الثلاثاء، 28 أبريل 2020

أندرياس باليولوج

تصوير من القرن السادس عشر من الوقائع الروسية لزيارة "أندرياس" (الشخص المتوج في وسط الصورة) لأخته "زوي" في "موسكو".

"أندرياس باليولوج" أو "باليولوجوس" (باليونانية: Ἀνδρέας Παλαιολόγος؛ 17 يناير 1453 ـ يونيو 1502). كان الإبن الأكبر "لتوماس باليولوجوس" شقيق "قسطنطين الحادي عشر باليولوجوس" الإمبراطور البيزنطي الأخير. وبعد سقوط القسطنطينية عام 1453 والغزو العثماني اللاحق "للمورة" عام 1460، هرب "توماس" إلى "كورفو" مع أبنائه "أندرياس" و "عمانوئيل" و "زوي". وبعد وفاة "توماس" في عام 1465، إنتقل "أندرياس" البالغ من العمر إثني عشر عاما آنذاك إلى "روما"، وبصفته إبن أخي "قسطنطين الحادي عشر" الأكبر، أصبح رئيسا لعائلة "باليولوجوس" والمدعي الرئيسي للعرش الإمبراطوري القديم. 

واعترفت البابوية في "روما" رسميا "بأندرياس" باعتباره "ديسبوت المورة الفخري" وهو اللقب الذي احتفظ به والده حتى عام 1460 (وحتى عام 1465 ادعاء) وهو الموقف الذي احتفظ به "أندرياس" حتى وفاته في عام 1502. ومن عام 1480 فصاعدا، ادعى "أندرياس" لقب "إمبراطور القسطنطينية" Imperator Constantinopolitanus، وهو اللقب الذي لم يطالب به والده أبدا، وكان يأمل في استعادة إمبراطورية أسلافه يوما ما، وتم دعم استخدامه لهذا اللقب من قبل بعض اللاجئين البيزنطيين الذين عاشوا في إيطاليا. 

وفي عام 1480، تزوج "أندرياس" من امرأة رومانية تدعى "كاترينا"، وعلى الرغم من أن بعض المصادر تشير إلى إمكانية أن يكون لديه أبناء؛ "قسطنطين" وآخر "فيرناندو" وابنة تدعى "ماريا"، إلا أنه لا يوجد دليل ملموس على أن "أندرياس" ترك أي أحفاد. ومع استمرار إقامته في "روما"، بدأ "أندرياس" يتهاوى أكثر فأكثر في أتون الفقر، وعلى الرغم من أن وضعه المادي هذا يرجعه المؤرخون إلى نمط حياته الذي كان باذخا وغير مسؤول، إلا أن التفسير الأكثر ترجيحا هو أن المعاش والتمويل اللذان كانا يقدمان إليه من البابوية تم تقليصهما باستمرار من 300 دينار أفرنتي شهريا إلى 50 دينار أفرنتي فقط في نهاية حياته وهو المبلغ الذي كان قليلا جدا لإعالة أسرته. 

وسافر "أندرياس" في أنحاء أوروبا عدة مرات بحثا عن حاكم يمكنه مساعدته في استعادة القسطنطينية لكنه لم يحشد سوى القليل من الدعم، وكان السلطان العثماني محمد الثاني "الفاتح" الذي غزا القسطنطينية عام 1453 قد توفي عام 1481 وخاض ولداه "جم" و "بايزيد" حربا أهلية حول من سيخلفه، وحاول "أندرياس" اغتنام هذه الفرصة وتنظيم حملة في جنوب إيطاليا في صيف 1481 بهدف عبور البحر الأدرياتيكي واستعادة الإمبراطورية البيزنطية، لكن الحملة ألغيت في خريف تلك السنة عندما نجح "بايزيد" في الاستقرار في حكمه، وعلى الرغم من أنه ظل يأمل في استعادة "المورة" على الأقل طوال حياته، إلا أن "أندرياس" لم يعد أبدا إلى اليونان. 

وبسبب يأسه للمال، باع "أندرياس" حقوقه في التاج البيزنطي سنة 1494 للملك الفرنسي "شارل الثامن" الذي حاول تنظيم حملة صليبية ضد الأتراك، واشترط في البيع أن يقوم "شارل" ـ الذي كان "أندرياس" يأمل في استخدامه كبطل ضد الأتراك ـ بتسليم "المورة" "لأندرياس" إذا نجحت حملته، وعندما توفي "شارل" سنة 1498 طالب "أندرياس" مرة أخرى بالألقاب الإمبراطورية واستخدمها حتى وفاته. وتوفي "أندرياس" فقيرا في روما عام 1502، وربما لم يتلقى أي أموال أبدا من بيعه لألقابه، وفي وصيته، منح ألقابه إلى "فرديناند" الثاني ملك "أراغون" و "إيزابيلا" الأولى ملكة "قشتالة"، اللذين لم يستخدماها أبدا. 

