الأحد، 17 نوفمبر 2019

يوهان فالنتينوس أندريا


كان "يوهان فالنتينوس أندريا" (17 غشت 1586 ـ 27 يونيو 1654) لاهوتيا ألمانيا زُعم أنه مؤلف النص القديم المعروف باسم "الزفاف الخيميائي لكريستيان روزنكروس سنة 1459" (بالألمانية: Chymische Hochzeit Christiani Rosencreutz anno 1459، ونشر في "ستراسبورغ" بنفس العنوان سنة 1616) والذي أصبح فيما بعد أحد الأعمال التأسيسية الثلاثة لنظام الصليب الوردي، والذي شكل على حد سواء أسطورة وظاهرة ثقافية عصرية في جميع أنحاء أوروبا خلال تلك الحقبة. 

وكان "أندريا" عضوا بارزا في الحركة الطوباوية البروتستانتية التي انطلقت في ألمانيا وانتشرت في جميع أنحاء شمال أوروبا وفي بريطانيا تحت إشراف "صامويل هارتليب" و "جون أموس كومنيوس"، وكان محور هذه الحركة هو الحاجة إلى التعليم وتشجيع العلوم كمفتاح للازدهار القومي، ولكن مثل العديد من حركات عصر النهضة الدينية الغامضة كانت الأفكار العلمية التي يتم الترويج لها غالبا ما تتقاطع مع مفاهيم الهرمسية والتنجيم والأفلاطونية المحدثة. وغالبا ما أجبرت تهديدات الاتهام بالهرطقة والبدع التي فرضتها السلطات الدينية الصارمة (سواء البروتستانتية أو الكاثوليكية) والمناخ الفكري المدرسي نشطاء هذه الحركات على التخفي وراء مجتمعات سرية خيالية والكتابة بهويات مجهولة دعما لأفكارهم مع الادعاء بالوصول إلى "الحكمة القديمة السرية". 

وولد "أندريا" في "هيرينبرغ، فورتمبرغ"، إبن "يوهانس أندريا" (1554-1601) المشرف العام "لهيرينبرغ" وبعدها رئيس دير "كونيجسبرون"، وذهبت والدته "ماريا موزر" إلى "توبينغن" أرملة وكانت عطارة البلاط (1607-1617)، ودرس "أندريا" الشاب علم اللاهوت والعلوم الطبيعية بين 1604 و 1606، وأصبح صديقا "لكريستوف بيزولد" الذي شجع اهتمامات "أندريا" بالباطنية، وفي سنة 1605 تقريبا كتب "أندريا" النسخة الأولى من "العرس الخيميائي لكريستيان روزنكروس"، وقد تم رفضه لاجتياز الاختبارات النهائية والخدمة الكنسية، ربما لإلصاقه لمذكرة هجومية تشهيرية على باب المستشار "إنزلين" بمناسبة زواجه، فقام بعد ذلك "أندريا" بتدريس النبلاء الصغار وسافر مع تلامذته عبر سويسرا وفرنسا والنمسا وإيطاليا، كما زار "ديلينغن" معقل اليسوعيين الذين اعتبروه "كالمسيح الدجال"، وفي سنة 1608 عاد إلى "توبينغن" وتعرف على "توبياس هيس" حكيم براكلسوسي مهتم بنبواءات نهاية العالم وتواصلت أسفار "أندريا" من عام 1610 إلى 1612. 

