الاثنين، 18 نوفمبر 2019

كيتير

"كيتير" كما وصفت في "المزراح"، رسمة "لصموئيل حبيب" سنة 1828.


تعني "كيتير" بالعبرية التاج، وهي أعلى "سيفيرا" في شجرة الحياة القابالية، ونظرا لأن معناها هو التاج، فإنها تفسر بأعلى "السيفيروت" والتاج الملكي "للسيفيروت" وهي تقع بين "حوخما" و "بيناه" ("الحوخماه" عن يمينها و"البيناه" عن يسارها)، وترتفع فوق "التيفيريت"، وعادة ما تعطى لها ثلاث مسارات إلى "حوخما" و "تيفيريت" و "بينا". 

وتعتبر "الكيتير" مهيبة جدا، وتسمى في الزوهار "أكثر الأشياء الخفية من بين جميع الأشياء الخفية"، وهي غير مفهومة تماما للإنسان، وتوصف أيضا بأنها التراحم المطلق، ويصفها الحاخام "موشيه كوردوفيرو" بأنها مصدر لسمات الرحمة الثلاث عشرة. 

ووفقا للبحير: "ما هي المنطوقات العشر؟ الأول هو التاج الأسمى، مباركا باسمه وشعبه". 

تسمى "السيفيرا" الأولى التاج، لأن التاج يوضع فوق الرأس، لذلك يشير التاج إلى أشياء أعلى من قدرات العقل على الفهم، وترتبط كل "السيفيروت" الأخرى بالجسد الذي يبدأ بالرأس ويشق طريقه إلى الأسفل بالحركة، لكن تاج الملك يقع فوق الرأس ويربط مفهوم "السلطنة" المجرد وغير الملموس برأس الملك المادي الملموس. 

وتمثل هذه "السيفيرا" الأولى التقلبات الأولية في "عين سوف"، أو إثارة الرغبة في الخروج إلى الحياة المتنوعة للوجود. ولكن بهذا المعنى، رغم احتواء هذه "السيفيرا" على جميع المحتويات الممكنة، فإنها لا تحتوي على محتوى في حد ذاته، وبالتالي يطلق عليها "لا شيء"؛ "الضوء الخفي"؛ "الهواء الذي لا يمكن قبضه"، كونها الرغبة في جلب العالم إلى حيز الوجود، فإن "الكيتير" هي الرحمة المطلقة. 

واسم الإله المرتبط "بالكيتير" هو "أهيه أسير أهيه" (سأكون ما سأكون، بالعبرية: אהיה אשר אהיה) وهو الإسم الذي من خلاله كشف لموسى عن العليقة المشتعلة، "إنه من إسم "أهيه" جميع أنواع القوت تنبع، قادمة من المصدر، الذي هو لانهائي". 

وعلى الرغم من أن "كيتير" هي أعلى "سيفيرا" في عالمها، فإنها تستقبل من "سيفيرا" "ملخوت" المجال العلوي، لا تتربع "الكيتير" العليا على أية "سيفيرا" أخرى، على الرغم من أنها أسفل "عين سوف" الذي هو مصدر كل "السيفيروت". 

وقد ناقش "موسى كوردوفيرو" في "نخلة دبورة" السلوك الأخلاقي الذي يجب على الرجل اتباعه والمتعلق بسمات "السيفيروت" حتى يتسنى للرجل التأسي بخالقه. يأتي التواضع في المقام الأول، لأنه على الرغم من أن "الكيتير" هي الأعلى، فإنها تستحي من النظر إلى سببها، وبدلا من ذلك تحدق فيمن أسفلها. يجب أن تكون أفكار المرئ نقية، ويجب ألا يظهر جبينه القسوة، ويجب أن تتحول أذناه دائما إلى السمع الطيب، ويجب أن تغمض عيناه عن ملاحظة الشر، وأن ينظر دائما إلى الخير، ويجب أن يكون أنف الشخص خاليا من أنفاس الغضب، ويجب أن يلمع وجهه دائما، ويجب ألا يعبر فمه عن شيء سوى الخير. 

وخلال استعراض فقرة في سفر "ميخا" يتضح ارتباط السمات الثلاثة عشر "بسيفيرا الكيتير": 

"من هو إله مثلك غافر الإثم و صافح عن الذنب لبقية ميراثه لا يحفظ إلى الأبد غضبه فإنه يسر بالرأفة {} يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم {} تصنع الأمانة ليعقوب والرأفة لإبراهيم اللتين حلفت لآبائنا منذ أيام القدم" (7:18-20). 

وفقا لذلك، فإن الخصائص الثلاثة عشر مستمدة من هنا ويتم وصفها بتفصيل كبير. 

