الخميس، 26 نوفمبر 2020

تاريخ وجغرافيا بريموري المنشورية

شعار النبالة الخاص بريموريسكايا أوبلاست في بدايات القرن العشرين


بريمورسكي كراي هي إحدى الكيانات الفدرالية في روسيا الاتحادية توجد في أقصى الشرق الروسي وتعتبر مدينة فلاديفوستوك هي المركز الإداري لهذا الكيان، وعبر تاريخ هذه المنطقة استقرت العديد من القبائل التونغوسية والتركية مثل سوشين والقبائل المغولية البدائية مثل الشيوي والموهي، ويقال أن شعب الأوديجي استقر تقليديا في الأراضي الواقعة على طول نهر بيكين منذ فترة طويلة ومع ذلك فمن المحتمل أنه من أصول جورشنية. 

وخلال عهد مملكة بالهاي كان معظم الكراي داخل حدود مقاطعات دينجلي و أنبيان و أنيوان، وبعد غزو مملكة بالهاي من قبل شعب الخيتان أصبحت المنطقة جزءا من الدائرة الشرقية لمملكة لياو (916-1125) ثم مملكة جين (1115-1234) ثم أصبحت تحت حكم المغول والمانشو. 

وأدى الاستحواذ على سيبيريا من قبل روسيا القيصرية والتوسع الروسي اللاحق في اتجاه الشرق الأقصى إلى جعل الروس في اتصال مباشر مع الصينيين، ورسمت معاهدة نيرشينسك الموقعة سنة 1689 الحدود بين الدولتين فجعلت جميع الأراضي الواقعة جنوب جبال ستانوفوي بما فيها بريموري ضمن حدود إمبراطورية تشينغ، وعندما ضعف أمر الإمبراطورية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأت روسيا تتوسع في المنطقة، وفي عام 1858 تم تأسيس مدينة خاباروفسك و بلاغوفيشنيسك، وفي نفس السنة وقع الجنرال الروسي نيكولاي مورافيوف أمورسكي (1809-1881) معاهدة إيغون مع الصين ثم معاهدة بكين بعد ذلك بعامين، ونتيجة للمعاهدتين تحولت الحدود الصينية الروسية جنوبا إلى نهري أمور و أوسوري مما منح روسيا السيطرة الكاملة على بريموري. 

وكانت بريمورسكايا أوبلاست قد تأسست باعتبارها القسم الشرقي من الإمبراطورية الروسية سنة 1856 وشملت أراضي بريمورسكي كراي الحديثة بالإضافة إلى أراضي خاباروفسك كراي و ماغادان أوبلاست والتي امتدت من فلاديفوستوك إلى شبه جزيرة تشوكشي في أقصى الشمال. 

وفي الفترة الممتدة من 1859 إلى 1882 تم إنشاء خمسة وتسعين مستوطنة في منطقة بريموري بما فيها فلاديفوستوك و أوسوريسك و فلاديميرو-ألكسندروفسكوي و شكوتوفو و بوكروفكا و توري روج و كامين ريبولوف، وكان ثلثا السكان يعملون في المقام الأول في القنص والصيد والزراعة. 

وخلال الجزء الأخير من القرن التاسع عشر اكتشفت موارد كبيرة بالمنطقة وحدث نمو صناعي واقتصادي في "بريموري" وأصبح تعدين الفحم صناعة بارزة كما هو الحال مع تصدير الكرنب البحري والقرون المخملية والأخشاب وسرطان البحر والأسماك المجففة وخيار البحر، وتمت تغذية التوسع الاقتصادي السريع في بريموري إلى حد كبير عن طريق استثمار الرأسمال الروسي والأجنبي. 

وبعد اندلاع الثورة البلشفية وانتصار الشيوعيين أعادت الحكومة الجديدة تسمية "بريمورسكايا أوبلاست" إلى "زيمتوف الإقليم البحري" وعرفت بأنها جمهورية الشرق الأقصى (1920-1922) ثم إقليم الشرق الأقصى (1922-1926) ثم الكراي الشرقي الأقصى (1926-1938). 

