الخميس، 29 سبتمبر 2022

أصدقاء الرب



أصدقاء الرب (بالألمانية: Gottesfreunde أو Gotesvriunde) كانت مجموعة صوفية من القرون الوسطى تضم في صفوفها رجالا كنسيين وآخرين علمانيين على حد سواء داخل الكنيسة الكاثوليكية (على الرغم من أنها أصبحت تقريبا طائفة قائمة بذاتها). ومثلت هذه المجموعة ركيزة للتصوف الألماني وقد تأسست بين عامي 1339 و 1343 خلال فترة بابوية أفينيون أثناء الانشقاق العظيم للمسيحية الغربية، وشهدت تلك الحقبة اضطرابا كبيرا للكنيسة الكاثوليكية. وكان مقر أصدقاء الرب الرئيسي في بازل؛ سويسرا، كما امتد تأثيرهم إلى ستراسبورغ و كولونيا، وقدم بعض الكتاب في أواخر القرن التاسع عشر ادعاءات كبيرة عن هذه المجموعة معتبرين إياها ذات دور حاسم في تصوف القرن الرابع عشر كما أنها شكلت مقدمة للإصلاح البروتستانتي بينما أكدت الدراسات الحديثة عن دور ثانوي للمجموعة في الأدب الصوفي وتأثيرها المحدود كذلك على أدب العصور الوسطى في ألمانيا.
وقد تأثر اسم الحركة "أصدقاء الرب" بمصادر مختلفة، وتستخدم عدد من المقاطع في الكتاب المقدس هذا المصطلح (القضاة: 8.22، يعقوب: 2.23، الخروج: 33.11، المزمور: 138.17، الحكمة: 7.27، لوقا: 12.4، يوحنا: 15.15). كما تم تطبيق مفهوم الصداقة مع الرب من قبل العديد من المؤلفين القروسطيين وخاصة ميستر إكهرت وأتباعه.
وكان منشأ الحركة من مواعظ وتعاليم ميستر إكهرت، وخاصة ورثته الروحانيين الدومينيكانيين وهم الواعظ يوهانس تاولر والكاتب هاينريش زويزه اللذين التقيا في بازل سنة 1339 وأسسا الحركة، كما كان للكاهن العلماني هنري فون نوردلينغن تأثير هام على أصدقاء الرب رغم بقائه في الخلفية، وقد كان لهذا الأخير قدر كبير من التفاعل مع باقي المتصوفين البافاريين والألمان، وتم تقديم "أصدقاء الرب" في كتاب "النور المتدفق للألوهية" لصاحبته الأديبة والراهبة الألمانية ميشتهيلد فون ماغدبورغ.
عرفت المجموعة شكلا مؤسسيا أوليا في عام 1367 عندما اشترى رجل ثري يدعى رولمان مرسوين ديرا مهجورا في ستراسبورغ معروف باسم Grünenwörth (الجزيرة الخضراء) وقدمه كملاذ لدراسة أصدقاء الرب و "مدرسة الأنبياء" التي أنتجت عددا من النصوص الصوفية، ويشتبه في أن مرسوين هو المؤلف المجهول "لصديق الرب من أوبرلاند".
وسعى أصدقاء الرب بقيادة تاولر و زويزه إلى مسار صوفي يتماشى مع العقيدة الكاثوليكية الراسخة متبعين في ذلك تعاليم توما الأكويني، وأراد رولمان مرسوين بتوجيه من أصدقاء الرب من أوبرلاند تطهير الكنيسة، إلا أن هذا التشديد على الإصلاح أدى إلى صراع أصدقاء الرب مع الكنيسة، وبعد فترة وجيزة من وفاة مرسوين عام 1382 تمت إدانتهم من طرفها.
وتزعم بعض المصادر أن نيكولاس من بازل تولى زعامة المجموعة بعد وفاة مرسوين، وتم حرقه في نهاية المطاف على عمود خشبي مع اثنين من أتباعه بدعوى الهرطقة في فيينا حوالي 1395، وتبقى علاقة نيكولاس بالمجموعة غير واضحة حيث أدين باعتباره بيغارديا. وفي سنة 1393 تعرض مارتن من مايز للحرق والذي كان عضوا بارزا في الحركة وأحد أتباع نيكولاس من بازل.
وتم إعدام العديد من قادة المجموعة باعتبارهم مبتدعين لأنهم انتقدوا فساد الكاثوليكية واعتقدوا أنه سيكون هناك قريبا دينونة من الرب على الكنيسة. لقد كانت المجموعة عبارة عن حركة علمانية ديمقراطية، واهتمت بمفاهيم القداسة والمحبة والتقوى والإخلاص ولعبت دورا بارزا في أنقاذ أرواح الناس.
ارتبطت العديد من النصوص الصوفية بأصدقاء الرب وأبرزها الثيولوجيا الجرمانية وكتاب الأحجار التسعة، كما نسبت العديد من الأعمال إلى صديق الرب من أوبرلاند رغم أن من كتبها على الأرجح هو رولمان مرسوين نفسه.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...