الخميس، 6 أكتوبر 2022

ماريا دي سانتو دومينغو



كانت الأخت ماريا دي سانتو دومينغو "La Beata de Piedrahita" (المرأة المقدسة من بيدراهيتا) متصوفة إسبانية (ح1485-1524) من أوائل القرن السادس عشر.
ولدت ماريا في قرية ألديانويفا دي سانتا كروث، وبحسب معاصريها، فإن هذه القروية ذات الرؤى كانت ابنة فلاحين متدينين، وأمضت طفولتها في الأعمال الخيرية وكانت تقضي ساعات طويلة في الصلاة.
وكانت بيدراهيتا التي تقع بالقرب من أفيلا الموطن الروحي لماريا، وكان يوجد بها دير للدومينيكان حيث أقام المفتش العام توركويمادا، وكامرأة شابة، أصبحت بيدراهيتا أختا من الدرجة الثالثة وهو نفس الترتيب الدومينيكاني الذي رعى توركويمادا الشاب، وأطلق على ماريا لقب لا بياتا وهو لقب كان دارجا وسط الإسبان ويعني المرأة غير المتزوجة والتي لم تكن راهبة لكنها سعت وراء القداسة من خلال التعهد بالعفة والفقر في كثير من الأحيان. ولم تلبث ماريا طويلا حتى انتقلت إلى أفيلا.
وعبرت الشخصية الكاريمزاتية لماريا عن نفسها في العديد من الكشوفات والتجليات، حيث عقدت محادثة سماوية مع مريم العذراء ويسوع المخلص، وأخبرت معاصريها أن المسيح كان معها وأنه تجسد فيها وأنها كانت عروسه، وهو ما كانت تزعمه جارتها القديسة تيريزا دي أفيلا، وغالبا ما كانت ماريا تقضي ساعات في غيبوبة منتشية لا تتحرك، وذراعاها ورجلاها ممدودان بالقوة حيث زعمت أنها كانت تذوب في ذراعي الإله، وعلى الرغم من أنها لم تكن متعلمة إلا أنها اشتهرت بمضاهاتها لفكر أكثر اللاهوتيين نبوغا، حيث كان العرفان يعوض افتقارها إلى التعليم، وأرسل أسقف أفيلا الدومينيكاني دييغو ماجدالينو ماريا إلى طليطلة لضبط منازل الرهبنة هناك وبدء إصلاحات تقشفية، واعتبر هذا الأمر الإداري غير لائق وصادم للمؤرخ الدومينيكاني بيلتران سنة 1939.
واستدعى الأرمل فرديناند الثاني من أراغون ماريا إلى بلاطه في بورغوس، وخلال موسم 1507-1508 أثارت إعجاب الملك وحاشيته بمن فيهم الكاردينال سيسنيروس، ومع ذلك شعر باقي المعاصرين لماريا بارتباك حيال كراماتها المزعومة، بل شجبها بعضهم واتهموها بالاحتيال ووصفوا سلوكها النشواني "بالفاسد". وكان السيد العام الجديد للدومينيكانيين؛ توماس كاييتان يشك في أن الشيطان هو الذي يلهم ماريا وليس الإله، وقام بتقييد وصولها إلى رهبنة سانتو دومينغو التي كان نظامها يحث على إصلاحات الزهد. وكان دوق ألبا الذي كانت إحدى قصوره تقع مقابلة لدير أفيلا مهتما بالمحاكمات الأربع التي عقدت بشأن أرثوذوكسية ماريا بين عامي 1508 و 1510.
وتمكن كل من الدوق ابن عمه الملك وفرديناند والكاردينال سيسنيروس (الذي أصبح وصيا على قشتالة) من إقناع النظام الأسقفي بأن لابياتا تتمتع بإلهام خاص متاح لعدد قليل جدا من الأشخاص، وكان دعمهم لها حاسما فيما يتعلق بتهم الهرطقة، وكانت النتيجة ليس تبرءتها من التهم المنسوبة إليها فحسب بل أعلن المحققون أن حياتها ومذهبها مثاليان، وحظيت لابياتا بالأولوية في دير أسسه خصيصا لها دوق ألبا في قريتها الأصلية وسط قشتالة.
وقام كل من أنطونيو دي لابينيا و دييغو فيكتوريا بطبع كتاب لصلوات ماريا سنة 1518 تقريبا، وتم اكتشاف نسخة في سرقسطة وأعيد نشرها في مدريد سنة 1948 وظهرت ترجمة إنجليزية لها سنة 1992.
وتقول الموسوع الأرثوذوكسية الكاثوليكية (1907-1914) أن إسم ألومبرادوس (المتنور أو المستنير) ابتدعه بعض المتصوفة الزائفين الإسبان في القرن السادس عشر الذين ادعوا ـ على غرار لابياتا دي بيدراهيتا ـ أن لهم صلة مباشرة بالإله، ورأوا أن النفس البشرية يمكن أن تصل إلى درجة الكمال بل يمكنها التأمل في جوهر الإله حتى في الحياة الحالية وتفهم سر الثالوث، وأعلنوا أن كل العبادات الخارجية غير ضرورية وأن قبول الأسرار المقدسة لا طائل منه. والخطيئة تعتبر مستحيلة في هذه الحالة من الاتحاد الكامل مع الذي هو الكمال نفسه، وقد تصل الرغبات الجسدية إلى الإشباع وترتكب باقي الأفعال الخاطئة بحرية دون تلطيخ الروح. وتنص الموسوعة الكاثوليكية على وجه التحديد على أنه بالرغم من ذكر لابياتا دي بيدراهيتا بين أتباع هذه البدع فلا يمكن التحقق من أنها كانت مذنبة بارتكابها بدعة.
ولم تكن لابياتا وحدها المعنية بهذا التوجه، ففي طليلطة قامت إيزابيل دي لاكروز بالتبشير بنشاط به وكانت ماجدالينا دي لاكروز وهي من نظام سان كلير من أغيلار قرب قرطبة أكثر شهرة بهذا الخصوص، ومع ذلك اقتنعت محاكم التفتيش ببراءتها من الهرطقة سنة 1546، ووجدت أفكار هذا التيار ردود فعل واسعة بين الكاثوليك الإسبان رغم أن محاكم التفتيش واصلت التصدي لجميع المشتبه بهم وبلا هوادة ولم يفلت من نظرها حتى القديس يوحنا دي أفيلا و إغناطيوس دي لويولا.
المرجع:

هناك تعليق واحد:

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...