"التالتوس" هو شخصية معروفة في الميثولوجيا الهنغارية، وهو شخص يتمتع بقوة خارقة للطبيعة تشبه تلك التي يملكها الشامان.
وأكثر الدراسات موثوقية عن "التالتوس" هي تلك التي قدمها الكاهن الروماني الكاثوليكي "أرنولد إيبولي" في مجموعته عن المعتقدات الشعبية "الميثولوجيا الهنغارية" سنة 1854، ويتم اختيار "التالتوس" حسب الأساطير من قبل الآلهة أو الأرواح قبل الولادة أو أثناء الطفولة، وكان المختارون غالبا من الأطفال الذين يولدون بأسنان في أفواههم أو بإصبع سادس في أطرافهم أو عظام أخرى إضافية أو الذين يولدون بسلى الرأس كذلك.
وفي حالة كسر العظم الزائد أو سرقته قبل بلوغ "التالتوس" سن السابعة تضيع قدرته، حيث إن هذه القدرة لا يمكن تعلمها أو تدريسها، فلا تحدث إلا من خلال نداء خارق للطبيعة، وبعض المعتقدات ترى أن "التالتوس" يجب أن يرضع حتى يبلغ السابعة الشيء الذي سيمنحه قوة جسدية هائلة، ومثالا على ذلك ما ورد في الحكاية الشعبية "إبن الفرس البيضاء".
وأهم قدرة "للتالتوس" هي التأمل والنشوة الروحية التي تسمى "ريفوليس"، فإذا بلغ هذه الحالة فإنه يستطيع شفاء الجروح والمرض أو يتعلم الحقائق الخفية عن طريق إرسال الأرواح بين النجوم، ويتم اختيار "التالتوس" من قبل الآلهة أو الأرواح من أجل نداء خاص في الحياة ويتوجب عليه التواصل مع الأمة الهنغارية بأكملها في ساعة الخطر لتحذيرها من الجيوش الغازية أو الانهيار الثقافي الوشيك.
ووفقا للإجماع العام، يعتبر "التالتوس" جزءا من الدين الوثني، وهناك أدلة على استمرار وجود "التالتوس" حتى عهد "هابسبورغ" عندما انتهى هذا التقليد.
وكان يوجد في السقف المطلي لكنيسة "شكيليديرشي" شخصية بستة أصابع، والتي تم تجديدها و"تصحيح" صورتها إلى خمسة أصابع. وبعد التنصير كانت تتم الإشارة إلى يسوع المسيح في بعض الأحيان باسم "إيجي تالتوس" (égi táltos) (أو التالتوس السماوي).
ولا يعرف أصل إسم "التالتوس" ولكنه على الأرجح يرتبط بـ "تالت" (tált) التي تعني "مفتوح على مصراعيه" والمعنى المجازي هنا أن "التالتوس" "فتح نفسه للعالم"، وتشير نظريات أخرى إلى ارتباط "التالتوس" بكلمة (Uralic taitaa) التي تعني "معرفة وفهم" أو أنه مشتق من "التالت" التركي الذي يعني اللاوعي.
وينتشر ذكر "التالتوس" بشكل واسع في الحكايات الشعبية الهنغارية ومن بين هذه الحكايات على سبيل المثال حكاية "غونكول و كامبو".
وكان "لكامبو" جسد من جليد، وكان قصير القامة وممتلئ الساقين، يعيش في "تيميسفار" (تيميشوارا الحديثة) وكان يتناول الغذاء في "بودا" على نفس طاولة الملك "ماتياس" مرتديا ملابس سيئة، وقد سئل الملك "ماتياس" عن سبب أكل فقير على نفس طاولة الملك، لكن الملك "ماتياس" أصر على هذا التقليد، وعندما هاجم الجيش التركي مملكة هنغاريا، ورد أن "كامبو" قد أطلق النار من فمه و"قاتل بجسده المثلج ضد المعدن التركي" واسترد حصانا للملك "ماتياس" "يشبه القمر" من أيدي الأتراك.
بينما كان "غونكول" (أو دونكول أو غونكو) من الناحية الأخرى رجلا ذو معرفة هائلة، فكان يتحدث مع الحيوانات ويفهم معاني النجوم واخترع "الكوتش" (عربة بأربعة أحصنة) وكان لديه واحدا تجره العديد من الخيول، ويقال أن عصاه قد كسرت وانحنت ولم ير موته، لكن بدلا من ذلك يعتقد أنه "اختفى في النجوم"، ويمكن للجميع رؤية "عربة غونكول" في السماء والمعروفة في علم الفلك باسم "كوكبة الدب الأكبر" حيث يكون ذيل الدب هو عصا المركبة.
وفي "وقائع المجريين" بقلم "يوهانس من توركز" طلب "أتيلا الهوني" جمعا من رجال "التالتوس" توقع نتائج معركة "شالون" فتنبؤوا بخسارة الحرب وأسسوا تنبؤاتهم هذه على أمعاء الحيوانات لكن كيفية ذلك لم تكن معروفة.
ويمكن العثور على تراث "ملوك التالتوس" في عدة مواقع في هنغاريا، وارتبط هذا التراث بشكل رئيسي بملوك سلالة "أرباد"، وكان أهمهم شأنا هو الملك الشهم "لاديسلاوس الأول" وكان اسم حصانه "شوج".
وتقول إحدى الأساطير أن القديس "ستيفن" (أو "ستيفن الأول" الهنغاري) ذهب للصيد فأصابه التعب وأخذ غفوة تحت شجرة، ورأى في المنام أنه كان يتحدث مع قائد جيش "بيتشينج"، وعندما استيقظ علم أن هذا الجيش يستعد للهجوم فكان في مقدوره اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية البلاد، ووفقا لهذه الأسطورة، كان القديس "ستيفن" نفسه "تالتوس"، وربما نشأت هذه الحكاية في وقت سابق وليس في زمن هؤلاء الملوك المسيحيين الأتقياء.
وفي عهد ملك المجر "ماتياس كورفينوس" كتب "غاليوتو مارزيو": "كان لديك رجل بستة أصابع في بلاط والدك"، وكان حصان "ماتياس" قمري، في إشارة إلى أنه حصان "التالتوس".
وكانت هناك دعوى قضائية في عام 1725، في "دبرتسن" حيث اتهمت "إيرشيبيت بالاتشي" ـ تالتوس معروفة جيدا في وقتها ـ بكونها ساحرة، وطلبت منها المحكمة أن تشرح دور "التالتوس"، فأجابت قائلة: إن "التالتوس" يشفي ويرى الكنوز المدفونة بالعين المجردة ويقاتل من أجل المجر في الفردوس".
وهناك اعتقاد شائع بأن الملك "ستيفن" قد اضطهد "التالتوس" أثناء تنصير هنغاريا، ولكن هذا لا يرتبط بأي حقيقة، وعندما بدأت التمردات الوثنية في سنوات 1046 و 1061 كان هناك ما يكفي من "التالتوس" للقادة لاختيار بلاطاتهم.
وفرس أو حصان "تالتوس" (تالتوس باريبا) هو مطية "التالتوس" وحضوره ذائع في الحكايات الشعبية الهنغارية، وعادة ما يظهر حصان "التالتوس" في البداية لبطل القصة (عادة ما يكون إبن فلاح أو أميرا مغامرا أو الإبن الأصغر) متنكرا في صورة فرس مسنة وقبيحة، فإذا عومل بشكل جيد فسوف يطلب من البطل إطعامه رمادا حارا ثم يتحول إلى فرس برباط وسروج ذهبية له خمس أو ست قوائم، وفي هذا الشكل يمكن أن يطير بطل الحكاية ممتطيا إياه، وتوصف سرعة هذا الحصان بأنها "أسرع من الطيور" أو "أسرع من الرياح" أو "أسرع من الخواطر".
ووفقا لبعض الخبراء فإن حصان "تالتوس" هو رمز لطبل "التالتوس" الذي يقومون بتسخينه على النار لجعله مناسبا للعزف وهذا الطبل يستخدم للتأمل أو الطيران بعيدا.
المرجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/T%C3%A1ltos
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق