الأحد، 10 يناير 2021

العوالم الخمسة للطهراني



ـ الجنّة‌ والنار مظهران‌ موجودان‌ في‌ جميع‌ العوالم‌ الإلهيّة‌: 

واعلم‌، أنّ الجنّة‌ والنار، إنّما هي‌ مظاهر في‌ جميع‌ العوالم‌ الإلهيّة‌، ولا ريب‌ في‌ كونها من‌ الأعيان‌ التي‌ هي‌ صور علميّة‌ في‌ العلم‌ الإلهي‌ّ، ويكثر وجودها في‌ العالم‌ الروحاني‌ّ أكثر منه‌ في‌ الوجود الجسماني‌ّ كذلك‌. وأنّ إخراج‌ آدم‌ و حواء من‌ الجنّة‌، إنّما هو إشارة‌ إلی‌ ذلك‌، وللنار كذلك‌ وجود في‌ هذا العالم‌ الروحاني‌ّ، ذلك‌ أنّ العالم‌ الروحاني‌ّ مثال‌ لما هو موجود في‌ علمه‌، والأحاديث‌ التي‌ تدلّ علی‌ وجودهما كثيرة‌، وقد أشار الرسول‌ عليه‌ الصلاة‌ والسلام‌ إلی‌ مسألة‌ إثبات‌ وجودهما في‌ عالم‌ الدنيا بقوله‌، الدُّنْيَا سِجْنُ المُوْمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ. [1] وكذا في‌ الآية‌ الشريفة‌: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةُ بِالْكَـ'فِرِينَ. [2]

ـ أدلّة‌ إثبات‌ وجود الجنّة‌ والنار في‌ عوالم‌ ما بعد عالم‌ الدنيا: 

وفي‌ مكان‌ آخر، أشار كذلك‌ إلی‌ إثبات‌ وجودهما في‌ البرزخ‌ المثإلی‌ّ قائلاً: القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرَانِ. [3] وهو موجود كذلك‌ في‌ العالم‌ الإنساني‌ّ، الذي‌ هو منتخب‌ الجميع‌، ذلك‌ أنّ مرتبة‌ الروح‌ والقلب‌ والكمالات‌ الخاصّة‌ بهما، هي‌ النعيم‌ عينه‌. وأمّا مقام‌ النفس‌ والهدي‌ ومتعلّقاتهما، فهي‌ الجحيم‌ عينه‌. وآخر مراتب‌ مظاهرهما هي‌ الدار الآخرة‌، التي‌ هي‌ عالم‌ الجزاء، وقد تطرّقت‌ الأحاديث‌ والقرآن‌ الكريم‌ إلی‌ الكلام‌ عن‌ هذا العالم‌ في‌ مواضع‌ كثيرة‌. 

ويقول‌ الإمام‌ محمّد الغزالي في‌ «المظنّون‌ به‌ علی‌ غير أهله‌»[4]: قال‌ أبو علي وهو من‌ عظماء الفلاسفة‌: يمكن‌ القول‌ إنّ الحقّ جلّ شأنه‌ قد أعطى‌ هذه‌ القوّة‌ للنفس‌ الفلكيّة‌، بحيث‌ إنّ ما موجود في‌ عالم‌ الموالید السفليّة‌ من‌ أشخاص‌ وأقوال‌ وأعمال‌ وأخلاق‌ وحركات‌ وسكنات‌، والصور المناسبة‌ لكلٍّ من‌ تلك‌ الرموز وأسمائها الواردة‌ في‌ الشريعة‌ السمحاء، موجودة‌ بأجمعها في‌ تلك‌ النفس‌ الفلكيّة‌، إذ إنّ النفس‌ الإنسانيّة‌ بعد قطع‌ اتّصالها بالبدن‌ العنصري‌ّ تتّصل‌ ببدن‌ آخر يليق‌ بذلك‌ العالم‌، وتُشاهَد عياناً صور الأعمال‌ والأخلاق‌ والأوصاف‌ والأقوال‌ التي‌ صدرت‌ منها في‌ هذا العالم‌. [5]

ذلك‌ ما أخبر به‌ المخبر الصادق‌، وهو الرسول‌ الأمين‌ صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، من‌ حور وقصور ورضوان‌ وأثمار وأنهار، وأخبر في‌ مقابل‌ ذلك‌ عن‌ الأفاعي‌ والعقارب‌ والنار ومالك‌، ولمّا كان‌ ذلك‌ لا يخالف‌ العقل‌، وقد كان‌ المخبر به‌ هو المخبر الصادق‌، فلا ريب‌ أنّ ذلك‌ هو ما هو كائن‌ حقّاً. وهذا لِمَن‌ يُرِيد إدراك‌ هذا المعنى بطريق‌ العقل‌، وإلاّ فإنّ أصحاب‌ الصفاء والنقاء وأهل‌ القلوب‌ يشاهدون‌ بعين‌ البصيرة‌ كلّ ما قاله‌ وأخبر عنه‌ النبي‌ّ، وعلى‌ هذا، فإنّ قاعدة‌: مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا،[6] تدلّ علی‌ أنّ ما يكون‌ بعد الموت‌ الطبيعي‌ّ، يمكن‌ مشاهدته‌ بالموت‌ الاختياري‌ّ بعين‌ إلیقين‌، وإزالة‌ ما في‌ داخلهم‌ من‌ شكّ. 

زينهار اي‌ جان‌ من‌ صد زينهار نيك‌ كن‌ پيوسته‌ دست‌ از بد بدار 

زانكه‌ هر چه‌ اينجا كني‌ از نيك‌ و بد مونست‌ خواهد شدن‌ اندر لحد [7]

حيث‌ إنّ القَبْرُ صَنْدُوقُ العَمَلِ. [8]

وأمّا الأعـراف‌، فهي‌ جمـع‌ عُـرف‌، يطلق‌ علی‌ المكان‌ المرتفـع‌ الذي‌ يُشـرف‌ علی‌ جوانبه‌. وتلك‌ هي‌ مرتبة‌ السـابقين‌، حيث‌ يقـول‌ تعالی‌: 

السَّـابِقُونَ السَّـابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [9]

وهم‌ الكاملون‌ الذين‌ وصلوا إلی‌ مقام‌ جمع‌ الجمع‌، وهو مقام‌ البقاء بالله‌، حيث‌ يرون‌ الحقّ تعالی‌ متجلّياً في‌ كلّ شي‌ء والصفة‌ التي‌ يعدّ ذلك‌ الشي‌ء مظهراً لها، وهذا المقام‌ هو الإشراف‌ علی‌ الجوانب‌. إذ يمكنه‌ رؤية‌ كلّ شي‌ء كما هو، ويعلمون‌ أنّ: 

وَعَلَى الاْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاَّ بِسِيمَاهُمْ. [10]

ما طبيبانيم‌ و شاگردان‌ حقّ بحر قُلزم‌ ديد ما را فَانفَلَقْ [11]

آن‌ طبيبانِ طبيعت‌ ديگرند كه‌ به‌ دل‌ از راه‌ نبضي‌ بنگرند 

ما به‌ دل‌ بي‌واسطه‌ خوش‌ بنگريم‌ كز فراست‌ ما به‌ عإلی‌ منظريم‌ [12]

وبعد أن‌ أشار إلی‌ بعض‌ من‌ العوالم‌ الغيبيّة‌، ذكر في‌ مكان‌ آخر: 

كدام‌ است‌ آن‌ جهان‌ كو نيست‌ پيدا كه‌ يك‌ روزش‌ بود يك‌ سال‌ اينجا؟ [13]

ـ العوالم‌ الخمسة‌: اللاهوت‌، الجبروت‌، الملكوت‌، المُلك‌ والناسوت‌: 

واعلم‌ أنّ العوالم‌ الكلّيّة‌ هي‌ خمسة‌: 

الأوّل‌: عالم‌ الذات‌، وهو ما يطلقون‌ عليه‌ باللاهوت‌ والهويّة‌ الغيبيّة‌، والغيب‌ المجهول‌، وغيب‌ الغيوب‌، وعين‌ الجمع‌، وحقيقة‌ الحقائق‌، ومقام‌ أو أدنى‌، وغاية‌ الغايات‌، ونهاية‌ النهايات‌، والأحديّة‌. 

