السبت، 23 يناير 2021

سيجورد

موت "سيجفريد"، يقف "هاغن" عن يمين "سيجفريد" وفي يده قوس، من مخطوطة "هوندشاغن".

"سيجورد" هو بطل أسطوري في الميثولوجيا الجرمانية قتل تنينا ثم قُتل لاحقا، ومن المحتمل أن تكون شخصيته مستوحاة من أفراد السلالة الفرنجية الميروفنجية لاسيما "سيجيبرت الأول" الملك الفرنجي "لأوستراسيا"، وقد ربطته الدراسات القديمة أحيانا "بأرمينيوس" الزعيم الشيروسكي الذي هزم الرومان في معركة "فاروس"، كما قد يكون ذا أصل أسطوري بحت. 

"سيجورد" يختبر سيف "غرام" (1901) من "يوهانس غيرتس".

ووُثقت قصة "سيجورد" لأول مرة على مجموعة من المنحوتات من ضمنها الأحجار الرونية في السويد والصلبان الحجرية في الجزر البريطانية التي يعود تاريخها إلى القرن الحادي عشر الميلادي. وتم تصوير "سيجورد" في كل من التقاليد النوردية والتقاليد الجرمانية القارية على أنه يُقتل بسبب خلاف بين زوجته "جودرون" أو "كريمهيلدا" (Gudrun/Kriemhild) وامرأة أخرى تدعى "برونهيلدا" Brunhild التي كان قد احتال عليها ليزوجها من الملك البورغندي "غونار" أو "غونثر" Gunnar/Gunther، كما أن ذبحه للتنين وامتلاكه كنز "نيبلونغ" Nibelungen أمران شائعان في كلا التقليدين، وأهم الأعمال التي تناولت حكايات "سيجورد" هي القصيدة الملحمية "أغنية نيبلونغز" Nibelungenlied وملحمة "فولسونغ" Völsunga saga وأشعار "الإيدا". كما يظهر "سيجورد" في العديد من الأعمال الجرمانية والإسكندنافية بما فيها سلسلة الأغاني الراقصة الإسكندنافية الحديثة المبكرة في العصور الوسطى أو الـ Ballads. 

فراق "سيجفريد" "لكريمهيلدا"من قبل "يوليوس شنور فون كارلسفيلد" حوالي 1843.

واستخدم "ريتشارد فاغنر" أساطير "سيجورد" في أوبراه "سيجفريد وشفق الآلهة" واعتمد بشدة على التقاليد الإسكندنافية في إنجاز نسخته من "سيجفريد"، وأثر تصويره لبطله على العديد من التصويرات اللاحقة. 

وأصبح "سيجفريد" مرتبطا بشدة بالقومية الألمانية في القرنين التاسع عشر والعشرين. وأنهت ملحمة "الفيلكينا" Thidrekssaga حكاية "سيجفريد" بالقول: 

"... قال الجميع أنه لن يوجد رجل حي أو يولد من بعدُ مساويا له في القوة والشجاعة وفي كل صنوف الكياسة، وكذلك في الجرأة والكرم الذي كان يتمتع بهما أكثر من كل الرجال، وأن اسمه لن يهلك أبدا في لسان الجرمان، ونفس الأمر ينطبق على الشماليين". 

وعلى عكس العديد من الشخصيات ذات التقليد البطولي الجرماني، لا يمكن التعرف بسهولة على "سيجفريد" من خلال شخصية تاريخية معينة، والنظرية الأكثر شيوعا هي أن أصول "سيجورد" ترجع إلى شخصية أو عدة شخصيات من السلالة الميروفنجية الفرنكية حيث كان لدى الميروفنجيين العديد من الملوك ابتدأت أسماؤهم ب "سيجي" Sigi-، وعلى وجه الخصوص "سيجيبرت الأول" الذي كان متزوجا من "برونهيلدا" الأستراسية، وهي نظرية تم اقتراحها لأول مرة سنة 1613، وكان "سيجيبرت" هذا قد قُتل على يد شقيقه "شيلبيريك الأول" بتحريض من زوجته الملكة "فريديغوندا"، وإذا صحت هذه النظرية فإنه قد تم تبديل أدوار "فريديجوندا" و "برونهيلدا" في الأساطير الجرمانية والنوردية بينما تم استبدال "شيلبيريك" "بغونثر"، ومع ذلك فهذه التشبيهات ليست دقيقة ولا محل إجماع من قبل العلماء، ويجادل أحد هؤلاء ـ "ينس هوستين" ـ بأنه وإن كانت لقصة "سيجورد" أصداء ميروفنجية فلا توجد لها ـ مع ذلك ـ صلة مقنعة بأي شخصية معينة أو حدث تاريخي معين. 

