الرؤوس المقلصة في المجموعة الدائمة من Ye Olde Curiosity Shop، سياتل، واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الرؤوس هي الأرجح مزيج بين الحقيقية والمزيفة. |
الرأس المقلص هو رأس بشري مقطوع ومعد خصيصا للاستعمال في أغراض تذكارية أو طقوسية أو تجارية.
وقد وجد صيد الرؤوس في العديد من مناطق العالم، ولكن تم توثيق ممارسة تقليص الرؤوس تحديدا في المنطقة الشمالية الغربية من غابات الأمازون المطيرة. والقبائل الوحيدة التي عرفت بتقليص رؤوس البشر هي قبائل "الجيفارو" بما في ذلك فروع: "الشوار"؛ "الأشوار"؛ "الوامبيسا"؛ و"الأغوارونا"، وتتواجد هذه القبائل في كل من بيرو و الإكوادور، وقد أطلق بطن "الشوار" على تقليص الرؤوس تسمية "تزانتزا" وكان العديد من القادة القبليين يظهرون الرؤوس المقلصة التي يملكونها قصد ترهيب الأعداء.
رأس مقلص لشعب "الشوار" في متحف Pitt Rivers، أوكسفورد، إنجلترا. |
وتبتدئ عملية تقليص الرأس عبر فصل الجمجمة عن الرقبة، ثم يتم إجراء شق في الجزء الخلفي من الأذن ثم يفصل جميع الجلد واللحم عن الجمجمة، وبعد ذلك تحشر البذور الحمراء في الخياشيم ويحاك الفم بثلاثة مسامير نخلية ويتم كشط الدهون عن لحم الرأس ثم تحشر كرة خشبية في الرأس للحفاظ على الهيكل، ثم يغلى اللحم بالماء المشبع بعدد من الأعشاب التي تحتوي على العفص، وبعدئذ يتم تجفيف الرأس بواسطة الحجارة الساخنة والرمال مع سبكها للحفاظ على سماتها البشرية، ثم يتم فرك الجلد برماد الفحم ويمكن إضافة خرز زخرفية إلى الرأس.
ويعتقد في تقليد تقليص الرؤوس أن طلاء الجلد بالرماد يمنع انتقام الروح من التسرب.
ومن المعروف أن الرؤوس المقلصة تكون بارزة على مستوى الفك السفلي مع تشوه في الوجه وانكماش على مستوى جانبي الجبهة، ووسط بطني "الشوار" و "الأشوار" كان يعقب تقليص الرؤوس سلسلة من الأعياد تركزت على طقوس هامة، إذ أن ممارسة تقليص الرؤوس كانت ذات أهمية دينية في الأصل وكان يعتقد أن تقليص رأس العدو يجعل روح هذا الأخير مسخرة للمقلص ومجبرة على خدمته كما يمنعها من الانتقام لموته.
رأس مقلص في متحف Lightner، سانت أوغسطين، فلوريدا. |
وقد آمن "الشوار" بوجود ثلاثة أرواح أساسية:
· "الواكاني": تلازم الناس الذين ينجون من الموت.
· "آروتام": وتعني حرفيا "الرؤية" أو "القوة" وهي تحمي الناس من الموت العنيف.
· "مويساك": الروح المنتقمة، والتي تظهر عندما يقتل شخص يحمل روح "الآروتام".
ولمنع "المويساك" من استخدام قواتها، كانوا يقطعون رؤوس أعدائهم ويقلصونها، وكانت العملية بمثابة وسيلة لتحذير الأعداء، ورغم هذه الاحتياطات، فإن صاحب الغنيمة لم يكن يحتفظ بها لفترة طويلة، وكان يتم استخدام العديد من الرؤوس لاحقا في الاحتفالات والأعياد الدينية التي كانت تقام بمناسبة الانتصارات القبلية، وبعد ذلك كان يتم تخزين هذه الرؤوس أو تجاهلها.
وعندما أنشأ الغربيون طلبا اقتصاديا على الرؤوس المقلصة كانت هناك زيادة حادة في معدل القتل في محاولة لتزويد السياح وهواة جمع المواد الإثنوغرافية بهذه الرؤوس، وقد جاء مصطلح "صيد الرؤوس" و "حفلات صيد الرؤوس" من هذه الممارسة.
وكانت الأسلحة في الغالب هي المقابل الذي يحصل عليه أعضاء "الشوار" لقاء تقديمهم للرؤوس المقلصة، وكانت الصفقة عبارة عن بندقية واحدة مقابل كل رأس، لكن الأسلحة لم تكن العناصر الوحيدة المتبادلة، ففي سنة 1910 تقريبا بيعت الرؤوس المقلصة من متجر تحف في ليما مقابل جنيه ذهبي بيروفي مساو لقيمة "السفرن" البريطاني الذهبي، وفي عام 1919 ارتفع سعر متجر التحف في بنما لتصل قيمة رأس مقلصة إلى 5 جنيهات إسترلينية، وبحلول الثلاثينات من القرن الماضي، عندما كان يتم تبادل الرؤوس بحرية، كان بإمكان أي شخص شراء رأس مقلصة مقابل 25 دولار أمريكي، وتم وضع حد لهذه الممارسات عندما عملت الحكومة الإكوادورية والبيروفية معا على حظر الاتجار في الرؤوس.
وكذلك وبتشجيع من تجارة الرؤوس المقلصة، بدأ الأشخاص في كولومبيا و بنما من غير المرتبطين بقبائل "الجيفارو" في صنع الرؤوس المقلصة المزيفة، فكانوا يستخدمون الجثث من المشارح أو رؤوس القردة وحيوانات الكسلان، والبعض كان يستخدم جلد الماعز، وكتبت "كيت دونكان" سنة 2001 أنه "يقدر أن حوالي 80 في المائة من الرؤوس المقلصة الموجودة لدى المتاحف والأشخاص هي مزيفة" ويشمل ذلك جميع الإناث أو الرؤوس التي تحتوي على على الجذع بأكمله كذلك.
ويروي "ثور هيردال" في مدينة "كون تيكي" (1947) المشاكل المختلفة التي كانت تعترض الدخول إلى منطقة "الجيفارو" (الشوار) في الإكوادور للحصول على خشب البلسا لطوفته الاستكشافية، ولم يوجه السكان المحليون فريق "ثور" للأدغال خوفا من تعرضهم للقتل وتقليص رؤوسهم، وفي عامي 1951 و 1952 تم الإعلان عن مبيعات هذه المواد في لندن في التايمز، وكانت تساوي قيمة الرأس الواحدة 250 دولار وهي زيادة بمائة ضعف تقريبا منذ بداية القرن.
رأس مفلص مزيف في "النايت باص" في عالم "هاري بوتر" السحري. |
وفي سنة 1999، قام المتحف الوطني للهنود الأمريكيين بإعادة الرؤوس المقلصة الأصلية إلى الإكوادور، كما حظرت معظم الدول الأخرى تجارة الرؤوس المقلصة، وحاليا يتم صنع الرؤوس المقلصة المماثلة لأغراض التجارة السياحية والتي تتألف مادتها من جلود الحيوانات.
المرجع:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق