الأحد، 22 نوفمبر 2020

تاريخ وجغرافيا شبه جزيرة كولا

تجمع لعائلة من شعب "سامي" في "بريرشني" سنة 1903.


لقد بدأت المستوطنات البشرية في شبه جزيرة "ريباتشي" الواقعة شمال شبه جزيرة "كولا" منذ الألفية السابعة قبل الميلاد، واستوطنت الشعوب التي وصلت من الجنوب (مقاطعة "كاريليا" الحديثة) شبه جزيرة "كولا" في الألفيتين الثالثة والثانية قبل الميلاد، وتعتبر جزيرة "بولشوي أوليني" في خليج "كولا" في بحر "بارنتس" موقعا أثريا هاما من العصر البرونزي حيث تم استعادة الحمض النووي القديم هناك. 

واستوطن شعب "سامي" شبه الجزيرة منذ نهاية الألف الأولى للميلاد، ولم يمتلك هذا الشعب دولة خاصة به ولكن أفراده عاشوا في عشائر يحكمها كبار السن، وكانوا يعملون في الغالب في رعي الرنة وصيد الأسماك، وفي القرن الثاني عشر اكتشف "البومور" الروس من شواطئ خليج "أونيغا" والروافد الدنيا من شمال "دفينا" شبه الجزيرة وثرواتها من الطرائد والأسماك، وقاموا بزيارات منتظمة للقنص والصيد هناك وبدؤوا في تجارة المقايضة مع شعب "سامي"، كما أطلقوا على ساحل البحر الأبيض لشبه الجزيرة إسم ساحل "تيرسكي" أو أرض "ترسكايا". 

وبحلول نهاية القرن الثاني عشر كان "البومور" قد استكشفوا الساحل الشمالي لشبه الجزيرة ووصلوا إلى "فينمارك" (وهي منطقة في شمال "النرويج") مما استلزم من "النرويج" دعم المنطقة بحرس بحري، وكان الإسم الذي أطلقه "البومور" على الساحل الشمالي هو "مورمان" ويبدو أنه تصحيف للفظة "نورمان". 

وسرعان ما تتبع جامعوا الجزية من "نوفغورود" مسار "البومور" وأصبحت شبه الجزيرة جزءا من أراضيهم، وتذكر معاهدة "ياروسلاف ياروسلافيتش" مع النوفغوروديين "تري فولوست" التي أشير إليها في وثائق أخرى دونت في وقت متأخر من سنة 1471، وبالإضافة إلى "تري" أشارت وثائق نفوغورودية من القرن 13 إلى القرن 15 إلى "كولو فولوست" التي تحد "تري" تقريبا على طول الخط الفاصل بين جزيرة "كيلدين" ورأس "توري" وكانت "كولو فولوست" تقع إلى الغرب من هذا الخط بينما كانت "تري" تقع إلى الشرق منه. 

وبحلول القرن الثالث عشر ظهرت الحاجة لإضفاء الطابع الرسمي على الحدود بين جمهورية "نوفغورود" والدول الإسكندنافية، ووصل النوفغوروديون جنبا إلى جنب مع الكاريليين الذين أتوا من الجنوب إلى ساحل ما يعرف الآن بمقاطعة "بجيينكسكي" وجزء من ساحل "فارانجيرفيورد" قرب نهر يعقوب الذي يعد الآن جزءا من "النرويج" وأجبروا شعب "سامي" على دفع الجزية وحاولوا السيطرة على هذه الأراضي مما أدى إلى نشوب نزاعات مسلحة، وفي عام 1251 أدى نزاع بين الكاريليين والنوفغوروديين وخدم ملك النرويج إلى شن حملة نوفغورودية في النرويج، وفي نفس السنة تم توقيع أول معاهدة مع النرويج في "نوفغورود" بشأن أراضي "سامي" ونظام جمع الجزية، مما جعل شعب "سامي" يدفع الجزية لكل من "نوفغورود" و "النرويج"، وكان في استطاعة النوفغوروديين بموجب المعاهدة جمع الجزية من شعب "سامي" إلى حدود مضيق "لينغن" في الغرب بينما أمكن للنرويجيين جمع الجزية على أراضي شبه جزيرة "كولا" بأكملها باستثناء الجزء الشرقي من ساحل "تيرسكي" ولم يتم الاتفاق على حدود رسمية بين الدولتين في تلك المعاهدة. 

وأعقب المعاهدة فترة سلام قصيرة لكن النزاعات المسلحة تواصلت بعد ذلك، وتوثق السجلات التاريخية الهجمات التي شنها النوفغوروديون والكاريليون على "فينمارك" وشمال النرويج عموما منذ عام 1271، واستمرت هذه النزاعات حتى القرن الرابع عشر، وتم إنشاء الحدود الرسمية بين كل من أراضي "نوفغورود" وأراضي "السويد" وأراضي "النرويج" بموجب معاهدة "نوتنبرغ" في 12 أغسطس عام 1323، وركزت المعاهدة في المقام الأول على حدود برزخ "كاريليا" والحدود الواقعة شمال بحيرة "لادوجا". 

وتناولت معاهدة أخرى مسائل الحدود الشمالية وهي معاهدة "نوفغورود" الموقعة مع النرويج عام 1326، والتي أنهت عقودا من المناوشات الحدودية بين "النرويج" و "نوفغورود" في "فينمارك"، ووفقا لبنود هذه المعاهدة تخلت "النرويج" عن جميع مطالبها في شبه جزيرة "كولا"، إلا أن المعاهدة لم تتطرق إلى شؤون شعب "سامي" الذي كان يدفع الجزية لكل من "نوفغورود" و "النرويج" واستمرت هذه الممارسة حتى عام 1602، في حين أن معاهدة 1326 لم تعين الحدود بالتفصيل لكنها أكدت ترسيم الحدود الذي أقرته معاهدة 1323 والذي ظل دون تغيير إلى حد ما خلال الستمائة سنة التالية وحتى عام 1920. 
خريطة للإمارات الروسية سنة 1237.

وفي القرن الخامس عشر بدأ النوفغوروديون في إنشاء مستوطنات دائمة في شبه الجزيرة، وكانت "أومبا" و "فارزوغا" أول مستوطنتين دائمتين تم توثيقهما للنوفغوروديين ويعود تاريخهما إلى عام 1466، وبمرور الوقت تمت تسوية جميع المناطق الساحلية الواقعة إلى الغرب من نهر "بياليتسا" مما أدى إلى إنشاء منطقة كان معظم سكانها من النوفغوروديين، وتم تقسيم هذه المنطقة إداريا إلى "فارزوجسكايا فولوست" و "أومبسكايا فولوست" واللتان كانتا تحكمان من قبل "البوسادنيك" (العمدة) من منطقة شمال "دفينا"، وفقدت جمهورية "نوفغورود" المنطقة لصالح دوقية "موسكو" الكبرى بعد معركة "شيلون" سنة 1471، ولم تعد الجمهورية نفسها موجودة سنة 1478 عندما استولى "إيفان" الثالث على مدينة "نوفغورود" وأصبحت بالتالي جميع الأراضي النوفغورودية بما فيها شبه جزيرة "كولا" جزءا من دوقية "موسكو" الكبرى. 

ولم تتوقف الهجرة الروسية إلى شبه الجزيرة رغم فقدان السيطرة عليها من قبل جمهورية "نوفغورود" وتم إنشاء العديد من المستوطنات الجديدة خلال القرن السادس عشر وأرغم شعبا "سامي" و "البومور" على القنانة، وفي النصف الثاني من القرن السادس عشر أصبحت شبه الجزيرة موضوع نزاع مجددا بين "روسيا" القيصرية ومملكة "الدانمارك و النرويج" وتمخض عن هذا النزاع تعزيز الموقف الروسي في شبه الجزيرة، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر تم إجبار السكان الأصليين من شعب "سامي" على التموقع شمالا من قبل الروس والوافدين الجدد من شعب "كومي" الذين هاجروا من موطنهم الأصلي هربا من وباء الرنة، وكان المركز الإداري والاقتصادي الأصلي هو "كولا" التي تقع عند مصب نهر "كولا" في خليج "كولا"، ومع ذلك تم تأسيس "رومانوف-نا-مورمان" ("مورمانسك" حاليا) سنة 1916 وسرعان ما أصبحت أكبر مدينة وميناء في شبه الجزيرة. 

لقد أجبرت الهجرات الروسية الجديدة إلى شبه جزيرة "كولا" في نهاية القرن الخامس عشر على اشتغال شعبي "سامي" و "البومور" في أعمال القنانة لصالح الأديرة خاصة، لكن نظام القنانة هذا ألغي سنة 1764 عندما أصبح كل فلاحي شبه الجزيرة تابعين للدولة. 

وطالب "فريدريك" الثاني ملك "الدانمارك و النرويج" في النصف الثاني من القرن السادس عشر أن تتنازل "روسيا" القيصرية عن شبه الجزيرة لكن هذه الأخيرة رفضت، ومن أجل تنظيم دفاعات مناسبة تم إنشاء موقع "فويفودا" في "كولا" الذي أصبح مركزا إداريا للمنطقة، ولم يتكثف الاستيطان الدائم لشبه الجزيرة حتى ستينيات القرن التاسع عشر، وبقي منذ ذلك الحين متقطعا حتى عام 1917، وكان عدد سكان "كولا" عام 1880 على سبيل المثال حوالي 500 نسمة يعيشون في 80 أسرة مقارنة بـ 1900 نسمة في 300 أسرة عاشت هناك عام 1582، وكانت مرافق النقل شبه معدومة ووسائل الاتصال مع بقية "روسيا" غير منتظمة، وشهد عام 1887 تدفقا لأفراد من شعبي "كومي" و "نينيتس" الذين كانوا يهاجرون هربا من وباء مرض الرنة وجلبوا معهم قطعان الغزلان الكبيرة مما أدى إلى زيادة المنافسة على أراضي الرعي واحتدم الصراع بين شعب "سامي" وشعب "كومي" مما أدى في الأخير إلى تهميش السكان المحليين، وبحلول نهاية القرن التاسع عشر أجبر سكان شعب "سامي" في الغالب على الاستقرار شمالا بينما استقرت باقي الإثنيات الروسية في جنوب شبه الجزيرة. 

وفي عام 1894 زار وزير المالية الروسي شبه الجزيرة الذي أصبح مقتنعا بالإمكانيات الاقتصادية للمنطقة وبالتالي تم مد خط الهاتف عام 1896 وخط التلغراف إلى "كولا" مما أدى إلى تحسين الاتصال مع البر الرئيسي، كما تم النظر في إمكانية بناء سكة حديد لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء عملي في سبيل ذلك، وتم تأسيس قرية باسم "ألكسندروفكس" في نفس السنة ("بوليارني" حاليا) ونما حجمها بسرعة كبيرة لتُمنح وضع المدينة في عام 1899، وتم تغيير إسم "أويزد (محافظة) كولسكي" إلى "أويزد ألكسندروفسكي" في تلك المناسبة. 

وخلال الحرب العالمية الأولى وجدت شبه الجزيرة التي كانت ماتزال ضعيفة التطور نفسها فجأة كموقع إستراتيجي حيث انقطع الاتصال بين "روسيا" والحلفاء وبقيت موانئ ساحل "مورمان" هي الوسيلة الوحيدة لإرسال الإمدادات الحربية إلى الجبهة الشرقية، وفي مارس من عام 1915 تم التعجيل ببناء خط السكة الحديد وسرعان ما افتُتح في السنة الموالية رغم اكتمال بنائه جزئيا وسوء الأشغال، وتم تأسيس "رومانوف-نا-مورمان" ("مورمانسك" الحديثة) كنقطة طرفية للسكك الحديدية الجديدة ونمت هذه المدينة بسرعة لتصبح أكبر مدينة في شبه الجزيرة. 