وفي عام 1612 استأنف "أندريا" دراساته اللاهوتية في "توبينغن" وبعد اجتيازه للامتحان النهائي سنة 1614 أصبح شماسا في "فايهينغن" وفي عام 1620 أصبح قسيسا في "كالف" وقام هنا بإصلاح المؤسسات الدراسية والاجتماعية وأنشأ مؤسسات للأعمال الخيرية وغيرها من المساعدات، وتحقيقا لهذه الغاية، أطلق مجتمع "محبة الرب المسيحي" Christliche Gottliebende Gesellschaft، وفي عام 1628، خطط "أندريا" "للوحدة المسيحية"، وحصل على الأموال وجلب مساعدات فعالة لإعمار "كالف" التي دمرت على إثر معركة "نوردلينغن" (1634) من قبل القوات الإمبراطورية واكتسحها الوباء، وفي عام 1639، أصبح "أندريا" واعظا في المحكمة وعضوا في مجلس الشورى "Konsistorialrat" في "شتوتغارت" حيث دعا إلى إصلاحات أساسية في الكنيسة، وأصبح أيضا مستشارا روحيا للأميرة الملكية "لفوتمبرغ". 

ومن بين نشاطات أخرى، قام "أندريا" بالترويج لـ Tübinger Stift وهي عبارة عن قاعة للإقامة والتعليم والتي كانت مدرسة دينية تملكها وتدعمها الكنيسة الإنجيلية اللوثرية في مدينة "فوتمبرغ" جنوب غرب ألمانيا. وكانت الـ Stift قد أسست كدير أوغسطيني في العصور الوسطى، ولكن بعد الإصلاح في 1536 حول دوق "أولريش" الدير إلى مدرسة دينية عملت على إعداد القساوسة البروتستانت "لفوتمبرغ" وكان "يوهانس كبلر" أحد الطلاب البارزين في هذه الفترة. 

وفي عام 1646، أصبح "أندريا" عضوا في مجتمع "فريتبيرينغ" حيث حصل على لقب der Mürbe، وفي عام 1650 توجه إلى المدرسة الديرية "بيبنهاوزن"، وفي عام 1654 أصبح رئيسا لمدرسة "أدلبرغ" الإنجيلية الديرية وتوفي في "شتوتغارت". 

وقد كان دور "أندريا" في أسطورة الصليب الوردي مثار جدال، وفي سيرته، ادعى أن "الزفاف الخيميائي لكريستيان روزنكروس" كان أحد أعماله الهزلية، وقال في شيخوخته أنه كتب تلك الوثيقة في شبابه (حوالي 1605)، وفي أعمال لاحقة، تعامل "أندريا" مع الخيمياء كموضوع هزلي مدرج مع الفن والمسرح والتنجيم في فئة العلوم "الأقل جدية". 

وكان "أندريا" عالما لاهوتيا لوثريا متدينا وربما لم تكن له أية علاقة على الإطلاق باثنين من أعظم بيانات المجتمع "السري" المزعوم ـ أخوية الفاما أو جماعة البيان الأخوية ـ ويبدو أن الالتزام الذي وضعه على عاتقه طوال حياته تمثل في تأسيس "المجتمع المسيحي" أو أخوية طوباوية متعلمة لأولئك المكرسين للحياة الروحية على أمل أن يتمكنوا من بدء الإصلاح الثاني. 

وقدمت كتابات "أندريا" وجهوده حافزا قويا للمثقفين البروتستانت في بداية القرن السابع عشر، ويبدو أنه ألهم أساس "الوحدة المسيحية" الذي أنشئ في "نورمبرغ" خلال عام 1628 من قبل فئة من الأرستقراطيين ورجال الكنيسة بدافع من "يوهانس شوبرت الأكبر"، وأعيد إحياء هذا المجتمع الطوباوي في "شتوتغارت" في أوائل ستينيات القرن التاسع عشر، كما نشأت جماعة أخوية مثالية أخرى معروفة باسم "أنتيليا" (تجمع يشبه الدير) وتم تطويرها في بحر البلطيق خلال حرب الثلاثين عاما، واستلهم المؤسسون مثلهم من عقيدة "باكونيان" في العلوم التجريبية ومسارات "أندريا"، وحاولوا لاحقا إنشاء مستعمرة في جزيرة صغيرة في خليج "ريغا" وفكروا في الهجرة إلى "فرجينيا".
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...