الاثنين، 28 مارس 2022

مملكة موريطنية



موريطنية هي تسمية لاتينية لمنطقة وجدت في المغرب القديم، وامتدت من وسط الجزائر الحديثة شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا مغطية بذلك شمال المغرب حيث امتدت من البحر الأبيض المتوسط شمالا إلى جبال الأطلس جنوبا، وتألف سكانها المحليين من مجموعة من الرعاة شبه البدويين أمازيغ الذين كانوا معروفين عند الرومان بالموريين والماسيسيليين.

وبدءا من سنة 25 ق.م أصبح ملوك موريطنية أتباعا للرومان إلى حدود سنة 44م عندما ضمت مملكتهم إلى الإمبراطورية الرومانية وقسمت إلى إقليمين اثنين: موريطنية الطنجية وموريطنية القيصرية، وانتشرت المسيحية في أرجاء المنطقة بدءا من القرن الثالث للميلاد، وبعد أن أخضع العرب المسلمون المنطقة في القرن السادس الميلادي صار الإسلام هو الدين المهيمن عليها.

نشأت موريطنية كمملكة قبلية للشعب الموري البربري. وفي بدايات القرن الأول قبل الميلاد وثق سترابو مصطلح "موروا" للدلالة على تسمية محلية للشعوب المقابلة لشبه الجزيرة الإيبيرية ليطور الرومان هذه التسمية إلى "موروسي"، ووجدت في الساحل المتوسطي لموريطنية عدة موانئ تجارية للاتجار مع قرطاجة قبل القرن الرابع قبل الميلاد، لكن الداخل الموريطني كان مسيطرا عليه من قبل القبائل البربرية الذين أسسوا تجمعاتهم بدءا من العصر الحديدي.

وكان أطلس ملكا أسطوريا لموريطنية الذي نسبت إليه الكرة السماوية، بينما كان أول ملك تاريخي معروف لموريطنية هو باغا الذي حكم خلال فترة الحرب البونيقية الثانية (218-201 ق.م)، وكانت لدى الموريين اتصالات وثيقة بنوميديا حيث كان الملك بوخوس الأول (حوالي 110 ق.م) صهرا للملك النوميدي يوغرطة.

أصبحت موريطنية مملكة عميلة للإمبراطورية الرومانية سنة 25 ق.م عندما نصب الرومان يوبا الثاني النوميدي على عرش المملكة، وبموته سنة 23 م خلفه على العرش ابنه بطليموس الموريطاني الذي كان مشبعا بالثقافة الرومانية، لكن الإمبراطور الروماني كاليغولا أمر بإعدام الملك بطليموس سنة 40 م، ثم قام الإمبراطور الروماني كلاوديوس بضم المملكة الموريطانية إلى أراضي الإمبراطورية وأصبحت مقاطعة رومانية سنة 44 م يدير شؤونها حاكم روماني.

وهذه قائمة ملوك موريطنية المعروفين:

- أطلس: الملك الخرافي لموريطنية الذي حكم في القرن السادس قبل الميلاد تقريبا.

- باغاس: أول ملوك موريطنية التاريخيين المعروفين الذي وجد سنة 225 ق.م تقريبا.

- بوخوس الأول: الذي حكم بين 110 و 80 ق.م تقريبا.

- ماستانيسوسوس: الذي حكم بين 80 و 49 ق.م تقريبا.

- بوخوس الثاني: الذي حكم بين 49 و 33 ق.م تقريبا كملك مشارك مع بوغود.

- بوغود: الذي حكم بين 49 و 38 ق.م تقريبا كملك مشارك مع بوخوس الثاني.

- يوبا الثاني: الذي حكم كملك عميل للرومان بين 25 ق.م و 23 م.

- بطليموس: آخر ملوك موريطنية الذي بدأ حكمه كملك مشارك مع أبيه يوبا الثاني ثم اغتيل على يد كاليغولا سنة 40 م.

وكما تقدم معنا فقد قسم الإمبراطور الروماني كلاوديوس موريطنية إلى مقاطعتين رومانيتين هما موريطنية الطنجية وموريطنية القيصرية وجعل الحدود الفاصلة بينهما على امتداد نهر ملوية (مولوشا) الذي يوجد على بعد 60 كلم غرب مدينة وهران الجزائرية.

وسميت موريطنية الطنجية بذلك نسبة إلى اسم عاصمتها تينجس (طنجة الآن)، والتي تتوافق حدودها التاريخية مع شمال المغرب الحالي بما في ذلك الجيوب الإسبانية. أما موريطنية القيصرية فأخذت إسمها من عاصمتها قيصرية وضمت وسط وغرب الجزائر الحالية.

وقد خرج من موريطنية أحد أباطرة روما وهو ماكرينوس الإكوايتسي الذي اعتلى العرش الإمبراطوري بعد اغتيال كراكلا سنة 217 م وقد انهزم نفسه وأعدم على يد أيل جبل في السنة الموالية.

وأعاد نظام الحكم الرباعي للإمبراطور ديوقلتيان (سنة 293 م) تقسيم موريطنية إلى ثلاثة مقاطعات بإحداث مقاطعة موريطنية السطيفية في أقصى الشرق التي اجتزأت من موريطنية القيصرية.

خلال أزمة القرن الثالث الميلادي تم الاستيلاء على أقسام هامة من موريطنية من طرف القبائل البربرية، واقتصر الحكم الروماني المباشر على عدد قليل من المدن الساحلية مثل سبتيم في موريطنية الطنجية و شرشال في موريطنية القيصرية في أواخر القرن الثالث.