ولد "أندرياس" في 17 يناير 1453، وكان إبنا "لتوماس باليولوج" "ديسبوت المورة" و "كاترين زكريا" إبنة "سنتوريون الثاني زكريا" آخر أمير "لأخايا"، وبعد مقتل عمه "قسطنطين الحادي عشر" دفاعا عن "القسطنطينية" عاصمة الإمبراطورية البيزنطية في 29 مايو 1453، استمرت عائلة "أندرياس" في العيش في "المورة" كتابعين للسلطان العثماني "محمد الثاني الفاتح"، لكن الخلاف المستمر بين "توماس" الذي حاول حشد الدعم لاستعادة الإمبراطورية البيزنطية وشقيقه "ديميتريوس" الذي انحاز إلى العثمانيين أدى إلى غزو السلطان "للمورة" في عام 1460، فهرب "توماس" وعائلته إلى "كورفو"، ثم ترك "توماس" بقية الأسرة وتوجه إلى "روما" حيث استقبله ورحب به البابا "بيوس الثاني". وحافظ "توماس" على أمله في استعادة أراضيه ذات يوم عند إتمام الاستعدادات اللازمة للحملة الصليبية (التي لم تحدث أبدا)، وجال "توماس" شخصيا في إيطاليا لحشد الدعم. 

وبوفاة "كاترين زكريا" في أغسطس 1462، جلب "توماس" أولاده إلى "روما" بعد ذلك بوقت قصير، ولم يختر "أندرياس" وشقيقه الأصغر "عمانوئيل" الانضمام إلى أبيهما إلا أياما قليلة قبل وفاة والدهما سنة 1465، وسافر "أندرياس" وأخويه "عمانوئيل" و "زوي" من "كورفو" إلى "روما" عام 1465 ووصلوا إلى هناك بعد موت والدهم مباشرة، وكان "أندرياس" يبلغ من العمر 12 سنة في ذلك الوقت و "عمانوئيل" في العاشرة، ووُضع الأولاد في رعاية الكاردينال "بيساريون" الذي كان قد فر من الإمبراطورية البيزنطية أيضا منذ سنوات عديدة، ووفر "بيساريون" التعليم للأولاد وكان أيضا العقل المدبر لزواج "زوي" من "إيفان الثالث" ("إيفان" الكبير) دوق "موسكو" سنة 1472. ومكث "أندرياس" في "روما" بموافقة البابا الذي اعترف به وريثا "لتوماس" و "الديسبوت" الشرعي "للمورة". 

وفي البداية، كان ختم "أندرياس" يحمل نسرا ذا رأسين الخاص بالسلالة الباليولوجية ولقب "ديسبوت الرومان" Despotes Romeorum، لكن ابتداء من عام 1480 ـ وربما ردا على عدم تلقيه للاحترام الذي يستحقه ـ قام "أندرياس" بتلقيب نفسه "إمبراطور القسطنطينية" Imperator Constantinopolitanus، وهو اللقب الذي لم يتبناه والده إطلاقا. وعلى الرغم من اختلاف هذا اللقب عن اللقب التقليدي الذي استخدمه الأباطرة البيزنطيون (إمبراطور وأوتوقراط الرومان) إلا أنه كان اللقب التقليدي للأباطرة الرومان الشرقيين من قبل الأوروبيين الغربيين ولاسيما البابوية. وربما كانت تنشئة "أندرياس" في "روما" جعلته غير مدرك أن الأباطرة البيزنطيين تم تسميتهم رسميا أباطرة الرومان بدل أباطرة القسطنطينية، وعلى الرغم من أن الخلافة الوراثية لم يتم استخدامها رسميا في الإمبراطورية البيزنطية، تم الاعتراف "بأندرياس" وريثا شرعيا من قبل بعض معاصريه وأبرزهم الكاردينال "بيساريون" حتى وفاته 1472. وقام أحد مستشاري "توماس باليولوجوس" من "باتراس" واسمه "جورج سفرانتزيس" بزيارة "أندرياس" في عام 1466، واعترف به خليفة ووريث السلالة الباليولوجية وحاكمها الشرعي. وخارج طموحاته في استعادة إمبراطوريته، فإن ادعاء "أندرياس" بأنه إمبراطور كان يعبر عنه غالبا من خلال الإصرار على مختلف التشريفات كالإصرار على السماح له بأن يحمل نفس نوع الشموع كالكرادلة خلال موكب 1486 في كنيسة "سيستينا". 

وربما بدأت المشاكل المالية التي استمرت طوال حياة "أندرياس" بعد فترة وجيزة من وفاة الكاردينال "بيساريون"، وبحلول عام 1475 وفي سن 22، بدأ "أندرياس" في عرض بيع حقوقه في التاج الإمبراطوري للقسطنطينية وإمبراطورية "طرابزون"، وكتب رسائل للعديد من الحكام، بمن فيهم حاكم "نابولي" "فرديناند الأول" وربما دوق "ميلانو" "غالياتسو ماريا سفورزا" ودوق "بورغندي" "شارل"، ومن خلال الكتابة إلى عدة حكام ربما كان "أندرياس" يبحث عن أعلى مزايد، وقد وقع شقيقه الأصغر "عمانوئيل" كذلك في صعوبات مالية إلا أنه لم تكن لديه أية ألقاب للبيع لأنه كان الثاني في الترتيب، وبدلا من ذلك، غادر "عمانوئيل" "روما" وسافر سعيا للدخول في خدمة أحد حكام "أوروبا" عسكريا، لكنه لم يتلقى أي عروض مرضية ففاجأ الجميع بسفره إلى "القسطنطينية" في ربيع عام 1476 وتقديم نفسه للسلطان "محمد الثاني" الذي استقبله بلطف وقدم له معاشا كريما لبقية حياته. 

ومن المحتمل أن أصل المشقة المالية التي عانى منها "أندرياس" هو خفض المعاش الذي كان يدفع له من قبل البابوية، وكان المعاش الذي يدفع لوالده هو 300 دوقية في الشهر، وأضيفت إليها 200 دوقية من قبل الكرادلة، وعلى الرغم من أنه كان يبدو مبلغا سخيا، إلا أن مستشار "توماس" "جورج سفرانتزيس" ظل يشتكي من أنه بالكاد كان يكفي لإعالة "توماس" وأسرته، وعلى الرغم من أن "أندرياس" و "عمانوئيل" منحا نفس المعاش في البداية، تم تقرير تقسيمه بينهما وتوقف الكرادلة عن دفع أموال إضافية، مما يعني أنهما تلقيا 150 دوقية لكل واحد منهما فقط لكل شهر بدل 500 دوقية التي كانت تصرف لوالدهما. 

وحتى ذلك الحين، سرعان ما ازداد الوضع سوءا بعد وفاة "بيساريون"، وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 1473 تلقى الأخوان فقط 690 دوقية (بدلا من 900 المفروضة) وعندما غادر "عمانوئيل" "روما" في عام 1474 استغل البابا "سيكتوس الرابع" ولسبب غير مفهوم غياب "عمانوئيل" ذريعة لخفض المعاش الكامل إلى النصف، وتلقى بذلك "أندرياس" 150 دوقية بدل 300، وهو الوضع الذي استمر حتى أثناء عودة "عمانوئيل" القصيرة إلى المدينة عام 1475، وابتداء من أواخر سبعينيات ذلك القرن تم تقليص المعاش بشكل متكرر، فقد حصل "أندرياس" على 150 دوقية في يونيو 1478 ثم على 104 دوقية في نوفمبر، وبعد ذلك بعدة أشهر وبسبب "الحروب العديدة" التي كانت تواجهها البابوية بين 1488 و 1489 قلص معاش "أندرياس" إلى 100 دوقية رغم أن الدفعة الفعلية غالبا ما كانت تقل عن ذلك، وبعد صعود البابا "ألكسندر السادس" في أغسطس 1492 تم تخفيض المعاش إلى 50 دوقية فقط للشهر. 

ولم يتحسن الوضع المالي "لأندرياس" لأنه اضطر أيضا إلى دعم حاشيته، وعلى الرغم من أن بعض أفراد أسرة والده ربما سافروا مع أخته "زوي" إلى "موسكو"، فالذين بقوا في "روما" مثل "عمانوئيل باليولوج" (ليس شقيقه "عمانوئيل") و "جورج باغومينوس" و "ميخائيل أريسطوبولوس" (تم تسجيلهم جميعا كمرافقين "لأندرياس" إلى "برينديزي" سنة 1481) و "ديميتريوس راؤول كافاسيس" (الذي مثل "أندرياس" و "عمانوئيل" في حلف زفاف "زوي") ربما كانوا جزءا من منزل "أندرياس"، وخلال حياته اللاحقة، تدهورت حالة منزل "أندرياس" ولم يعد قادرا بشكل متزايد على دعم حاشيته. وبحلول عام 1480 أصبحت البابوية الراعي الجديد لبعض رفاقه المفترضين، مثل "ثيودور زامبلاكون القسطنطيني" و "كاثرين زامبلاكونيسا" و "أوفراسينا باليولوجينا" و "توماسينا كانتاكوزيني" وعدة إغريق موصوفين ب "دي موريا" بمن فيهم رجل يدعى "قسطنطين" وامرأتان تدعيان "ثيودورينا" و "ميغاليا". 