وتقول نظرية أخرى أن قصة "سيجورد" وذبحه للتنين تشكل نسخة أسطورية لانتصار "أرمينيوس" على الجنرال الروماني "بوبليوس كوينكتيليوس فاروس" في معركة غابة "تويتوبورغ" سنة 9 ميلادية، وتم اقتراح صلة بين "سيجورد" و "أرمينيوس" لأول مرة من قبل "فرانز-جوزيف مون" سنة 1830 الذي اعتقد أن "سيجورد" هو اندماج للعديد من الشخصيات التاريخية، وفي عام 1837 اقترح "أدولف غريزبرخت" أن "سيجورد" هو نسخة أسطورية "لأرمينيوس"، بينما يمثل الرومان "التنين"، وأخيرا اقترح "أوتو هوفلر" سنة 1959 أن "غنيتا-هيث" Gnita-Heath هو اسم المكان الذي يقتل فيه "سيجورد" التنين في التقاليد الإسكندنافية ويمثل ساحة معركة غابة "تويتوبورغ"؛ بينما ربما كان اسم "أرمينيوس" الجرماني هو "سيجفريد". وترفض الدراسات الحديثة بشكل عام وجود علاقة بين "سيجورد" و "أرمينيوس" باعتبارها مبنية على تكهنات ضعيفة وغير أكاديمية. 

كما تم اقتراح أن "سيجورد" قد يكون شخصية أسطورية بحتة بدون أي أصل تاريخي، واستمد علماء القرن التاسع عشر في كثير من الأحيان قصة "سيجورد" من الأساطير التي تتحدث عن الآلهة الجرمانية بمن فيها "أودين" و "بالدر" و "فرير"، ويجادل "كاتالين تارانو" بأن حكاية قتل "سيجورد" للتنين هي ذات أصول هندوأوروبية في نهاية المطاف، وأنها صارت مرتبطة فيما بعد بقصة مقتل "سيجيبرت الأول" الملك الميروفنجي، وفيما يلي أهم التقاليد والشهادات التي تناولت أسطورة "سيجورد". 

أولا ـ التقاليد والشهادات الجرمانية: 

مقتل "سيجفريد"، مخطوطة 'النيبلونغ".

انطلقت التقاليد الجرمانية القارية حول "سيجورد" مع قصيدة "أغنية نيبلونغ" حوالي عام 1200، ويربط التقليد الجرماني بقوة بين "سيجفريد" ومملكة تسمى "نيدرلاند" Niederland، وهي ليست "هولندا" الحديثة رغم تشابه الإسمين، ولكنها مملكة "لسيجفريد" كانت موجودة في محيط مدينة "كسانتن" الألمانية، ويحدد كتاب الأبطال Heldenbuch "نيدرلاند" بالمنطقة المحيطة بمدينة "فورمس" الألمانية، لكنه يصفها بمملكة منفصلة عن أرض الملك "جيبيش" (أي مملكة بورغندي). 

منقوشة "سيجفريد في كسانتن".

وتعطي قصيدة "أغنية نيبلونغ" الملحمية وصفين متناقضين لشباب "سيجفريد"، فبالنسبة للقصة الرئيسية حصل "سيجفريد" على تكوينه الأول في بلاط "كسانتن" على يد والده الملك "سيجموند" Siegmund وأمه "سيجليندا" Sieglind وتوجه في شبابه إلى "فورمس" عاصمة مملكة "برغونة" لخطب ود الأميرة "كريمهيلدا"، لكن الإقطاعي البورغندي "هاغن فون ترونخي" يروي قصة مختلفة عن شباب "سيجفريد"، حيث جعله محاربا متجولا فاز بكنز "النيبلونغ" وسيف "البالمونغ" وعباءة التخفي Tarnkappe التي كانت تزيد من قوة مرتديها اثني عشر مرة، كما يروي حكاية غير ذات صلة عن كيفية قتل "سيجفريد" لتنين والاستحمام بدمه مما جعله يكتسب جلدا صلبا وسميكا كقرون الحيوانات فوقاه من الأخطار. 

مقتل "سيجفريد" في "أودينهايم" وهو أحد المواقع المزعومة لمقتل "سيجفريد" في "أودينوالد".

ومن أجل الفوز بوصل "كريمهيلدا" صار "سيجفريد" صديقا للملوك البورغنديين "غونثر" Gunther و "غيرنو" Gernot و "غيسلر" Giselher، وعندما قرر "غونثر" استمالة "برونهيلدا" ملكة "إيسلندا" المحاربة عرض على "سيجفريد" تزويجه "بكريمهيلدا" مقابل مساعدته في ذلك، فظهر "سيجفريد" ـ كجزء من الخطة ـ أنه من أتباع "غونثر"، لكن "برونهيلدا" اشترطت على كل من أراد الزواج بها أن يقوم بمجموعة من المهام الجسمانية فإذا فشل في أدائها كان الموت مصيره، ثم ساعد "سيجفريد" "غونثر" في كل مهمة مستعينا بعباءته في ذلك، وعند عودتهما إلى "فورمس" تزوج من "كريمهيلدا" مباشرة بعد زواج "غونثر" من "برونهيلدا" إلا أنه في ليلة زفاف "غونثر" منعته "برونهيلدا" من النوم معها وربطته بحزامها وعلقته بخطاف، وفي الليلة التالية استخدم "سيجفريد" عباءة التخفي لإحباط مساعي "برونهيلدا" فتمكن "غونثر" بذلك من النوم معها، وإن لم يكن "سيجفريد" قد نام مع "برونهيلدا" إلا أنه أخذ حزامها وخاتمها ثم أعطاهما "لكريمهيلدا". 

"سيجفريد" و "ديتريش" من مخطوطة من القرن الخامس عشر "لحديقة الورود في فورمس".