وتبقى المصادر التاريخية حول المناطق الداخلية من موريطنية شحيحة، ويبدو أنها كانت في المجمل تحت سيطرة حكام بربريين محليين حافظوا على شيء من الثقافة الرومانية وعادة ما اعترفوا إسميا بسيادة الأباطرة الرومانيين.

وفي نقش يعود لمدينة ألطافا التي شكلت محور مملكة ألطافا المورية في القرن السادس الميلادي يصف ماسونا، وهو أحد حكام المملكة نفسه بأنه "ملك الشعوب الرومانية والمورية"، وأصبحت ألطافا لاحقا عاصمة لحاكم آخر هو غرمول الذي قاوم الحكم البيزنطي في شمال إفريقيا لكنه انهزم في نهاية 578 م.

وأشار المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس كذلك إلى حاكم بربري مستقل آخر يدعى ماستيغاس الذي سيطر على أغلب أراضي موريطنية القيصرية سنة 530 م تقريبا، وفي نهاية القرن الساس الميلادي كانت هناك ثماني ممالك رومانية مورية في المنطقة هي: ألطافا، وارسينيس، هودنا، أوريس، نيمينشاس، قبصة، دورسالي، و كاباوون.

واستمرت المقاومة الأخيرة ضد الغزو العربي الإسلامي في النصف الثاني من القرن السابع الميلادي من قبل الممالك الرومانية المورية مع القوات البيزنطية المتبقية في المنطقة تحت قيادة ملك ألطافا المسيحي أكسل، لكن المقاومة انتهت بشكل كامل لاحقا بالهزيمة سنة 703 م بمقتل الملكة البربرية كاهينا.

وكان الوندال قد احتلوا موريطنية منذ سنة 420 م، وسقطت مدينة هيبون في أيدي الوندال سنة 431 م بعد حصار طويل ثم سقطت بعدها قرطاجة سنة 439 م، فأرسل الإمبراطور البيزنطي ثيودوسييوس الثاني حملة عسكرية لمواجهة الوندال سنة 441 م التي فشلت في التقدم أبعد من صقلية، وضمنت الإمبراطورية الرومانية السلام مع الونال بقيادة الإمبراطور الروماني الغربي فالنتينيان الثالث سنة 442 م فترسخت بذلك سيطرة الوندال على أفريقية، وفي عامي 533 و 534 م طردوا خلال الحرب الوندالية ومنذ ذلك الحين أصبحت موريطنية إسميا على الأقل مقاطعة رومانية مرة أخرى.

وخلال فترة الوندال تم الحفاظ على المقاطعات القديمة من أبرشية أفريقيا ولكن أجزاء كبيرة من موريطنية السطيفية وموريطنية القيصرية وكامل موريطنية الطنجية وأجزاء أخرى من المناطق الداخلية في نوميديا و بيزاسينا ضاعت أمام وطأة الغزوات البربرية والتي شكلت مجتمعة منطقة موري كمسمى محلي عام للقبائل البربرية في مقاطعة موريطنية.

وبعد هزيمة الوندال سنة 533 م أصدر الإمبراطور البيزنطي جستنيان قانونا يتعلق بالتنظيم الإداري للأراضي المكتسبة حديثا وأعاد بذلك التقسيم الإداري القديم لكنه رفع منصب الحاكم العام في قرطاجة إلى الرتبة الإدارية العليا للمحافظ الإمبراطوري منهيا بذلك تبعية أبرشية أفريقيا التقليدية لولاية إيطاليا التي كانت ماتزال تحت حكم القوط الشرقيين.

وأنشأ الإمبراطور البيزنطي موريكيوس في وقت ما بين 585 و 590 م منصب الإكسارخ الذي جمع بين السلطة المدنية العليا للمحافظ الإمبراطوري والسلطة العسكرية للقائد العسكري الكبير، وتمتع المنصب باستقلالية كبيرة عن القسطنيطية، وهكذا تم إنشاء إكسرخسيتين هما إكسرخسية إيطاليا وقاعدتها في رافينا والتي عرفت بإكسرخسية رافينا والأخرى في أفريقيا ومقرها قرطاجة والتي ضمت جميع أراضي الإمبراطورية البيزنطية غرب البحر الأبيض المتوسط، وكان أول إكسارخ أفريقي هو باتريسيوس جيناديوس.

وتم دمج موريطنية السطيفية وموريطنية القيصرية لتشكلا معا مقاطعة موريطنية بريما الجديدة في حين تم دمج موريطنية الطنجية ـ التي تقلصت حدودها فعلا في سبتيم ـ مع قلاع الساحل الإسباني وجزر البليار لتشكل موريطنية سيكوندا، وكانت هذه الأخيرة لا تعدو كونها بؤرة استيطانية صغيرة في جنوب إسبانيا محاصرة من قبل القوط الغربيين الذين احتلوا أخر المعاقل الإسبانية في عام 624 م، فاختزلت موريطنية سيكوندا إلى حصن سبتيم.

لقد كانت المسيحية موجودة في موريطنية منذ القرن الثالث الميلادي وانتشرت بسرعة في ربوعها رغم وصولها المتأخر إليها ومع ذلك اقتصر وجودها على المناطق الحضرية حيث احتظت المناطق النائية بالديانة الرومانية البربرية.

المصدر:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...