وتأسست القوات السوفييتية على أراضي شبه الجزيرة في 9 نونبر 1917 لكن المنطقة احتلت من قبل قوات حلفاء "روسيا" قبل الحرب من مارس 1918 إلى 1920، وتم تحويل "ألكسندروفسكي أويزد" إلى محافظة "مورمانسك" من قبل الحكومة السوفييتية في يونيو 1921، وفي فاتح أغسطس 1927 أصدرت اللجنة التنفيذية المركزية لعموم "روسيا" قرارين بشأن إنشاء منطقة "لينينغراد أوبلاست" وحول حدود وتكوين مقاطعة "أوكروغ" في "لينينغراد أوبلاست"، وبموجب ذلك تم تغيير محافظة "مورمانسك" إلى "مورمانسك أوكروغ" (التي تم تقسيمها إلى ست مقاطعات) وضمت إلى "لينينغراد أوبلاست"، واستمر هذا الوضع حتى 28 مايو 1938 عندما تم فصل "أوكروغ" عن "لينينغراد أوبلاست" لتندمج مع منطقة "كندالاكشسكي" في جمهورية "كاريليا" الاشتراكية السوفييتية المتمتعة بالحكم الذاتي وتحولت إلى منطقة "مورمانسك أوبلاست" الحديثة. 

وشهدت الفترة السوفيتية إجمالا زيادة ملحوظة في عدد السكان (799.000 في عام 1970 مقابل 15.000 في عام 1913) رغم أن معظم السكان ظلوا متمركزين في المناطق الحضرية على طول السكك الحديدية والساحل البحري وتم استخدام معظم الأراضي ذات الكثافة السكانية المنخفضة خارج المناطق الحضرية لرعي الغزلان، وتم إنشاء مدينة "كيروفسك" بين عامي 1920 و 1940 والعديد من المستوطنات العمالية كذلك. 

وخضع شعب "سامي" للتجميع القسري حيث تم جمع أكثر من نصف قطعان الرنة بين 1928 و 1930، بالإضافة إلى ذلك تم التخلص تدريجيا من ممارسات الرعي التقليدية لشعب "سامي" مقابل النهج الحكومي الأكثر ربحية اقتصاديا والذي أكد التسويات الدائمة على الرعي الحر، ونظرا لأن ثقافة شعب "سامي" مرتبطة ارتباطا وثيقا بممارسات الرعي، فقد أدى ذلك إلى فقدان هذا الشعب للغته ومعارفه التقليدية بالرعي تدريجيا وأجبر أغلب أفراده على الاستقرار في قرية "لوفوزيرو" التي صارت المركز الثقافي لشعب "سامي" في روسيا، أما الذين قاوموا التنظيم الجماعي فقد تعرضوا للعمل القسري أو الموت، واستمرت أشكال القمع المختلفة ضد شعب "سامي" حتى وفاة "ستالين" عام 1953، وفي تسعينيات القرن العشرين كان 40 % من شعب "سامي" يعيشون في المناطق الحضرية رغم انتشار بعض قطعان الرنة عبر أغلب المنطقة. 

ولم يكن شعب "سامي" الوحيد الذي تعرض للقمع، بل تم إرسال آلاف الأشخاص من مختلف مناطق الاتحاد السوفيتي إلى "كولا" بين ثلاثينيات وخمسينيات القرن العشرين، وفي عام 2007 كان مايزال أكثر من ألفي شخص من أحفاد أولئك الذين أرسلوا قسرا يعيشون في شبه الجزيرة، وكان جزء كبير من هؤلاء الأشخاص المنفيين فلاحين من جنوب روسيا تعرضوا لعمليات نزع الملكية، وغالبا ما تم الاعتماد على عمالة السجناء لبناء مصانع جديدة ولإمداد المصانع النشطة. 

لقد عانت شبه الجزيرة ككل من أضرار بيئية كبيرة نتيجة التلوث الناجم عن الصناعة العسكرية (لاسيما البحرية) والتعدين الصناعي لفوسفات "الأباتيت" والنفايات النووية العسكرية، وفي وقتنا الراهن يوجد حوالي 137 مفاعلا نوويا بحريا نشطا و 140 مفاعلا نوويا بحريا تم إيقاف تشغيله أو تعطل كلها أنتجت من قبل الجيش السوفيتي، وتم إلقاء النفايات النووية في البحر بواسطة الأسطول الشمالي وشركة "مورمانسك" للشحن لمدة ثلاثين سنة، وهناك دليل أيضا على وجود تلوث من آثار كارثة "تشيرنوبيل" عام 1986 مع وجود ملوثات في لحم الرنة والحيوانات الأخرى ومن التفجيرات النووية المقيدة بين عامي 1972 و 1984 على بعد 21 كيلومترا (13 ميلا) شمال غرب "كيروفسك"، بالإضافة إلى ذلك توجد العديد من نطاقات اختبار الأسلحة النووية ومرافق تخزين النفايات المشعة في شبه الجزيرة. 

