة لها من خلال زواج "راغنار" من "أسلوج" ابنة "سيجورد" و "برونهيلدا". 

"سيجورد" و "غونار" في النار ـ بواسطة "جون تشارلز دولمان" (1909).

ووفقا لملحمة "فولسونغ" فإن "هورديس" زوجة "سيجموند" أنجبت ابنهما "سيجورد" بعد مقتل والده في عراك ضد "لونفي" الذي كان ينافسه على ود "هورديس"، وقد ظلت "هورديس" وحدها في ساحة المعركة حيث قتل زوجها "سيجموند" ووجدها الملك "ألف" الذي تزوجها فيما بعد وأخذ سيف "سيجموند" المحطم فأنجبت "سيجورد" بعد ذلك بفترة وجيزة وترعرع وليدها على يد "ريجين" الحداد في بلاط الملك "هالبريك"، وفي يوم من الأيام أخبر "ريجين" "سيجورد" عن قصة كنز كان يحرسه التنين "فافنير" الذي دفعه كل من "أودين" و "لوكي" و "هونير" فدية لمقتل "أوتر"، فطلب "سيجورد" من "ريجين" أن يصنع له سيفا لقتل التنين، لكن كل سيف كان يقوم "ريجين" بصنعه كان ينكسر عندما يختبر "سيجورد" صلابته على السندان، وأخيرا صنع "ريجين" سيفا جديدا من سيف "سيجموند" القديم المحطم فتمكن "سيجورد" من تحطيم سندان الحداد به بسبب صلابته، وطلب "ريجين" من "سيجورد" استرداد جزء من كنز "فافنير" لكن "سيجورد" قرر الثأر لوالده أولا فقاد جيشا وقتل "لونفي" بمساعدة "أودين". ثم توجه "سيجورد" إلى "غنيتا هيث" لقتل التنين، واختبأ في حفرة عبر فوقها "فوفنير" فطعنه "سيجورد" في قلبه من الأسفل وتمكن من قتله، ثم ظهر "ريجين" الذي شرب بعضا من دم التنين وطلب من "سيجورد" أن يطبخ قلبه، فاختبر "سيجورد" مدى استواء القلب أثناء الطهي لكنه أحرق أصبعه فوضعه في فمه وصار قادرا على فهم لغة الطيور التي أخبرته أن "ريجين" يخطط لقتله وأن من الحكمة قتل "ريجين" أولا ثم أخذ الكنز والذهاب إلى "برونهيلدا" فقام "سيجورد" بكل هذا وتوجه إلى "برونهيلدا" التي كانت نائمة في حلقة من الدروع مرتدية درعا نمت على جلدها ثم مزق "سيجورد" درعها وأيقظها فتواعدا على الزواج وكررا وعدهما في بلاط "هايمر" صهر "برونهيلدا". ثم ذهب "سيجورد" إلى بلاط الملك "جوكي" فجعلته الملكة "غريمهيلدا" يجرع شرابا أنساه وعده "لبرونهيلدا" ووافق على الزواج من ابنتها "غودرون"، وأقسم "سيجورد" وابنا "جوكي" "غونار" و "هوغني" على الولاء لبعضهم وأن يصبحوا أخوة في الدم، وفي هذه الأثناء أقنعت "غريمهيلدا" "غونار" ابنها على الزواج من "برونهيلدا" وهو ما وافقت عليه عائلة "برونهيلدا" إلا أن "برونهيلدا" اشترطت على "غونار" أن يعبر جدار النار الذي يحيط بقلعتها قبل الموافقة على الزواج منه، لكن "غونار" كان عاجزا عن ذلك فاستخدم مع "سيجورد" تعويذة أخبرتهما بها "غريمهيلدا" لتغيير الهيأة ثم عبر "سيجورد" جدار النار في هيأة "غونار" وذهلت "برونهيلدا" كيف عبر شخص غير "سيجورد" هذا الجدار ثم نام "سيجورد" مع "برونهيلدا" ثلاث ليال ووضع سيفا بينهما وتزوج الأربعة "سيجورد" و "غودرون" و "غونار" و "برونهيلدا" في يوم واحد. وفي أحد الأيام تجادلت "غودرون" و "برونهيلدا" في النهر أثناء الاستحمام حول من منهما تزوجت الرجل الأكثر نبلا فأخبرت "غودرون" "برونهيلدا" كيف تم خداعها وأرتها خاتما كان قد أخذه "سيجورد" منها في أول ليلة نام معها كدليل، فغضبت "برونهيلدا" وقررت الانتقام وعندما ذهب "سيجورد" للتحدث معها واعترف الاثنان بحبهما لبعضهما البعض اقترح "سيجورد" تطليق "غودرون" ليكون مع "برونهيلدا" لكنها رفضت ذلك وطلبت فيما بعد من "غونار" قتل "سيجورد" فطلب من شقيقه الأصغر "غوثورم" فعل ذلك لأنه لم يكن قد أقسم على الولاء "لسيجورد" مثله وبعد تناول "غوثورم" للحم الذئب شق طريقه إلى حجرة نوم "سيجورد" وطعنه في ظهره بسيفه ورغم ذلك تمكن "سيجورد" من قتل "غوثورم" وأكد "لغودرون" أثناء احتضاره أنه كان دائما مخلصا "لغونار" ثم مات، وانتحرت "برونهيلدا" بعد ذلك بوقت قصير وقد تم حرقها و "سيجورد" في نفس المحرقة. 
المرجع:

الأحد، 10 يناير 2021

العوالم الخمسة للطهراني



ـ الجنّة‌ والنار مظهران‌ موجودان‌ في‌ جميع‌ العوالم‌ الإلهيّة‌: 

واعلم‌، أنّ الجنّة‌ والنار، إنّما هي‌ مظاهر في‌ جميع‌ العوالم‌ الإلهيّة‌، ولا ريب‌ في‌ كونها من‌ الأعيان‌ التي‌ هي‌ صور علميّة‌ في‌ العلم‌ الإلهي‌ّ، ويكثر وجودها في‌ العالم‌ الروحاني‌ّ أكثر منه‌ في‌ الوجود الجسماني‌ّ كذلك‌. وأنّ إخراج‌ آدم‌ و حواء من‌ الجنّة‌، إنّما هو إشارة‌ إلی‌ ذلك‌، وللنار كذلك‌ وجود في‌ هذا العالم‌ الروحاني‌ّ، ذلك‌ أنّ العالم‌ الروحاني‌ّ مثال‌ لما هو موجود في‌ علمه‌، والأحاديث‌ التي‌ تدلّ علی‌ وجودهما كثيرة‌، وقد أشار الرسول‌ عليه‌ الصلاة‌ والسلام‌ إلی‌ مسألة‌ إثبات‌ وجودهما في‌ عالم‌ الدنيا بقوله‌، الدُّنْيَا سِجْنُ المُوْمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ. [1] وكذا في‌ الآية‌ الشريفة‌: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُ بِالْكَـ'فِرِينَ. [2]

ـ أدلّة‌ إثبات‌ وجود الجنّة‌ والنار في‌ عوالم‌ ما بعد عالم‌ الدنيا: 

وفي‌ مكان‌ آخر، أشار كذلك‌ إلی‌ إثبات‌ وجودهما في‌ البرزخ‌ المثإلی‌ّ قائلاً: القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ. [3] وهو موجود كذلك‌ في‌ العالم‌ الإنساني‌ّ، الذي‌ هو منتخب‌ الجميع‌، ذلك‌ أنّ مرتبة‌ الروح‌ والقلب‌ والكمالات‌ الخاصّة‌ بهما، هي‌ النعيم‌ عينه‌. وأمّا مقام‌ النفس‌ والهدي‌ ومتعلّقاتهما، فهي‌ الجحيم‌ عينه‌. وآخر مراتب‌ مظاهرهما هي‌ الدار الآخرة‌، التي‌ هي‌ عالم‌ الجزاء، وقد تطرّقت‌ الأحاديث‌ والقرآن‌ الكريم‌ إلی‌ الكلام‌ عن‌ هذا العالم‌ في‌ مواضع‌ كثيرة‌. 

ويقول‌ الإمام‌ محمّد الغزالي في‌ «المظنّون‌ به‌ علی‌ غير أهله‌»[4]: قال‌ أبو علي وهو من‌ عظماء الفلاسفة‌: يمكن‌ القول‌ إنّ الحقّ جلّ شأنه‌ قد أعطى‌ هذه‌ القوّة‌ للنفس‌ الفلكيّة‌، بحيث‌ إنّ ما موجود في‌ عالم‌ الموالید السفليّة‌ من‌ أشخاص‌ وأقوال‌ وأعمال‌ وأخلاق‌ وحركات‌ وسكنات‌، والصور المناسبة‌ لكلٍّ من‌ تلك‌ الرموز وأسمائها الواردة‌ في‌ الشريعة‌ السمحاء، موجودة‌ بأجمعها في‌ تلك‌ النفس‌ الفلكيّة‌، إذ إنّ النفس‌ الإنسانيّة‌ بعد قطع‌ اتّصالها بالبدن‌ العنصري‌ّ تتّصل‌ ببدن‌ آخر يليق‌ بذلك‌ العالم‌، وتُشاهَد عياناً صور الأعمال‌ والأخلاق‌ والأوصاف‌ والأقوال‌ التي‌ صدرت‌ منها في‌ هذا العالم‌. [5]

ذلك‌ ما أخبر به‌ المخبر الصادق‌، وهو الرسول‌ الأمين‌ صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، من‌ حور وقصور ورضوان‌ وأثمار وأنهار، وأخبر في‌ مقابل‌ ذلك‌ عن‌ الأفاعي‌ والعقارب‌ والنار ومالك‌، ولمّا كان‌ ذلك‌ لا يخالف‌ العقل‌، وقد كان‌ المخبر به‌ هو المخبر الصادق‌، فلا ريب‌ أنّ ذلك‌ هو ما هو كائن‌ حقّاً. وهذا لِمَن‌ يُرِيد إدراك‌ هذا المعنى بطريق‌ العقل‌، وإلاّ فإنّ أصحاب‌ الصفاء والنقاء وأهل‌ القلوب‌ يشاهدون‌ بعين‌ البصيرة‌ كلّ ما قاله‌ وأخبر عنه‌ النبي‌ّ، وعلى‌ هذا، فإنّ قاعدة‌: مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا،[6] تدلّ علی‌ أنّ ما يكون‌ بعد الموت‌ الطبيعي‌ّ، يمكن‌ مشاهدته‌ بالموت‌ الاختياري‌ّ بعين‌ إلیقين‌، وإزالة‌ ما في‌ داخلهم‌ من‌ شكّ. 

زينهار اي‌ جان‌ من‌ صد زينهار نيك‌ كن‌ پيوسته‌ دست‌ از بد بدار 

زانكه‌ هر چه‌ اينجا كني‌ از نيك‌ و بد مونست‌ خواهد شدن‌ اندر لحد [7]

حيث‌ إنّ القَبْرُ صَنْدُوقُ العَمَلِ. [8]

وأمّا الأعـراف‌، فهي‌ جمـع‌ عُـرف‌، يطلق‌ علی‌ المكان‌ المرتفـع‌ الذي‌ يُشـرف‌ علی‌ جوانبه‌. وتلك‌ هي‌ مرتبة‌ السـابقين‌، حيث‌ يقـول‌ تعالی‌: 

السَّـابِقُونَ السَّـابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [9]

وهم‌ الكاملون‌ الذين‌ وصلوا إلی‌ مقام‌ جمع‌ الجمع‌، وهو مقام‌ البقاء بالله‌، حيث‌ يرون‌ الحقّ تعالی‌ متجلّياً في‌ كلّ شي‌ء والصفة‌ التي‌ يعدّ ذلك‌ الشي‌ء مظهراً لها، وهذا المقام‌ هو الإشراف‌ علی‌ الجوانب‌. إذ يمكنه‌ رؤية‌ كلّ شي‌ء كما هو، ويعلمون‌ أنّ: 

وَعَلَى الاْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاَّ بِسِيمَاهُمْ. [10]

ما طبيبانيم‌ و شاگردان‌ حقّ بحر قُلزم‌ ديد ما را فَانفَلَقْ [11]

آن‌ طبيبانِ طبيعت‌ ديگرند كه‌ به‌ دل‌ از راه‌ نبضي‌ بنگرند 

ما به‌ دل‌ بي‌واسطه‌ خوش‌ بنگريم‌ كز فراست‌ ما به‌ عإلی‌ منظريم‌ [12]

وبعد أن‌ أشار إلی‌ بعض‌ من‌ العوالم‌ الغيبيّة‌، ذكر في‌ مكان‌ آخر: 

كدام‌ است‌ آن‌ جهان‌ كو نيست‌ پيدا كه‌ يك‌ روزش‌ بود يك‌ سال‌ اينجا؟ [13]

ـ العوالم‌ الخمسة‌: اللاهوت‌، الجبروت‌، الملكوت‌، المُلك‌ والناسوت‌: 

واعلم‌ أنّ العوالم‌ الكلّيّة‌ هي‌ خمسة‌: 

الأوّل‌: عالم‌ الذات‌، وهو ما يطلقون‌ عليه‌ باللاهوت‌ والهويّة‌ الغيبيّة‌، والغيب‌ المجهول‌، وغيب‌ الغيوب‌، وعين‌ الجمع‌، وحقيقة‌ الحقائق‌، ومقام‌ أو أدنى‌، وغاية‌ الغايات‌، ونهاية‌ النهايات‌، والأحديّة‌. 

الثاني‌: عالم‌ الصفات‌، وهو ما يطلقون‌ عليه‌ بالجبروت‌، وبرزخ‌ البرازخ‌، والبرزخيّة‌ الاُولى، ومجمع‌ البحرين‌، وقاب‌ قوسين‌، ومحيط‌ الأعيان‌، والوحدانيّة‌، والعماء. 

الثالث‌: عالم‌ الملكوت‌، ويسمّونه‌ كذلك‌ عالم‌ الأرواح‌، وعالم‌ الأفعال‌، وعالم‌ الأمر، وعالم‌ الربوبيّة‌، وعالم‌ الغيب‌ والباطن‌. 

الرابع‌: عالم‌ المُلك‌، ويطلقون‌ عليه‌ كذلك‌ عالم‌ الشهادة‌، والعالم‌ الظاهر، وعالم‌ الآثار، والخلق‌، والمحسوس‌. 

الخامس‌: عالم‌ الناسوت‌، ويطلقون‌ عليه‌ كذلك‌ الكون‌ الجامع‌، والعلّة‌ الغائيّة‌، وآخر التنزّلات‌، ومَجْلَي‌ الكلّ. 

فالعوالم‌ الثلاثة‌ من‌ هذه‌ العوالم‌ الخمسة‌ هي‌ ضمن‌ عالم‌ الغيب‌، لأنّها خارجة‌ عن‌ عالم‌ الإدراك‌ والحواسّ. وأمّا العالمان‌ الآخران‌ فهما ضمن‌ عالم‌ الشهادة‌، لأنّهما محسوسان‌ بالحواسّ. 

يقول‌ الشيخ‌: أين‌ هو ذلك‌ العالم‌ غير المحسوس‌؟ أي‌ أنّه‌ غير محسوس‌ وغائب‌ عن‌ الحواسّ، حيث‌ إنّ يوماً في‌ ذلك‌ العالم‌، يعادل‌ سنة‌ من‌ هذا العالم‌. 

وهذا العالم‌ إشارة‌ إلی‌ البرزخ‌ المثالی‌ّ، وهو الحدّ الفاصل‌ بين‌ الغيب‌ والشهادة‌، وهو جامع‌ لأحكام‌ العالمَين‌، الظاهر والباطن‌، بحسب‌ البرزخيّة‌. وأمّا مسألة‌ الزمان‌ والمكان‌ والطول‌، والقصر في‌ الشهر والسنة‌ في‌ هذا العالم‌ الجسماني‌ّ، فهي‌ مقيّدة‌ بالكثافة‌، وكلمّا قلّت‌ الكثافة‌، قلّ في‌ مقابل‌ ذلك‌ التقيّد واعتبار البعد بين‌ المبدأ والمعاد، والأزل‌ والأبد، وأضحت‌ مسألة‌ ظهور العلم‌ وانكشاف‌ المعلومات‌ والحقائق‌ هامشيّة‌ قليلة‌ الأهمّيّة‌. 

ولهذا صار يوم‌ واحد في‌ عالم‌ البرزخ‌ يعادل‌ عاماً واحداً في‌ عالمنا هذا، ويوم‌ واحد في‌ عالم‌ الربوبيّة‌، هو بألف‌ عامّ في‌ هذا العالم‌ إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ. وأمّا الیوم‌ الواحد في‌ عالم‌ الألوهيّة‌، فهو مساوٍ لخمسين‌ ألف‌ سنة‌ في‌ هذا العالم‌ تَعْرُجُ الْمَلَـائِكَةُ وَالرُّوحُ إلیهِ فِي‌ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.[14] شعر: 

پيش‌ ما صد سال‌ و يك‌ ساعت‌ يكي‌ است‌ كه‌ دراز و كوته‌ از ما منفكي‌ است‌ [15]

آن‌ دراز و كوتهي‌ در جسمها است‌ آن‌ دراز و كوته‌ اندر جان‌ كجاست‌ 

از ره‌ و منزل‌ ز كوتاه‌ و دراز دل‌ چه‌ داند كوست‌ مست‌ و دلنواز 

آن‌ دراز و كوته‌ اوصاف‌ تن‌ است‌ رفتن‌ ارواح‌، ديگر رفتن‌ است‌ [16]

بما أنّ في‌ ذات‌ الأحديّة‌ لا وجود للتعيّن‌ والتقيّد ـ لأنّ الكثرات‌ الاعتباريّة‌ عنده‌ معدومة‌ فإنّ تقدّم‌ الذات‌ الأحديّة‌ علی‌ الذات‌ الوحدانيّة‌ التي‌ هي‌ منشأ التعيّنات‌ والنسب‌، يُعبّر عنه‌ بالسنة‌ السرمديّة‌، وجاء في‌ بعض‌ النسخ‌ "كان‌ يوماً منه‌ بخمسين‌ يوماً من‌ هذا العالم‌". 