بالإضافة إلى ذلك، وصف الحاخام "حزقيا" سمات الرحمة الثلاث عشرة في تصوير استعاري لسوسنة وسط الأشواك، والاستعارة في مجملها معروفة وتدرس باسم "السوسنة بين الأشواك" وهي عبارة موجودة في سفر نشيد الأنشاد (2:2) وهذا الأصحاح الثاني منه: 

"أنا نرجس شارون سوسنة الأودية {} كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتي بين البنات {} كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبي بين البنين تحت ظله اشتهيت أن أجلس و ثمرته حلوة لحلقي {} أدخلني إلى بيت الخمر وعلمه فوقي محبة {} إسندوني بأقراص الزبيب أنعشوني بالتفاح فإني مريضة حبا {} شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني {} أحلفكن يا بنات أورشليم بالظباء وبأيائل الحقول ألا تيقظن ولا تنبهن الحبيب حتى يشاء {} صوت حبيبي هو ذا آت طافرا على الجبال قافزا على التلال {} حبيبي هو شبيه بالظبي أو بغفر الأيائل هو ذا واقف وراء حائطنا يتطلع من الكوى يوصوص من الشبابيك {} أجاب حبيبي وقال لي قومي يا حبيبتي يا جميلتي وتعالي {} لأن الشتاء قد مضى والمطر مر وزال {} الزهور ظهرت في الأرض بلغ أوان القضب وصوت اليمامة سمع في أرضنا {} التينة أخرجت فجها وقعال الكروم تفيح رائحتها قومي يا حبيبتي يا جميلتي و تعالي {} يا حمامتي في محاجئ الصخر في ستر المعاقل أريني وجهك أسمعيني صوتك لأن صوتك لطيف ووجهك جميل {} خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المفسدة الكروم لأن كرومنا قد {} حبيبي لي وأنا له الراعي بين السوسن {} إلى أن يفيح النهار وتنهزم الظلال أرجع وأشبه يا حبيبي الظبي أو غفر الأيائل على الجبال المشعبة". 

يتم الكشف عن سر الحماية الروحية من خلال خطاب مجازي غني قدمه الحاخام "حزقيا"، ويوضح الحاخام أن القوى الروحية التي تحمينا وتراقبنا تسمى سمات الرحمة الثلاث عشرة، ويتم نقلها إلى عالمنا المادي من خلال الكلمات الثلاثة عشر الأولى من التوراة، وعندما تصدر الأحكام ضدنا، يمكن لهذه القوى الثلاث عشرة أن تحمينا من نفوذها، ونبدأ في رسم "ضوء الحماية" هذا لأنفسنا في نفس اللحظة التي نبدأ فيها بالتصفح ونرى الأشكال والتسلسلات الصوفية للنص الآرامي، ومعرفة الرؤى الروحية المقدمة هناك. 

وفي الممارسات غير اليهودية، تصف "ديون فورتون" "الكيتير" في القابالا الصوفية بأنها وعي نقي فوق كل الفئات وخالد، وهي نقطة متبلورة من "عين سوف" وتبدأ عملية الانبعاث التي تنتهي في "ملكوت". 

إسم الإله المعطى لها هو "أهيه" ورئيس الملائكة الذي يترأسها هو "ميتراتون"، ونظام الملائكة الذي يتواجد فيها هو المخلوقات المقدسة الحية (حيوث حا قاديش، بالعبرية: חיות הקדש) و"الشاكرا" الدنيوية الخاصة بها هي أولى دوامات الكون (الحركة الأولى). 

وذكر "آرثر إدوارد وايت" أن الحاخام "عزرائيل بن مناحيم"، تلميذ "إسحاق الضرير" في تعليقه على "السيفيروت" منح لونا خاصا لكل "سيفيرا"، ومع ذلك فإن هذه الألوان لا تتفق مع الألوان المعطاة في "الزوهار"، (حيث أن "الكيتير" ترتبط أيضا "باليشيدا") "فالكيتير" عديمة اللون، بينما "التيفيريت" أرجوانية و"الملكوت" زرقاء ياقوتية.

وكوعي خالص عديم الشكل، فإن "الكيتير" غالبا ما تقارن "بشاكرا ساهاسرارا" أو شاكرا التاج التي تتواجد فوق تاج الرأس في الشاكتية الهندية. 

وفي أوراق "أليستر كراولي" المعنونة باسم "777 و باقي الكتابات القابالية" الخاصة به ترتبط "الكيتير" بأربعة من أوراق آس التاروتية وكذا بكل من التألق الأبيض و "بوصيدون" و "براهما" و "أودين" و "زيوس" والثالوث وزهر اللوز والألماس وإكسير الحياة و "الطاو" ثم الموت. 

ويقال أن "للكيتير" جانب سلبي والنظام الكليفوتي للشياطين يدعى "ثاميئيل" المقاد من قبل رئيس الشياطين "إبليس" و "مولوخ". 

وتعرف "الكيتير" أيضا بكوكب "نبتون" أو "بلوتو" و "الأتما" في الثيوصوفيا وكذا "الراجا يوغا" وفي الغموضية المصرية تعرف باسم "خاب أم بخت".
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...