وأصبحت المنطقة ساحة معركة لقوات الحلفاء والبلاشفة خلال اجتياح سيبيريا، وفي عام 1922 ـ أي قبل وقت قصير من انتهاء الحرب الأهلية الروسية ـ أصبحت بريموري تحت سيطرة البلاشفة، ووجهت الحكومة الجديدة التنمية الاقتصادية والعلمية والثقافية للإقليم وأمضت الحكومة السوفيتية السنوات العشر التالية في محاربة "الإيديولوجية البرجوازية" في العديد من مجالات الحياة والثقافة، ونتيجة لذلك تم فرض الرقابة على الموسيقى والمسرح والأدب والفنون الجميلة في بريموري. 

وكانت بريمورسكي مركزا للأقلية العرقية الكورية في روسيا وتم إنشاء الرايون الوطني الكوري بموجب سياسة الكورنة في عشرينيات القرن العشرين، فكان لدى الكراي نحو 105 بلدة كورية استخدم فيها السكان الكورية كلغة رسمية محلية، وكان ما يقارب 200.000 كوري يعيشون في الكراي بحلول وقت ترحيلهم عام 1938، حيث كان الاتحاد السوفيتي في وقت سابق قد رحل الإثنيات الصينية كذلك من غرب سيبيريا. 

وخلال هذه الفترة أكدت الحكومة السوفيتية على التخطيط المركزي للاقتصاد في المنطقة كما هو الشأن بالنسبة لباقي مناطق الاتحاد، وأعطيت الأولوية للصناعات الثقيلة مع التركيز بشكل خاص على التعدين والصيد التجاري، وكان هناك استثمار واسع النطاق في بناء السكك الحديدية والنقل المائي وتم إنشاء موانئ جديدة بالمنطقة. 

وتم تشكيل البريمورسكي كراي من خلال مزيد من التقسيمات الفرعية لكراي الشرق الأقصى في عام 1938 كجزء من سياسة التفكيك في عهد ستالين، وتم تحديد بريمورسكي كراي في تلك السنة بالمنطقة التي تتوافق مع الجزء الشمالي الشرقي من المنطقة التاريخية لمنشوريا الخارجية. 

وفي 18 أبريل 1942 أصبحت المنطقة متورطة فجأة في الحرب العالمية الثانية حيث دخلت إليها الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن هاجمت اليابان بيرل هاربور في ديسمبر 1941، وكانت بريمورسكي كراي الموقع الذي تواجدت فيه إحدى فيالق طائرات جيش الولايات المتحدة الستة عشر بقاذفات بي ـ 25 ميتشل والقاذفات المتوسطة، وتم إطلاق مجموعة حاملة الطائرات يو أس أس هورنيت (سي في – 8) لتنفيذ غارة دوليتل على اليابان، ولم تكن اليابان والاتحاد السوفيتي في حالة حرب وقتها. 

وخلال سبعينيات القرن العشرين وسع الاتحاد السوفيتي المؤسسات العلمية في بريموري وخاصة في مدينة فلاديفوستوك حيث وجدت العديد من المؤسسات البحثية الكبيرة مثل معهد البيولوجيا والزراعة ومعهد المحيط الهادئ للكيمياء العضوية الحيوية ومعهد البيولوجيا البحرية ومعهد المحيط الهادئ للجغرافيا ومعهد المحيط الهادئ لعلوم المحيطات بالإضافة إلى العديد من المعاهد التابعة لقسم الشرق الأقصى للأكاديمية الروسية للعلوم. 

وبحلول أوائل تسعينيات القرن العشرين تطورت الشركات الصغيرة في المدينة إلى شركات كبيرة كما تم إنشاء العديد من مؤسسات المجمع الصناعي العسكري الروسي. 

ويحاول شعب الأوديجي اليوم بقيادة بافل سولياندزيغا السيطرة على أراضيه التقليدية على طول نهر بيكين وعلى وجه الخصوص إقليم استخدام الموارد الطبيعية التقليدية ذات الوضع الفدرالي TTNRU. 
متنزه بيكين الوطني.

ويغلب على الكراي المناخ القاري الدافئ والرطب ويبلغ متوسط درجة الحرارة السنوية حوالي 1+ درجة مئوية (34 درجة فهرنهايت) شمال الكراي و 5.5+ درجة مئوية (41.9 درجة فهرنهايت) على الساحل الجنوبي ومتوسط هطول الأمطار السنوي هو 600-850- ملم. 

وتهيمن المرتفعات على أراضي الكراي حيث إن معظم الأراضي جبلية وحوالي 80 % منها غابات، ومتوسط الارتفاع هو 500 متر (1600 قدم)، ويعتبر سيخوتي-ألين تكوينا جبليا يمتد في معظم أنحاء الكراي، وتوجد العديد من الكهوف الكارستية جنوب بريموري وتوجد أجزاء محفوظة جيدا نسبيا من البراكين القديمة في المنطقة. 

ويتم قطع السلاسل الجبلية بواسطة وديان ضيقة وعميقة تعبرها أنهار خلابة وجداول كبيرة مثل بارتيزانسكايا ونهر كيفكا و زركالنايا و شيريوموخوفايا و يدنكا و سامارغا و بيكين و أوسوركا و بولشايا، وتحتوي معظم الأنهار في الكراي على قيعان صخرية ومياه صافية وأكبرها أوسوركا بطول 903 كيلومتر (561 ميل) وينبع على بعد 20 كيلومترا (12 ميل) إلى الشرق من جبل أوبلاشنايا، وتمتد أراضي الخانكا المنخفضة الشاسعة إلى الغرب والجنوب الغربي من بريموري وهي مغطاة بغابات الصنوبر النفضية وجزء من هذه الأراضي المنخفضة يحيط بأكبر بحيرة في الشرق الأقصى الروسي وهي بحيرة خانكا وتشغل هذا الحيز الجغرافي غابات سهبية. 

ويتضمن الموقع الجغرافي لبريموري مجموعة متنوعة من النباتات لأن هذا الإقليم لم يتعرض للغطاء الجليدي في الماضي على عكس بقية سيبيريا خلال العصور الجليدية، وتمخض عن هذا الظرف بالإضافة إلى خصوصيات الموقع الجغرافي والسمات المناخية الخاصة تنوع فريد وثراء في الموارد النباتية، ويوجد من بين نباتات بريموري أكثر من ألفي نوع تم إحصاؤها من النباتات الوعائية منها حوالي 250 نوعا من الأشجار والشجيرات والنباتات المتسقلة الخشبية، وتعتبر الطحالب والأشنات متنوعة للغاية في المنطقة باعتبارها جزءا من النباتات الساحلية وهناك العديد من النباتات الطبية والنباتات ذات القيمة الغذائية الغنية والعديد من الأنواع المتوطنة، وتم إدراج حوالي 250 نوعا من النباتات ضمن القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض كأنواع نادرة ومهددة بالانقراض. 

وتوجد مناطق التندرا الجبلية والصنوبريات والغابات الصنوبرية النفضية وغابات السهوب والتي تسمى أحيانا براري الشرق الأقصى حيث تم الحفاظ على العديد من الأنواع النباتية القديمة بما فيها السرخس واللوتس وصفصاف كوزينيا، ومن بين نباتات الإقليم المعروفة نجد الطقسوس الشرافي والعرعر القاسي والأشجار الفلينية الأمورية والكالباناكس والأراليا العالية والسنط الأموري والنغت الياباني والكيوي مرقش الأوراق والشزندرة الصينية والحرابيات المحلية وأزهار التلانديانتا دوبيا القرعية وشجيرات ويجيلا والجنسنج السيبيري والفلويغيا و دوتسية والنيلم الجوزي والبيتولا والكاربينوس كورداتا والقيقب المنشوري والمحلاق الكرمي والكرمة الأمورية والجنسنج الآسيوي وغيرها كثير. 

كما أن حيوانات بريموري متنوعة حيث تم العثور على الحيوانات التالية في المنطقة: الدب الأسود الأوسوري والببر الآموري والنمر الآموري والوشق الأوراسي والخنازير البرية والأيل المنشوري واليحمور السيبيري والأيل المسكي والغورال الآموري والأيل المرقط والسمور وبومة السمك بلاكيستون والنسر الرمادي والوقواق طويل الجناح وغيرها. ومن بين نحو 690 نوعا من الطيور التي عاشت في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق تم العثور على 350 نوعا في بريموري وحدها، وتتضمن الثروة السمكية السلمون والتروتة السيبيرية العملاقة وسلمون اللينوك والمصايد البحرية لسرطان البحر والبلوق وأنواع أخرى تجعل البيئة المائية والبحرية موردا قيما للمنطقة، ومع ذلك فإن التنوع الغني للحياة البرية في بريموري مهدد بسبب الصيد الجائر والاتجار غير المشروع، وتنشط مختلف الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المحلية والوطنية والعالمية في المنطقة للحفاظ على الحياة البرية والموائل.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...