وذلك‌ العالم‌ هو إشارة‌ إلی‌ عالم‌ الألوهيّة‌، والمراد بالخمسين‌، هي‌ خمسون‌ ألف‌ عام‌، فِي‌ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ و خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.[17]

وقد أشار إلی‌ عوالم‌ غير مدركة‌ بالحواسّ، وليس‌ كلّ شخص‌ هو سابح‌ في‌ هذه‌ الأجواء، ولأجل‌ التأكيد علی‌ تصديق‌ المستمع‌ يقول‌: 

همين‌ نبود جهان‌ آخر كه‌ ديدي‌ نه‌ ما لاَ تُبْصِرونْ آخر شنيدي‌؟ [18]

أي‌ أنّ عالم‌ الشهادة‌ والمحسوس‌ الذي‌ أمامك‌ ليس‌ هو كلّ شي‌ء، بل‌ هنالك‌ عوالم‌ أُخرى‌ كثيرة‌ لا تدركها الحواسّ، علی‌ الرغم‌ من‌ أنّه‌، أي‌ عالم‌ الشهادة‌ والمحسوس‌، ينحصر عموماً في‌ العوالم‌ الثلاثة‌ التي‌ مرّ ذكرها، فهو يقول‌: ألم‌ تسمع‌ كلام‌ الخالق‌: وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ؟[19] أي‌ تلك‌ العوالم‌ التي‌ لا تري‌ بالباصرة‌. وفي‌ كلام‌ الباري‌ جاء القسم‌ بهذين‌ العالمين‌ بقوله‌ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ، وهما عالم‌ الظاهر، وعالم‌ الباطن‌، أو الغيب‌ والشهادة‌، واللذان‌ يشتملان‌ علی‌ العوالم‌ الخمسة‌ المذكورة‌، التي‌ تمّ شرحها آنفاً. وعالم‌ اللاهوت‌ هو أصل‌ كلّ تلك‌ العوالم‌، ونسبة‌ هذا العالم‌ إلی‌ تلك‌ العوالم‌، كحَبّة‌ الرمل‌ إلی‌ الصحراء، أو قطرة‌ الماء إلی‌ البحر. 

ـ «جابلقا» مجمع‌ البحرين‌ للاُلوهيّة‌ والإمكان‌؛ و«جابلسا» تعيّن‌ النشأة‌ الإنسانيّة‌: 

ولأنّ النشأة‌ الإنسانيّة‌، وشأن‌ جامعيّة‌ كمالها، يقتضيان‌ العلم‌ بكلّ مراتب‌ الموجودات‌، والاطّلاع‌ علی‌ كلّ المسمّيات‌ بحكم‌ وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاْسْمَآءَ كُلَّهَا [20] يقول‌: 

بيا بنما كه‌ جابُلقا كدام‌ است‌ جهان‌ شهر جابُلسا كدام‌ است‌ [21]

جاء في‌ القصص‌ والروايات‌ التأريخيّة‌، أنّ جابلقا، هي‌ مدينة‌ كبيرة‌ جدّاً في‌ الشرق‌، وجابلسا أيضاً، كبيرة‌ جدّاً وتقع‌ في‌ الغرب‌، وبالمقابل‌ من‌ جابلقا، وقد علّق‌ أهل‌ التأويل‌ في‌ هذه‌ المسألة‌ بما يكفي‌، ولكن‌ خطر ببالی‌ معنيين‌ علی‌ سبيل‌ الإشارة‌ وهما: 

الأوّل‌: جابلقا هي‌ العالم‌ المثالی‌ّ، والتي‌ تقع‌ في‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ للأرواح‌، وهي‌ البرزخ‌ بين‌ الغيب‌ والشهادة‌، وتشتمل‌ علی‌ صور العالم‌، فهي‌ بلا شكّ، مدينة‌ كبيرة‌، وواسعة‌ جدّاً. وأمّا جابلسا، فهي‌ عالم‌ المثال‌ وعالم‌ البرزخ‌، وهي‌ مستقرّ الأرواح‌ بعد مفارقتها دار الدنيا، ومكان‌ صور كلّ ما ارتُكِبَ من‌ الأعمال‌، والأفعال‌، والأخلاق‌، الحسن‌ منها والسيء‌ المكتسبة‌ في‌ الحياة‌ الدنيا ـ كما هو وارد في‌ الأحاديث‌ والآيات‌، ويقع‌ هذا البرزخ‌ في‌ الجانب‌ الغربي‌ّ من‌ الأجسام‌، وهي‌ مدينة‌ عظيمة‌ السعة‌، وتقع‌ قبالة‌ جابلقا. 

وهنا يكون‌ أهل‌ مدينة‌ جابلقا، أكثر لطافةً ونقاءً، ذلك‌ لأنّ أهل‌ مدينة‌ جابلقا، وبسبب‌ أعمالهم‌ وأخلاقهم‌ الرديئة‌ التي‌ اكتسبوها في‌ الدنيا، قد صُوّروا بصور مظلمة‌. 

ومعظم‌ الخلق‌ علی‌ هذا التصوّر، بأنّ هذين‌ البرزخين‌ هما شي‌ء واحد، ولكن‌ يجب‌ العلم‌، بأنّ البرزخ‌ الذي‌ يستقبل‌ الأرواح‌ بعد مفارقتها للحياة‌ الدنيا، هو غير البرزخ‌ الكائن‌ بين‌ الأرواح‌ المجرّدة‌ والأجسام‌؛ هذا لأنّ مراتب‌ تنزّلات‌ الوجود ومعارجه‌ دوريّة‌، علی‌ اعتبار أنّ اتّصال‌ النقطة‌ الاُولى‌ بالنقطة‌ الأخيرة‌ غير ممكن‌، إلاّ في‌ حالة‌ الحركة‌ الدورانيّة‌؛ والبرزخ‌ الذي‌ هو كائن‌ قبل‌ النشأة‌ الدنيويّة‌، هو في‌ مراتب‌ تنزّلاتها، ويشكّل‌ النقطة‌ الاُولي‌ بالنسبة‌ إلی‌ هذه‌ النشأة‌، وأمّا البرزخ‌ الذي‌ يأتي‌ بعد النشأة‌ الدنيويّة‌، فهو من‌ مراتب‌ الأوج‌، وعليه‌، فهو يعتبر النقطة‌ الأخيرة‌ بالنسبة‌ إلی‌ النشأة‌ الدنيويّة‌. 

والمسألة‌ الأخرى‌ هي‌ أن‌ الصور التي‌ تلحق‌ بالأرواح‌، هي‌ صور الأعمال‌ ونتائج‌ الأفعال‌ والأخلاق‌ والملكات‌ التي‌ حصلت‌ في‌ النشأة‌ الدنيويّة‌، علی‌ عكس‌ صور البرزخ‌ الأوّل‌. 

فكلّ واحد منهما، هو غير الآخر، ولكنّهما يشتركان‌ في‌ كونهما عالمين‌ روحانيّين‌، ولكلّ منهما جوهر نوراني‌ّ غير مادّي‌ّ، ويحويان‌ علی‌ مثال‌ صور العالم‌. 

ويروي‌ الشيخ‌ داود القيصري‌ّ بقوله‌: قال‌ الشيخ‌ محيي‌ الدين‌ الأعرابي‌ّ قدّس‌ سرّه‌ في‌ "الفتوحات‌"، أنّ البرزخ‌ الأخير، هو غير البرزخ‌ الأوّل‌. وقد أطلق‌ علی‌ الأوّل‌ اسم‌ (الغيب‌ الإمكاني‌ّ)، وعلي‌ الأخير بـ (الغيب‌ المحالی‌ّ)، وذلك‌ لأنّ كلّ صورة‌ في‌ البرزخ‌ الأوّل‌، يمكن‌ لها أن‌ تظهر في‌ الشهادة‌ أيضاً، وأمّا الصور في‌ البرزخ‌ الأخير، فهي‌ ممتنعة‌ عن‌ الرجوع‌ للشهادة‌، اللهمّ إلاّ في‌ الآخرة‌. 