الثاني‌: عالم‌ الصفات‌، وهو ما يطلقون‌ عليه‌ بالجبروت‌، وبرزخ‌ البرازخ‌، والبرزخيّة‌ الاُولى، ومجمع‌ البحرين‌، وقاب‌ قوسين‌، ومحيط‌ الأعيان‌، والوحدانيّة‌، والعماء. 

الثالث‌: عالم‌ الملكوت‌، ويسمّونه‌ كذلك‌ عالم‌ الأرواح‌، وعالم‌ الأفعال‌، وعالم‌ الأمر، وعالم‌ الربوبيّة‌، وعالم‌ الغيب‌ والباطن‌. 

الرابع‌: عالم‌ المُلك‌، ويطلقون‌ عليه‌ كذلك‌ عالم‌ الشهادة‌، والعالم‌ الظاهر، وعالم‌ الآثار، والخلق‌، والمحسوس‌. 

الخامس‌: عالم‌ الناسوت‌، ويطلقون‌ عليه‌ كذلك‌ الكون‌ الجامع‌، والعلّة‌ الغائيّة‌، وآخر التنزّلات‌، ومَجْلَي‌ الكلّ. 

فالعوالم‌ الثلاثة‌ من‌ هذه‌ العوالم‌ الخمسة‌ هي‌ ضمن‌ عالم‌ الغيب‌، لأنّها خارجة‌ عن‌ عالم‌ الإدراك‌ والحواسّ. وأمّا العالمان‌ الآخران‌ فهما ضمن‌ عالم‌ الشهادة‌، لأنّهما محسوسان‌ بالحواسّ. 

يقول‌ الشيخ‌: أين‌ هو ذلك‌ العالم‌ غير المحسوس‌؟ أي‌ أنّه‌ غير محسوس‌ وغائب‌ عن‌ الحواسّ، حيث‌ إنّ يوماً في‌ ذلك‌ العالم‌، يعادل‌ سنة‌ من‌ هذا العالم‌. 

وهذا العالم‌ إشارة‌ إلی‌ البرزخ‌ المثالی‌ّ، وهو الحدّ الفاصل‌ بين‌ الغيب‌ والشهادة‌، وهو جامع‌ لأحكام‌ العالمَين‌، الظاهر والباطن‌، بحسب‌ البرزخيّة‌. وأمّا مسألة‌ الزمان‌ والمكان‌ والطول‌، والقصر في‌ الشهر والسنة‌ في‌ هذا العالم‌ الجسماني‌ّ، فهي‌ مقيّدة‌ بالكثافة‌، وكلمّا قلّت‌ الكثافة‌، قلّ في‌ مقابل‌ ذلك‌ التقيّد واعتبار البعد بين‌ المبدأ والمعاد، والأزل‌ والأبد، وأضحت‌ مسألة‌ ظهور العلم‌ وانكشاف‌ المعلومات‌ والحقائق‌ هامشيّة‌ قليلة‌ الأهمّيّة‌. 

ولهذا صار يوم‌ واحد في‌ عالم‌ البرزخ‌ يعادل‌ عاماً واحداً في‌ عالمنا هذا، ويوم‌ واحد في‌ عالم‌ الربوبيّة‌، هو بألف‌ عامّ في‌ هذا العالم‌ إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ. وأمّا الیوم‌ الواحد في‌ عالم‌ الألوهيّة‌، فهو مساوٍ لخمسين‌ ألف‌ سنة‌ في‌ هذا العالم‌ تَعْرُجُ الْمَلَـائِكَةُ وَالرُّوحُ إلیهِ فِي‌ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.[14] شعر: 

پيش‌ ما صد سال‌ و يك‌ ساعت‌ يكي‌ است‌ كه‌ دراز و كوته‌ از ما منفكي‌ است‌ [15]

آن‌ دراز و كوتهي‌ در جسمها است‌ آن‌ دراز و كوته‌ اندر جان‌ كجاست‌ 

از ره‌ و منزل‌ ز كوتاه‌ و دراز دل‌ چه‌ داند كوست‌ مست‌ و دلنواز 

آن‌ دراز و كوته‌ اوصاف‌ تن‌ است‌ رفتن‌ ارواح‌، ديگر رفتن‌ است‌ [16]

بما أنّ في‌ ذات‌ الأحديّة‌ لا وجود للتعيّن‌ والتقيّد ـ لأنّ الكثرات‌ الاعتباريّة‌ عنده‌ معدومة‌ فإنّ تقدّم‌ الذات‌ الأحديّة‌ علی‌ الذات‌ الوحدانيّة‌ التي‌ هي‌ منشأ التعيّنات‌ والنسب‌، يُعبّر عنه‌ بالسنة‌ السرمديّة‌، وجاء في‌ بعض‌ النسخ‌ "كان‌ يوماً منه‌ بخمسين‌ يوماً من‌ هذا العالم‌". 

وذلك‌ العالم‌ هو إشارة‌ إلی‌ عالم‌ الألوهيّة‌، والمراد بالخمسين‌، هي‌ خمسون‌ ألف‌ عام‌، فِي‌ يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ و خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ.[17]

وقد أشار إلی‌ عوالم‌ غير مدركة‌ بالحواسّ، وليس‌ كلّ شخص‌ هو سابح‌ في‌ هذه‌ الأجواء، ولأجل‌ التأكيد علی‌ تصديق‌ المستمع‌ يقول‌: 

همين‌ نبود جهان‌ آخر كه‌ ديدي‌ نه‌ ما لاَ تُبْصِرونْ آخر شنيدي‌؟ [18]

أي‌ أنّ عالم‌ الشهادة‌ والمحسوس‌ الذي‌ أمامك‌ ليس‌ هو كلّ شي‌ء، بل‌ هنالك‌ عوالم‌ أُخرى‌ كثيرة‌ لا تدركها الحواسّ، علی‌ الرغم‌ من‌ أنّه‌، أي‌ عالم‌ الشهادة‌ والمحسوس‌، ينحصر عموماً في‌ العوالم‌ الثلاثة‌ التي‌ مرّ ذكرها، فهو يقول‌: ألم‌ تسمع‌ كلام‌ الخالق‌: وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ؟[19] أي‌ تلك‌ العوالم‌ التي‌ لا تري‌ بالباصرة‌. وفي‌ كلام‌ الباري‌ جاء القسم‌ بهذين‌ العالمين‌ بقوله‌ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ، وهما عالم‌ الظاهر، وعالم‌ الباطن‌، أو الغيب‌ والشهادة‌، واللذان‌ يشتملان‌ علی‌ العوالم‌ الخمسة‌ المذكورة‌، التي‌ تمّ شرحها آنفاً. وعالم‌ اللاهوت‌ هو أصل‌ كلّ تلك‌ العوالم‌، ونسبة‌ هذا العالم‌ إلی‌ تلك‌ العوالم‌، كحَبّة‌ الرمل‌ إلی‌ الصحراء، أو قطرة‌ الماء إلی‌ البحر. 

ـ «جابلقا» مجمع‌ البحرين‌ للاُلوهيّة‌ والإمكان‌؛ و«جابلسا» تعيّن‌ النشأة‌ الإنسانيّة‌: 

ولأنّ النشأة‌ الإنسانيّة‌، وشأن‌ جامعيّة‌ كمالها، يقتضيان‌ العلم‌ بكلّ مراتب‌ الموجودات‌، والاطّلاع‌ علی‌ كلّ المسمّيات‌ بحكم‌ وَعَلَّمَ ءَادَمَ الاْسْمَآءَ كُلَّهَا [20] يقول‌: 

بيا بنما كه‌ جابُلقا كدام‌ است‌ جهان‌ شهر جابُلسا كدام‌ است‌ [21]

جاء في‌ القصص‌ والروايات‌ التأريخيّة‌، أنّ جابلقا، هي‌ مدينة‌ كبيرة‌ جدّاً في‌ الشرق‌، وجابلسا أيضاً، كبيرة‌ جدّاً وتقع‌ في‌ الغرب‌، وبالمقابل‌ من‌ جابلقا، وقد علّق‌ أهل‌ التأويل‌ في‌ هذه‌ المسألة‌ بما يكفي‌، ولكن‌ خطر ببالی‌ معنيين‌ علی‌ سبيل‌ الإشارة‌ وهما: 

الأوّل‌: جابلقا هي‌ العالم‌ المثالی‌ّ، والتي‌ تقع‌ في‌ الجانب‌ الشرقي‌ّ للأرواح‌، وهي‌ البرزخ‌ بين‌ الغيب‌ والشهادة‌، وتشتمل‌ علی‌ صور العالم‌، فهي‌ بلا شكّ، مدينة‌ كبيرة‌، وواسعة‌ جدّاً. وأمّا جابلسا، فهي‌ عالم‌ المثال‌ وعالم‌ البرزخ‌، وهي‌ مستقرّ الأرواح‌ بعد مفارقتها دار الدنيا، ومكان‌ صور كلّ ما ارتُكِبَ من‌ الأعمال‌، والأفعال‌، والأخلاق‌، الحسن‌ منها والسيء‌ المكتسبة‌ في‌ الحياة‌ الدنيا ـ كما هو وارد في‌ الأحاديث‌ والآيات‌، ويقع‌ هذا البرزخ‌ في‌ الجانب‌ الغربي‌ّ من‌ الأجسام‌، وهي‌ مدينة‌ عظيمة‌ السعة‌، وتقع‌ قبالة‌ جابلقا. 

وهنا يكون‌ أهل‌ مدينة‌ جابلقا، أكثر لطافةً ونقاءً، ذلك‌ لأنّ أهل‌ مدينة‌ جابلقا، وبسبب‌ أعمالهم‌ وأخلاقهم‌ الرديئة‌ التي‌ اكتسبوها في‌ الدنيا، قد صُوّروا بصور مظلمة‌. 

ومعظم‌ الخلق‌ علی‌ هذا التصوّر، بأنّ هذين‌ البرزخين‌ هما شي‌ء واحد، ولكن‌ يجب‌ العلم‌، بأنّ البرزخ‌ الذي‌ يستقبل‌ الأرواح‌ بعد مفارقتها للحياة‌ الدنيا، هو غير البرزخ‌ الكائن‌ بين‌ الأرواح‌ المجرّدة‌ والأجسام‌؛ هذا لأنّ مراتب‌ تنزّلات‌ الوجود ومعارجه‌ دوريّة‌، علی‌ اعتبار أنّ اتّصال‌ النقطة‌ الاُولى‌ بالنقطة‌ الأخيرة‌ غير ممكن‌، إلاّ في‌ حالة‌ الحركة‌ الدورانيّة‌؛ والبرزخ‌ الذي‌ هو كائن‌ قبل‌ النشأة‌ الدنيويّة‌، هو في‌ مراتب‌ تنزّلاتها، ويشكّل‌ النقطة‌ الاُولي‌ بالنسبة‌ إلی‌ هذه‌ النشأة‌، وأمّا البرزخ‌ الذي‌ يأتي‌ بعد النشأة‌ الدنيويّة‌، فهو من‌ مراتب‌ الأوج‌، وعليه‌، فهو يعتبر النقطة‌ الأخيرة‌ بالنسبة‌ إلی‌ النشأة‌ الدنيويّة‌. 

والمسألة‌ الأخرى‌ هي‌ أن‌ الصور التي‌ تلحق‌ بالأرواح‌، هي‌ صور الأعمال‌ ونتائج‌ الأفعال‌ والأخلاق‌ والملكات‌ التي‌ حصلت‌ في‌ النشأة‌ الدنيويّة‌، علی‌ عكس‌ صور البرزخ‌ الأوّل‌. 

فكلّ واحد منهما، هو غير الآخر، ولكنّهما يشتركان‌ في‌ كونهما عالمين‌ روحانيّين‌، ولكلّ منهما جوهر نوراني‌ّ غير مادّي‌ّ، ويحويان‌ علی‌ مثال‌ صور العالم‌. 

ويروي‌ الشيخ‌ داود القيصري‌ّ بقوله‌: قال‌ الشيخ‌ محيي‌ الدين‌ الأعرابي‌ّ قدّس‌ سرّه‌ في‌ "الفتوحات‌"، أنّ البرزخ‌ الأخير، هو غير البرزخ‌ الأوّل‌. وقد أطلق‌ علی‌ الأوّل‌ اسم‌ (الغيب‌ الإمكاني‌ّ)، وعلي‌ الأخير بـ (الغيب‌ المحالی‌ّ)، وذلك‌ لأنّ كلّ صورة‌ في‌ البرزخ‌ الأوّل‌، يمكن‌ لها أن‌ تظهر في‌ الشهادة‌ أيضاً، وأمّا الصور في‌ البرزخ‌ الأخير، فهي‌ ممتنعة‌ عن‌ الرجوع‌ للشهادة‌، اللهمّ إلاّ في‌ الآخرة‌. 

وكثير هم‌ أهل‌ المكاشفة‌ الذين‌ ظهرت‌ لهم‌ صور البرزخ‌ الأوّل‌، والذين‌ كانوا علی‌ دراية‌ بآت‌ الزمان‌، ولكن‌ بالمقابل‌، يندر أن‌ يطّلع‌ أحد منهم‌ علی‌ أحوال‌ الموتى‌. 

وأمّا المعنى‌ الثاني‌، فهو: أنّ مدينة‌ جابلقا، هي‌ مرتبة‌ إلهيّة‌، وهي‌ مجمع‌ البحرين‌ بالنسبة‌ للوجوب‌ والإمكان‌، حيث‌ تكمن‌ فيها صور أعيان‌ جميع‌ الأشياء، ابتداءً من‌ المراتب‌ الكلّيّة‌ والجزئيّة‌؛ واللطائف‌ والقبائح‌ والأعمال‌ والأفعال‌ والحركات‌ والسكنات‌، ومحيطة‌ بما كانَ وما يكونُ، وهي‌ بالمشرق‌، حيث‌ تَلِي‌ مرتبة‌ الذات‌ ولا توجد فاصلة‌ بينهما، وكلّ شموس‌ الأسماء والصفات‌ والأعيان‌ وأقمارها ونجومها قد بزغت‌ وتلألأ نورها من‌ المشرق‌. 

وأمّا مدينة‌ (جابلسا)، فهي‌ لسان‌ حال‌ النشأة‌ الإنسانيّة‌، وهي‌ مجلي‌ جميع‌ حقائق‌ الأسماء الإلهيّة‌، والحقائق‌ الكونيّة‌. فما يطلع‌ من‌ مشرق‌ الذات‌، يغرب‌ في‌ مغرب‌ التعيُّن‌ الإنساني‌ّ ويختفي‌ في‌ صورته‌. شعر: 

با مغربي‌ مغارب‌ اسرار گشته‌ايم‌ بي‌ مغربي‌ مشارق‌ انوار گشته‌ايم‌ [22]

وهذان‌ السوادان‌ الأعظمان‌ في‌ موازاة‌ بعضهما، وخلقهما مع‌ بعض‌ لا يعني‌ النهاية‌، لأنّ كلّ عالم‌ يحوي‌ المشرق‌ والمغرب‌ معاً، بل‌ إنّ كلّ مرتبة‌ وكلّ فرد من‌ الموجودات‌، يمتلك‌ هذه‌ الميزة‌، وهو يقول‌: 

مشارق‌ با مغارب‌ هم‌ بينديش‌ چو اين‌ عالم‌ ندارد از يكي‌ بيش‌ [23]

واعلم‌ أنّ عالم‌ الألوهيّة‌ بالقياس‌ إلی‌ عالم‌ الربوبيّة‌، هو المشرق‌ الذي‌ يفيض‌ من‌ نوره‌ علی‌ عالم‌ الربوبيّة‌، وهكذا، عالم‌ الربوبيّة‌ بالقياس‌ إلی‌ البرزخ‌ المثإلی‌ّ، والبرزخ‌ المثإلی‌ّ بالقياس‌ إلی‌ عالم‌ الشهادة‌، كلٌّ يفيض‌ من‌ نوره‌ علی‌ من‌ هو دونه‌، وكذلك‌ فإنّ كلّ عالم‌ من‌ العوالم‌، وكلّ مرتبة‌ من‌ المراتب‌، وكلّ فرد من‌ الأفراد هو مشرق‌، قد سطعت‌ منه‌ شمس‌ من‌ الأسماء الإلهيّة‌، ومن‌ جهة‌ أُخرى‌، فهو مغرب‌ كَمَنَ في‌ تعيّنه‌ نور ذلك‌ الإسم‌. وأنّ القلب‌ الإنساني‌ّ، وبحسب‌ كمال‌ المظهريّة‌، له‌ مائة‌ مشرق‌، بل‌ مئات‌ الآلاف‌ من‌ المشارق‌ التي‌ تسطع‌ منها نجوم‌ الأسماء الإلهيّة‌، وهكذا، وفي‌ إزاء ذلك‌، فإنّ كلاّ منها هو مغرب‌. وإنّ عجائب‌ وغرائب‌ القلب‌ الإنساني‌ّ لا تظهر إلاّ لعيان‌ أهل‌ الصفاء والسالكين‌ إلی‌ الله‌. 

شعر: 

عالم‌ دل‌ را نشاني‌ ديگر است‌ برّ و بحر و كار و شأني‌ ديگر است‌ 

صد هزاران‌ آسمان‌ و آفتاب‌ مشتريّ و تير و زهره‌ ماهتاب‌ [24]

هر يكي‌ تابنده‌تر از ديگري‌ نور هر يك‌ در گذشته‌ از ثَري‌ 

هر يكي‌ را برج‌ ديگر منزل‌ است ‌ اين‌ كسي‌ داند كه‌ از اهل‌ دل‌ است‌ [25]

ـ جمع‌ المشارق‌ والمغارب‌ في‌ القرآن‌ إشارة‌ لعدم‌ انحصار العوالم‌:

ويحثّ الشيخ‌ علی‌ التأمّل‌ والتفكّر في‌ المشارق‌ والمغارب‌، كما ورد في‌ القرآن‌ الكريم‌: فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَـارِقِ وَالْمَغَارِبِ،[26] فالمشارق‌ والمغارب‌ جمع‌، وفي‌ هذا العالم‌ المحسوس‌، ليس‌ إلاّ مشرق‌ واحد، ومغرب‌ واحد، وكلّ منهما في‌ جهة‌ معاكسة‌. 

وأصبح‌ واضحاً الا´ن‌، بأنّ العالم‌ لا ينحصر في‌ عالم‌ الظاهر هذا، فهناك‌ عوالم‌ أُخرى‌ لطيفة‌ وغير محسوسة‌، بل‌ تلك‌ العوالم‌ والسماء والكواكب‌ هي‌ أصل‌ العوالم‌، لأنّها المؤثّرة‌ وهذه‌ المتأثّرة‌. 

آسمانها است‌ در ولايت‌ جان‌ كار فرماي‌ آسمان‌ جهان‌ [27]

فأكثر الخلائق‌ عن‌ هذه‌ الحقيقة‌ غافلون‌ ومحرومون‌ من‌ معرفة‌ الأسرار والتجلّيات‌ الإلهيّة‌، وبحكم‌ انعدام‌ الاستعداد الفطري‌ّ لديهم‌، فلا حظّ لهم‌ في‌ الإصغاء والفهم‌، وهو يقول‌: 

بيان‌ مِثْلَهُنَّ ز ابن‌ عبّاس‌ شنو پس‌ خويشتن‌ را نيك‌ بشناس‌ [28]

يقول‌ سلطان‌ المفسّرين‌ عبد الله‌ بن‌ عبّاس‌ رضي‌ الله‌ عنهما: 

لَوْ ذَكَرْتُ تَفْسيرَ قَوْلِ اللَهِ تَعإلی‌: «اللَهُ الَّذِي‌ خَلَقَ سَبْعَ سَمَـ'وَاتٍ وَمِـنَ الاْرْضِ مِثْلَهُـنَّ يَتَنَـزَّلُ الاْمْـرُ بَيْنَهُـنَّ»،[29] لَرَجَمُـونِي‌ أَوْ قَالُـوا: إنَّهُ كَافِرٌ. 

لأنّ الشيخ‌ قد قال‌: بأنّك‌ لم‌ تسمع‌ بغير كلمة‌ عالم‌، ولا علم‌ لك‌ عن‌ هذه‌ العوالم‌ التي‌ مرّ ذكرها، وبأنّ العالم‌ غير منحصر بالمحسوسات‌، وأنّ هناك‌ عوالم‌ لطيفة‌ كثيرة‌ غير هذه‌، استشهاداً علی‌ ذلك‌ يقول‌ شعره‌ "بيان‌ مثلهنّ" أي‌ استمع‌ جيّداً إلی‌ ما قاله‌ ابن‌ عبّاس‌ في‌ شرح‌ الآية‌ مِثْلَهُنَّ بأنّه‌ لو فسّر هذه‌ الآية‌ لقُتل‌، وأعرف‌ نفسك‌ جيّداً، فإنّك‌ لم‌ تعرف‌ حقيقة‌ الأمر بعد، وإذا كشف‌ عارف‌ ومحقّق‌ ملهم‌ الحجاب‌ عن‌ بعض‌ أسرار الوجود، لهبّ الخلائق‌ إلی‌ الطعن‌ والمجابهة‌، بل‌ قد يغالی‌ بعضهم‌ إلی‌ حد تكفيره‌، واستباحة‌ دمه‌، بحجّة‌ الدفاع‌ عن‌ حرمة‌ الدين‌ بزعمهم‌. 

ـ إخراج‌ بايزيد من‌ مدينة‌ بسطام‌ اثنتي‌ عشرة‌ مرّة‌ بتهمة‌ الإلحاد: 

يروي‌ أنّ السلطان‌ بايزيد البسطامي‌ّ قدّس‌ سرّه‌ قد أُخرج‌ من‌ بسطام‌ بتهمة‌ الإلحاد والزندقة‌ اثنتي‌ عشرة‌ مرّة‌، وكان‌ في‌ كلّ مرّة‌ يبعّد عن‌ بسطام‌ يقول‌: هنيئاً لمدينة‌ ملحدها بايزيد. وأمّا الآن‌، فالجميع‌ متيّم‌ وعاشق‌ لقبر ذلك‌ الجليل‌، وعندما كان‌ علی‌ قيد الحياة‌ الظاهريّة‌، لم‌ يكن‌ الناس‌ علی‌ وفاقٍ وعلاقة‌ معه‌، ولكن‌ عندما التحقت‌ روحه‌ بالعالم‌ العُلوي‌ّ، وأصبح‌ قبره‌ كومة‌ تراب‌ وحجر فإنّ الناس‌ من‌ جهة‌ أوساخ‌ غفلتهم‌ وجهلهم‌ لهم‌ ما يربطهم‌ مع‌ الحجر والحَمأ المسنون‌ فقد ولِهوا بقبره‌. 

إذا كنت‌ منصفاً، تمعّن‌ في‌ هذه‌ الآية‌ الكريمة‌ التي‌ يقول‌ فيها ذو الجلال‌ والعزّة‌ جلّ شأنه‌ وعظم‌ سلطانه‌: 

يَـ'حَسْرَةً علی‌ الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن‌ رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ. [30]

شعر: 

ديده‌ اين‌ شاهان‌ ز عامه‌ خوف‌ جان‌ كين‌ گُرُه‌ كورند و شاهان‌ بي‌نشان‌ 

انبيا را گفته‌ قومِ راه‌ گم‌ از سَفَه‌: إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ [31]

زرّ خالص‌ را و زرگر را خطر باشد از قلاّب‌ خاين‌ بيشتر [32]

لأنّ وجود العالم‌ هو ظلٌّ للوجود الحقيقي‌ّ، وأنّ توهّم‌ الغيريّة‌ الحقيقيّة‌ لوجود عالم‌ الخيال‌، توهّم‌ باطل‌، وكلّ من‌ خامرته‌ فكرة‌ الغيريّة‌، كان‌ ضحيّة‌ الغفلة‌، يقول‌: 

تو در خوابيّ و اين‌ ديدن‌ خيال‌ است‌ هر آنچه‌ ديده‌اي‌ از وي‌ مثال‌ است‌ [33]

أي‌ كما أنّ الفرد تتراءى له‌ في‌ النوم‌ صور ليس‌ لها وجود في‌ أرض‌ الواقع‌، ولكنّه‌ يعتقد بوجودها، ولا يدرك‌ بأنّها صور خيإلیة‌ ليس‌ إلاّ، وأنّها غير موجودة‌ بالحقيقة‌، وأنت‌ الذي‌ تتوهّم‌ بأنّ العالم‌ هو وجود حقيقي‌ّ، ولا تدري‌ بأنّ العالم‌ غير الذي‌ ترى‌، فإنّك‌ في‌ غفلة‌، ووهم‌ باطل‌. وبالحقيقة‌، فكلّ ما تري‌ هو صورة‌ ومثال‌ لوجود الحقّ تعالی‌، تيسّرت‌ من‌ خلال‌ مرآة‌ العيان‌، وأن‌ لا وجود لغير الحقّ تعالی‌. شعر: 

اين‌ نقشها كه‌ هست‌، سراسر نمايش‌ است ‌ اندر نظر چو صورت‌ بسيار آمده‌ 

عالم‌، مثال‌ ذات‌ و ظلال‌ صفات‌ اوست ‌ نقش‌ دوئي‌ چو صورت‌ پندار آمده‌ [34]

سيتّضح‌ في‌ الحشر أنّ كلّ ما سوى‌ الحقّ تعالی‌ سراب‌ 

يوم‌ القيامة‌، يظهر كلّ شي‌ء مخفي‌ّ علی‌ حقيقته‌ بحكم‌ الآية‌ الشريفة‌ يَوْمَ تُبْلَي‌ السَّرَآئِرُ، [35] ويقول‌: 

به‌ صبح‌ حشر چون‌ گردي‌ تو بيدار بداني‌ كآن‌ همه‌ وهم‌ است‌ و پندار [36]

وبحكم‌ أنّ النَّاسُ نِيَامٌ [37] يقول‌: إنّما يقظتك‌ هي‌ نوم‌، والصحو في‌ نوم‌ الغفلة‌ هذا يكون‌ بالموت‌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا، والحشر هو بمعنى‌ الجمع‌، (حشَرَتُهُمْ أَي‌: جَمَعْتُهُمْ)، والمراد بهذا الحشر هو الموت‌ الإرادي‌ّ، حيث‌ إنّ مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ؛ [38] أي‌ أنّك‌ ستستيقظ‌ من‌ غفلتك‌ عند صباح‌ المحشر، وهو الموت‌ الإرادي‌ّ، وتزول‌ التعيّنات‌ والكثرة‌ وتجتمع‌ أسباب‌ الفرقة‌ والتشتّت‌ التي‌ تورث‌ الغفلة‌ والتخيّلات‌ الفاسدة‌ كلّها، ويظهر التوحيد. ولكن‌ اعلم‌ أنّ الوجود كلٌّ واحد، ولكن‌ بسبب‌ كثرة‌ المظاهر تعدّد، وتصوّرك‌ الغيريّة‌، واعتبارك‌ إيّاها حقيقة‌ أكيدة‌، ما هو إلاّ وهم‌ وسراب‌، وأن‌ لا وجود إلاّ للحقّ تعإلی‌. 

وباعتبار أنّ التعيّنات‌ والكثرة‌، يعبّر عنها بالليل‌، من‌ جهة‌ ظلمة‌ عدميّتها، فقد جري‌ إطلاق‌ تعبير الصبح‌ علی‌ الموت‌، باعتباره‌ فناء التعيّن‌، وذلك‌ لأنّ البرزخ‌ قد توسّط‌ ليل‌ الكثرة‌ ونهار الوحدة‌. 

وحسب‌ تعبير المتصوّفة‌، أنّ الولوج‌ في‌ الحياة‌ الطيّبة‌ القلبيّة‌ بعد الموت‌ الإرادي‌ّ، هو ما يعبّر عنه‌ بالقيامة‌ الوسطى‌، كما جاء في‌ الآية‌ الكريمة‌: 

أَوَ مَن‌ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَـ'هُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي‌ بِهِ فِي‌ النَّاسِ [39]، أي‌ مَيْتًا بِالجَهْلِ، فَأَحْيَيْناهُ بِالعِلْمِ وَالمَعارِفِ. 

ولأنّ الحشر، هو اجتماع‌ المتفرقات‌ الذي‌ يظهر بعد محو الكثرات‌، ويقول‌: 

چو برخيزد خيال‌ چشم‌ أحول ‌ زمين‌ و آسمان‌ گردد مبدّل‌ [40]

وفي‌ صبح‌ الحشر، الذي‌ يمثّل‌ وصول‌ السالك‌ إلی‌ مقام‌ التوحيد، وحيث‌ يذوب‌ الكونان‌ في‌ نظره‌ بنور الوحدانيّة‌، وَلاَ يَبْقَى إَلاَّ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، فإنّ أوهام‌ الأحوال‌ التي‌ تصوّر له‌ وجوداً مع‌ وجود الحقّ تعالی‌ ستزول‌ مع‌ زوال‌ وهم‌ الغيريّة‌، فيعلم‌ يقيناً أنّ كلّ الوجود هو الحقّ تعالی‌، وأنّ وجود الموجودات‌ ما هو إلاّ وجود أجوف‌، وخيال‌ ووهم‌ وظنّ، يَوْمَ تُبَدَّلُ الاْرْضُ غَيْرَ الاْرْضِ وَالسَّمَـ'وَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ. [41]

يومئذ ستكون‌ هناك‌ أرض‌ وسماوات‌، ولكن‌ غير هاتين‌ اللتين‌ نرى‌ الآن‌، لأنّ الحلم‌ الذي‌ رآه‌ في‌ نوم‌ الغفلة‌، وفي‌ ليل‌ العمر، وظنّ (أنّه‌ الغير، طلع‌ عليه‌ صبح‌ الحشر، وتبيّن‌) أنّه‌ وهم‌ وخيال‌ أحوال‌ ليس‌ إلاّ. شعر: 

بوديم‌ يكي‌، دو مي‌نموديم‌ نابود شد آن‌ نمود در بود 

چون‌ سايه‌ به‌ آفتاب‌ پيوست‌ از ظلمت‌ بودِ خود بياسود 

چون‌ سوخته‌ شد تمام‌ هيزم‌ پيدا نشود از آن‌ سپس‌ دود [42]

إنّ في‌ ظهور نور تجلّي‌ الوحدة‌، تواري‌ ظلمة‌ الكثرة‌، ويقول‌ بهذا الصدد: 

چو خورشيد جهان‌ بنمايدت‌ چهر نماند نور ناهيد و مه‌ و مهر [43]

إنّ تجلّي‌ نور شمس‌ الذات‌ الإلهيّة‌ في‌ مرآة‌ قلب‌ السالك‌ إلی‌ الله‌، اللاهث‌ وراء الحقّ، هذا النور قد طرد أنوار الزُّهرة‌ والقمر والشمس‌، ورمى بهنّ في‌ هوّة‌ العدم‌ الحالكة‌. حيث‌ يمّحي‌ كلّ وجود ونور؛ كما في‌ قوله‌ تعالی‌: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ.[44] ولأنّ هذه‌ القيامة‌ عند السالك‌ إلی‌ الله‌، هي‌ واقعة‌، لا محالة‌، وهي‌ صورة‌ للقيامة‌ الكبرى‌، فإنّه‌ إذا ظهرت‌ علاماتها ساطعة‌، تلاشت‌ أنوار الوجود الخيالی‌ّ المجازي‌ّ للكائنات‌، وذابت‌ في‌ وهج‌ إشعاع‌ نور ذات‌ الله‌ المطلقة‌، وبالظهور المطلق‌ للحقّ تعالی‌، تقوم‌ القيامة‌، ويفنى‌ كلّ وجود غير وجوده‌ المقدّس‌، وما كان‌ آجلاً عند غيره‌، أصبح‌ عاجلاً عنده‌. شعر: 

هركه‌ گويد كو قيامت‌ اي‌ صنم‌ خويشتن‌ بنما قيامت‌ نك‌ منم‌ 

اين‌ قيامت‌ زان‌ قيامت‌ كي‌ كم‌ است‌ آن‌ قيامت‌ زخم‌ و اين‌ چون‌ مرهم‌ است‌ [45]

كما أنّ قيام‌ الساعة‌، التي‌ هي‌ مصداق‌ لاسم‌ القهّار والمعيد، هي‌ ظهور الفناء في‌ الوجود، إذ: كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ؛ [46] يقول‌: 

فتد يك‌ تاب‌ از آن‌ بر سنگ‌ خاره‌ شود چون‌ پشم‌ رنگين‌ پاره‌ پاره‌ [47]

أي‌ أنّ الحجـر قد تفتّت‌ من‌ وميـض‌ نـور الذات‌ الإلهيّـة‌ المتجلّية‌، وقد ركـع‌ أمام‌ هيبة‌ النـور الإلهي‌ّ وإشـعاع‌ التجلّي‌ القدسـي‌ّ حجر الصـوّان‌ حتّى‌ أضحى كالعهن‌ المنفـوش‌ والمتلاشـي‌: وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ. [48]

صارَ دَكَّاً مِنْهُ وَانْشَقَّ الجَبَلْ هَلْ رَأَيْتُمْ مِنْ جَبَلْ رَقْصَ الجَمَلْ؟! 

ـ الترغيب‌ في‌ المكاشفات‌ والتجلّيات‌ والسير في‌ العوالم‌ اللطيفة‌:

وذلك‌ أن‌ تحصيل‌ الكمالات‌ الحقيقيّة‌، والمعارف‌ الیقينيّة‌، وهي‌ هدف‌ الوجود، غير متيسّر إلاّ في‌ هذه‌ النشأة‌، يقول‌: 

بدان‌ اكنون‌ كه‌ كردن‌ مي‌تواني‌ چو نتواني‌ چه‌ سود آنگه‌ كه‌ داني‌ [49]

إنّ الشيخ‌ في‌ هذه‌ الأبيات‌، يحثّ علی‌ السموّ إلی‌ المراتب‌ القلبيّة‌، والمكاشفات‌، والمشاهدات‌، والتجلّيات‌، والفناء، والتحليق‌، والعروج‌ إلی‌ الأفلاك‌، والعوالم‌ اللطيفة‌. فقد ذكر هنا مقدّمة‌ يمكنها أن‌ تكون‌ وسيلة‌ للطالب‌ الصادق‌ الذي‌ يودّ الحصول‌ علی‌ تلك‌ المعاني‌، وتزيد في‌ فهمه‌ وإدراكه‌ لما هو واقع‌، وهي‌: 

اعلم‌ أنّ الإنسان‌، وبسبب‌ الشموليّة‌ التي‌ تشكّل‌ أصل‌ الفطرة‌ فيه‌، يمكن‌ لحقائق‌ الأمور بعد التنقية‌ والتجلية‌ أن‌ تنكشف‌ له‌، وأن‌ يتوصّل‌ إلی‌ العروج‌ والسير والطيران‌ في‌ الأفلاك‌ والعوالم‌ الملكوتيّة‌ والجبروتيّة‌ اللطيفة‌، وأن‌ يسبح‌ في‌ بحر تجلّيات‌ الآثار والأفعال‌ والأسماء والصفات‌ والذات‌، ليرى بعين‌ البصيرة‌، ويمتّع‌ ناظريه‌ بجمال‌ ذي‌ الجلال‌ الوهّاج‌، فيفنى الوجود المجازي‌ّ والتعيّن‌ للسالك‌ في‌ فيض‌ نور تجلّيات‌ الذات‌ الأحديّة‌، وبعد أن‌ يفنى في‌ الله‌ تعالی‌ ويذوب‌ فيه‌، يعود ويخلد به‌ جلّ جلاله‌، يرى‌ الحقّ ويعرفه‌ حقّ معرفته‌، ويتمّ المراد من‌ خلق‌ الكون‌، وهو المعرفة‌. شعر: 

اگر دمي‌ بگُذاري‌ هواي‌ نا اهلي‌ ببيني‌ آنچه‌ نبيّ ديد و آنچه‌ ديد وليّ [50]

المراجع:


[1] ـ أورد صاحب‌ «مرصاد العباد» الجزء الاوّل‌ من‌ هذه‌ الرواية‌ في‌ ص‌ 126؛ وقال‌ في‌ ص‌ 598 في‌ معرض‌ توضيحه‌: «ورد هذا الحديث‌ في‌ «تَرْك‌ الإطناب‌» ص‌ 76؛ وورد في‌ شرح‌ «الشهاب‌» بالفارسيّة‌ ص‌ 75؛ و«أحاديث‌ مثنوي‌» ص‌ 11.


[2] ـ الآية‌ 49، من‌ السورة‌ 9: التوبة‌.


[3] ـ ذكر الملاّ صدرا هذه‌ الرواية‌ في‌ تفسيره‌ لسورة‌ الطارق‌، ص‌ 32، طبعة‌ انتشارات‌ بيدار، قائلاً: وَمِمَّا يَدُلُّ علی‌ البَرْزَخِ قَوْلُهُ صَلَّي‌ اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النِّيرانِ. وقد أورد المعلّق‌ في‌ تعليقته‌ المصادر التإلیة‌: «الترمذي‌ّ» ج‌ 4، ص‌ 640 »، الباب‌ 26، كتاب‌ صفة‌ القيامة‌.

وكذا في‌ «بحار الانوار» ج‌ 6، ص‌ 205، الطبعة‌ الحروفيّة‌؛ و«سفينة‌ البحار» ج‌ 2، ص‌ 395، الطبعة‌ الحجريّة‌؛ وكذلك‌ في‌ نفس‌ مُجلّد «البحار» هذا في‌ باب‌ أحوال‌ البرزخ‌ والقبر، ص‌ 218، حديث‌ 13، نقلاً عن‌ «الامإلی‌» فيما كتب‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌ لمحمّد بن‌ أبي‌ بكر: يَا عِبادَ اللَهِ ! ثمّ يقول‌ بعد سطرين‌ أو ثلاث‌: وَالقَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ.

وجاء في‌ «أحاديث‌ المثنوي‌ّ» ص‌ 140، برقم‌ 433 البيت‌ التإلی‌ علی‌ لسان‌ مولانا (محمّد الرومي‌ّ):

گورها يكسان‌ به‌ پيش‌ چشم‌ ما روضـه‌ وحفـره‌ به‌ پيـش‌ انبيا

يقول‌: «إنّ القبور كلّها تبدو لنا (نحن‌ البشر العاديّون‌) واحدة‌ ومتشابهة‌ ولا فرق‌ بينها، لكنّها بنظر الانبياء إمّا أن‌ تكون‌ روضة‌ غنّاء أو حفرة‌ دهماء».

وقيل‌: «إنّ هذا إشارة‌ إلی‌ الحديث‌ القائل‌:

إنَّمَا القَبْرُ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ. («الجامع‌ الصغير» ج‌ 1، ص‌ 62 »).

وأيضاً قال‌ الملاّ صدرا في‌ «تفسير سورة‌ السجدة‌» ص‌ 89، منشورات‌ بيدار:

وقد انتهي‌ الكلام‌ إلی‌ ما عجز عن‌ دركه‌ جمهور الانام‌؛ اللهمّ اجْعَل‌ هذه‌ الكلمات‌ محروسة‌ عن‌ ملاحظة‌ الناقصينَ، واسْتُرها عن‌ أعين‌ المغرورين‌، واجْعَل‌ لاصحاب‌ القلوب‌ الصافية‌ نصيباً وافراً من‌ دركها، ورغبة‌ تامّة‌ في‌ حفظها ثمّ في‌ صونها عن‌ الاغيار، ليكون‌ مستقرُّ هذه‌ المعاني‌ صدور الاحرار التي‌ هي‌ قبور الاسرار لتكون‌ في‌ روضة‌ من‌ رياض‌ الجِنان‌، ولا تجْعَلها في‌ بطون‌ الاشرار كَيْلا يكون‌ في‌ حفرة‌ من‌ حُفر النيران‌، وهم‌ الظاهريّون‌ الذين‌ زيّنوا ظواهرهم‌ بالنقوش‌ المزخرفة‌ والاقوال‌ المزيّنة‌ المليحة‌ الحلوة‌ كالاطعمة‌ والحلاوات‌، وأهملوا بواطنهم‌ بل‌ أحشَوها بالنفاق‌ والجهل‌ والاستكبار عن‌ الحقّ والحقائق‌ كبطون‌ الفجّار وقبور الكفّار.

همچو گور كافران‌، بيرون‌ حُلَل ‌ و اندرون‌ قهر خدا عزّ و جلّ

يقول‌: «كقبور الكفّار التي‌ تزيّنها الحلل‌ والبرد من‌ الخارج‌، إلاّ أنّ داخلها ملي‌ء بغضب‌ الله‌ وسخطه‌ عزّ وجلّ».

اللهمّ اجْعَل‌ قبرَنا روضة‌ من‌ رياض‌ الجِنان‌ ولا تجْعَلها حُفرة‌ من‌ حفر النيران‌». انتهي‌ كلام‌ الملاّ صدرا.

وأورد هذا الحديث‌ كذلك‌ الغزّإلی‌ّ في‌ كتاب‌ «المضنون‌ به‌ علی‌ غير أهله‌» ص‌ 79، في‌ هامش‌ ج‌ 2 من‌ «الإنسان‌ الكامل‌» للجيلي‌ّ، الطبعة‌ الاُولي‌.


[4] ـ لم‌ نعثر في‌ كلتا الطبعتَيْن‌ اللتين‌ طُبِعَتَا علی‌ ما جاء في‌ هامش‌ «الإنسان‌ الكامل‌» للجيلي‌ّ.


[5] ـ لقد اعتبرنا مثل‌ هذا الاحتمال‌ ضعيفاً كما ذكرنا في‌ «معرفة‌ المعاد» من‌ سلسلة‌ العلوم‌ والمعارف‌ الإسلاميّة‌ وأثبتنا المعاد الجسماني‌ّ العنصري‌ّ علی‌ أحسن‌ وجه‌.


[6] ـ «مرصاد العباد» ص‌ 359 و 364 و 386؛ و«العروة‌» للسمناني‌ّ ص‌ 87؛ وقال‌ في‌ «أحاديث‌ المثنوي‌ّ» ص‌ 116:

اي‌ خنك‌ آنرا كه‌ پيش‌ از مرگ‌ مُرد يعني‌ او از اصل‌ اين‌ رَز بوي‌ برد

يقول‌: «طوبي‌ لمن‌ مات‌ قبل‌ الموت‌، فهو الذي‌ عرف‌ بحقّ أصل‌ ذلك‌ السرّ المكنون‌».

إشارة‌ إلی‌ الحديث‌ القائل‌: مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا، والذي‌ تناقلته‌ الصوفيّة‌.

ولم‌ يعدّه‌ مؤلّف‌ «اللؤلؤ المرصوع‌» حديثاً، نقلاً عن‌ ابن‌ حجر. وجاء في‌ «حدائق‌ الحقائق‌» ص‌ 479، الطبعة‌ الثالثة‌: بمقتضي‌ مُوتُوا قَبْلَ أَنْ تَمُوتُوا.


[7] ـ يقول‌:

«حذار يا نفسي‌ كوني‌ علی‌ حذر اعملي‌ المعروف‌ واجتنبي‌ الشرر

إنّ ما تصنعي‌ من‌ خير هنا سيكون‌ أنيساً لك‌ داخل‌ القبر»


[8] ـ «الديوان‌ المنسوب‌ إلی‌ أمير المؤمنين‌ عليه‌ السلام‌» الطبعة‌ الحجريّة‌:

يَا مَـنْ بِـدُنْـيَـاهُ اشْـتَـغَـلْ قَــدْ غَــرَّهُ طُــولُ الاَمَـلْ

الـمَــوْتُ يَـأْتِـي‌ بَـغْـتَـةً وَالقَبْـرُ صَـنْدُوقُ العَـمَـلْ

وقد ورد ذلك‌ أيضاً في‌ الطبعة‌ المنقّحة‌ والمصحّحة‌ لعبد العزيز الكرم‌ في‌ ص‌ 105. وأورد عبد العزيز سيّد الاهل‌ الابيات‌ التإلیة‌ في‌ «ديوان‌ الشعر المنسوب‌ إلی‌ أمير المؤمنين‌عليه‌ السلام‌»، ص‌ 113:

غَــرَّ جَـهُــوَلاً أَمَـلُــهْ يَمـوتُ مَـنْ جَـا أَجَـلُــهْ

وَمَـنْ دَنَـا مِــنْ حَـتْـفِــهِ لَـمْ تُـغْـنِ عَنْـهُ حِـيَـلُــهْ

وَمَــا بَـقَــاءُ آخِـــرٍ قَـدْ غَـابَ عَـنْـهُ أَوَّلُــهْ؟

وَالـمَـرْءُ لاَ يَـصْــحَـبُــهُ فِـي‌ الـقَـبْــرِ إلاَّ عَـمَـلُــهْ


[9] ـ الآيتان‌ 10 و 11، من‌ السورة‌ 56: الواقعة‌.


[10] ـ بعض‌ من الآية‌ 46، من‌ السورة‌ 7: الاعراف‌.


[11] ـ يقول‌: «ألا نحن‌ الاطبّاء وللحقّ تلاميذ؛ لمّا رآنا البحر ماج‌ وانفلقْ».


[12] ـ يقول‌: «فطبيب‌ يفحص‌ القلب‌ بجسّ للنبض‌؛ ذاك‌ طبٌّ يتعامل‌ بالاهَق‌

إنّما نحن‌ أطبّاء بغير واسطة‌؛ طبّنا ليس‌ كطبّ من‌ سَبَق‌».


[13] ـ يقول‌:

«أين‌ ذاك‌ العالم‌ يا صاح‌ قل‌ لي‌ أتزعم‌ أنّ يوماً فيه‌ قدِّر بسنة‌؟»


[14] ـ الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.


[15] ـ يقول‌: «إنّ مائة‌ سنة‌ وساعة‌ واحدة‌ سواء لدينا، لانّ الطول‌ والقصر منفكّان‌ عنّا».


[16] ـ يقول‌: «إن‌ كان‌ الطول‌ والعرض‌ في‌ الاجسام‌؛ فأين‌ هما في‌ الارواح‌؟

أسير عن‌ الدنيا وما أنا ذاكرٌ لها بسلام‌ إنّ أحداثها حُمسُ.

إنّما الاطوال‌ والاعراض‌ من‌ جنس‌ البدن‌، فإذا ما وَلّت‌ الارواح‌ كانت‌ في‌ دَمس‌».


[17] ـ قسم‌ من الآية‌ 4، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.


[18] ـ يقول‌: «لم‌ يك‌ ما رأيت‌ بعالم‌ الا´خرة‌، أما سمعتَ نداء ما لا تُبصرون‌؟».


[19] ـ الا´يتان‌ 38 و 39، من‌ السورة‌ 69: الحاقّة‌.


[20] ـ صدر الآية‌ 31، من‌ السورة‌ 2: البقرة‌.


[21] ـ يقول‌:

«خبّر بجابلقا لعلّك‌ ناطق ‌ وأرني‌ حاضرة‌ جابلسا لعلّك‌ صادق‌»


[22] ـ يقول‌: «طويت‌ مغارب‌ الاسرار مع‌ المغربي‌ّ، وبدونه‌ طوينا مشارق‌ الانوار».


[23] ـ يقول‌: «طالع‌ المشارق‌ والمغارب‌، إذ ليس‌ لهذا العالم‌ أكثر من‌ مشرق‌ واحد ومغرب‌ واحد».


[24] ـ يقول‌: «إنّ للقلب‌ لدنياً وفكر؛ غير ما نعهد من‌ برّ وبحر.

ألف‌ علياء ومثلها من‌ سماء؛ من‌ عطارد وزحل‌ ومن‌ قمر».


[25] ـ يقول‌: «كلّ جرم‌ أنور من‌ صاحبه‌؛ ذاك‌ نورٌ صادر عن‌ ثري‌ البرّ.

قد يكون‌ الامر صعباً بعض‌ شي‌ء؛ إنّما يعقل‌ ذاك‌ الامر حرّ».


[26] صدر الآية‌ 40، من‌ السورة‌ 70: المعارج‌.


[27] ـ ـ يقول‌: «السماوات‌ خاضعة‌ لولاية‌ الروح‌؛ فهو الا´مر الناهي‌ في‌ سماء العالم‌».


[28] ـ يقول‌:

«اسمع‌ من‌ ابن‌ عبّاس‌ بيان‌ (مثْلهنّ) واعرف‌ الانفس‌ جيّداً دون‌ بطر أو وَهن‌»


[29] ـ صدر الآية‌ 12، من‌ السورة‌ 65: الطلاق‌.


[30] ـ الآية‌ 30، من‌ السورة‌ 36: يس‌.


