الجمعة، 6 نوفمبر 2020

طنجة الفرجينية



طنجة الفرجينية هي بلدة تقع في مقاطعة "أكوماك"، في ولاية "فرجينيا" الأمريكية على جزيرة تحمل نفس الإسم (أو "طانجير" Tangier بالإنجليزية) توجد في خليج "تشيزبيك". وحسب تعداد الولايات المتحدة لسنة 2010 بلغ عدد سكان البلدة 727 نسمة. وابتداء من سنة 1850، تقلصت مساحة الجزيرة بنسبة 67 % بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن تختفي معظم مساحة اليابسة المتبقية من الجزيرة خلال الخمسين سنة القادمة، ومن المرجح آنذاك أن يتم إخلاء هذه البلدة. 

ووصل الأشخاص الذين استوطنوا الجزيرة بشكل دائم في سبعينيات القرن الثامن عشر وكانوا من المزارعين، وفي أواخر القرن التاسع عشر، بدأ السكان في الاعتماد على صيد السرطانات والمحار من خليج "تشيزبيك". 

وكثير من الناس الذين يعيشون في طنجة الفرجينية يتحدثون لهجة مميزة من الإنجليزية الأمريكية، واعتبر العديد من العلماء أن هذه اللهجة مشتقة بنسب مختلفة من المعجم والصوتيات الخاصة بالإنجليزية البريطانية، ويعزو اللغوي"ديفيد شورز" هذا التميز اللغوي إلى طفرة محلية نافيا أن يكون الأمر انعكاسا لتأثيرات اللغة الإنجليزية البريطانية، والسبب في ذلك ـ بحسب "شورز" ـ هو العزلة الجغرافية للسكان عن البر الرئيسي. وقد أدرجت جزيرة طنجة في السجل الوطني الأمريكي للأماكن التاريخية. 

طنجة، فرجينيا، في يونيو 2017.
طنجة، فرجينيا، في يونيو 2017.

وقبل وصول المستعمرين إلى الجزيرة كانت الجزيرة ملاذا لهنود "البوكوموك" لعدة قرون، وعلى الرغم من أنه لا يُعرف الكثير عن هذا الشعب، إلا أن وجودهم يتضح من خلال الآلاف من رؤوس الأسهم الحجرية التي تم العثور عليها في جميع أنحاء الجزيرة، ويمكن العثور على رؤوس أسهم جديدة في الشاطئ كل صباح تقريبا بعد هبوب الرياح القوية ليلا، كما أن اكتشاف محار قديم بعيد عن الشاطئ قدر عمره بآلاف السنين يحتوي على كومة ضخمة من الأصداف التي لم يكن في وسع غير البشر إيداعها بهذا الشكل هو دليل آخر على وجود تجمعات منتظمة في الجزيرة على الأقل في الموسم الدافئ من العام وذلك قبل فترة طويلة من وجود اللغة الإنجليزية، وتشير الأعداد الهائلة من رؤوس الأسهم والرماح التي تم العثور عليها في هذه الجزيرة إلى أن مساحة هذه الأخيرة كانت أكبر بكثير مما يمكن أن يؤكده التاريخ المسجل وأنها كانت موطنا للعديد من أنواع الحيوانات. 

وأول مستكشف أوروبي معروف وصل إلى الجزيرة كان "جون سميث" سنة 1608، وأطلق على الجزيرة اسم "طنجة" وعلى الجزر المحيطة بها اسم "جزر راسل" تيمنا باسم الطبيب الذي كان على متن سفينته. 

وفي عام 1670 كسب "أمبروز وايت" حقوق الامتياز على مساحة قدرت ب 400 فدان (160 هكتار) في الجزيرة أطلق عليها اسم "جزيرة في خليج تشيزبيك"، وفي العام الموالي منح "أمبروز" امتيازه "لتشارلز" و "جون ويست"، وفي عام 1673 مُنح "ويليام والتون" 400 فدانا في الجزيرة الغربية التي كان امتيازها ممنوحا في السابق من قبل "وايت". وفي عام 1678 تم إصدار امتياز رسمي لكل من "سكاربرج" و "ويست"، وترك "تشارلز سكاربرج" (الذي كان يهجأ اسمه "سكاربورو") امتيازه لزوجته "إليزابيث" سنة 1702، وانتقل امتياز "جون ويست" إلى ابنه الأكبر بعد عام من ذلك، وفي عام 1713 تم منح امتيازين "لإليزابيث سكاربرج" و "أنتوني ويست" على جزر طنجة، قدرت مساحة أحدهما ب 900 فدان (360 هكتار) والآخر ب 170 فدان (69 هكتار) من الأرض الجديدة جنوب طنجة المسماة "جزيرة الشاطئ الرملي"، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تسمية جزر "طنجة" في السجلات. وعلى الرغم من أن "إليزابيث سكاربرج" تركت امتيازها لبناتها إلا أنه انتقل في نهاية المطاف إلى ابنها الأكبر "بينيت" ثم انتقل إلى "هنري سكاربرج" ثم إلى "تشارلز سكاربرج" الثاني، وفي عام 1762 أكد "تشارلز سكاربرج" بيعا لنصف امتيازه إلى العقيد "توماس هول"، وفي العام التالي باع "هول" حصته "لويليام أندروز" التي بلغت 475 فدانا (192 هكتار). 

واليوم يحمل العديد من سكان الجزيرة لقب "كروكيت" Crockett، وهو اسم أول مستوطن أنجلو-أمريكي دائم في أواخر القرن الثامن عشر، وتشمل الألقاب الشائعة الأخرى في الجزيرة Pruitt و Thomas و Marshall و Charnock و Dise و Shores و Parks، وبحلول عام 1900 كانت هناك 1064 نسمة في الجزيرة. 

واستخدم البريطانيون الجزيرة كمنطقة تجمع في العامين 1813-1814 تحت قيادة الأدميرال "جورج كوكبورن" ذي السمعة السيئة خلال حرب 1812 حيث قام ببناء حصن "ألبيون"، وقد فر العديد من العبيد إلى البريطانيين في الجزيرة ومنحوهم حريتهم، وانضم البعض الآخر إلى فيلق البحرية الاستعمارية، واستخدمت طنجة كقاعدة للهجوم على العاصمة الأمريكية في الانتصار المذهل للفرقة الحمراء في معركة "بلادينسبيرغ" وما تلاها من حرق "لواشنطن" في أغسطس 1814، وأعقب ذلك معركة "بالتيمور" عندما فشل قصف بحري بريطاني، وقد أثرت أحداث هجوم البارجة على "فورت ماكهنري" في مرفإ "بالتيمور" والمعركة البرية المتزامنة في "نورث بوينت" جنوب شرق المدينة في أيام 12 و 13 و 14 سبتمبر 1814 على كتابة "فرانسيس سكوت .كي" للقصيدة التي أصبحت معروفة باسم "الراية الموشحة بالنجوم" والتي سميت النشيد الوطني الأمريكي سنة 1931... 

كان اسم الكنيسة الأصلية في الجزيرة "ليز بيثل" Lee’s Bethel وأحرقت في القرن التاسع عشر، ومايزال هناك مقعد يشير إلى موقعها في مقبرة "كانتون"، وتوجد كنيستان حاليا في الجزيرة تحمل الأولى اسم كنيسة "سوين" التذكارية الميثودية ـ سنة 1835، بينما الأخرى فاسمها كنيسة "مجمع العهد الجديد" وقد تأسست عام 1946 وهي موقع عبادة مسيحي تاريخي وغير طائفي، وبالنسبة للمدافن فإنها تقع أحيانا في أفنية المنازل وتوجد أخرى كذلك في أفنية الكنائس. 

وقد تسببت ثلاثة أعاصير من القرن الحادي والعشرين وهي أعاصير "إيزابيل" عام 2003 و "إرنستو" عام 2006 و "ساندي" عام 2012 في وقوع فيضانات في أجزاء كبيرة من الجزيرة، وهجرت بعض المنازل أو هدمت بسبب الأضرار الناجمة عن تلك الأعاصير، في حين بنيت منازل جديدة ومازال بناء بعضها مستمرا إلى اليوم. 

وفي ستينيات القرن العشرين استولى الجيش الأمريكي على أجزاء من جزيرة طنجة مما أجبر بعض السكان بمن فيهم "والتر كروكيت" و "ماجي إسكريدج كروكيت" على الانتقال إلى "إيكسمور" في البر الرئيسي حتى يتمكن الجيش من إجراء اختبارات الصواريخ، ويعتقد العديد من سكان طنجة الفرجينية أن هذه العمليات تسببت بشكل كبير في الانجرافات الحالية. 