ومصدر التلوث الصناعي الرئيسي هو "نوريلسك نيكل" في "مونشيجورسك" ـ المصاهر الكبيرة المسؤولة عن أكثر من 80 % من انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت وتقريبا جميع انبعاثات النيكل والنحاس، ومنذ عام 1998 انخفضت انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت في المنطقة بنسبة 60 % تقريبا، ومن 88.3 ألف طن إلى 37.3 ألف طن في عام 2016 وفقا "لنوريلسك نيكل"، واستنادا إلى برنامج الكبريت 2.0 الجديد وضعت "نوريلسك نيكل" لنفسها أهدافا مرحلية لخفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت والتي يمكن أن يكون لها آثار صحية وبيئية سلبية والهدف النهائي هو خفض 95 % من ثاني أوكسيد الكبريت بحلول عام 2030 للقطاع القطبي في شبه جزيرة "تايمير" والتي تشمل مصهر "ناديجدا" ومصنع النحاس وذلك بشكل جزئي من خلال محلول التقاط ثاني أوكسيد الكبريت، وتبقى من بين الملوثات الأخرى محطات الطاقة الحرارية في "أباتيتي" و "مورمانسك". 

ونظرا لأن العصر الجليدي الأخير أزال طبقة الرواسب العلوية من التربة، أصبحت شبه جزيرة "كولا" على السطح غنية جدا بالعديد من الخامات والمعادن، بما في ذلك الأباتيت والنيفلين وخامات النحاس والنيكل والحديد والميكا والكيانيت والمواد الخزفية وكذلك العناصر الأرضية النادرة والخامات غير الحديدية، كما أن رواسب مواد البناء مثل الجرانيت والكوارتزيت والحجر الجيري وفيرة ورواسب التراب الدياتومي شائعة بالقرب من البحيرات وتستخدم لإنتاج المواد العازلة. 
مشهد بانورامي لشبه جزيرة "كولا" قرب "مورمانسك".

ويؤدي قرب شبه الجزيرة من تيار الخليج إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد في الشتاء مما يقود إلى اختلافات كبيرة في درجات الحرارة بين اليابسة وبحر "بارنتس" وتذبذب درجات الحرارة أثناء هبوب الرياح العاتية، وتكون الأعاصير نموذجية خلال المواسم الباردة بينما تتميز الفصول الدافئة بالأعاصير المضادة، وتعتبر الرياح الموسمية شائعة في معظم المناطق حيث تسود الرياح الجنوبية والجنوبية الغربية في أشهر الشتاء مع رياح شرقية أكثر وضوحا إلى حد ما في الصيف، وتهب رياح عاصفة شديدة ما بين 80 إلى 120 يوما في السنة، وتظل مياه ساحل "مورمان" دافئة بدرجة كافية لتخلو من الجليد في فصل الشتاء. 

ومستويات هطول الأمطار في شبه الجزيرة مرتفعة إلى حد ما: 1000 ملم (39 بوصة) في الجبال و 600-700 ملم (24-28 بوصة) على ساحل "مورمان"، و 500-600 ملم (20-24 بوصة) في مناطق أخرى، وأكثر الشهور رطوبة هي من أغسطس حتى أكتوبر، في حين أن مارس وأبريل هما الأكثر جفافا. 

ويبلغ متوسط درجة الحرارة في شهر يناير 10- درجة مئوية (14 درجة فهرنهايت) مع درجات حرارة منخفضة نموذجية في الأجزاء الوسطى من شبه الجزيرة. ومتوسط درجة الحرارة في يوليو حوالي 11+ درجة مئوية (50 درجة فهرنهايت)، وقد بلغ أدنى مستوى لدرجة الحرارة 50- درجة مئوية (58- درجة فهرنهايت) في الأجزاء المركزية ومن 35- إلى 40- (31 إلى 40- درجة فهرنهايت) على السواحل، وتجاوزت الارتفاعات القياسية 30+ درجة مئوية (86 درجة فهرنهايت) تقريبا في جميع أراضي شبه الجزيرة، ويحدث الصقيع الأول في وقت مبكر من أغسطس وقد يستمر حتى مايو أو يونيو. ومعظم مناطق شبه جزيرة "كولا" هي ذات مناخ شبه قطبي وتنتمي الجزر القريبة عادة إلى مناخ التوندرا. 

تغطي التايغا شبه الجزيرة في الجنوب والتوندرا في الشمال، وتحد الظروف الباردة والرياح والتربة الصقيعية من نمو الأشجار في مناطق التوندرا مما ينتج عنه منظر طبيعي تغلب عليه الحشائش والأزهار البرية والشجيرات مثل البتولا والقزم وتنتشر الأشنات الصخرية والشجيرات في المناطق الساحلية الشمالية وتتكون التايغا في المناطق الجنوبية في الغالب من أشجار الصنوبر والتنوب. 

وتزور قطعان الرنة المراعي في الصيف وتشمل باقي الحيوانات الثعالب الحمراء والقطبية وحيوانات الشره والموظ وثعالب الماء والوشق في المناطق الجنوبية، وتم إطلاق المنك الأمريكي بالقرب من نهر "أولينيتسا" في 1935 و 1936، وهو الآن منتشر في جميع أنحاء شبه الجزيرة ويتم صيده لأغراض تجارية، وتم إعادة توطين القنادس بين عامي 1934 و 1957 والتي كانت مهددة بالانقراض بحلول عام 1880، وإجمالا يعيش في شبه الجزيرة 32 نوعا من الثدييات وما يقارب مائتي نوع من الطيور. 

وتعتبر حيتان البيلوجا هي الحيتان الوحيدة الشائعة في بحار شبه الجزيرة كما تقوم باقي الحيتان مثل الحيتان مقوسة الرأس والحدباء والزرقاء والزعنفية بزيارة المنطقة. 

وتعتبر سواحل خليج "كندالاكشا" وبحر "بارنتس" مناطق تكاثر مهمة للفقمة الملتحية والفقمات الحلقية، ويعد بحر "بارنتس" أحد الأماكن الوحيدة التي يمكن العثور فيها على الفقمة الرمادية النادرة، كما يمكن رؤية فقمات "غرينلاند" وفقمات "هارب" من وقت لآخر. 

وتم التعرف على 29 نوعا من أسماك المياه العذبة في شبه الجزيرة بما فيها السلمون المرقط وأبو شوكة والكراكي الرمحي والفرخ الأوروبي، وتعتبر الأنهار موطنا مهما لسمك السلمون الأطلسي الذي يعود من "غرينلاند" وجزر "فارو" لتفرخ في المياه العذبة ونتيجة لذلك تم تطوير مصايد الأسماك الترفيهية مع عدد من النزل والمخيمات النائية المتاحة لاستضافة الصيادين الهواة، وتم تنظيم محمية "كندالاكشا" الطبيعية عام 1932 لحماية موطن العيدر الشائع. 

وتتوفر شبه جزيرة "كولا" على العديد من الأنهار الصغيرة سريعة الحركة من منحدراتها وأهمها: "بونوي"، "فارزوغا"، "أومبا"، "تيريبركا"، "فورونيا"، و "يوكانغا". وتنبع معظم الأنهار من البحيرات والمستنقعات وتتجمع مياهها من ذوبان الجليد، وتصبح الأنهار محصورة بالجليد خلال فصل الشتاء والمناطق ذات المنحدرات القوية تتجمد متأخرة أو لا تتجمد أبدا. 

وتشمل البحيرات الرئيسية "إماندرا" و "أومبوزيرو" و "لوفوزيرو"، ولا توجد بحيرات تقل مساحتها عن 0.01 كيلمتر مربع (0.0039 ميل مربع) كما تم تطوير مصايد الأسماك الترفيهية في المنطقة. 
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...