إعدام "كاسيوس فيسيلينوس"، تصوير "دومينيكو بيتشافومي" على لوحة جدارية في قصر "بلازو بوبليكو" في "سيينا". |
"سبوريوس كاسيوس فيسيلينوس" Spurius Cassius Viscellinus أو Spurius Cassius Vecellinus (مات سنة 484 ق.م)، كان أحد أكثر الرجال تميزا في الجمهورية الرومانية المبكرة، وشغل منصب القنصل ثلاث مرات، واحتفل بانتصارين، وكان أول من شغل منصب قاضي الفرسان، وأول من أعد قانونا زراعيا، وفي السنة التالية من قنصليته الأخيرة، تم اتهامه بالسعي إلى سلطة ملكية، وأعدم من قبل الأرستقراطيين.
ووفقا لإحدى التقاليد، كان والد "كاسيوس" كان مايزال حيا معافى في وقت وفاته، وإذا كان هذا هو الحال فسيكون من الصعب وضع تاريخ ولادة "كاسيوس" قبل سنة 535 أو 540 ق.م، كما ترك "كاسيوس" خلفه ثلاثة أبناء لم تحفظ أسماؤهم، ويعتقد أن أسرة "كاسي فيسيليني" كانت أرستقراطية، على الرغم من أن الأعضاء اللاحقين للأسرة كانوا جميعا من العوام، ويقترح المؤرخ الدنماركي الألماني "بارثولد جورج نيبور" (1776-1831) أنه ربما تم طرد أبناء "كاسيوس" من رتبتهم الأرستقراطية من قبل الأرستقراطيين، أو أنهم مروا طوعا إلى رتبة العوام لأن الأرستقراطيين سفكوا دم والدهم.
وكانت أول قنصلية "لكاسيوس" سنة 502 ق.م؛ أي السنة الثامنة للجمهورية الرومانية، وكان زميله "أوبيتر فرجينيوس تريكوستوس"، وأفاد المؤرخ الإغريقي "ديونيسيوس" الهاليكارناسي أن "كاسيوس" استمر في الحرب ضد السابيين الذين ألحق بهم خسارة كبيرة بالقرب من القرية السابية "كوريس"، وسعى السابيون من أجل السلام وسلموا جزءا كبيرا من أراضيهم، وعند عودته إلى روما، احتفل "كاسيوس" بأول انتصار له والذي أكد في مذكرات الحكام الرومانيين "فاستي تريمفاليس" (Fasti Triumphales)، ويذكر "ليفيوس" المؤرخ الروماني الشهير أن القنصلين استمرا في حربهما ضد قبيلة "أورونكي" الإيطاليقية، واستوليا على مدينة "سوسا بوميتيا"، وهي نفس الأحداث التي دونها لسنة 495 ق.م، وهو ما يتفق مع ما سرده "ديونيسيوس"، وبالتالي، يكون حساب "ديونيسيوس" هو الأصح.
وفي العام التالي، تم تعيين "تيتوس لارتيوس فلافوس" أول دكتاتور، ورشح "كاسيوس" كحاكم روماني، وكان سبب إنشاء هذه المناصب هو الخوف من الحرب الوشيكة مع كل من السابيين واللاتين، وبعد جولة فاشلة من المفاوضات، تم إعلان الحرب على السابيين، ولكن لم تحدث أي أعمال قتالية بسبب تردد كلا الجانبين في شن هجوم، وجاءت الحرب مع اللاتين عام 498 ق.م مع معركة بحيرة "ريجيلوس"، وبعد النصر الروماني، قيل أن "كاسيوس" حث مجلس الشيوخ على تدمير البلدات اللاتينية.
