الثلاثاء، 2 يوليو 2019

ما بعد الألوان




ما بعد الألوان (1): 

-1- 

يزعق على امتداد أعوام 

في المساحات المترامية أمام ناظريه 

ولم أعهده يوما مزكوماً.. أو يعاني غصة في حلقه 

يا له من صوت يرتدي صاحبه! 

*** 

-2- 

سيارة رباعية الدفع، 

وجسدان يلتهبان داخلها... 

وضحكة تتلاشى عبر أدخنة السجائر 

ثم صفعة وضياع! 

*** 

-3-أ- 

هراء متصاعد 

وأقدام نابتة في حُرقة الأرض تزحفُ... 

كأنها زعانف قرش تشق طريقها... 

نحو أول وجبة سريعة! 

*** 

-3-ب- 

هراء متصاعد 

وكراسي تلتف حول المائدة المنهكة 

مصباح يتيم... 

يضيء، 

وحفنة من العميان تحته يهتفون 

*** 
-4- 

الليل الجاثم فوق مدينتنا 

يرخي على الكورنيش بصمته 

صوت هنا،... وصدى هناكَ... 

وأشباح تحث المسير نحو المجهول 

*** 

-5- 

ما بعد الألوان، 

اختلطَ علي الأمرُ 

هل هي عصافير أم خفافيش 

تُضجر المكانَ .. 

ما بعد الألوان (2): 

-1- 

يصرخُ هذه المرة 

بصوته الفخم 

يُعَلمنا كيف نعودُ مشيا.. 

نحو الوراء الجميل 

دون أن نلتفت بعيوننا العمشاء 

تلك القابلة للإختراق.. 

نعودُ مشيا 

كما طلب منا السيد الأنيقُ 

نُسافرُ رجوعاً،... 

هذه شمس البارحة ما تزال راسية فوق الشارع المكتظ .. 

وما وراء الشارع صورٌ تحترق في إطاراتها 

وعدمٌ ينتظرْ... 

***

-2- 

يعتقلني صديقي الشرطي كل صباح... 

وفي آخر المساء يفك وثاقي مُعلناً 

عن حرية مُعلبة 

وسنوات خِطنا شُموسَها 

بكلام ليس بعدهُ 

إلاَّ الكلام! 

*** 
-3- 

منذ أن فتحتُ عيني 

على اللون الأبيض 

الذي كان يغرقُ جُدران بيتنا 

بالرطوبة،...

وهي تطهو وتشكو.. 

لم أجدها اليوم شاكية! 

فقد رحلَ الكهلُ 

وبدأتْ تبكي.. 

*** 

-4- 

ما بعد الألوان، 

وجدته يلقي أحجاراً 

في البحيرة الراكدة... 

ما عرفتُ هل كانت أحجاراً، 

أم أحجاراً كريمة! 

ما بعد الألوان (3): 

-1- 

فقدتُ ظلي اليوم، 

في الباحة الطويلة… 

وبقيتُ مفتشاً بين الرفوف عن مصباح 

يمنحني الوجود 

ما وجدتُ غير عود ثقاب 

خانه الدخان عن الكلام… 

*** 

-2- 

عبر مسافرون كثر 

فوق حبالي الصوتية 

وما جرحتهم الكلاليب 

ولا أوقعتهم عيونهم الجاحظة نحو الأسفل… 

انطلقوا من داخلي 

إلى هذه الكرة المحلقة 

وأبت الرسالة إلا أن تصل متأخرة 

لم تكن غلطة الرسول إنما، 

هو توه العوالم في بعضها 

وغياب منطق الأفواه المتحركة 

بينها.. 

*** 

-3- 

يتطلب البحث عن الملامح 

في زحام الملامح 

أحذية آيلة للتآكل 

وقلوبا تقوى بكل ما أوتيت من نبض 

على خوض نقاش عقيم 

مع المرتفعات 

*** 
-4- 

كم أزمة أقعدتنا في محطات الإستراحة 

وكم فراشة ورقية 

ألهبت زجاج أبصارنا… 

فأوقفتنا، او استوقفتنا،.. مجددا 

وصممنا على المضي 

نحن الظافرون بتوقيعات قانية 

على ظهورنا.. 

صممنا على مغازلة التلال.. 

بإيقاعاتنا النعلية… 

فكان نصيبنا 

الوصول على قدر التلاشي 

على قدر الحاجة… 

على قدر التوقيعات… 

على قدر الوعي القافز بين الحجرات المستديرات… 

*** 

-5- 

ما بعد الألوان، 

مرض الأقحوان 

هل اشتعل شيبا 

أم احترق بياضا!

ما بعد الألوان (4):

-1-

الهواء يرفعني...

نحو الأسفل،

فوق الإسفلت...

تطفر دمعتان، ودم.

ويد الأب المتعرقة عادت لجيبه

بعد هذا الإرتطام

-2-

صرخات تغتصب طبلة الأذن...

تحرق الأديم...

وتركض خيولا، بحوافر من نار

في الرأس المتعب...

يرمق بهلع،

يشعر بدفء وخدر لذيذين...

والهلع يصبح رعباً

لقد تبول في سرواله

-3-

الأم تسقي القرنفل...

الأم تضحك لشمس الأصيل...

الأم تدندن أغنية من بقايا العهد السوري القديم...

الأم تربت على كتف الصغير...

الأم تطعمه الحجر

وتأكل الحجر

وهما يبتسمان...

-4-

نداء حاني،

هلم يا ولدي إلى المقصلة...

يخرج الصغير والنوم ما زال يداعب أجفانه

يقدمونه إلى عمه الحاج،

انظر يا ولدي، الحمام يطير تحت سقف بيتكم،

الفتى ينظر،

الألم يطفح، حمماً بركانية

ينفجر دما

صراخاً

ونسياناً...

-5-

بقايا ملامح،

بقايا جد بشارب أشيب...

يرفع الأخت الصغيرة،

بفستانها الأبيض الصغير،

وينزلها،

يرفعها نحو الأعلى

وينزلها

يهدهدها

يضحك لها،

يركبها فوق الدراجة النارية...

يرتدي طاقية،

يموت في ليلة قانية

بعيدة...

-6-

العجلة الصغيرة تركض به، أو هو يركض بها...

الريح تأخذهما...

هو والعجلة المطاطية الصغيرة

يصيح، يقلد صوت الشاحنات والبواخر

شعور بالنشاط والنشوة يغمرانه...

يتوقف هنيهة،

إنهما العينان الجامدتان

الجاحظتان

الكبيرتان

كانهما احتلتا كل المساحة الأمامية

لا يرى سوى العينين

تحدقان به

وتأمرانه بجفاء

تأمرانه بالدخول إلى المنزل

-7-

الأخت الصغيرة لا تنفك تضحك

كلما داعبت الأم بطنها الصغير العاري

بفمها

كان يحاول أن يقوم بنفس المحاولات

فتضحك له أيضا

تضحك ملء فمها الخالي من الأسنان

تلبسها الأم الحفاظة في يوم صيفي مشرق

ذات صباح أزرق

كان بعيداً عن البحر

لكنه قريب من نسماته...

-8-

ما بعد الألوان...

حار البهلوان

أيضحك أم يبكي؟ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...