[31] ـ مقطع‌ من‌ الآية‌ 18، من‌ السورة‌ 36: يس‌.


[32] ـ يقول‌: «لقد عهد هؤلاء الملوك‌ في‌ عامّة‌ الناس‌ الخوف‌ والحرص‌ علی‌ أنفسهم‌؛ إنّ هؤلإ الناس‌ عمي‌ والملوك‌ ضائعون‌ لا عنوان‌ لهم‌.

وقال‌ الضالّون‌ للانبياء سفهاً: إنّا تطيّرنا بكم‌.

فالخوف‌ كلّ الخوف‌ علی‌ الذهب‌ والصائغ‌ من‌ الخونة‌ ومصائدهم‌ لا من‌ شي‌ آخر».


[33] ـ يقول‌: «أنت‌ غاطّ في‌ النوم‌ وهذه‌ الرؤية‌ خيال‌، وكلّ ما رأيته‌ ليس‌ إلاّ مثالاً من‌ الحقيقة‌».


[34] ـ يقول‌: «إنّ هذه‌ النقوش‌ والرسوم‌ ما هي‌ إلاّ تمثيل‌ وهو يبدو في‌ النظر صوراً كثيرة‌.

وإنّ العالَم‌ مثال‌ ذاته‌ وظلال‌ صفاته‌، وما الثنائيّة‌ إلاّ كالصورة‌ المتخيَّلة‌».


[35] ـ الآية‌ 9، من‌ السورة‌ 86: الطارق‌.


[36] ـ يقول‌:

«إذا ما استيقظ‌ المرء من‌ القبر وجال‌ سيعلم‌ أ نّما ما قد مضي‌ كان‌ خيال‌»


[37] ـ «شرح‌ منازل‌ السائرين‌» ص‌ 34، باب‌ إلیقظة‌، انتشارات‌ بيدار: كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: النَّاسُ نِيَامٌ؛ و«مرصاد العباد» ص‌ 468، التعليقة‌ 7: النَّاسُ نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا. وفي‌ ص‌ 660، يقول‌ في‌ توضيحه‌ «وهي‌ الرواية‌ المذكورة‌ في‌«زهر الا´داب‌» والمنسوبة‌ إلی‌ الرسول‌ الكريم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلّم‌، والمذكورة‌ كذلك‌ في‌«شرح‌ التعريف‌» للإمام‌ علی‌ عليه‌ السلام‌. راجع‌: «أحاديث‌ مثنوي‌» ص‌ 81.

وقد ذُكر في‌ موضعين‌، في‌ كتاب‌ «الإنسان‌ الكامل‌» لعزيز الدين‌ النسفي‌ّ: في‌ ص‌ 426 و 271؛ وكذلك‌ في‌ «أحاديث‌ مثنوي‌» في‌ موضعين‌: الاوّل‌ في‌ ص‌ 81، رقم‌ 222:

اين‌ جهان‌ وهم‌ است‌، اندر ظنّ مايست‌ گر رود در خواب‌ دستي‌ باك‌ نيست‌

يقول‌: «إنّما عالمنا وهم‌، خيال‌ كلّ ما فيه‌ مباد وزوال‌»

وهو ما يناسب‌ مضمون‌ هذه‌ الرواية‌: النَّاسُ نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا. والتي‌ وردت‌ في‌ «زهر الا´داب‌» ج‌ 1، ص‌ 60، طبعة‌ مصر، منسوبةً إلی‌ الرسول‌ الكريم‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌؛ وفي‌ «شرح‌ التعريف‌» ج‌ 3، ص‌ 98 منسوبةً إلی‌ مولي‌ المتّقين‌ علی‌ عليه‌ السلام‌.

والثاني‌ في‌ ص‌ 141، رقم‌ 438:

تا برآيد ناگهان‌ صبح‌ اجل‌ وا رهد از ظلمت‌ ظنّ ودغل‌

يقول‌: «فإذا ما جاءكم‌ صبح‌ الاجل‌ زالت‌ الظُّلمة‌ عنكم‌ والضلل‌»

وهي‌ أيضاً، تناسب‌ فحوي‌ الرواية‌ النَّاسُ نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا، حيث‌ ورد شرحها في‌ ذيل‌ الرقم‌ 222 ».


[38] ـ يقول‌ صدر المتأ لّهين‌ في‌ «تفسير سورة‌ السجدة‌» ص‌ 87 و 88،انتشارات‌ بيدار، في‌ تفسير عبارة‌: لاَ´ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَـ'مَةِ (الآية‌ 1، من‌ السورة‌ 75: القيامة‌):

«كما أنّ الافتراق‌ بين‌ روح‌ الإنسان‌ وجسده‌ هو عبارة‌ عن‌ موت‌ هذا العالم‌ الصغير وقيامته‌ الصغري‌؛ طبقاً للحديث‌ الشريف‌ للرسول‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌: من‌ مات‌ فقد قامت‌ قيامته‌ ».

وفي‌«إحياء العلوم‌» ج‌ 4، ص‌ 423، طبعة‌ دار الكتب‌ العربيّة‌، عن‌ أنس‌ عن‌ رسول‌ الله‌ صلّي‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ حيث‌ قال‌: مَنْ مَاتَ فَقَدْ قَامَتْ قِيَامَتُهُ».

وكذلك‌ رواه‌ حجّة‌ الإسلام‌ الغزّإلی‌ّ في‌ كتابه‌ «المضنون‌ علی‌ غير أهله‌» في‌ ص‌ 79، وعلي‌ هامش‌ الجزء الثاني‌ من‌ كتاب‌ «الإنسان‌ الكامل‌» للشيخ‌ عبد الكريم‌ الجيلي‌ّ (الطبعة‌ الاُولي‌ للمطبعة‌ الازهريّة‌ المصريّة‌، عام‌ 1316 ه).


[39] ـ الآية‌ 122، من‌ السورة‌ 6: الانعام‌.


[40] ـ يقول‌: «فلمّا أن‌ تواري‌ عن‌ العين‌ الحَوَل‌ علمتْ) أنّه‌ حقّ ما هو بالهَزَل‌»


[41] ـ الآية‌ 48، من‌ السورة‌ 14: إبراهيم‌.


[42] ـ يقول‌: «كنّا واحداً، لكنّا كُنّا نبدو اثنين‌، فتلاشي‌ وانمحي‌ ذلك‌ البَداء الكينونة‌ والتكوّن‌.

ولمّا التحق‌ الظلُّ بالشمس‌ تخلَّصَ وارتاح‌ من‌ ظُلمة‌ كينونته‌.

وإذا احترق‌ الحطبُ جميعه‌ لن‌ تَري‌ له‌ بعد ذلك‌ دخان‌ متصاعد».


[43] ـ يقول‌: «لو ظَهرت‌ لكَ الشمس‌ وطلعت‌ ما أبقتْ للزُّهرة‌ نوراً ولا للقمر ضياءً».


[44] ـ الا´يتان‌ 1 و 2، من‌ السورة‌ 81: التكوير.


[45] ـ يقول‌: «وإذا سأل‌ أحدهم‌: أيّان‌ يوم‌ القيامة‌ يا صنم‌؟ انظُرْ إلی‌ نفسك‌ وتأمّلها فها أنا ذا القيامة‌.

فهذه‌ القيامة‌ لا تقلّ عن‌ تلك‌ شيئاً، وإذا كانت‌ تلك‌ القيامة‌ جرح‌ فهذه‌ القيامة‌ هي‌ البلسم‌ والدواء الناجع‌».


[46] الآية‌ 26، من‌ السورة‌ 55: الرحمن‌.


[47] ـ ـ يقول‌: «إن‌ يسقط‌ النور علی‌ العروش‌ تكن‌ جميعها عهناً منفوش‌»


[48] ـ الآية‌ 5، من‌ السورة‌ 101: القارعة‌.


[49] ـ يقول‌: «فاسْعَ ما استطعتَ ولا تكُ لاهياً، إذ ما الفائدة‌ من‌ العلم‌ حين‌ تفقد الاستطاعة‌؟».


[50] ـ يقول‌: «إذا تركتَ الانحراف‌ وهَجرتَ سبيل‌ الجَنف‌ زمناً، لتمكّنتَ من‌ رؤية‌ ما قد رآه‌ أي‌ّ نبي‌ّ وولي‌ّ».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...