وكان "كاسيوس" قنصلا للمرة الثانية سنة 493 ق.م مع "بوستوموس كومينيوس أورونكوس"، وشغل القنصلان منصبهما أثناء انعزال العوام في تل "مونس ساكير" (مونتي ساكرو حاليا)، وكان الصراع بين الأرستقراطيين والعوام موضوعا متكررا طوال تاريخ الجمهورية المبكرة، الذي سيكلف في وقت ما "كاسيوس" حياته، وعلى عكس موقفه السابق، صادق "كاسيوس" على معاهدة مع اللاتين نيابة عن "روما"، وبالتالي تمكن من إزاحة إحدى مصادر الخطر على الجمهورية الوليدة، وأصبحت المعاهدة تعرف باسم "فويدوس كاسيانوم" تيمنا باسم القنصل الذي أبرمها، وروى "شيشرون" أن نسخة من المعاهدة كانت ماتزال موجودة في عصره، ولخص "ديونيسيوس" شروطها، وفي وقت لاحق من العام نفسه، كرس "كاسيوس" معبد "سيرس" و "باخوس" و "بروسربينا".
وفي سنة 486 ق.م، كان "كاسيوس" قنصلا للمرة الثالثة مع "بروكولوس فيرجينيوس تريكوستوس روتيلوس". وتحرك "كاسيوس" ضد قبائل "الفولسكي" و "الهرنيكي"، لكن هذه القبائل سعت للسلام، ومرة أخرى أظهر "كاسيوس" موهبته الدبلوماسية، وشكل "كاسيوس" حلفا مع "الهيرنيكي"، وكانت التحالفات التي حصل عليها "كاسيوس" مع "اللاتين" و "الهرنيكي" قد وضعت الجمهورية الرومانية في نفس الوضع الذي كانت تتمتع به في عهد الملوك الرومان، ويذكر "ليفيوس" أن "الهرنيكي" وافقوا على التنازل عن ثلثي أراضيهم، ولكن يبقى التفسير الأكثر ترجيحا أن الرومان و "اللاتين" و "الهرنيكي" وافقوا على تقاسم أراضيهم المكتسبة بالتساوي، حيث حصل كل فريق على ثلث الأراضي التي احتلتها جيوشهم المشتركة، واستمرت هذه المعاهدة لأكثر من مائة عام، وعند عودته، احتفل "كاسيوس" بانتصاره الثاني.
وبعد إبرام المعاهدة مع "الهرنيكي"، اقترح "كاسيوس" أول قانون زراعي في "روما" بحجة أن يتم توزيع الأراضي بين العوام والحلفاء اللاتين، إلا أن زميله "فيرجينيوس" والأرستقراطيون عارضوا ذلك القانون بشدة، وتبع ذلك الجدل والخلاف، انقلب العوام على "كاسيوس" مرتابين في أنه يسعى إلى السلطة الملكية.
وفي عام 485 ق.م، وبمجرد أن غادر "كاسيوس" منصبه، أدين وأعدم. ويقول "ليفيوس" أن طريقة محاكمته لم تكن مؤكدة، القصة المفضلة لديه تنص على أن المحاكمة كانت علنية وجهت فيها تهمة الخيانة العظمى "لكاسيوس" وعقدت بناء على أوامر الكويستور "كايسو فابيوس" و "لوشيوس فاليريوس" حيث أدين "كاسيوس" من قبل الشعب، وبعد ذلك وبقرار عام تم هدم منزله (بالقرب من معبد تيلوس). والقصة البديلة هي أن والد "كاسيوس" نفسه أجرى محاكمة خاصة (من المفترض أنه مارس سلطته هذه كأب عائلي "باتير فاميلياس") وقتل ابنه، ثم خصص أصول ابنه للإلهة "سيرس" ومن ضمن ذلك تخصيص تمثال لها مع نقش "ممنوح من قبل العائلة الكاسيانية".
وذكر "ديونيسيوس" أن "كاسيوس" ألقي من صخرة "تاربيا"، ويجادل "نيبور" أنه كان من المستحيل أن يظل الرجل الذي تولى منصب القنصل ثلاث مرات واحتفل بانتصارين تحت سلطة والده، وقد عبر رجل الدولة الروماني "لوشيوس كاسيوس ديو" عن اعتقاده ببراءة "كاسيوس".
وفي عام 159 ق.م أقيم تمثال "لكاسيوس" في مكان منزله بواسطة الرقباء الرومان، ويبدو أن البعض دعوا إلى إعدام أبناء "كاسيوس" أيضا، ولكن وفقا "لديونيسيوس"، فقد خلصهم مجلس الشيوخ من ذلك.
المرجع:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق