الاثنين، 24 يونيو 2019

بليال

نقش خشبي "لبليال" وبعض أتباعه مأخوذ من طبعة ألمانية لكتاب "جاكوبوس من تيرامو" المعنون "خطايا العزاء: أو عمل لوسيفر ضد يسوع المسيح" لسنة 1473.


"بليال" بالعبرية בְּלִיַעַל (وينطق أيضا "بلحور" "بعليال" "بيليال" "بيليئيل" "بلياعل") وهي عبارة في التناخ أصبحت تدل مؤخرا على شخصية شيطانية في النصوص اليهودية والمسيحية. 

فبالنسبة للتناخ "بليال" كلمة عبرية تستعمل للدلالة على شخصية الشرير والباطل، وإيتيمولوجيا الكلمة تفهم غالبا بمعنى "القيمة المنعدمة" من خلال تقسيمها إلى كلمتين شائعتين هما "بيلي" (بدون) בְּלִי و "يال" יָעַל (قيمة). 

ويترجم بعض العلماء هذه الكلمة من العبرية بمعنى "عديم القيمة" (بيل يويل) في حين يترجمها آخرون إلى "عديم النير" (بيلي يول)، وكذلك "الذي قد لا يكون له ارتفاع" "أو لا يرتفع أبدا" (بيلي ياعل)، وفقط قلة من الإتيمولوجيين يفترضون أن الكلمة عبارة عن إسم مخترع. 

وتظهر الكلمة سبعة وعشرين مرة في "المخطوطات الماسورتية" وفي إصحاحات مثل سفر الأمثال 6:12 حيث ترجمت "نسخة الملك جيمس" العبارة العبرية "آدم بلييال" إلى "الإنسان البذيء". 

وفي النص العبري فإن العبارة هي "أبناء بليال" أو "بنو التفاهة"، والعبارات التي تبتدئ بـ "بنو..." هي تعبيرات سامية شائعة مثل "بنو الدمار" و "بنو الفوضى". 

وفي هذه التمظهرات الـ 27 يبرز مصطلح "بنو بليال" (בְּנֵֽי־בְלִיַּעַל بني بليال) 15 مرة للإشارة إلى أشخاص عديمي القيمة بمن فيهم الوثنيون (سفر التثنية 13:13)، ورجال "جبعة" (سفر القضاة 19:22 و 20:13) و "بنو عالي" (سفر صموئيل الأول 2:12) و "نابال" و "شمعي". واستعمل "إنجيل جنيف" (1560) عبارة "الشرير"، ونجد "نسخة الملك جيمس" جعلت تمظهرات "بليال" تبرز كإسم علم: 

ـ "بنو عالي كانوا أبناء "بليال"". 

وفي النسخ المعاصرة لنسخة الملك جيمس غالبا ما تقرأ هذه التمظهرات كعبارات: 

ـ "بنو عالي كانوا رجالا عديمي القيمة". (سفر صموئيل الأول 2:12). 

ـ "رجال المدينة عديمي القيمة". (سفر القضاة 19:22). 

وينطبق "بليال" بذلك على الأفكار والكلمات وفي معظم الأحيان على رجال أرذال لا قيمة لهم مثل الرجال الذين يحثون على عبادة الآلهة الأخرى، و "بنو بنيامين" الذين مارسوا جريمة الجنس في "جبعة"، والرجال الذين يثيرون الفوضى بوجه عام. وقد أعلن "يهوه" من خلال نبيه ـ في إشارة إلى أن قوى العدو لن تتدخل في ممارسة العبادة الحقة لشعبه في أرضهم ـ : "لن يمر أبدا أي إنسان تافه مرة أخرى خلالكم وفي دخوله ستقطع رقبته حتما". 

وظهر مصطلح "بليال" كثيرا في النصوص اليهودية خلال عهد الهيكل الثاني (وقد صنفت هذه النصوص من قبل المسيحيين على أنها من الكتب المنحولة للعهد القديم والأبوكريفا)، وظهر كذلك عدد كبير من مصادر "بليال" في مخطوطات البحر الميت المكتشفة عند "خربة قمران" منذ 1948. وفي إحدى مخطوطات البحر الميت المسماة "حرب أبناء النور ضد أبناء الظلام" يظهر "بليال" قائدا لأبناء الظلام. 

وفي مخطوطة "أحكام المجتمع" يصور الرب قائلا: "لن أرتاح للمظلومين حتى يصير طريقهم مثاليا، ولن أحفظ "بليال" داخل قلبي". 

وكذلك تخوض كل من مخطوطة "الحرب" ومخطوطة "ترانيم الشكر" في فكرة أن "بليال" لعن من قبل الإله وشعبه، وتظهران كيف أن وجود "بليال" في هذا العالم منسوب لأسرار الرب حيث لن نعرف لماذا يسمح لأفعال "بليال" بالاستمرار. 

ويضاد "بليال" الإله في مخطوطات البحر الميت، فهذان ملاك النور وملاك الظلام حيث يحدد "كتيب الانضباط" ملاك النور في الإله بنفسه، ويحدد ملاك الظلام ـ في نفس المخطوطة ـ بـ "بليال". 

وكذلك هناك سرد لحلم "عمرام" والد موسى في "مخطوطات البحر الميت" الذي رأى حارسين يتنافسان عليه، أحدهما "بليال" الذي يوصف بـ "ملك الشر" و "أمير الظلام"، ويشار إلى "بليال" كذلك في مقطوعات عمل "صدوقي" معروف باسم "وثيقة دمشق" الذي ينص على أنه في آخر الزمان "سيخسر "بليال" أمام إسرائيل كما أخبر الرب أشعياء". كما تتحدث هذه المقطوعات عن "ثلاث شبكات لبليال" التي قيل أنها الفحشاء والثراء وتدنيس الحرم، ويقدم "بليال" في هذا العمل أحيانا كخادم للعقاب الإلهي وأحيانا أخرى كمتمرد على غرار الملاك "ماستيما"، وكان "بليال" هو من أوحى للساحرين المصريين "جكنى" وأخوه لاعتراض موسى وهارون، وتقول المقطوعات كذلك أن أي أحد يُحكم من قبل أرواح "بليال" ويتحدث عن التمرد ينبغي أن يدان كساحر ومستحضر أرواح. 

وفي "كتاب اليوبيلات" يدعى "الجنتايل" المخصيون "أبناء بليال". 

ويشار كذلك إلى "بليال" في "شهادات الآباء الإثني عشر"، ويبدو أن مؤلف هذا العمل ثنوي لأنه يقدم "بليال" مناوئا للإله لا خادما له، لكنه لا يشير إلى كيف أو لماذا يناوئ "بليال" الإله، ويقول شمعون (5:3) أن الفحشاء تبعد الرجل عن الرب وتجعله قريبا من "بليال"، ويخير "لاوي" أبناءه بين شريعة الرب أو أعمال "بليال"، وينص كذلك على أنه عندما تختل الروح باستمرار فإن الرب يبتعد عنها ويحكمها "بليال"، ويجعل "نفتالي" إرادة وشريعة الرب نقيضا لمقاصد "بليال"، وكذلك في المقطع 20:2 يتنبأ "يوسف" بأنه عندما تغادر إسرائيل مصر سيكونون تحت نور الرب بينما سيبقى "بليال" في الظلام مع المصريين. وأخيرا، يصف هذا العهد أنه بمقدم "الماشيح" ستعاقب الملائكة أرواح الخداع و "بليال" وسيقيد "الماشيح" "بليال" وسيعطي أبناءه السلطة لدهس الأرواح الشريرة. 

"لقد خربت الفحشاء الكثيرين، لأنه، وإن كان الرجل يافعا أو نبيلا ستجعله الفحشاء قريبا من "بليال" وأضحوكة له ولأبناء الرجال". 

ويظهر "بليال" في "معراج إشعيا" في صورة ملاك الفوضى "وحاكم هذا العالم" ويحدد مثل "صامائيل" و "الشيطان". 

"وحول "منسى" قلبه لخدمة "بليال"، لملاك الفوضى، الذي هو حاكم هذا العالم، إنه "بليال" المسمى "ماتانبوشوس". 

وتظهر كلمة "بليال" مرة واحدة في العهد الجديد عندما سأل "بولس الرسول": 

"و أي اتفاق للمسيح مع بليعال و أي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن" (الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس ـ 6:15). 

هذا النطق "بليعال" موجود في أكثر مقطوعات "الرسالة الثانية إلى أهل كورنثوس" دون "بليال"، وهذه هي القراءة لدى علماء النصوص، ويعزى هذا الاختلاف إلى تغيير شائع في النطق الآرامي. 

وتجعل السبعونية اليونانية اليهودية ـ ولاحقا العهد القديم للكنيسة المسيحية المبكرة ـ "أبناء بليعال" عموما "الرجال الخارجين عن القانون" من خلال تعبير "أبناء الوباء" بدلا من الإسم الشخصي "أبناء بليعال". 

ـ andres paranomoi (الرجال الخارجون عن القانون) ἄνδρες παράνομοι ـ سفر التثنية: 13:13. 

ـ huioi loimoi (أبناء الوباء) υἱοὶ λοιμοὶ ـ سفر صموئيل الأول: 2:12. 

وتتجنب السبعونية ذكر "بليال" حتى بالنسبة "لشمعي" عندما سب "داوود" (سفر صموئيل الثاني 16:7): "أخرج، أخرج يا رجل الدماء ورجل بليعال (الرجل الخارج عن القانون في السبعونية)" (paranomos). ومخاطبة "حنة" لـ "عالي": "لا تحسب أمتك ابنة بليعال (الوباء في السبعونية) لأني من كثرة كربتي وغيظي قد تكلمت إلى الآن" (سفر صموئيل الأول 1:16). ويتبع العهد القديم في كل من "الفولغاتا اللاتينية" و "البشيطتا السريانية" السبعونية في بعض الحالات وفي حالات أخرى تستخدمان النطق العبري، ويحفظ استخدام "العهد الجديد" الموحد إسم "بليال" في اللاتينية والسريانية. 