وكثير هم‌ أهل‌ المكاشفة‌ الذين‌ ظهرت‌ لهم‌ صور البرزخ‌ الأوّل‌، والذين‌ كانوا علی‌ دراية‌ بآت‌ الزمان‌، ولكن‌ بالمقابل‌، يندر أن‌ يطّلع‌ أحد منهم‌ علی‌ أحوال‌ الموتى‌. 

وأمّا المعنى‌ الثاني‌، فهو: أنّ مدينة‌ جابلقا، هي‌ مرتبة‌ إلهيّة‌، وهي‌ مجمع‌ البحرين‌ بالنسبة‌ للوجوب‌ والإمكان‌، حيث‌ تكمن‌ فيها صور أعيان‌ جميع‌ الأشياء، ابتداءً من‌ المراتب‌ الكلّيّة‌ والجزئيّة‌؛ واللطائف‌ والقبائح‌ والأعمال‌ والأفعال‌ والحركات‌ والسكنات‌، ومحيطة‌ بما كانَ وما يكونُ، وهي‌ بالمشرق‌، حيث‌ تَلِي‌ مرتبة‌ الذات‌ ولا توجد فاصلة‌ بينهما، وكلّ شموس‌ الأسماء والصفات‌ والأعيان‌ وأقمارها ونجومها قد بزغت‌ وتلألأ نورها من‌ المشرق‌. 

وأمّا مدينة‌ (جابلسا)، فهي‌ لسان‌ حال‌ النشأة‌ الإنسانيّة‌، وهي‌ مجلي‌ جميع‌ حقائق‌ الأسماء الإلهيّة‌، والحقائق‌ الكونيّة‌. فما يطلع‌ من‌ مشرق‌ الذات‌، يغرب‌ في‌ مغرب‌ التعيُّن‌ الإنساني‌ّ ويختفي‌ في‌ صورته‌. شعر: 

با مغربي‌ مغارب‌ اسرار گشته‌ايم‌ بي‌ مغربي‌ مشارق‌ انوار گشته‌ايم‌ [22]

وهذان‌ السوادان‌ الأعظمان‌ في‌ موازاة‌ بعضهما، وخلقهما مع‌ بعض‌ لا يعني‌ النهاية‌، لأنّ كلّ عالم‌ يحوي‌ المشرق‌ والمغرب‌ معاً، بل‌ إنّ كلّ مرتبة‌ وكلّ فرد من‌ الموجودات‌، يمتلك‌ هذه‌ الميزة‌، وهو يقول‌: 

مشارق‌ با مغارب‌ هم‌ بينديش‌ چو اين‌ عالم‌ ندارد از يكي‌ بيش‌ [23]

واعلم‌ أنّ عالم‌ الألوهيّة‌ بالقياس‌ إلی‌ عالم‌ الربوبيّة‌، هو المشرق‌ الذي‌ يفيض‌ من‌ نوره‌ علی‌ عالم‌ الربوبيّة‌، وهكذا، عالم‌ الربوبيّة‌ بالقياس‌ إلی‌ البرزخ‌ المثإلی‌ّ، والبرزخ‌ المثإلی‌ّ بالقياس‌ إلی‌ عالم‌ الشهادة‌، كلٌّ يفيض‌ من‌ نوره‌ علی‌ من‌ هو دونه‌، وكذلك‌ فإنّ كلّ عالم‌ من‌ العوالم‌، وكلّ مرتبة‌ من‌ المراتب‌، وكلّ فرد من‌ الأفراد هو مشرق‌، قد سطعت‌ منه‌ شمس‌ من‌ الأسماء الإلهيّة‌، ومن‌ جهة‌ أُخرى‌، فهو مغرب‌ كَمَنَ في‌ تعيّنه‌ نور ذلك‌ الإسم‌. وأنّ القلب‌ الإنساني‌ّ، وبحسب‌ كمال‌ المظهريّة‌، له‌ مائة‌ مشرق‌، بل‌ مئات‌ الآلاف‌ من‌ المشارق‌ التي‌ تسطع‌ منها نجوم‌ الأسماء الإلهيّة‌، وهكذا، وفي‌ إزاء ذلك‌، فإنّ كلاّ منها هو مغرب‌. وإنّ عجائب‌ وغرائب‌ القلب‌ الإنساني‌ّ لا تظهر إلاّ لعيان‌ أهل‌ الصفاء والسالكين‌ إلی‌ الله‌. 

شعر: 

عالم‌ دل‌ را نشاني‌ ديگر است‌ برّ و بحر و كار و شأني‌ ديگر است‌ 

صد هزاران‌ آسمان‌ و آفتاب‌ مشتريّ و تير و زهره‌ ماهتاب‌ [24]

هر يكي‌ تابنده‌تر از ديگري‌ نور هر يك‌ در گذشته‌ از ثَري‌ 

هر يكي‌ را برج‌ ديگر منزل‌ است ‌ اين‌ كسي‌ داند كه‌ از اهل‌ دل‌ است‌ [25]

ـ جمع‌ المشارق‌ والمغارب‌ في‌ القرآن‌ إشارة‌ لعدم‌ انحصار العوالم‌:

ويحثّ الشيخ‌ علی‌ التأمّل‌ والتفكّر في‌ المشارق‌ والمغارب‌، كما ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌: فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَـارِقِ وَالْمَغَارِبِ،[26] فالمشارق‌ والمغارب‌ جمع‌، وفي‌ هذا العالم‌ المحسوس‌، ليس‌ إلاّ مشرق‌ واحد، ومغرب‌ واحد، وكلّ منهما في‌ جهة‌ معاكسة‌. 

وأصبح‌ واضحاً الا´ن‌، بأنّ العالم‌ لا ينحصر في‌ عالم‌ الظاهر هذا، فهناك‌ عوالم‌ أُخرى‌ لطيفة‌ وغير محسوسة‌، بل‌ تلك‌ العوالم‌ والسماء والكواكب‌ هي‌ أصل‌ العوالم‌، لأنّها المؤثّرة‌ وهذه‌ المتأثّرة‌. 

آسمانها است‌ در ولايت‌ جان‌ كار فرماي‌ آسمان‌ جهان‌ [27]

فأكثر الخلائق‌ عن‌ هذه‌ الحقيقة‌ غافلون‌ ومحرومون‌ من‌ معرفة‌ الأسرار والتجلّيات‌ الإلهيّة‌، وبحكم‌ انعدام‌ الاستعداد الفطري‌ّ لديهم‌، فلا حظّ لهم‌ في‌ الإصغاء والفهم‌، وهو يقول‌: 

بيان‌ مِثْلَهُنَّ ز ابن‌ عبّاس‌ شنو پس‌ خويشتن‌ را نيك‌ بشناس‌ [28]

يقول‌ سلطان‌ المفسّرين‌ عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌ رضي‌ الله‌ عنهما: 

لَوْ ذَكَرْتُ تَفْسيرَ قَوْلِ اللَهِ تَعإلی‌: «اللَهُ الَّذِي‌ خَلَقَ سَبْعَ سَمَـ'وَاتٍ وَمِـنَ الاْرْضِ مِثْلَهُـنَّ يَتَنَـزَّلُ الاْمْـرُ بَيْنَهُـنَّ»،[29] لَرَجَمُـونِي‌ أَوْ قَالُـوا: إنَّهُ كَافِرٌ. 

لأنّ الشيخ‌ قد قال‌: بأنّك‌ لم‌ تسمع‌ بغير كلمة‌ عالم‌، ولا علم‌ لك‌ عن‌ هذه‌ العوالم‌ التي‌ مرّ ذكرها، وبأنّ العالم‌ غير منحصر بالمحسوسات‌، وأنّ هناك‌ عوالم‌ لطيفة‌ كثيرة‌ غير هذه‌، استشهاداً علی‌ ذلك‌ يقول‌ شعره‌ "بيان‌ مثلهنّ" أي‌ استمع‌ جيّداً إلی‌ ما قاله‌ ابن‌ عبّاس‌ في‌ شرح‌ الآية‌ مِثْلَهُنَّ بأنّه‌ لو فسّر هذه‌ الآية‌ لقُتل‌، وأعرف‌ نفسك‌ جيّداً، فإنّك‌ لم‌ تعرف‌ حقيقة‌ الأمر بعد، وإذا كشف‌ عارف‌ ومحقّق‌ ملهم‌ الحجاب‌ عن‌ بعض‌ أسرار الوجود، لهبّ الخلائق‌ إلی‌ الطعن‌ والمجابهة‌، بل‌ قد يغالی‌ بعضهم‌ إلی‌ حد تكفيره‌، واستباحة‌ دمه‌، بحجّة‌ الدفاع‌ عن‌ حرمة‌ الدين‌ بزعمهم‌. 

ـ إخراج‌ بايزيد من‌ مدينة‌ بسطام‌ اثنتي‌ عشرة‌ مرّة‌ بتهمة‌ الإلحاد: 

يروي‌ أنّ السلطان‌ بايزيد البسطامي‌ّ قدّس‌ سرّه‌ قد أُخرج‌ من‌ بسطام‌ بتهمة‌ الإلحاد والزندقة‌ اثنتي‌ عشرة‌ مرّة‌، وكان‌ في‌ كلّ مرّة‌ يبعّد عن‌ بسطام‌ يقول‌: هنيئاً لمدينة‌ ملحدها بايزيد. وأمّا الآن‌، فالجميع‌ متيّم‌ وعاشق‌ لقبر ذلك‌ الجليل‌، وعندما كان‌ علی‌ قيد الحياة‌ الظاهريّة‌، لم‌ يكن‌ الناس‌ علی‌ وفاقٍ وعلاقة‌ معه‌، ولكن‌ عندما التحقت‌ روحه‌ بالعالم‌ العُلوي‌ّ، وأصبح‌ قبره‌ كومة‌ تراب‌ وحجر فإنّ الناس‌ من‌ جهة‌ أوساخ‌ غفلتهم‌ وجهلهم‌ لهم‌ ما يربطهم‌ مع‌ الحجر والحَمأ المسنون‌ فقد ولِهوا بقبره‌. 

إذا كنت‌ منصفاً، تمعّن‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ التي‌ يقول‌ فيها ذو الجلال‌ والعزّة‌ جلّ شأنه‌ وعظم‌ سلطانه‌: 

يَـ'حَسْرَةً علی‌ الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن‌ رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ. [30]

شعر: 

ديده‌ اين‌ شاهان‌ ز عامه‌ خوف‌ جان‌ كين‌ گُرُه‌ كورند و شاهان‌ بي‌نشان‌ 

انبيا را گفته‌ قومِ راه‌ گم‌ از سَفَه‌: إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ [31]

زرّ خالص‌ را و زرگر را خطر باشد از قلاّب‌ خاين‌ بيشتر [32]

لأنّ وجود العالم‌ هو ظلٌّ للوجود الحقيقي‌ّ، وأنّ توهّم‌ الغيريّة‌ الحقيقيّة‌ لوجود عالم‌ الخيال‌، توهّم‌ باطل‌، وكلّ من‌ خامرته‌ فكرة‌ الغيريّة‌، كان‌ ضحيّة‌ الغفلة‌، يقول‌: 

تو در خوابيّ و اين‌ ديدن‌ خيال‌ است‌ هر آنچه‌ ديده‌اي‌ از وي‌ مثال‌ است‌ [33]

أي‌ كما أنّ الفرد تتراءى له‌ في‌ النوم‌ صور ليس‌ لها وجود في‌ أرض‌ الواقع‌، ولكنّه‌ يعتقد بوجودها، ولا يدرك‌ بأنّها صور خيإلیة‌ ليس‌ إلاّ، وأنّها غير موجودة‌ بالحقيقة‌، وأنت‌ الذي‌ تتوهّم‌ بأنّ العالم‌ هو وجود حقيقي‌ّ، ولا تدري‌ بأنّ العالم‌ غير الذي‌ ترى‌، فإنّك‌ في‌ غفلة‌، ووهم‌ باطل‌. وبالحقيقة‌، فكلّ ما تري‌ هو صورة‌ ومثال‌ لوجود الحقّ تعالی‌، تيسّرت‌ من‌ خلال‌ مرآة‌ العيان‌، وأن‌ لا وجود لغير الحقّ تعالی‌. شعر: 

اين‌ نقشها كه‌ هست‌، سراسر نمايش‌ است ‌ اندر نظر چو صورت‌ بسيار آمده‌ 

عالم‌، مثال‌ ذات‌ و ظلال‌ صفات‌ اوست ‌ نقش‌ دوئي‌ چو صورت‌ پندار آمده‌ [34]

سيتّضح‌ في‌ الحشر أنّ كلّ ما سوى‌ الحقّ تعالی‌ سراب‌ 

يوم‌ القيامة‌، يظهر كلّ شي‌ء مخفي‌ّ علی‌ حقيقته‌ بحكم‌ الآية‌ الشريفة‌ يَوْمَ تُبْلَي‌ السَّرَآئِرُ، [35] ويقول‌: 

به‌ صبح‌ حشر چون‌ گردي‌ تو بيدار بداني‌ كآن‌ همه‌ وهم‌ است‌ و پندار [36]

وبحكم‌ أنّ النَّاسُ نِيَامٌ [37] يقول‌: إنّما يقظتك‌ هي‌ نوم‌، والصحو في‌ نوم‌ الغفلة‌ هذا يكون‌ بالموت‌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا، والحشر هو بمعنى‌ الجمع‌، (حشَرَتُهُمْ أَي‌: جَمَعْتُهُمْ)، والمراد بهذا الحشر هو الموت‌ الإرادي‌ّ، حيث‌ إنّ مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ؛ [38] أي‌ أنّك‌ ستستيقظ‌ من‌ غفلتك‌ عند صباح‌ المحشر، وهو الموت‌ الإرادي‌ّ، وتزول‌ التعيّنات‌ والكثرة‌ وتجتمع‌ أسباب‌ الفرقة‌ والتشتّت‌ التي‌ تورث‌ الغفلة‌ والتخيّلات‌ الفاسدة‌ كلّها، ويظهر التوحيد. ولكن‌ اعلم‌ أنّ الوجود كلٌّ واحد، ولكن‌ بسبب‌ كثرة‌ المظاهر تعدّد، وتصوّرك‌ الغيريّة‌، واعتبارك‌ إيّاها حقيقة‌ أكيدة‌، ما هو إلاّ وهم‌ وسراب‌، وأن‌ لا وجود إلاّ للحقّ تعإلی‌. 

وباعتبار أنّ التعيّنات‌ والكثرة‌، يعبّر عنها بالليل‌، من‌ جهة‌ ظلمة‌ عدميّتها، فقد جري‌ إطلاق‌ تعبير الصبح‌ علی‌ الموت‌، باعتباره‌ فناء التعيّن‌، وذلك‌ لأنّ البرزخ‌ قد توسّط‌ ليل‌ الكثرة‌ ونهار الوحدة‌. 

وحسب‌ تعبير المتصوّفة‌، أنّ الولوج‌ في‌ الحياة‌ الطيّبة‌ القلبيّة‌ بعد الموت‌ الإرادي‌ّ، هو ما يعبّر عنه‌ بالقيامة‌ الوسطى‌، كما جاء في‌ الآية‌ الكريمة‌: 

أَوَ مَن‌ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـ'هُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي‌ بِهِ فِي‌ النَّاسِ [39]، أي‌ مَيْتًا بِالجَهْلِ، فَأَحْيَيْناهُ بِالعِلْمِ وَالمَعارِفِ. 

ولأنّ الحشر، هو اجتماع‌ المتفرقات‌ الذي‌ يظهر بعد محو الكثرات‌، ويقول‌: 

چو برخيزد خيال‌ چشم‌ أحول ‌ زمين‌ و آسمان‌ گردد مبدّل‌ [40]

وفي‌ صبح‌ الحشر، الذي‌ يمثّل‌ وصول‌ السالك‌ إلی‌ مقام‌ التوحيد، وحيث‌ يذوب‌ الكونان‌ في‌ نظره‌ بنور الوحدانيّة‌، وَلاَ يَبْقَى إَلاَّ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، فإنّ أوهام‌ الأحوال‌ التي‌ تصوّر له‌ وجوداً مع‌ وجود الحقّ تعالی‌ ستزول‌ مع‌ زوال‌ وهم‌ الغيريّة‌، فيعلم‌ يقيناً أنّ كلّ الوجود هو الحقّ تعالی‌، وأنّ وجود الموجودات‌ ما هو إلاّ وجود أجوف‌، وخيال‌ ووهم‌ وظنّ، يَوْمَ تُبَدَّلُ الاْرْضُ غَيْرَ الاْرْضِ وَالسَّمَـ'وَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. [41]

يومئذ ستكون‌ هناك‌ أرض‌ وسماوات‌، ولكن‌ غير هاتين‌ اللتين‌ نرى‌ الآن‌، لأنّ الحلم‌ الذي‌ رآه‌ في‌ نوم‌ الغفلة‌، وفي‌ ليل‌ العمر، وظنّ (أنّه‌ الغير، طلع‌ عليه‌ صبح‌ الحشر، وتبيّن‌) أنّه‌ وهم‌ وخيال‌ أحوال‌ ليس‌ إلاّ. شعر: 

بوديم‌ يكي‌، دو مي‌نموديم‌ نابود شد آن‌ نمود در بود 

چون‌ سايه‌ به‌ آفتاب‌ پيوست‌ از ظلمت‌ بودِ خود بياسود 

چون‌ سوخته‌ شد تمام‌ هيزم‌ پيدا نشود از آن‌ سپس‌ دود [42]

إنّ في‌ ظهور نور تجلّي‌ الوحدة‌، تواري‌ ظلمة‌ الكثرة‌، ويقول‌ بهذا الصدد: 

چو خورشيد جهان‌ بنمايدت‌ چهر نماند نور ناهيد و مه‌ و مهر [43]

إنّ تجلّي‌ نور شمس‌ الذات‌ الإلهيّة‌ في‌ مرآة‌ قلب‌ السالك‌ إلی‌ الله‌، اللاهث‌ وراء الحقّ، هذا النور قد طرد أنوار الزُّهرة‌ والقمر والشمس‌، ورمى بهنّ في‌ هوّة‌ العدم‌ الحالكة‌. حيث‌ يمّحي‌ كلّ وجود ونور؛ كما في‌ قوله‌ تعالی‌: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ.[44] ولأنّ هذه‌ القيامة‌ عند السالك‌ إلی‌ الله‌، هي‌ واقعة‌، لا محالة‌، وهي‌ صورة‌ للقيامة‌ الكبرى‌، فإنّه‌ إذا ظهرت‌ علاماتها ساطعة‌، تلاشت‌ أنوار الوجود الخيالی‌ّ المجازي‌ّ للكائنات‌، وذابت‌ في‌ وهج‌ إشعاع‌ نور ذات‌ الله‌ المطلقة‌، وبالظهور المطلق‌ للحقّ تعالی‌، تقوم‌ القيامة‌، ويفنى‌ كلّ وجود غير وجوده‌ المقدّس‌، وما كان‌ آجلاً عند غيره‌، أصبح‌ عاجلاً عنده‌. شعر: 

هركه‌ گويد كو قيامت‌ اي‌ صنم‌ خويشتن‌ بنما قيامت‌ نك‌ منم‌ 

اين‌ قيامت‌ زان‌ قيامت‌ كي‌ كم‌ است‌ آن‌ قيامت‌ زخم‌ و اين‌ چون‌ مرهم‌ است‌ [45]

كما أنّ قيام‌ الساعة‌، التي‌ هي‌ مصداق‌ لاسم‌ القهّار والمعيد، هي‌ ظهور الفناء في‌ الوجود، إذ: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ؛ [46] يقول‌: 

فتد يك‌ تاب‌ از آن‌ بر سنگ‌ خاره‌ شود چون‌ پشم‌ رنگين‌ پاره‌ پاره‌ [47]

أي‌ أنّ الحجـر قد تفتّت‌ من‌ وميـض‌ نـور الذات‌ الإلهيّـة‌ المتجلّية‌، وقد ركـع‌ أمام‌ هيبة‌ النـور الإلهي‌ّ وإشـعاع‌ التجلّي‌ القدسـي‌ّ حجر الصـوّان‌ حتّى‌ أضحى كالعهن‌ المنفـوش‌ والمتلاشـي‌: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ. [48]

صارَ دَكَّاً مِنْهُ وَانْشَقَّ الجَبَلْ هَلْ رَأَيْتُمْ مِنْ جَبَلْ رَقْصَ الجَمَلْ؟! 

ـ الترغيب‌ في‌ المكاشفات‌ والتجلّيات‌ والسير في‌ العوالم‌ اللطيفة‌:

وذلك‌ أن‌ تحصيل‌ الكمالات‌ الحقيقيّة‌، والمعارف‌ الیقينيّة‌، وهي‌ هدف‌ الوجود، غير متيسّر إلاّ في‌ هذه‌ النشأة‌، يقول‌: 

بدان‌ اكنون‌ كه‌ كردن‌ مي‌تواني‌ چو نتواني‌ چه‌ سود آنگه‌ كه‌ داني‌ [49]

إنّ الشيخ‌ في‌ هذه‌ الأبيات‌، يحثّ علی‌ السموّ إلی‌ المراتب‌ القلبيّة‌، والمكاشفات‌، والمشاهدات‌، والتجلّيات‌، والفناء، والتحليق‌، والعروج‌ إلی‌ الأفلاك‌، والعوالم‌ اللطيفة‌. فقد ذكر هنا مقدّمة‌ يمكنها أن‌ تكون‌ وسيلة‌ للطالب‌ الصادق‌ الذي‌ يودّ الحصول‌ علی‌ تلك‌ المعاني‌، وتزيد في‌ فهمه‌ وإدراكه‌ لما هو واقع‌، وهي‌: 

اعلم‌ أنّ الإنسان‌، وبسبب‌ الشموليّة‌ التي‌ تشكّل‌ أصل‌ الفطرة‌ فيه‌، يمكن‌ لحقائق‌ الأمور بعد التنقية‌ والتجلية‌ أن‌ تنكشف‌ له‌، وأن‌ يتوصّل‌ إلی‌ العروج‌ والسير والطيران‌ في‌ الأفلاك‌ والعوالم‌ الملكوتيّة‌ والجبروتيّة‌ اللطيفة‌، وأن‌ يسبح‌ في‌ بحر تجلّيات‌ الآثار والأفعال‌ والأسماء والصفات‌ والذات‌، ليرى بعين‌ البصيرة‌، ويمتّع‌ ناظريه‌ بجمال‌ ذي‌ الجلال‌ الوهّاج‌، فيفنى الوجود المجازي‌ّ والتعيّن‌ للسالك‌ في‌ فيض‌ نور تجلّيات‌ الذات‌ الأحديّة‌، وبعد أن‌ يفنى في‌ الله‌ تعالی‌ ويذوب‌ فيه‌، يعود ويخلد به‌ جلّ جلاله‌، يرى‌ الحقّ ويعرفه‌ حقّ معرفته‌، ويتمّ المراد من‌ خلق‌ الكون‌، وهو المعرفة‌. شعر: 

اگر دمي‌ بگُذاري‌ هواي‌ نا اهلي‌ ببيني‌ آنچه‌ نبيّ ديد و آنچه‌ ديد وليّ [50]

المراجع:


[1] ـ أورد صاحب‌ «مرصاد العباد» الجزء الاوّل‌ من‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ ص‌ 126؛ وقال‌ في‌ ص‌ 598 في‌ معرض‌ توضيحه‌: «ورد هذا الحديث‌ في‌ «تَرْك‌ الإطناب‌» ص‌ 76؛ وورد في‌ شرح‌ «الشهاب‌» بالفارسيّة‌ ص‌ 75؛ و«أحاديث‌ مثنوي‌» ص‌ 11.


[2] ـ الآية‌ 49، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.


[3] ـ ذكر الملاّ صدرا هذه‌ الرواية‌ في‌ تفسيره‌ لسورة‌ الطارق‌، ص‌ 32، طبعة‌ انتشارات‌ بيدار، قائلاً: وَمِمَّا يَدُلُّ علی‌ البَرْزَخِ قَوْلُهُ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرانِ. وقد أورد المعلّق‌ في‌ تعليقته‌ المصادر التإلیة‌: «الترمذي‌ّ» ج‌ 4، ص‌ 640 »، الباب‌ 26، كتاب‌ صفة‌ القيامة‌.

وكذا في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 205، الطبعة‌ الحروفيّة‌؛ و«سفينة‌ البحار» ج‌ 2، ص‌ 395، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ وكذلك‌ في‌ نفس‌ مُجلّد «البحار» هذا في‌ باب‌ أحوال‌ البرزخ‌ والقبر، ص‌ 218، حديث‌ 13، نقلاً عن‌ «الامإلی‌» فيما كتب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لمحمّد بن‌ أبي‌ بكر: يَا عِبادَ اللَهِ ! ثمّ يقول‌ بعد سطرين‌ أو ثلاث‌: وَالقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.

وجاء في‌ «أحاديث‌ المثنوي‌ّ» ص‌ 140، برقم‌ 433 البيت‌ التإلی‌ علی‌ لسان‌ مولانا (محمّد الرومي‌ّ):

گورها يكسان‌ به‌ پيش‌ چشم‌ ما روضـه‌ وحفـره‌ به‌ پيـش‌ انبيا

يقول‌: «إنّ القبور كلّها تبدو لنا (نحن‌ البشر العاديّون‌) واحدة‌ ومتشابهة‌ ولا فرق‌ بينها، لكنّها بنظر الانبياء إمّا أن‌ تكون‌ روضة‌ غنّاء أو حفرة‌ دهماء».

وقيل‌: «إنّ هذا إشارة‌ إلی‌ الحديث‌ القائل‌:

إنَّمَا القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ. («الجامع‌ الصغير» ج‌ 1، ص‌ 62 »).

وأيضاً قال‌ الملاّ صدرا في‌ «تفسير سورة‌ السجدة‌» ص‌ 89، منشورات‌ بيدار:

وقد انتهي‌ الكلام‌ إلی‌ ما عجز عن‌ دركه‌ جمهور الانام‌؛ اللهمّ اجْعَل‌ هذه‌ الكلمات‌ محروسة‌ عن‌ ملاحظة‌ الناقصينَ، واسْتُرها عن‌ أعين‌ المغرورين‌، واجْعَل‌ لاصحاب‌ القلوب‌ الصافية‌ نصيباً وافراً من‌ دركها، ورغبة‌ تامّة‌ في‌ حفظها ثمّ في‌ صونها عن‌ الاغيار، ليكون‌ مستقرُّ هذه‌ المعاني‌ صدور الاحرار التي‌ هي‌ قبور الاسرار لتكون‌ في‌ روضة‌ من‌ رياض‌ الجِنان‌، ولا تجْعَلها في‌ بطون‌ الاشرار كَيْلا يكون‌ في‌ حفرة‌ من‌ حُفر النيران‌، وهم‌ الظاهريّون‌ الذين‌ زيّنوا ظواهرهم‌ بالنقوش‌ المزخرفة‌ والاقوال‌ المزيّنة‌ المليحة‌ الحلوة‌ كالاطعمة‌ والحلاوات‌، وأهملوا بواطنهم‌ بل‌ أحشَوها بالنفاق‌ والجهل‌ والاستكبار عن‌ الحقّ والحقائق‌ كبطون‌ الفجّار وقبور الكفّار.

همچو گور كافران‌، بيرون‌ حُلَل ‌ و اندرون‌ قهر خدا عزّ و جلّ

يقول‌: «كقبور الكفّار التي‌ تزيّنها الحلل‌ والبرد من‌ الخارج‌، إلاّ أنّ داخلها ملي‌ء بغضب‌ الله‌ وسخطه‌ عزّ وجلّ».

اللهمّ اجْعَل‌ قبرَنا روضة‌ من‌ رياض‌ الجِنان‌ ولا تجْعَلها حُفرة‌ من‌ حفر النيران‌». انتهي‌ كلام‌ الملاّ صدرا.

وأورد هذا الحديث‌ كذلك‌ الغزّإلی‌ّ في‌ كتاب‌ «المضنون‌ به‌ علی‌ غير أهله‌» ص‌ 79، في‌ هامش‌ ج‌ 2 من‌ «الإنسان‌ الكامل‌» للجيلي‌ّ، الطبعة‌ الاُولي‌.


[4] ـ لم‌ نعثر في‌ كلتا الطبعتَيْن‌ اللتين‌ طُبِعَتَا علی‌ ما جاء في‌ هامش‌ «الإنسان‌ الكامل‌» للجيلي‌ّ.


[5] ـ لقد اعتبرنا مثل‌ هذا الاحتمال‌ ضعيفاً كما ذكرنا في‌ «معرفة‌ المعاد» من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌ وأثبتنا المعاد الجسماني‌ّ العنصري‌ّ علی‌ أحسن‌ وجه‌.


[6] ـ «مرصاد العباد» ص‌ 359 و 364 و 386؛ و«العروة‌» للسمناني‌ّ ص‌ 87؛ وقال‌ في‌ «أحاديث‌ المثنوي‌ّ» ص‌ 116:

اي‌ خنك‌ آنرا كه‌ پيش‌ از مرگ‌ مُرد يعني‌ او از اصل‌ اين‌ رَز بوي‌ برد

يقول‌: «طوبي‌ لمن‌ مات‌ قبل‌ الموت‌، فهو الذي‌ عرف‌ بحقّ أصل‌ ذلك‌ السرّ المكنون‌».

إشارة‌ إلی‌ الحديث‌ القائل‌: مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، والذي‌ تناقلته‌ الصوفيّة‌.

ولم‌ يعدّه‌ مؤلّف‌ «اللؤلؤ المرصوع‌» حديثاً، نقلاً عن‌ ابن‌ حجر. وجاء في‌ «حدائق‌ الحقائق‌» ص‌ 479، الطبعة‌ الثالثة‌: بمقتضي‌ مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا.


[7] ـ يقول‌:

«حذار يا نفسي‌ كوني‌ علی‌ حذر اعملي‌ المعروف‌ واجتنبي‌ الشرر

إنّ ما تصنعي‌ من‌ خير هنا سيكون‌ أنيساً لك‌ داخل‌ القبر»


[8] ـ «الديوان‌ المنسوب‌ إلی‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌» الطبعة‌ الحجريّة‌:

يَا مَـنْ بِـدُنْـيَـاهُ اشْـتَـغَـلْ قَــدْ غَــرَّهُ طُــولُ الاَمَـلْ

الـمَــوْتُ يَـأْتِـي‌ بَـغْـتَـةً وَالقَبْـرُ صَـنْدُوقُ العَـمَـلْ

وقد ورد ذلك‌ أيضاً في‌ الطبعة‌ المنقّحة‌ والمصحّحة‌ لعبد العزيز الكرم‌ في‌ ص‌ 105. وأورد عبد العزيز سيّد الاهل‌ الابيات‌ التإلیة‌ في‌ «ديوان‌ الشعر المنسوب‌ إلی‌ أمير المؤمنين‌عليه‌ السلام‌»، ص‌ 113:

غَــرَّ جَـهُــوَلاً أَمَـلُــهْ يَمـوتُ مَـنْ جَـا أَجَـلُــهْ

وَمَـنْ دَنَـا مِــنْ حَـتْـفِــهِ لَـمْ تُـغْـنِ عَنْـهُ حِـيَـلُــهْ

وَمَــا بَـقَــاءُ آخِـــرٍ قَـدْ غَـابَ عَـنْـهُ أَوَّلُــهْ؟

وَالـمَـرْءُ لاَ يَـصْــحَـبُــهُ فِـي‌ الـقَـبْــرِ إلاَّ عَـمَـلُــهْ


[9] ـ الآيتان‌ 10 و 11، من‌ السورة‌ 56: الواقعة‌.


[10] ـ بعض‌ من الآية‌ 46، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.


[11] ـ يقول‌: «ألا نحن‌ الاطبّاء وللحقّ تلاميذ؛ لمّا رآنا البحر ماج‌ وانفلقْ».


[12] ـ يقول‌: «فطبيب‌ يفحص‌ القلب‌ بجسّ للنبض‌؛ ذاك‌ طبٌّ يتعامل‌ بالاهَق‌

إنّما نحن‌ أطبّاء بغير واسطة‌؛ طبّنا ليس‌ كطبّ من‌ سَبَق‌».


[13] ـ يقول‌:

«أين‌ ذاك‌ العالم‌ يا صاح‌ قل‌ لي‌ أتزعم‌ أنّ يوماً فيه‌ قدِّر بسنة‌؟»


[14] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.


[15] ـ يقول‌: «إنّ مائة‌ سنة‌ وساعة‌ واحدة‌ سواء لدينا، لانّ الطول‌ والقصر منفكّان‌ عنّا».


[16] ـ يقول‌: «إن‌ كان‌ الطول‌ والعرض‌ في‌ الاجسام‌؛ فأين‌ هما في‌ الارواح‌؟

أسير عن‌ الدنيا وما أنا ذاكرٌ لها بسلام‌ إنّ أحداثها حُمسُ.

إنّما الاطوال‌ والاعراض‌ من‌ جنس‌ البدن‌، فإذا ما وَلّت‌ الارواح‌ كانت‌ في‌ دَمس‌».


[17] ـ قسم‌ من الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.


[18] ـ يقول‌: «لم‌ يك‌ ما رأيت‌ بعالم‌ الا´خرة‌، أما سمعتَ نداء ما لا تُبصرون‌؟».


[19] ـ الا´يتان‌ 38 و 39، من‌ السورة‌ 69: الحاقّة‌.


[20] ـ صدر الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.


[21] ـ يقول‌:

«خبّر بجابلقا لعلّك‌ ناطق ‌ وأرني‌ حاضرة‌ جابلسا لعلّك‌ صادق‌»


[22] ـ يقول‌: «طويت‌ مغارب‌ الاسرار مع‌ المغربي‌ّ، وبدونه‌ طوينا مشارق‌ الانوار».


[23] ـ يقول‌: «طالع‌ المشارق‌ والمغارب‌، إذ ليس‌ لهذا العالم‌ أكثر من‌ مشرق‌ واحد ومغرب‌ واحد».


[24] ـ يقول‌: «إنّ للقلب‌ لدنياً وفكر؛ غير ما نعهد من‌ برّ وبحر.

ألف‌ علياء ومثلها من‌ سماء؛ من‌ عطارد وزحل‌ ومن‌ قمر».


