الثلاثاء، 2 يوليو 2019

طنجيس

موقع "طنجيس" في "موريطانيا الطنجية" الرومانية.

"طنجيس" أو "طنجي" هو الإسم القديم لمدينة طنجة في المغرب، وكانت ميناء قرطاجيا وموريطانيا ثم رومانيا هاما في المحيط الأطلسي، وفي نهاية المطاف صارت مستعمرة رومانية ثم بعد ذلك عاصمة المقاطعة الرومانية "موريطانيا الطنجية" وبعد إصلاحات "ديوكلتيانوس" خضعت "لأبرشية هسبانيا".

وادعى الإغريق في وقت لاحق أن "طنجيس" منحت هذا الإسم تيمنا بابنة "أطلس" الجبار، الذي كان يحمل قبة السماء، ويدعون أن الأساطير البربرية في هذا الشأن تتوافق مع قصص أعمال "هرقل" الذي يذهب إلى شمال إفريقيا وشمال الأطلسي لاسترداد تفاحات "الهسبيريديا" الذهبية، ثم يقتل "هرقل" زوج "تينجا" "أنتايوس" ويحكم على والدها مرة أخرى بحمل قبة السماء إلى الأبد، ثم يواقع "هرقل" "تينجا" وتنجب منه البطل البربري "صفاكس"، حيث يفترض أن هذا الأخير قد أسس ميناء "طنجيس" وسماه بذلك على شرف أمه بعد موتها. وكان الهيكل الضخم لضريح "أنتايوس" من المعالم السياحية للزوار القدامى.

ومن ناحية أخرى، تأسست "طنجيس" في أوائل القرن الخامس قبل الميلاد من طرف المعمرين القرطاجيين الذين سجلوا على نحو مختلف مقر مستوطنتهم هذه بأسماء "طنج" و "طينج"، وقد ارتبطت هذه البلدة أحيانا بأسفار "حانون القرطاجي".

وقد فقدت "قرطاج" السيطرة على هذه المستوطنة بعد الحروب البونيقية لصالح ملوك موريطانيا حلفاء الرومان، وظهر إسمها خلال هذا الوقت في المصادر اليونانية والرومانية بشكل مختلف كـ "طنجا" و "طينجا" و "طيتجا" حيث حافظت على إرثها القرطاجي القوي، ويلاحظ من خلال إصدار العملات البرونزية والأساطير البونيقية أن إسم المدينة يقرأ "مدينة طيتجا" و "مدينة طينجا" و "شعب طينجا"، وتحمل هذه العملات رأس "بعل" أو "ديميتر" على إحدى أوجهها وسنبلة على الوجه الآخر.

وأصبحت البلدة تحت الحكم الروماني في القرن الأول قبل الميلاد وأخذ القائد والمتمرد الروماني "كوينتوس سرتوريوس" "طنجيس" لعدة سنوات بدءا من 70 قبل الميلاد كجزء من حربه ضد نظام "سولا" الحاكم في روما، وقد نمت أهمية "طنجيس" كمدينة مستقلة في حكم "أغسطس" ثم كمستوطنة في حكم "كلوديوس" الذي جعلها عاصمة "موريطانيا الطنجية"، وهكذا حملت "طنجيس" بصفتها مستوطنة رومانية إسم "كولونيا لوليا طنجي" أو "مستوطنة طنجيس اليوليانية"، وفي عهد الإمبراطورية الرومانية القديمة أصبحت "طنجيس" تعتمد الكتابة اللاتينية وأصدرت عملاتها البرونزية بنقش ivl tin حيث كانت تحمل في إحدى وجهيها رأس "أغسطس" و"أغريبا" وتحمل في الوجه الآخر نقش "بعل".

وقد كتب المؤرخ والأركيولوجي الفرنسي "موريس أوزينا":

"سميت كولونيا يوليا طنجي في عملاتها وحكمها على الأرجح القانون اللاتيني وارتبطت إداريا في البداية بإسبانيا، وأصبحت في عهد كلوديوس مستوطنة رومانية والمدينة الرئيسة في موريطانيا الطنجية بعد تكريسها. ومن المحتمل أن المدينة تحولت إلى قاعدة لمكسيميانوس خلال حملته ضد المتمردين الموريين سنة 297، وكان من المرجح جدا في هذا الوقت أن مارسيلوس و كاسيينوس المسيحيان أعدما فيها، حيث أن الأول كان ينتمي إلى المجتمع الإسباني، هذا الأخير، ربما كان ينتمي للكنيسة المحلية التي تظهرها النقوش الجنائزية الموجودة بين القرنين الرابع والخامس الميلادي، رغم أنه لا توجد أية إشارة إلى وجود أسقفية بالمدينة إلى حدود القرن السادس، وتتميز حدود المستوطنة القديمة بوضوح من خلال المدينة الجنائزية المكتشفة بين مرشان وجادة سيناريو إلى المندوبية وبوخشخاش، ولم يبق شيء من الأساسات التي كان في الإمكان مشاهدتها على شاطئ البحر في بداية القرن، وكانت هناك أيضا بعض الحمامات أسفل القصبة، وبقايا مشوشة من نصب تذكاري على ما يبدو لكنيسة مسيحية تم اكتشافها في شارع بلجيكا. وفيما يتعلق ببقية المدينة، لا يمكن للمرئ إلا أن يفترض أن المنتدى يوجد في موقع سوق الداخل وما كان ربما عبارة عن معبد في موقع المسجد الأعظم، وما كان يشكل الطريق الرئيسي الموجه من الشرق إلى الغرب (ديكومانوس مكسيموس) يقابل تقريبا زنقة الصياغين، ومن بين الآثار القليلة التي تم اكتشافها فإن الاكتشاف الجدير بالملاحظة فقط بصرف النظر عن النقوش وبعض شظايا الفسيفساء هو تمثال لامرأة فاتر الجودة ورأس مشوه للإمبراطور غالبا".

وقد ازدهرت وتطورت "طنجيس" كعاصمة إقليمية، وتجاوزت "وليلي" في القرن الرابع عندما تركت الأخيرة خلف الخطوط الرومانية (الليمس) بلا حماية من الفيالق الرومانية، وبلغ عدد سكان "طنجيس" في ذروته 20.000 نسمة كان جميعهم مرومنين وأغلبهم مسيحيين واشتهرت "طنجيس" عبر أرجاء الإمبراطورية الرومانية بصناعة تمليح السمك، وفي عهد الإمبراطور "سيبتيموس سيفيروس" عبد طريقان رومانيان في طنجة أحدهما يمتد من الساحل الأطلسي إلى "شالة" (سلا كولونيا) والآخر عبر الجبال الداخلية في اتجاه "وليلي" (فولوبيليس).

وخلال إصلاحات "ديوكلتيانوس" للهياكل الحكومية الرومانية سنة 296 أصبحت موريطانيا الطنجية جزءا من "أبرشية هسبانيا" وبقيت "طنجيس" عاصمة الإقليم الأكبر محافظة على وضعها وتطورها.

وقد سيطر "الوندال" على "طنجيس" واحتلوها حوالي سنة 425 قبل اجتياحهم للمغرب الروماني.

واستعاد البيزنطيون السيطرة على طنجيس بين سنة 534 و 682، حيث تم تحصينها وبناء كنيسة جديدة بها وكانت قوتها التجارية قد تضاءلت على أية حال، ويشهد بهذا التغيير انخفاض إصدار العملات.

وسقطت "طنجيس" في قبضة الخلافة الأموية خلال الفتح الإسلامي للمغرب سنة 702، وبعد ذلك تم تحويلها إلى بلدة صغيرة باسم "طنجة"، وقد نظم موسى بن نصير فتح "إسبانيا" من "طنجة" وكذا قرب سبتم سنة 706.
أيقونة القديس "مارسيلوس" الواقعة في كنيسة القيامة الروسية الأرثذوكسية في الرباط.

لقد بدأ التاريخ المسيحي "لطنجيس" خلال النصف الثاني من القرن الأول في عهد الإمبراطور "كلوديوس"، وبصفة عامة، كانت المدينة جزءا من الإقليم الأكبر "لموريطانيا القيصرية" الذي ضم أكثر المغرب الروماني، وقسمت المنطقة لاحقا حيث احتفظ الجزء الشرقي باسمه السابق بينما صار الجزء الغربي الجديد يحمل إسم "موريطانيا الطنجية"، وليس من المعروف بالضبط في أي فترة ربما كانت هناك رؤية أسقفية لطنجة في العصور القديمة. ولكن في أواخر العصور الوسطى كانت لطنجة رؤية إسمية (خيال شرفي لتعيين الأساقفة المساعدين والكوريانيين)، وللأسباب التاريخية الموضحة أعلاه فإن هناك قائمة رسمية واحدة لمواقع كوريا الرومانية لرؤية موريطانيا القيصرية.

وبالرجوع إلى القرن الثالث كانت "طنجيس" مسرحا لاستشهاد "القديس مارسيلوس"، ويشار إلى ذلك في المارتيرولوجيا الرومانية في 30 أكتوبر وكذا استشهاد "القديس كاسيان" المشار إليه في 3 دجنبر، وفي الواقع ووفقا للتقاليد فإن استشهاد "القديس مارسيلوس" كان في 28 يوليوز 298.

واستمر وجود مجتمع مسيحي صغير في "طنجيس" في وقت متأخر من القرن العاشر، وبسبب تاريخها المسيحي، فإن طنجة ـ باسم طنجيس ـ ماتزال لها رؤية إسمية (أبرشية ميتة) بالنسبة للكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
المرجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/Tingi

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...