وفي "قيامة يسوع المسيح" لدى الإنجيل المنحول إلى "برثولماوس" كان "بليال" مرئيا مع 666 ملاكا ساقطا عندما أمر "يسوع" "ميكائيل" أن يري "الجحيم" لحوارييه. 

وفي الأدب الربي، يتبع التلمود والتفسير الحاخامي عموما النظرة غير الخارقة، ويعتبر "بليال" تجسيدا مجازيا للشر، كما هو الحال مع التفسيرات الحاخامية للشر، وظلت عبارة "أبناء بليال" من التوراة منتشرة. 

وبالعروج على الأدب الإنجليزي، نجد الشاعر "جون مليتون" يشير إلى "بليال" في الكتاب الأول من ملحمته الشعرية "الفردوس المفقود" قائلا: 

"أخيرا جاء "بليعال"، الذي روحه أشد دعارة 

لم يسقط من السماء، وكان أشد فظاظة فأحب 

الشر لذاته، لم يبن له معبد 

أو مذبح يدخن؛ ومع ذلك فإنه قائم في 

المعابد والمذابح، وعندها الكاهن 

ينقلب إلى ملحد، كما فعل "بنو عالي"، الذين امتلؤوا 

بالملذات وتجاسروا على بيت الإله. 

كما أنه يحكم في البلاط والقصور 

وفي المدن المترفة، حيث ضجيج 

الشغب يهبط فوق أبراجهم العالية، 

بكل أذى وبكل غضب. وحين الليل 

يعتم على الشوارع، يهيم 

بنو "بليعال" وقد هاموا بالوقاحة والخمر. 

أنظر إلى شوارع "سادوم"، وتلك الليلة 

في "جبعة"، عندما خرجت من باب الضيافة 

قهرمانة لمنع الاغتصاب الأسوأ". 

ـ "جون ميلتون" "الفردوس المفقود ـ الكتاب الثاني": 

"... ومن الجانب الآخر نهض "بليعال"، بكل فخامة وتواضع؛ 

لم تخسر الجنة أجمل منه؛ بدا 

صاحب كرامة ومأثرة عظيمة: 

لكنه أخرق وأجوف؛ سوى أن لسانه 

يقطر "منا"، ويمكن أن يظهر الحجة الأسوأ 

الحجة الأفضل، فيربك ويحطم 

أنضج المشورات: فقد كانت أفكاره وضيعة؛ 

نزاع إلى الشر، أما الأفعال النبيلة 

فيتقاعس عنها ويهابها، لكنه يسر الأسماع...". 

ونقتبس للشاعر الإنجليزي "روبرت بروانينغ" من قصيدته "مونولوج الرواق المعمد الإسباني" لسنة 1839 جزءا من دوره الثامن: 

"أو ، روايتي الفرنسية الخنزيرية، 

على ورق رمادي متبلد ! 

أنظر إليها ببساطة، إزحف 

على يديك وقدميك في مظلمة "بليال"،...". 

وفي ميدان العرافة والتنجيم والسحر نجد الغريموار الألماني للقرن السابع عشر "المفتاح الأصغر لسليمان" قد أشار إلى "بليال" كما فعل "أليستر كراولي" ذلك في "الغويتيا" (1904) و "أنتون ليفي" في "الإنجيل الشيطاني" (1969). ويعني "بليال" في "الإنجيل الشيطاني" (سفر بليال) "بدون سيد" ويرمز إلى الحرية والاكتفاء الذاتي والإنجاز الشخصي. 

واستعمل العراف الأمريكي "إدغار كايس" سنة 1937 مصطلح "أبناء بليال" و "أبناء قانون المرئ" لأول مرة في إحدى قراءاته الغيبوبية العميقة المعطاة بين 1923 و 1945. وقد كان يشار إلى "كايس" غالبا بلقب "الرسول النائم" الذي أعطى أكثر من 2500 قراءة للأفراد خلال حالة النوم العميق، في حين أن تعريفه "لأبناء بليال" بقي متناسقا مع المعنى العبري: الأفراد "عديمي القيمة" الذين يركزون على الإشباع الذاتي. وقد استعمل "كايس" المصطلح في كثير من الأحيان لمقارنة قوى الإنسان المعادية عند أعمال فترات ما قبل التاريخ المتعلقة بالتطور المبكر لـ "أطلانطس". 

واشتملت الثقافة الشعبية في العصر الحديث على كثير من مصادر "بليال"، لاسيما في الفيلم الصامت "نوسفيراتو" (1922) ورواية "ألدوس هكسلي" "القرد والجوهر" (1948) ورواية "فيليب ك. ديك" "الغزو الإلهي" (1981) وفيلم الرعب "قضية السلة" (1982) ورواية "دين كونتز" "أشباح" (1983) ورواية "غراهام ماسترتون" "سيد الأكاذيب" (1991) وفيلم الرعب "طرد الأرواح من إيميلي روز" (2005) وغير ذلك من المجالات.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...