[25] ـ يقول‌: «كلّ جرم‌ أنور من‌ صاحبه‌؛ ذاك‌ نورٌ صادر عن‌ ثري‌ البرّ.

قد يكون‌ الامر صعباً بعض‌ شي‌ء؛ إنّما يعقل‌ ذاك‌ الامر حرّ».


[26] صدر الآية‌ 40، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.


[27] ـ ـ يقول‌: «السماوات‌ خاضعة‌ لولاية‌ الروح‌؛ فهو الا´مر الناهي‌ في‌ سماء العالم‌».


[28] ـ يقول‌:

«اسمع‌ من‌ ابن‌ عبّاس‌ بيان‌ (مثْلهنّ) واعرف‌ الانفس‌ جيّداً دون‌ بطر أو وَهن‌»


[29] ـ صدر الآية‌ 12، من‌ السورة‌ 65: الطلاق‌.


[30] ـ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 36: يس‌.


[31] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 36: يس‌.


[32] ـ يقول‌: «لقد عهد هؤلاء الملوك‌ في‌ عامّة‌ الناس‌ الخوف‌ والحرص‌ علی‌ أنفسهم‌؛ إنّ هؤلإ الناس‌ عمي‌ والملوك‌ ضائعون‌ لا عنوان‌ لهم‌.

وقال‌ الضالّون‌ للانبياء سفهاً: إنّا تطيّرنا بكم‌.

فالخوف‌ كلّ الخوف‌ علی‌ الذهب‌ والصائغ‌ من‌ الخونة‌ ومصائدهم‌ لا من‌ شي‌ آخر».


[33] ـ يقول‌: «أنت‌ غاطّ في‌ النوم‌ وهذه‌ الرؤية‌ خيال‌، وكلّ ما رأيته‌ ليس‌ إلاّ مثالاً من‌ الحقيقة‌».


[34] ـ يقول‌: «إنّ هذه‌ النقوش‌ والرسوم‌ ما هي‌ إلاّ تمثيل‌ وهو يبدو في‌ النظر صوراً كثيرة‌.

وإنّ العالَم‌ مثال‌ ذاته‌ وظلال‌ صفاته‌، وما الثنائيّة‌ إلاّ كالصورة‌ المتخيَّلة‌».


[35] ـ الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 86: الطارق‌.


[36] ـ يقول‌:

«إذا ما استيقظ‌ المرء من‌ القبر وجال‌ سيعلم‌ أ نّما ما قد مضي‌ كان‌ خيال‌»


[37] ـ «شرح‌ منازل‌ السائرين‌» ص‌ 34، باب‌ إلیقظة‌، انتشارات‌ بيدار: كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: النَّاسُ نِيَامٌ؛ و«مرصاد العباد» ص‌ 468، التعليقة‌ 7: النَّاسُ نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا. وفي‌ ص‌ 660، يقول‌ في‌ توضيحه‌ «وهي‌ الرواية‌ المذكورة‌ في‌«زهر الا´داب‌» والمنسوبة‌ إلی‌ الرسول‌ الكريم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، والمذكورة‌ كذلك‌ في‌«شرح‌ التعريف‌» للإمام‌ علی‌ عليه‌ السلام‌. راجع‌: «أحاديث‌ مثنوي‌» ص‌ 81.

وقد ذُكر في‌ موضعين‌، في‌ كتاب‌ «الإنسان‌ الكامل‌» لعزيز الدين‌ النسفي‌ّ: في‌ ص‌ 426 و 271؛ وكذلك‌ في‌ «أحاديث‌ مثنوي‌» في‌ موضعين‌: الاوّل‌ في‌ ص‌ 81، رقم‌ 222:

اين‌ جهان‌ وهم‌ است‌، اندر ظنّ مايست‌ گر رود در خواب‌ دستي‌ باك‌ نيست‌

يقول‌: «إنّما عالمنا وهم‌، خيال‌ كلّ ما فيه‌ مباد وزوال‌»

وهو ما يناسب‌ مضمون‌ هذه‌ الرواية‌: النَّاسُ نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا. والتي‌ وردت‌ في‌ «زهر الا´داب‌» ج‌ 1، ص‌ 60، طبعة‌ مصر، منسوبةً إلی‌ الرسول‌ الكريم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌؛ وفي‌ «شرح‌ التعريف‌» ج‌ 3، ص‌ 98 منسوبةً إلی‌ مولي‌ المتّقين‌ علی‌ عليه‌ السلام‌.

والثاني‌ في‌ ص‌ 141، رقم‌ 438:

تا برآيد ناگهان‌ صبح‌ اجل‌ وا رهد از ظلمت‌ ظنّ ودغل‌

يقول‌: «فإذا ما جاءكم‌ صبح‌ الاجل‌ زالت‌ الظُّلمة‌ عنكم‌ والضلل‌»

وهي‌ أيضاً، تناسب‌ فحوي‌ الرواية‌ النَّاسُ نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا، حيث‌ ورد شرحها في‌ ذيل‌ الرقم‌ 222 ».


[38] ـ يقول‌ صدر المتأ لّهين‌ في‌ «تفسير سورة‌ السجدة‌» ص‌ 87 و 88،انتشارات‌ بيدار، في‌ تفسير عبارة‌: لاَ´ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَـ'مَةِ (الآية‌ 1، من‌ السورة‌ 75: القيامة‌):

«كما أنّ الافتراق‌ بين‌ روح‌ الإنسان‌ وجسده‌ هو عبارة‌ عن‌ موت‌ هذا العالم‌ الصغير وقيامته‌ الصغري‌؛ طبقاً للحديث‌ الشريف‌ للرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: من‌ مات‌ فقد قامت‌ قيامته‌ ».

وفي‌«إحياء العلوم‌» ج‌ 4، ص‌ 423، طبعة‌ دار الكتب‌ العربيّة‌، عن‌ أنس‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ حيث‌ قال‌: مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ».

وكذلك‌ رواه‌ حجّة‌ الإسلام‌ الغزّإلی‌ّ في‌ كتابه‌ «المضنون‌ علی‌ غير أهله‌» في‌ ص‌ 79، وعلي‌ هامش‌ الجزء الثاني‌ من‌ كتاب‌ «الإنسان‌ الكامل‌» للشيخ‌ عبد الكريم‌ الجيلي‌ّ (الطبعة‌ الاُولي‌ للمطبعة‌ الازهريّة‌ المصريّة‌، عام‌ 1316 ه).


[39] ـ الآية‌ 122، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.


[40] ـ يقول‌: «فلمّا أن‌ تواري‌ عن‌ العين‌ الحَوَل‌ علمتْ) أنّه‌ حقّ ما هو بالهَزَل‌»


[41] ـ الآية‌ 48، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.


[42] ـ يقول‌: «كنّا واحداً، لكنّا كُنّا نبدو اثنين‌، فتلاشي‌ وانمحي‌ ذلك‌ البَداء الكينونة‌ والتكوّن‌.

ولمّا التحق‌ الظلُّ بالشمس‌ تخلَّصَ وارتاح‌ من‌ ظُلمة‌ كينونته‌.

وإذا احترق‌ الحطبُ جميعه‌ لن‌ تَري‌ له‌ بعد ذلك‌ دخان‌ متصاعد».


[43] ـ يقول‌: «لو ظَهرت‌ لكَ الشمس‌ وطلعت‌ ما أبقتْ للزُّهرة‌ نوراً ولا للقمر ضياءً».


[44] ـ الا´يتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 81: التكوير.


[45] ـ يقول‌: «وإذا سأل‌ أحدهم‌: أيّان‌ يوم‌ القيامة‌ يا صنم‌؟ انظُرْ إلی‌ نفسك‌ وتأمّلها فها أنا ذا القيامة‌.

فهذه‌ القيامة‌ لا تقلّ عن‌ تلك‌ شيئاً، وإذا كانت‌ تلك‌ القيامة‌ جرح‌ فهذه‌ القيامة‌ هي‌ البلسم‌ والدواء الناجع‌».


[46] الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 55: الرحمن‌.


[47] ـ ـ يقول‌: «إن‌ يسقط‌ النور علی‌ العروش‌ تكن‌ جميعها عهناً منفوش‌»


[48] ـ الآية‌ 5، من‌ السورة‌ 101: القارعة‌.


[49] ـ يقول‌: «فاسْعَ ما استطعتَ ولا تكُ لاهياً، إذ ما الفائدة‌ من‌ العلم‌ حين‌ تفقد الاستطاعة‌؟».


[50] ـ يقول‌: «إذا تركتَ الانحراف‌ وهَجرتَ سبيل‌ الجَنف‌ زمناً، لتمكّنتَ من‌ رؤية‌ ما قد رآه‌ أي‌ّ نبي‌ّ وولي‌ّ».

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...