وأنجب "سيجفريد" و "كريمهيلدا" ابنا سمياه "غونثر"، وفي وقت لاحق حدث خلاف بين "كريمهيلدا" و "برونهيلدا" على المنزلة الفضلى وتجادلتا أمام باب الكاتدرائية حول من يجب أن تدخل أولا فنعتت "برونهيلدا" "كريمهيلدا" بأنها زوجة تابع لكن "كريمهيلدا" ادعت أن "سيجفريد" قد أخذ عذرية "برونهيلدا" وأظهرت الحزام والخاتم كدليلين ورغم نفي "سيجفريد" للأمر فقد قرر كل من "هاغن" و "برونهيلدا" قتله ورضخ "غونثر" لخطتهما فاحتال "هاغن" على "كريمهيلدا" لتخبره بأضعف موضع من جلد "سيجفريد" ثم دعا "غونثر" "سيجفريد" لاحقا للمشاركة في الصيد في "الفاسكنفالد" (جبال "الفوج") وعندما كان "سيجفريد" يروي عطشه من إحدى الينابيع قام "هاغن" بطعنه في الجزء الأضعف من ظهره بحربة، فأصيب "سيجفريد" في مقتل لكنه مع ذلك حاول التصدي لهجوم "هاغن" ثم صاح لاعنا "البورغنديين" ومات، وألقى "هاغن" بجثة "سيجفريد" أمام باب غرفة "كريمهيلدا" التي نعته كثيرا ودفنته في "فورمس". 

غير أن بعض التنقيحات الطفيفة أجريت للنص الأصلي حيث فلم يقتَل "سيجفريد" في "فاسكنفالد" بل في "أودنفالد" حيث يزعم الراوي أنه مايزال بالإمكان زيارة النبع الذي قتل عنده "سيجفريد" قرب قرية "أودنهايم" Odenheim (وهي اليوم جزء من "أوسترينغن" Östringen) ويقول الراوي أن "سيجفريد" دفن في دير "لورش" Lorsch بدل "فورمس"، ويذكَر أيضا أنه دفن في تابوت رخامي ـ وقد يكون الأمر ذا صلة محتملة بالتوابيت الرخامية المعروضة في الدير ـ التي استخرجت بعد حريق نشب سنة 1090. 

وفي القصيدة البطولية المنمنمة "حديقة الورود في فورمس" (Rosengarten zu Worms) المدونة في القرن الثالث عشر باللغة الألمانية الوسطى كان "سيجفريد" خطيبا "لكريمهيلدا" وهو أحد الأبطال الإثني عشر الذين يدافعون عن حديقة ورودها في "فورمس"، ثم قررت "كريمهيلدا" اختبار قوة "سيجفريد" ضد البطل "ديتريش فون بيرن" فدعت "ديتريش" واثني عشر من محاربيه لمقاتلة أبطالها الإثني عشر وعندما أوشكت المعركة على البدء رفض "ديتريش" بداية منازلة "سيجفريد" لأن دم التنين جعل جلده محصنا من الأخطار إلا أنه اقتنع أخيرا بقتاله بسبب ما أشيع حول مقتل معلمه "هيلدبراند" حيث ثار غضبه حتى نفث النار من أنفاسه فذابت طبقة القرن الواقية عن جلد "سيجفريد" وأصبح بذلك "ديتريش" قادرا على اختراق جلده بالسيف فخاف "سيجفريد" وفر إلى حضن "كريمهيلدا" وظهر "هيلدبراند" حيا فيما بعد مما حال دون مقتل "سيجفريد". 

ولا يتوافق دور "سيجفريد" كخطيب "لكريمهيلدا" في هذه القصيدة مع القصيدة الملحمية "أغنية نيبلونغ" حيث لم يعقد الإثنان خطبتهما رسميا أبدا كما أن والد "كريمهيلدا" هو "جيبيش" بدل "دانكرات" في "أغنية النيبلونغ"، إلا أن قصيدة "حديقة الورود" تضمنت بعض التقاليد القديمة الغائبة عن سابقتها رغم اعتمادها بشكل كبير عليها، وبعض التفاصيل المذكورة تتفق مع "الثيدريكساجا"، وتشير "حديقة الورود" إلى أن "سيجفريد" تلقى نشأته عند حداد يدعى "إيكريتش". 

كما تناولت ملحمة "بيوريك من بيرن" الفروسية قصة "سيجفريد"، ورغم أن هذه الملحمة المسماة أيضا "البيوريكساجا" (أو "الثيدريكساجا" بالإنجليزية) Þiðrekssaga (حوالي 1250) كُتبت بالنوردية القديمة فإن أغلب موادها ترجمت من الحكايات الشفاهية الجرمانية (وبالأخص الألمانية الدنيا) وكذلك من بعض المصادر المكتوبة بالألمانية مثل "أغنية النيبلونغ". 

