الأربعاء، 26 يونيو 2019

صامائيل

"غوستاف دوريه": يعقوب يتصارع مع الملاك صامائيل (1855).

"صامائيل" بالعبرية סַמָּאֵל (سم الإله) أو (عمى الإله) وينطق في حالات نادرة "صاميل" أو "صميل" أو "صامييل"، وهو رئيس ملائكة مهم في التقليد التلمودي وما بعده،، وتمثل شخصيته المتهِم (الهاساتان) والمغوي، والمدمر (الماشحيت)، وينظر إليه بأنه طيب وشرير، وتصف الكتابات الحاخامية "صامائيل" بأنه الملاك الحارس "لعيسو" وراعي مملكة "إدوم". 

ويعتبر "صامائيل" في النصوص التلمودية عضوا في "الجمهرة السماوية" (مع مهام قاتمة ومدمرة في الغالب)، وأحد أدوار "صامائيل" الأعظم في التقليد اليهودي هو منصب رئيس ملائكة الموت، ويبقى خادما للرب رغم أنه يتغاضى عن خطايا الإنسان، وباعتباره ملاكا، يقيم "صامائيل" في السماوات السبع، وقد أعلن بأنه رئيس ملائكة السماء الخامسة، وسبب هذا هو وجود "عرش المجد" في السماء السابعة. 

ويقال أن "صامائيل" في اليهودية هو ملاك الموت، كما منح له لقب "شيطان"، وبينما توصف وظيفة "الشيطان" "بالمتهِم" فإن هذا اللقب يعتبر إسما لائقا "لصامائيل"، وبينما يدافع "ميكائيل" عن أفعال إسرائيل، فإن "صامائيل" يحاول دفع الناس لارتكاب الخطايا، ويصور كذلك بأنه ملاك الموت وأحد رؤساء الملائكة السبعة، وحاكم السماء الخامسة، وقائد 2 مليون ملاكا كما أنه زعيم باقي الشياطين، وتقدم المجموعة الأقداتية "يالقوت شيموني" "صامائيل" في صورة الملاك الحارس "لعيسو" أحد أولاد يعقوب. 

وحسب كتاب "معراج موسى" فإنه يشار إلى وجود "صامائيل" كذلك في السماء السابعة: 

"في السماء الأخيرة رأى موسى ملاكين، طول كل واحد خمسمائة فرسخا في الارتفاع، مطوقان بقيود مصنوعة من النيران السوداء والحمراء، وهما ملاك الغضب "آف" وملاك الغيظ "حماه"، "وهما اللذان خلق الرب في بداية العالم لتنفيذ إرادته، وقد ارتبك موسى عندما شاهدهما، لكن "ميتاترون" احتضنه وقال "موسى، موسى، أنت المفضل عند الرب، لا تخف، ولا تكن مذعورا"، ثم هدأ موسى، وقد كان هناك ملاك في السماء السابعة، مختلف المظهر عن الآخرين ذو سحنة مخيفة، وكان ارتفاعه عظيما جدا، وقد تستغرق تغطية مسافة مساوية لارتفاعه خمسمائة عام، ومن ذروة رأسه إلى باطن قدميه كان مرصعا بعيون صارخة، "هذا ـ يقول "ميتاترون" مخاطبا موسى ـ "صامائيل" الذي يأخذ روح الإنسان". "إلي أين يذهب الآن؟" يسأل موسى، فيرد "ميتاترون": "ليجلب روح أيوب الورع"، عندئذ صلى موسى للرب بهذه الكلمات: "قد تكون إرادتك، يا إلهي وإله آبائي، فلا تسمح لي بالوقوع في أيدي هذا الملاك". 

وفي "القابالا المقدسة" (آرثر إدوارد ويت، ص 255) يوصف "صامائيل" "بصرامة الرب" ويحتل الموقع الخامس بين رؤساء الملائكة في عالم "البريئاه"، حينئذ صار "صامائيل" قرين زوجة آدم الأولى "ليليث"، و"ليليث" هي شيطان خلق جنبا إلى جنب مع آدم، وخلقت في الأصل لتقوم بالدور الذي ستشغله حواء لاحقا، وقد خلق "صامائيل" معها حشدا من الأطفال الشياطين، بمن فيهم إبن يدعى "سيف صامائيل" (أو آشماداي). 

ويتم الخلط أحيانا في بعض الكتب بين "صامائيل" و "خامائيل" وهو رئيس لملائكة الرب، ويعني إسمه تقريبا "حب الإله"، ويقال أيضا أنه ذات مرة تم استدعاء "صامائيل" في "البعل شيم". 

وفي مختلف التفسيرات التي أعطيت "لمعراج أشعياء"، يعرف "صامائيل" كذلك باسم "ملكيرا" מלך רע (ملك الشر أو ملك الأشرار) أو "مالكيرا، مالخيرا" מלאך רע (رسول الشر أو ملاك الإثم) أو "بلكيرا" בעל קיר (رب الحائط) أو "بخيرا" בחיר רע (مرشح الشر، أو المختار من الشر) وهي في المجمل نعوت "للرسول الزائف" المبعوث من "بليال" لاتهام "أشعياء" بالخيانة، والجدير بالذكر، هذا المسلك يعرف "صامائيل" كشيطان أيضا. 

وفي العمل "المدراشي" "فصول الحاخام ألعيزر" פרקי דרבי אליעזר, أو פרקים דרבי אליעזר، والمؤرخ خلال فترة انتشار الإسلام، يظهر "صامائيل" كثعبان في سفر التكوين أو شيطان، ربما تأثرا بما ورد في القرآن الكريم، وهذا واضح بسبب أوجه الشبه بينها وبين الشيطان الإسلامي، فهنا "صامائيل" مخلوق من النار يستنكر خلق آدم من الطين، ثم بعد ذلك ينزل من السماء لإغواء آدم وحواء وجعلهما يأكلان من الفاكهة الممنوعة، علاوة على ذلك، ربما اعتمد هذا العمل من النص الغنوصي "أبوكريفا يوحنا"، حيث ولد "قايين" من حواء بعد مجامعة "صامائيل" لها. 

وينظر إلى "صامائيل" أحيانا في الديمونولوجيا المسيحية كشيطان جبار. 

وحسب بعض الأساطير، تزوج "صامائيل" بكل من "إيشيث زينونيم" و "ناعماه" و "ليليث" و "أغرات باتمحلات"، وكل هؤلاء ـ باستثناء ليليث ـ هن "ملائكة البغاء المقدس". هذا الربط مشكوك فيه وينشأ على الأرجح من حالة ـ الهوية المخطئة ـ التي تساوي "صامائيل" بالشيطان "عزازئيل" الذي هو بنفسه ـ في التقليد الزوهاري ـ مزيج بين الملاكين "عزا" و "عزرائيل". 

وبالنسبة للغنوصية، وفي "أبوكريفا يوحنا" تحديدا الذي عثر عليه في مكتبة "نجع حمادي"، "صامائيل" هو الإسم الثالث "للديميرج"، والذي يسمى كذلك "يالدابوث" و "ساكياس"، ويعني "صامائيل" في هذا السياق "الإله الأعمى"، فثيمة العمى متواصلة في الكتابات الغنوصية، ومظهره هو تلك الحية التي تملك وجه الأسد، وفي نص "في أصل العالم" من نصوص نجع حمادي، يشار إليه كذلك ب "آريائيل"، رئيس ملائكة "الإمارات". 

أما في علم طبائع البشر فيعرف الأنثروبوصوفيون "صامائيل" بأنه أحد رؤساء الملائكة السبعة، وقد حدد القديس "غريغوري العظيم" هؤلاء الملائكة في: حنائيل، جبرائيل، ميكائيل، أوريفيئيل، رفائيل، صامائيل، و زراشئيل. وقد صوروا جميعا بأن لديهم مهام خاصة للتصرف ك "الزيتجيست الكوني" (روح العصر)، لفترات تمتد 360 سنة تقريبا لكل واحد منهم، ومنذ سنة 1879 وضع الأنثروبوصوفيين "ميكائيل" قائدا لروح العصر.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...