إن جزيرة طنجة معرضة لخطر الزوال بسبب عوامل التعرية وارتفاع مستوى سطح البحر نتيجة التغير المناخي، وقد تقلصت مساحة الجزيرة منذ سنة 1850 بنسبة 67% بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ومن المتوقع أن تضيع مساحة كبيرة من اليابسة المتبقية في الخمسين عاما القادمة ومن المحتمل أن تكون المدينة في حاجة إلى التخلي عنها. 

ويعتقد العديد من السكان أن التعرية هي سبب زيادة حدوث الفيضانات وشدتها، وخلصت دراسة لسنة 2015 أجراها كل من "ديفيد م. شولت" و "كارين م. دريدج" و "مارك هـ . هودجنز" ـ وجميعهم أعضاء في فيلق المهندسين بالجيش الأمريكي ـ إلى أن طنجة لا يزال أمامها بين 25 إلى 50 عاما من الحياة المتبقية وأن الانخسافات متواصلة منذ منتصف القرن التاسع عشر على الأقل، واستنتج هؤلاء أن الأسباب الرئيسية للانخسافات في منطقة خليج "تشيزبيك" الجنوبية راجع إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان صفيحة "لورينتايد" الجليدية إضافة إلى استخراج المياه الجوفية على البر الرئيسي "لفرجينيا" وكذا الآثار المتبقية من فوهة خليج "تشيزبيك" بالقرب من "كيب تشارلز" قبل نحو 35.5 مليون سنة. 

وقد تحدث السكان كثيرا مع الممثلين السياسيين منذ عقود حول الحصول على تعزيزات حمائية للجزيرة من خلال تدشين أرصفة بحرية أو أسوار بحرية، ويواصل أهالي البلدة جمع التبرعات لتمويل الجدار البحري، وفي عام 2017 بثت قناة سي إن إن قصة عن بلدة "طنجة" ظهر فيها عمدتها "جيمس دبليو إسكريدج" واتصل رئيس الولايات المتحدة "دونالد ترامب" بالعمدة شخصيا ليؤكد له أن البلدة ستنجو، لكنه لم يقدم أي دلائل ملموسة من الإغاثة أو المساعدات المالية. 

وتحتوي "طنجة" الفرجينية والجزر المجاورة على الأهوار الملحية التي تعد موطنا ثمينا للطيور المائية خاصة في غياب مفترسات هذه الطيور، وهكذا تضم هذه المستنقعات العديد من الطيور بما فيها البجع ومالك الحزين الأزرق وعدة أصناف من البلشونيات وطيور المرعة والإوزيات والعقبان النسرية، وتعد "مجموعة الجزر" من المعاقل القليلة المتبقية للبط الأسود الأمريكي في "فرجينيا". 

ويبلغ إجمالي مساحة جزيرة "طنجة" ـ إذا أضفنا إليها المستنقعات المحيطة ـ أقل من 740 فدانا (300 هكتار) منها 83 فدانا فقط (34 هكتار) كاف للسكن، وأعلى نقطة لليابسة عن مستوى سطح البحر هي بالكاد 4 أقدام (1.2 متر)، ويقدر أن حوالي 9 فدادين (3.6 هكتارات) من ساحل طنجة تتآكل في "تشيزبيك" كل عام مما يشكل تهديدا لوجود السكان المحليين. 

وتضم وسائل النقل خارج الجزيرة الطائرات والقوارب، ويوجد مطار بالجزيرة مفتوح من الفجر إلى الغسق، وهناك قاربان يسافران بانتظام من "كريسفيلد"، "ماريلاند" إلى "طنجة". ويتم نقل الركاب والبريد على هذه القوارب، حيث يغادر قارب البريد "كورتني توماس" جزيرة "طنجة" على الساعة الثامنة صباحا ويغادر "كريسفيلد" على الساعة الثانية عشر زوالا، وتغادر سفينة الرحلات البحرية "ستيفن توماس" ـ التي تتسع لـ 300 راكب ـ "كريسفيلد" في الثانية عشر ونصف زوالا خلال موسم الصيف من اليوم التذكاري حتى أكتوبر، وتغادر جزيرة "طنجة" على الساعة الرابعة مساء، وتسافر في فترة الصيف سفينة "تشزبيك بريز" يوميا من "ريدفيل"، "فرجينيا" على الساحل الغربي في الساعة 10.00 صباحا، وتغادر "طنجة" في الساعة الثانية ظهرا، وتعمل خدمة العبارات من وإلى "أونانوك"، "فرجينيا" على متن السفينة "جويس ماري" يوميا من عطلة نهاية الأسبوع الأولى من شهر مايو وحتى نهاية الأسبوع الأول من شهر أكتوبر. 

ولا تعتمد حركة النقل داخل الجزيرة على السيارات كثيرا، ويقوم بعض السكان بتجهيز عربات الغولف بمقطورات للركاب لتقديم "جولات تاريخية" في الجزيرة للسياح، والطرق في الجزيرة واسعة بما يكفي لعربات الغولف هذه، وغالبا ما يستخدم السياح والسكان عربات الغولف والقوارب والدراجات البخارية والدراجات الهوائية لكن بعضهم يستخدم الشاحنات والسيارات. 

ونشير إلى أن الارتباط التاريخي "بكورنوول" هو سبب وجود علم "سانت بيران" في أعلى يسار الكانتون من علم الجزيرة. 

ويعتمد سكان "طنجة" الفرجينية اليوم على صيد الأسماك لكسب رزقهم، وغالبا ما يشار إلى أن "طنجة" الفريجينية هي عاصمة السلطعون لين الصدفة في العالم، ويصطاد معظم الصيادين سرطان البحر والمحار ويبيعونه، وكان المحار في السابق صناعة رئيسية في الجزيرة وقد عاد في السنوات الأخيرة كمكمل لصناعة السلطعون الأكثر شهرة، والصناعة الرئيسية في الجزيرة إلى جانب صيد الأسماك هي السياحة، حيث تأتي خلال فصل الصيف العديد من سفن الرحلات البحرية إلى الجزيرة كل يوم، مما يسمح للركاب باستكشاف وشراء البضائع من سكان الجزر، وهناك نزلان للمبيت والإفطار يستطيعان استيعاب عدد محدود من الزوار الذين يأتون لقضاء الليل وتوجد العديد من المطاعم ومحلات بيع الهدايا التذكارية. 

ومع توفر جميع وسائل النقل والخدمة الهاتفية العادية يتمتع السكان بطرق منتظمة للبقاء على اتصال بالبر الرئيسي والجزيرة بها أيضا تلفزيون الكابل وخدمة الإنترنت. ويسود جو هادئ وسلمي على الجزيرة، وتكاد الجرائم العنيفة تنعدم في الجزيرة، وهناك شاطئ بري بدون ممشى خشبي أو امتيازات، والعديد من المطاعم وأربعة متاجر للهدايا ومتجر لأجهزة الكمبيوتر ويوجد متحف تاريخي ومركز ثقافي وجهاز صراف آلي وتقبل معظم المراكز والمحلات بطاقات الائتمان وتشتهر الجزيرة بأطباق المأكولات البحرية وخاصة شطائر السلطعون الناعمة. 

كانت المثيودية ولا تزال التأثير القوي للغاية على "طنجة" الفرجينية وقد نبع تأثيرها من اجتماعات الوعظ الجذابة إحياء المخيمات التي عقدت هناك في أوائل القرن التاسع عشر من قبل "جوشوا توماس" ـ قسيس الجزر الشهير ـ ، وبسبب علاقتهم بالكنيسة الميثودية الشمالية لم يؤيد سكان الجزيرة العبودية في القرن التاسع عشر ولم ينضموا إلى "فرجينيا" في الانفصال عن الاتحاد خلال الحرب الأهلية، ويحظر قانون محلي بيع الكحول مما يجعل الجزيرة "جافة"، وقد صوت 87% من السكان "لدونالد ترامب" في انتخابات الرئاسة سنة 2016، واعتبارا من عام 2020 يوجد بالجزيرة ما يقارب 440 مقيما دائما. 

ويتميز المناخ في "طنجة الفريجينية" بصيف حار ورطب وشتاء معتدل إلى بارد بشكل عام.
المرجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/Tangier,_Virginia

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...