وتشير هذه الساجا إلى "سيجفريد" باسم "سيجورد" وجعلته ابنا للملك "سيجموند" من "تارلونغلاند" Tarlungaland (ربما كان تصحيفا "لكارلونجلاند" أو أرض "الكارولنجيين") والملكة "سيسيبي" من إسبانيا، وعندما عاد "سيجموند" من إحدى غزواته اكتشف أن زوجته حامل فشك في خيانتها له ثم أمر بنفيها إلى "الغابة السوابية" (أو الغابة السوداء) حيث أنجبت "سيجورد" وماتت بعد ذلك بقليل، فرضع "سيجورد" من أنثى أيل الهيند قبل أن يعثر عليه الحداد "ميمير" فحاول هذا تربية الصبي لكن "سيجورد" لم يكن منضبطا لتعليماته فأرسله إلى شقيقه "ريجين" الذي كان قد تحول إلى تنين على أمل أن يقتل الصبي إلا أن "سيجورد" ذبح التنين وتذوق لحمه فتعلم منطق الطير وعرف بغدر "ميمير" فلطخ نفسه بدماء التنين وأصبحت بشرته محصنة ضد الأخطار ثم عاد إلى مربيه الذي حاول أن يساومه ببعض الأسلحة لكن "سيجورد" قتله رغم ذلك، والتقى فيما بعد "ببرونهيلدا" التي منحته الحصان "غران" وبعد ذلك توجه إلى "إيسونج" ملك "بيرتانجلاند". 

وفي إحدى الأيام أتى "ثيودريك" (ديتريش فون بيرن في حكايات أخرى) إلى "بيرتانجلاند" وقاتل ضد "سيجورد" ثلاثة أيام لكنه لم يستطع إحداث جرح واحد في جسد "سيجورد" بسبب جلده المنيع، إلا أنه تلقى في اليوم الثالث سيف "ميمونغ" فتمكن من اختراق جلد "سيجورد" بواسطته وإلحاق الهزيمة به أخيرا ثم تصالح الإثنان وركبا إلى الملك "غونار" (غونثر) حيث تزوج "سيجورد" من أخت "غونار" "جريمهيلدا" (كريمهيلدا) وأوصى "غونار" بالزواج من "برونهيلدا" فتم ذلك، وزعمت "برونهيلدا" فيما بعد أن "سيجورد" كان سيتزوجها في وقت سابق إلا أنها وافقت على الزواج "بغونار" الذي لم تسمح له بالدخول بها فقام "سيجورد" ـ بموافقة من "غونار" ـ بالتخفي في هيئته وافتض عذريتها مما سلبها قوتها، ثم عاد البطلان "ببرونهيلدا" إلى بلاط "غونار". 

وفي وقت لاحق تخاصمت "جريمهيلدا" و "برونهيلدا" على من لديها رتبة أعلى وادعت "برونهيلدا" أن "سيجورد" ليس من أصول نبيلة فردت عليها "جريمهيلدا" أن "سيجورد" هو من افتضها وليس "غونار" زوجها فأقنعت "برونهيلدا" كلا من "غونار" و "هوغني" Högni (هاغن) بقتل "سيجورد" وهو ما فعله "هوغني" بينما كان "سيجورد" ينهل من نبع أثناء رحلة صيد، ثم وضع الأخوان جثة "سيجورد" في فراش "جريمهيلدا" التي ندبت موته طويلا. 

وكان مؤلف هذه "الساجا" قد أجرى عدة تغييرات لإخراج قصة متماسكة إلى حد ما من بين العديد من المصادر الشفاهية وربما الكتابية، ويذكر المؤلف النسخ الإسكندنافية البديلة للعديد من هذه الحكايات نفسها، ويبدو أنه غير بعض التفاصيل لتتناسب مع القصص التي يعرفها جمهوره الإسكندنافي، وخاصة فيما يتعلق بشباب "سيجورد" الذي جمع فيه عناصر من التقاليد الإسكندنافية والقارية التي وثقت لاحقا في بالاد "أغنية سيجفريد قرني الجلد" Lied vom Hürnen Seyfrid التي تحتوي أيضا على قصة غير موثوقة حول والدي "سيجورد". وللإشارة لم تذكر "الثيدريكساجا" كيف فاز "سيجورد" بكنز "النيبلونغ". 

ويعرض الشطر الثاني من القصيدة البطولية "بيرولف و ودييتليب" المدونة بين 1250 و 1300 حربا بين أبطال بورغنديين من "نيبيلانجين ليد" وأبطال الدورة حول "ديتريش فون بيرن" وفي هذا السياق نشبت معركة بين "سيجفريد" و "ديتريش" أيضا حيث هزم هذا الأخير "سيجفريد" بعد أن تخاذل في بادئ الأمر، ويعرض النص أيضا معركة بين "سيجفريد" والبطل "هايم" حيث أخذ "سيجفريد" سيف "هايم" الشهير "ناغيلرينغ" وتقاتل كلا الفريقين للاستيلاء على السيف. 

ويشير النص أيضا إلى أن "ديتريش" أحضر ذات مرة "سيجفريد" إلى بلاط "إيتزل" كرهينة وهو ما تمت الإشارة إليه كذلك في "أغنية النيبلونغ". 

ويعد كتاب الأبطال Heldenbuch-Prosa الذي وثق أولا سنة 1480 أحد أهم الشهادات للتقاليد الشفاهية خارج "أغنية نيبلونغ" مع العديد من التفاصيل الموافقة "للثيدريكساجا"، ويتضمن هذا المؤلف عموما القليل من التفاصيل عن "سيجفريد" حيث يشير إلى أنه كان ابن الملك "سيجموند" من "نيدرلاند" وكان متزوجا من "كريمهيلدا" وأنها دبرت محاكمة "إتسل" للانتقام من مقتل "سيجفريد" على يد "ديتريش فون بيرن"، ووفقا للكتاب قتل "ديتريش" "سيجفريد" وهو يقاتل في حديقة الورود في "فورمس". 

"سيجفريد" يحارب التنين لإنقاذ "كريمهيلدا"، نقش خشبي حديث مبكر "لسيجفريد القرني".

وتقدم الأغنية البطولية "سيجفريد قرني الجلد" Das Lied vom Hürnen Seyfrid التي تعود لأواخر العصور الوسطى سردا لمغامرات "سيجفريد" في مرحلة شبابه وتتفق في كثير من تفاصيلها مع "الثيدريكساجا" والمصادر النوردية القديمة الأخرى "كأغنية نيبلونغ"، ووفقا لهذا المصدر اضطر "سيجفريد" إلى ترك بلاط والده "سيجموند" بسبب سلوكه المتمرد وترعرع على يد حداد في الغابة، ومع ذلك كان جامحا لدرجة أن الحداد خطط لمقتله على يد تنين، لكن "سيجفريد" كان قادرا على قتل التنين كما قتل العديد من التنانين الأخرى من خلال محاصرتها تحت جذوع الأشجار وإضرام النيران فيها فذابت جلود التنانين التي وصفت بأنها سميكة كالقرون وقد وضع "سيجفريد" أصبعه فيها فصار جلده قرنيا ثم لطخ كامل جسده بجلد التنين الذائب باستثناء بقعة واحدة وفي وقت لاحق عثر على أثر تنين كان قد اختطف الأميرة "كريمهيلدا من فورمس" ثم حارب العملاق "كوبيران" بمساعدة القزم "ويجل" وكان هذا القزم يملك مفتاح الجبل الذي نقلت "كريمهيلدا" إليه فأنقذ الأميرة وذبح التنين ووجد كنز "نيبلونغ" داخل الجبل، وتنبأ له القزم "ويجل" بأنه لم تبق سوى ثماني سنوات من عمره ليعيشها فأدرك "سيجفريد" أنه لن يكون قادرا على استخدام الكنز فألقاه في نهر "الراين" في طريقه إلى "فورمس" وتزوج "كريميهلدا" وحكم هناك مع إخوتها "غونثر" و "هاغن" و "جيزلر" لكن في السنة الثامنة استاؤوا منه وقتلوه. 

لوحة جدارية تظهر الأبطال "سيجفريد" و "ديتريش فون بيرن" و "ديتليب" بالقرب من "بوزن" حوالي 1400.

ويسجل رئيس الدير الإيسلندي "نيكولاوس من ثفيرا" أنه أثناء سفره عبر "ويستفاليا" ظهر له المكان الذي قتل فيه "سيجورد" التنين (الذي يدعى "غنيتا-هيث" في التقليد الإسكندنافي) بين قريتين جنوب "بادربورن". 

وفي أغنية للشاعر الغنائي المتجول "دير مارنر" من منتصف القرن الثالث عشر أورد ذكر وفاة "سيجفريد" كقصة شائعة كان الجمهور الألماني يستمتع بسماعها إلى جانب كنز "نيبلونغ". 

وتسجل سجلات مدينة "فورمس" أنه عندما زار الإمبراطور "فريدريك الثالث" المدينة عام 1488 أخبره سكان البلدة بأن "سيجفريد" مدفون في مقبرة القديس "ماينهارد" والقديسة "سيزيليا" فأمر "فريدريك" بنبش القبور ـ وحسب مصدر لاتيني ـ لم يعثر على أي شيء؛ لكن سجل التاريخ الألماني يذكر أن "فريدريك" وجد جمجمة وبعض العظام البشرية ذات أحجام أكبر من المعتاد. 

ثانيا ـ التقاليد والشهادات الإسكندنافية: 

قد تكون بعض عناصر التقاليد الإسكندنافية بالفعل أقدم من الشهادات القارية عن هذه الشخصية، ويبدو أن جزءا كبيرا من هذه التقاليد قد تغير بسبب سياق تنصير آيسلندا والدول الإسكندنافية، فالظهور المتكرر للآلهة الوثنية يعطي القصص البطولية طابع حقبة منتهية. وتعد أقدم الشهادات للتقاليد الإسكندنافية هي عبارة عن رسوم تصويرية، ولا يمكن فهم هذه الرسوم إلا من خلال معرفة القصص التي تصورها. 

"سيجفريد" كما تخيلته الرسامة السويدية "جيني نيستورم" (1854-1946).

وتعد الإيدا النثرية (Prose Edda) أو الإيدا الصغرى أو إيدا سنوري (Snorra Edda) والتي نسبت إلى "سنوري ستورلوسون" أقدم شهادة غير مصورة للنسخة الإسكندنافية عن حياة "سيجورد" ويرجع تاريخها إلى عام 1220 تقريبا، ويعيد "سنوري" من خلالها سرد قصة "سيجورد"، ويبقى عرضه للقصة مشابها جدا للقصة الموجودة في ملحمة "فولسونغا" Völsunga saga، لكنه أقصر بكثير، ولا تذكر هذه النسخة انتقام "سيجورد" لمقتل والده، ويذكر النص أن "سيجورد" نشأ في مكان يسمى "ثجود" (Thjod). 

