نقود إلكترومية "لميليتوس" في السنة التي ولد فيها "هيستياوس" تقريبا بين 600 و 550 ق.م. |
"هيستياوس" Histiaeus، وباللغة الإغريقية Ἱστιαῖος (الذي مات سنة 493 ق.م)، إبن "ليساجوراس"، كان حاكما يونانيا "لميليتوس" في نهاية القرن السادس قبل الميلاد، وكان طاغية تحت حكم "داريوس" الأول، ملك فارس، الذي أخضع "ميليتوس" والدول الإيونية الأخرى في آسيا الصغرى، وكان "داريوس" معتادا على تعيين طغاة يونانيين لحكم المدن اليونانية الإيونية في أراضيه.
عملة ميليتية في فترة "هيستياوس" في أواخر القرن السادس وأوائل القرن الخامس قبل الميلاد، ويوجد إلى اليسار الأسد الذي يتجه بوجهه إلى اليمين وفي اليمين تصميم نجمي مربع مدمج. |
ووفقا "لهيرودوت"، شارك "هيستياوس" مع الطغاة الآخرين تحت حكم "داريوس"، في الحملة الفارسية ضد السكيثيين، وتم تكليفهم بالدفاع عن الجسر الذي أنشأته قوات "داريوس" عبر نهر الدانوب، وحاول السكيثيون إقناع "هيستياوس" والآخرين بالتخلي عن الجسر، وقد رغب أحد الفصائل بقيادة "ميلتيادس" الأثيني الذي كان في ذلك الوقت طاغية "لخيرسونيسي" (غاليبولي) في الموافقة على طلب السكيثيين، إلا أن "هيستياوس" أصر على المكوث باعتبار أنهم مدينون بمواقعهم كطغاة إلى "داريوس" وأنه من المؤكد ستتم الإطاحة بهم إذا ما قتل.
الإغريق بقيادة "هيستياوس" يحافظون على جسر "داريوس" الأول عبر نهر "الدانوب". رسم توضيحي يعود للقرن التاسع عشر. |
وبدلا من ذلك ـ حسب "هيرودوت" ـ اقترح "هيستياوس" أن يتظاهروا باتباع خطة السكيثيين، لذلك تم إرسال "هيستياوس" سفيرا للسكيثيين لإخبارهم أن الطغاة سيقبلون بطلبهم، وبينما تصرف باقي الطغاة كما لو كانوا يهدمون الجسر، أقنع "هيستياوس" السكيثيين بالبحث عن القوات الفارسية.
ويكتب "هيرودوت" أنه بينما كان السكيثيون قد ابتعدوا، عاد الفرس إلى نهر الدانوب ونظم "هيستياوس" السفن لنقلها بنجاح عبر النهر.
وخلال الحملة، بدأت قوات "هيستياوس" في بناء مستعمرة في "ميركينوس" (موقع "أمفيبوليس" الحالي) على نهر "سترايمون"، وبعد العودة مع "داريوس" إلى "سارديس"، سأل "داريوس" "هيستياوس" عما يريده مقابل خدمته، فأجاب "هيتسياوس" أنه يريد أن يتم منحه السيطرة على "ميركينوس" وهو الطلب الذي وافق عليه "داريوس".
ومع ذلك، فإن "ميجابازوس" القائد الفارسي الذي كان يحظى بتقدير كبير من "داريوس"، ارتاب في اهتمام "هيستياوس" بتلك المنطقة ذات الأهمية الإستراتيجية، التي تهيمن على الطرق الرئيسية من الأراضي التي يسيطر عليها الفرس في اتجاه أوروبا، وكذلك مصادر الفضة والأخشاب المعروفة، ومع ذلك، اعتبر "داريوس" أن "هيستياوس" مخلص، وطلب منه العودة إلى "سوسة" معه كصديق ومستشار، وترك صهره "أريستاجوراس" حاكما على "ميليتوس".
وعلى أية حال، ووفقا "لهيرودوت"، لم يكن "هيستياوس" سعيدا ببقائه في "سوسة"، وخطط للعودة إلى منصبه كملك "لميليتوس" من خلال التحريض على تمرد في "إيونيا"، وفي عام 499 ق.م، حلق رأس عبده الأكثر ثقة، ووشم رسالة على رأسه، ثم انتظر نمو شعره مرة أخرى، وأرسل العبد إلى "أريستاجوراس" الذي أصدر الأمر بحلق رأس العبد مرة أخرى مرة أخرى وقراءة الرسالة التي أخبرته بالتمرد على فارس. وهكذا فإن "أريستاجوراس" الذي لم يكن محط إعجاب من لدن رعاياه بعد انتهاء الحملة العسكرية الفاشلة في "ناكسوس"، اتبع أوامر "هيستياوس"، وبمساعدة من الأثينيين والإريتريين قاموا بمهاجمة وإحراق "سارديس"، وعندما علم "داريوس" بالثورة، بعث إلى "هيستياوس"، الذي تظاهر بعدم معرفته بالثورة وطلب إعادته إلى "ميليتوس" لإخمادها، وكتب "هيرودوت"، أن "داريوس" سمح "لهيستياوس" بالمغادرة.
وفي طريق عودته، توجه "هيستياوس" إلى "سارديس"، حيث ارتاب المرزبان "أرتافرنيس" في دور "هيستياوس" في الثورة، مما أجبر هذا الأخير على الفرار إلى جزيرة "خيوس"، وحاول "هيستياوس" دون جدوى بناء أسطول أثناء مقامه هناك، ثم عاد إلى "ميليتوس" بهدف أن يصبح طاغية للمدينة مرة أخرى، إلا أن الميليتييين لم يرغبوا في العودة إلى الاستبداد مرة أخرى ونفوه إلى "ليسبوس"، وهناك تمكن من جمع بعض السفن، وطبقا "لهيرودوت"، بدأ في ممارسة أعمال القرصنة في البحر الأسود وبحر إيجه انطلاقا من قاعدة في أراضي "بيزنطة".
وفي هذه الأثناء، هزم الفرس قادة الثورة الإيونية في معركة "لادي" عام 494 ق.م، وعندما علم "هيستياوس" بذلك غادر "بيزنطة"، وقامت قواته بمهاجمة "خيوس"، وحاصرت جزيرة "ثاسوس" ثم حاولت الهبوط على البر الرئيسي لمهاجمة الفرس، وبعد انضمامه إلى قوة يونانية في معركة ضد الفرس، تم القبض عليه من قبل القائد الفارسي الميدي "هارباجوس" سنة 493 ق.م، ولم يرغب المرزبان "أرتافيرنس" في إعادته إلى "سوسة" مخافة أن يعفو عنه "داريوس"، لذلك أعدمه بالخازوق، وأرسل رأسه إلى "داريوس"، وحسب "هيرودوت"، كان "داريوس" مايزال يعتقد أن "هيستياوس" لم يكن خائنا فمنح رأسه مراسم دفن مشرفة.
المراجع:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق