الخميس، 26 نوفمبر 2020

شعب تشوكشي

تصوير لأسرة من شعب تشوكشي بواسطة لويس خوريس (1816).


تشوكشي (Chukchi أو Chukchee) هم السكان الأصليون لشبه جزيرة تشوكشي أقصى شمال شرق آسيا وكذا منطقة بحر بيرنغ في المحيط المتجمد الشمالي وهم منضوون داخل الاتحاد الروسي ويتحدثون لغة تشوكشي، وينحدر هذا الشعب من الأفراد الذين عاشوا حول بحر أوخوتسك، ووفقا لبحث جينومي حديث، فإن شعب تشوكشي يعد أقرب الأقارب الآسيويين للشعوب الأصلية في الأمريكيتين. 

ويقيم أغلب أبناء هذا الشعب دائرة تشوكوتكا ذات الحكم الذاتي لكن البعض منهم يقيمون في جمهورية ياقوتيا (ساخا) غربا و ماغادان أوبلاست في الجنوب الغربي بينما يقطن آخرون في أجزاء مختلفة من روسيا وكذلك في أوروبا وأمريكا الشمالية، ويقدر تعداد أفراد هذا الشعب في العالم بأزيد من 16.000 نسمة بقليل. 

وينقسم شعب تشوكشي تقليديا إلى تشوكشي البحريين الذين استقروا على الساحل وعاشوا أساسا من صيد الثدييات البحرية، وتشوكشي الرنة الذين يعيشون كبدو رحل في منطقة التندرا الداخلية ويهاجرون موسميا مع قطعانهم من الرنة، والإسم الروسي "تشوكشي" مشتق من كلمة "تشوتشو" التشوكشية التي تعني "الغني بالرنة" والتي استخدمها أفراد "تشوكشي الرنة" لتمييز أنفسهم عن "تشوكشي البحر" الذين يدعون "أنقاليت" بمعنى "شعب البحر". 

وفي معتقدات "تشوكشي" توجد روح لكل كائن سواء كان حيا أم ميتا ويمكن أن تكون هذه الروح ضارة أو خيرة، وتكشف بعض أساطير تشوكشي عن ازدواجية في الكوزمولوجيا الخاصة بهم. 

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي أعيد تنظيم المزارع التي كانت تديرها الدولة وخوصصتها إسميا، فكانت هذه العملية مدمرة في الأخير للاقتصاد القروي في تشوكوتكا ولم تتعاف المنطقة بعد بشكل كامل من آثار هذه العملية واندثرت العديد من المناطق الريفية في تشوكوتكا وتأثر الروس في هذه المنطقة بدورهم ولم يكن في وسعهم البقاء إلا بفضل المساعدات الإنسانية المباشرة، وقد حصل بعض أفراد شعب تشوكشي على درجات جامعية وأصبحوا شعراء كتابا وسياسيين ومعلمين وأطباء. 

وانخرط شعب تشوكشي في عصور ما قبل التاريخ في أنماط حياة الصيد وجمع الثمار، وفي الوقت الحالي ماتزال هناك بعض عناصر صيد الكفاف لدى هذا الشعب ومن أشكالها صيد الدببة القطبية والثدييات البحرية وحيوانات الرنة، وبدءا من عشرينيات القرن العشرين نظم السوفييت الأنشطة الاقتصادية لتشوكوتكا وأنشؤوا في نهاية المطاف 28 شركة مملوكة للدولة بشكل جماعي، واعتمدت هذه الأنشطة على رعي الرنة وصيد الثدييات البحرية ونحت العاج وتلقى السكان الأصليون تعليمهم في المدارس السوفيتية، ويتقن أفراد هذا الشعب اليوم اللغة الروسية بنسبة 100 % تقريبا، ولا يعمل سوى جزء منهم اليوم مباشرة في رعي الرنة أو صيد الثدييات البحرية ويواصلون العيش بأسلوب الحياة البدوي في خيام اليارانغا. 

وبدأ الروس بالاتصال بشعب تشوكشي عندما وصلوا إلى نهر كوليما سنة 1643 ونهر أنادير سنة 1649، وأصبح الطريق من نيجنيكوليمسك إلى الحصن في أناديرسك على طول الجنوب الغربي من منطقة تشوكشي طريقا تجارية رئيسية، وكانت الرحلة البرية من ياقوتسك إلى أناديرسك تستغرق حوالي ستة أشهر. 
رجل من تشوكشي.


وتم تجاهل هذا الشعب طوال الخمسين عاما الموالية لأنه كان حربيا بطباعه ولم يوفر أي فراء أو سلع قيمة لفرض الضرائب عليها، وبدأت المناوشات المسلحة بين الروس وأفراد التشوكشي في النشوب منذ عام 1700 تقريبا وعندما بدأ الروس العمل في شبه جزيرة كامشاتكا كانوا في حاجة إلى حماية مواصلاتهم من غارات التشوكشي و الكورياك فجرت المحاولة الأولى للتغلب على الشعبين سنة 1701 وأرسلت حملات أخرى للمنطقة في 1708 و 1709 و 1711 والتي تمخض عنها إراقة دماء كثيرة دون تحقيق نجاحات كبيرة، ثم تجددت الحرب سنة 1729 وعندما هزم أفراد تشوكشي رحلة استكشافية من أوخوتسك وقتلوا قائدها انتقلت القيادة إلى الرائد ديمتري بافلوتسكي الذي تبنى تكتيكات مدمرة للغاية حيث عمد إلى حرق وقتل وإبعاد قطعان الرنة وأسر النساء والأطفال، وفي عام 1742، أمرت الحكومة في سانت بطرسبرغ بشن حرب أخرى كان من المقرر فيها "استئصال شعبي تشوكشي و كورياك تماما"، ودارت رحى الحرب (1744-1747) بوحشية مماثلة وانتهت عندما قُتل بافلوسكي في مارس 1747، ويقال أن شعب تشوكشي احتفظوا برأس بافلوسكي لسنوات كتذكار نصر، وشن الروس حربا أخرى في خمسينيات القرن الثامن عشر. وفي عام 1762 تبنت سانت بطرسبرغ سياسة مختلفة، وكلفت صيانة الحصن في أناديرسك حوالي 1.380.000 روبل، لكن المنطقة لم تعد سوى 29.150 كضرائب، فتخلت الحكومة عن أناديرسك سنة 1764، وتخلى أفراد تشوكشي عن تحرشاتهم وبدؤوا في المتاجرة بسلام مع الروس، ومنذ عام 1788 شاركوا في موسم تجاري سنوي في كوليما السفلى، وتم إنشاء موسم آخر قبل ذلك في عام 1775 على نهر أنجاركا أحد روافد نهر بولشوي أنوي، وتراجعت هذه التجارة في أواخر القرن التاسع عشر عندما بدأ صائدوا الحيتان الأمريكيون وغيرهم في إنزال البضائع على سواحل المنطقة، ودخل المبشرون الأرثوذكس الأوائل إقليم تشوكشي بعض الوقت بعد عام 1815. 

وما عدا أربعة مدارس أرثوذكسية، لم تكن هناك مدارس في أرض تشوكشي حتى أواخر عشرينيات القرن الماضي، وفي عام 1926 كان هناك 72 فردا متعلما من التشوكشيين، وأدل السوفييت الأبجدية اللاتينية إلى المنطقة سنة 1932 واستبدلوها بالحروف الكيريلية في عام 1937، وفي عام 1934 كان نحو 71 % من قبيلة تشوكشي من البدو الرحل، وفي عام 1941 كانت 90 % من حيوانات الرنة لاتزال ملكية خاصة بأفراد هذا الشعب، وتجول الكولاك بقطعانهم الخاصة حتى خمسينيات القرن العشرين، وبحلول سنة 1990 وسقوط الاتحاد السوفيتي حدث نزوح جماعي كبير للروس من المنطقة.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...