وحسب هذه الإيدا فإن "سيجورد" تربى في بلاط الملك "هلبريك" وتلقى سيفه "غرام" من الحداد "ريجين"، وقتل التنين "فافنير" في براح "غنيتا" عن طريق النزول في حفرة وطعنه قلب التنين من الأسفل وتذوق دمه فتمكن من فهم منطق الطير عندما أخبره طائر أن "ريجين" سيقتله من أجل الحصول على ذهب التنين فقتل "ريجين" وأخذ كنز "النيبلونغ" لنفسه وركب بعيدا مع كنزه متوجها إلى مملكة الملك "جوكي"، وهناك تزوج من ابنته "غودرون" وساعد شقيقها "غونار" في الحصول على "برونهيلدا" التي طلب يدها من شقيقها "آتلي" ولأجل تلك الغاية خدع "سيجورد" "برونهيلدا" من خلال تقمص شكل "غونار" بعدما عجز هذا الأخير عن الوفاء بشرط الركوب عبر جدار اللهب؛ فركب "سيجورد" النيران وتزوج "برونهيلدا" لكنه لم ينم معها ووضع سيفه بينهما في الفراش ثم عاد و"غونار" إلى شكليهما السابقين. 

ورزق "غونار" و "سيجورد" من زوجتيهما بطفلين هما "سفانهيلد" و "سيجموند" الأصغر، وفي وقت لاحق كشف شجار نشب بين "برونهيلدا" و "غودرون" أن "سيجورد" هو الشخص الذي ركب خلال النيران وأظهرت زوجة "سيجورد" حلقا كان قد أخذها زوجها من "برونهيلدا" كدليل على صحة قولها فرتبت "برونهيلدا" لقتل "سيجورد" على يد شقيق "غونار" المسمى "غوثورم"، فطعن هذا الأخير "سيجورد" أثناء نومه لكن "سيجورد" تمكن من شطره إلى نصفين بسيفه قبل أن يموت، كما كان "غوثورم" قد قتل "سيجموند الأصغر" ابن "سيجورد" ذو الثلاث سنوات ثم قتلت "برونهيلدا" نفسها وأحرق جثمانها في نفس المحرقة التي أحرق فيها جثمان "لسيجورد". 

وتضمنت الإيدا الشعرية ـ التي جمعت حوالي عام 1270 في آيسلندا ـ الأغاني الأسطورية والبطولية من مختلف العصور، وشكلت قصة "سيجورد" جوهر القصائد البطولية لهذه الإيدا، ومع ذلك فإن تفاصيل حياة "سيجورد" وموته في القصائد المختلفة تتعارض مع بعضها البعض، بحيث لا تظهر قصة "سيجورد" بوضوح. 

وبوجه عام، لا يعتقد أن أيا من القصائد قد تم تأليفها قبل عام 900، ويبدو أن بعضها كتب في القرن الثالث عشر، ومن الممكن أيضا أن تكون القصائد القديمة قد كتبت بأسلوب قديم وأن القصائد الحديثة لم تكن سوى إعادة صياغة لها، لذا فإن التاريخ الموثوق به يبقى أمرا مستحيلا بالنسبة لهذه الإيدا التي تعرف"سيجورد" كملك للفرنجة. 

وتعد فقرة "موت سينفيوتلي" نصا نثريا قصيرا بين القصائد الذي تضمن في نهايته ولادة "سيجورد" الذي جاء أنه ولد بعد مقتل والده "سيجموند" أثناء محاربة أبناء "هوندينغ" وتزوجت "هيورديس" والدة "سيجورد" ابن "هايلبريك" وربت ابنها في بلاطه. 

وتناولت "الجريبيسبا" ذهاب "سيجورد" إلى "جريبير" خاله من أجل سماع نبوءته عن حياته فأخبره "جريبير" أنه سيقتل أبناء "هاندينغ" والتنين "فافنير" و "ريجين" الحداد ليحصل على كنز "النيبلونغ" ثم سيوقظ "الفالكيري" ويتعلم منها الأحرف الرونية ثم توقف "جريبير" عند هذه الواقعة لكن "سيجورد" ألح عليه ليتم نبوءته فأخبره أنه سيذهب إلى منزل "هايمر" ويخطب "برونهيلدا" لكنه سيجرع شرابا في بلاط "جوكي" يجعله ينسى وعده فيتزوج "غودرون" ثم بعد ذلك سيعمل على تزويج "برونهيلدا" "لغونار" وينام مع "برونهيلدا" دون ممارسة الجنس وستفطن "برونهيلدا" بالخدعة وتزعم أن "سيجورد" قد ضاجعها مما سيقود إلى مقتله على يد "غونار". 

وتتألف مجموعة أشعار شباب "سيجورد" من ثلاثة قصائد وتمزج بين قصتين "لسيجورد"، فتارة تظهره كأمير ملكي ذكي وتارة أخرى تحكي عن ترعرعه في بيت "ريجين" الحداد وتظهره فظا بليدا، ومن المرجح أن "سيجورد" أمضى شبابه مع "ريجين"، ويبدو أن نجاحه جاء نتيجة للمساعدة الخارقة للطبيعة لا بفضل مكره ودهائه. 

ونجد في القصيدة الإيدية "مصرع ريجين" "ريجين" الحداد الذي كان يقيم في بلاط "هالبريك" والذي أخبر "سيجورد" عن كنز كان على الآلهة تجميعه من أجل تعويض عائلة "أوتر" الذين قتلوا على أيديهم، لكن "فافنير" أخ "أوتر" كان قد تحول إلى تنين وكان يحرس الكنز وحث "ريجين" "سيجورد" على قتل "فافنير" وصنع سيف "غرام" لأجل هذه المهمة لكن "سيجورد" قرر قتل "لينفي" وأبناء "هاندينغ" الآخرين قبل أن يقتل التنين، وقد رافقه "أودين" في طريقه وبعد مقتل الإخوة في المعركة ونحت نسر الدم على جدث "لينفي" امتدح "ريجين" ضراوة "سيجورد" في المعركة. 

وتحكي قصيدة "أقاويل فافنير" عن توجه "سيجورد" رفقة "ريجين" الحداد إلى "غنيتا-هيث" حيث حفر حفرة ونزل فيها ليطعن "فافنير" في قلبه من الأسفل عندما مر فوق الحفرة، وقبل موت "فافنير" أخبر "سيجورد" ببعض حكمه وحذره من اللعنة التي تحيط بالكنز، وبمجرد موت التنين مزق "ريجين" قلبه وطلب من "سيجورد" أن يطهوه وأثناء الطهي حاول "سيجورد" التحقق من استواء القلب فأحرق أصبعه ووضعه في فمه فتمكن بذلك من فهم منطق الطير الذي حذره من تخطيط "ريجين" لقتله، فقتل "ريجين" الحداد وطلبت منه الطيور الذهاب إلى قصر محاط بالنيران حيث تكون الفالكيري "سيجدريفا" نائمة وتوجه إلى هناك وحمل الكنز على صهوة حصانه. 

وحسب قصيدة "قائد النصر" ركب "سيجورد" إلى "هندارفال" حيث وجد جدارا مصنوعا من الدروع ووجد امرأة نائمة في الداخل ترتدي درعا نما على جلدها فقطع "سيجورد" درعها واستيقظت الفالكيري "سيجدريفا" وعلمته الحروف الرونية وبعض التعاويذ السحرية وقدمت له بعض النصائح. 

حصان "سيجورد" "غراني" يبكي فوق جسد صاحبه.

وتبدأ القصيدة المبتورة "قطعة من أغنية سيجورد" مع "هوغني" و "غونار" اللذين تشاورا حول قتل "سيجورد" بسبب ارتياب "هوغني" في حقيقة نوم "سيجورد" مع "برونهيلدا" ثم قتل كل من "غوثورم" و "غونار" وشقيق "هوغني" الأصغر "سيجورد" في الغابة وبعد ذلك اعترفت "برونهيلدا" أن "سيجورد" لم ينم معها أبدا. وتظهر هذه القصيدة تأثير التقاليد الجرمانية القارية حيث تصور موت "سيجورد" في الغابة بدلا من سريره. 

وفي قصيدة "مدفن سيجورد" أتى "سيجورد" إلى بلاط "جوكي" وأدى إلى جانب "غونار" و "هوغني" قسم الصداقة ثم تزوج "سيجورد" من "غودرون" واستحوذ على "برونهيلدا" لأجل "غونار" دون أن ينام معها، وكانت "برونهيلدا" راغبة في "سيجورد" وعندما فشلت في الظفر به كادت لقتله فذبح "غوثورم" "سيجورد" في سريره لكن "سيجورد" تمكن من قتله قبل أن يموت ثم قتلت "برونهيلدا" نفسها وطلبت أن تحرق في نفس المحرقة التي أحرق فيها "سيجورد"، ويفترض عموما أن هذه القصيدة ليست قديمة جدا. 

"سيجورد" يمص إبهامه بعد قتل "فافنير" ـ مدرج كنيسة "هيليستاد".

أما ملحمة "فولسونغ" أو "الفولسونغا ساجا" فتضمنت السرد الأكثر تفصيلا لحياة "سيجورد" في كل من التقاليد الألمانية أو الإسكندنافية إلى جانب "الإيدا الشعرية"، وتتبع هذه "الساجا" الحبكة الواردة في الإيدا الشعرية على الرغم من غياب ما يشير إلى معرفة المؤلف بالنص الآخر، ويبدو أن المؤلف كان يعيش في النرويج وكان مطلعا على "الثيودريكساجا" وبالتالي فإن تاريخ ملحمة "فولسونغ" يعود إلى النصف الثاني من القرن الثالث عشر، وتغير الملحمة الموقع الجغرافي لحياة "سيجورد" من ألمانيا إلى إسكندنافيا وهي مرتبطة بملحمة "راغنار لودبروك" التي تعتبر هذه الأخيرة تكملة لها من خلال زواج "راغنار" من "أسلوج" ابنة "سيجورد" و "برونهيلدا". 

"سيجورد" و "غونار" في النار ـ بواسطة "جون تشارلز دولمان" (1909).

ووفقا لملحمة "فولسونغ" فإن "هورديس" زوجة "سيجموند" أنجبت ابنهما "سيجورد" بعد مقتل والده في عراك ضد "لونفي" الذي كان ينافسه على ود "هورديس"، وقد ظلت "هورديس" وحدها في ساحة المعركة حيث قتل زوجها "سيجموند" ووجدها الملك "ألف" الذي تزوجها فيما بعد وأخذ سيف "سيجموند" المحطم فأنجبت "سيجورد" بعد ذلك بفترة وجيزة وترعرع وليدها على يد "ريجين" الحداد في بلاط الملك "هالبريك"، وفي يوم من الأيام أخبر "ريجين" "سيجورد" عن قصة كنز كان يحرسه التنين "فافنير" الذي دفعه كل من "أودين" و "لوكي" و "هونير" فدية لمقتل "أوتر"، فطلب "سيجورد" من "ريجين" أن يصنع له سيفا لقتل التنين، لكن كل سيف كان يقوم "ريجين" بصنعه كان ينكسر عندما يختبر "سيجورد" صلابته على السندان، وأخيرا صنع "ريجين" سيفا جديدا من سيف "سيجموند" القديم المحطم فتمكن "سيجورد" من تحطيم سندان الحداد به بسبب صلابته، وطلب "ريجين" من "سيجورد" استرداد جزء من كنز "فافنير" لكن "سيجورد" قرر الثأر لوالده أولا فقاد جيشا وقتل "لونفي" بمساعدة "أودين". ثم توجه "سيجورد" إلى "غنيتا هيث" لقتل التنين، واختبأ في حفرة عبر فوقها "فوفنير" فطعنه "سيجورد" في قلبه من الأسفل وتمكن من قتله، ثم ظهر "ريجين" الذي شرب بعضا من دم التنين وطلب من "سيجورد" أن يطبخ قلبه، فاختبر "سيجورد" مدى استواء القلب أثناء الطهي لكنه أحرق أصبعه فوضعه في فمه وصار قادرا على فهم لغة الطيور التي أخبرته أن "ريجين" يخطط لقتله وأن من الحكمة قتل "ريجين" أولا ثم أخذ الكنز والذهاب إلى "برونهيلدا" فقام "سيجورد" بكل هذا وتوجه إلى "برونهيلدا" التي كانت نائمة في حلقة من الدروع مرتدية درعا نمت على جلدها ثم مزق "سيجورد" درعها وأيقظها فتواعدا على الزواج وكررا وعدهما في بلاط "هايمر" صهر "برونهيلدا". ثم ذهب "سيجورد" إلى بلاط الملك "جوكي" فجعلته الملكة "غريمهيلدا" يجرع شرابا أنساه وعده "لبرونهيلدا" ووافق على الزواج من ابنتها "غودرون"، وأقسم "سيجورد" وابنا "جوكي" "غونار" و "هوغني" على الولاء لبعضهم وأن يصبحوا أخوة في الدم، وفي هذه الأثناء أقنعت "غريمهيلدا" "غونار" ابنها على الزواج من "برونهيلدا" وهو ما وافقت عليه عائلة "برونهيلدا" إلا أن "برونهيلدا" اشترطت على "غونار" أن يعبر جدار النار الذي يحيط بقلعتها قبل الموافقة على الزواج منه، لكن "غونار" كان عاجزا عن ذلك فاستخدم مع "سيجورد" تعويذة أخبرتهما بها "غريمهيلدا" لتغيير الهيأة ثم عبر "سيجورد" جدار النار في هيأة "غونار" وذهلت "برونهيلدا" كيف عبر شخص غير "سيجورد" هذا الجدار ثم نام "سيجورد" مع "برونهيلدا" ثلاث ليال ووضع سيفا بينهما وتزوج الأربعة "سيجورد" و "غودرون" و "غونار" و "برونهيلدا" في يوم واحد. وفي أحد الأيام تجادلت "غودرون" و "برونهيلدا" في النهر أثناء الاستحمام حول من منهما تزوجت الرجل الأكثر نبلا فأخبرت "غودرون" "برونهيلدا" كيف تم خداعها وأرتها خاتما كان قد أخذه "سيجورد" منها في أول ليلة نام معها كدليل، فغضبت "برونهيلدا" وقررت الانتقام وعندما ذهب "سيجورد" للتحدث معها واعترف الاثنان بحبهما لبعضهما البعض اقترح "سيجورد" تطليق "غودرون" ليكون مع "برونهيلدا" لكنها رفضت ذلك وطلبت فيما بعد من "غونار" قتل "سيجورد" فطلب من شقيقه الأصغر "غوثورم" فعل ذلك لأنه لم يكن قد أقسم على الولاء "لسيجورد" مثله وبعد تناول "غوثورم" للحم الذئب شق طريقه إلى حجرة نوم "سيجورد" وطعنه في ظهره بسيفه ورغم ذلك تمكن "سيجورد" من قتل "غوثورم" وأكد "لغودرون" أثناء احتضاره أنه كان دائما مخلصا "لغونار" ثم مات، وانتحرت "برونهيلدا" بعد ذلك بوقت قصير وقد تم حرقها و "سيجورد" في نفس المحرقة. 
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...