وخلال الفترة التي قضاها في "روما"، عاش "أندرياس" في منزل في "كامبو مارزيو" منحه له البابا "سيكستوس الرابع" في وقت زواج "زوي"، وربما كان منزله يقع بجوار كنيسة "سانتا أندريا" المحلية، وفي عام 1479، تزوج "أندرياس" "كاترينا"، امرأة من "روما". وسعى "أندرياس" إلى "موسكو" في عام 1480 بحثا عن مساعدة مالية، وزار أخته "زوي" (التي تدعى الآن "صوفيا") لاستجداء المال ويبدو أن "صوفيا" أعطته بسخاء ومن بين أعطياتها جواهرها. 

ومثل والده "توماس"، قام "أندرياس" بمحاولات نشطة لتنظيم حملات قصد استعادة القسطنطينية والعرش الإمبراطوري، وبعد فترة وجيزة من عودته من روسيا في أواخر صيف 1481، خطط "أندرياس" لتنظيم حملة عسكرية ضد الأتراك، وسافر "أندرياس" إلى جنوب إيطاليا كنقطة تجمع واضحة للهجوم على اليونان، وكان في "فودجا" في أكتوبر مع العديد من رفاقه المقربين، حيث تلقى مساعدة مالية من "فرديناند الأول" ملك "نابولي"، ولتحضير الحملة، استأجر "أندرياس" العديد من الرفاق الإضافيين، بمن فيهم "كروكونديلو كلادا" جندي يوناني قاد ثورة فاشلة في "المورة" عام 1480، وكان في استطاعة "كلادا" أن يصبح دليلا مثاليا إذا هبط "أندرياس" بنجاح في اليونان، وفي 14 شتنبر 1481 كتب البابا "سيكستوس الرابع" إلى الأساقفة في إيطاليا للقيام "بكل ما في وسعهم" للمساعدة في عبور "أندرياس" للبحر الأدرياتيكي، وعلى الرغم من هذه الخطط والاستعدادات، لم يبحر "أندرياس" أبدا إلى اليونان ولكنه بدلا من ذلك قضى شهري أكتوبر ونوفمبر من عام 1481 في "برينديزي" مع رفاقه المقربين والملك "فرديناند الأول". 

لقد كانت هناك أسباب وجيهة لإلغاء الحملة، وبدا أن 1481 هو الوقت المثالي لتوجيه ضربة للأتراك الذين كانوا يعانون من سلسلة من النكسات، فقد تم صد غزوهم "لرودس" في أغسطس 1480 بنجاح وتكبدوا خسائر فادحة جراء حصارهم للجزيرة ومات محمد الثاني في 3 مايو وأعقب وفاته حرب أهلية بين ولديه "جم" و "بايزيد" حول العرش العثماني، وربما كان "أندرياس" يأمل في المشاركة في هجوم مضاد على العثمانيين بقيادة "فرديناند الأول" (الذي كان في ذلك الوقت يتعرض لهجوم من قبل العثمانيين في "أوترانتو") لكن في أكتوبر أصبح الوضع غير موات وترسخ حكم "بايزيد" وكانت العوالم المسيحية الرئيسية في أوروبا الغربية مفككة للغاية مما حال دون استفادتها من سلسلة الانتصارات الأخيرة التي حققتها، والأهم من كل ذلك، كانت جهود "أندرياس" ناقصة من حيث التمويل، وفي وقت لاحق، زعم المؤرخون أن البابا "سيكستوس الرابع" أعطى "أندرياس" 3000 دوقية لتمويل الحملة ورغم دفع المبلغ "لأندرياس" في سبتمبر 1481، إلا أنه لا يوجد دليل يشير إلى أنه باشر حربا في اليونان، ومن الأرجح أن الأموال كانت مجرد دفعة مسبقة لرحلاته في جنوب إيطاليا لأنها لم تغطي أي تكاليف إضافية خارج النفقات العادية "لأندرياس" وأسرته. 

وكان هناك سبب آخر لعدم بدء الحملة وهو إحجام جمهورية البندقية عن مساعدة "أندرياس"، ومن المحتمل أن قوة "أندرياس" الصغيرة لم تكن قادرة على عبور البحر الأدرياتيكي بدون مساعدة البندقية، وكانت هذه الأخيرة مترددة في محاربة العثمانيين بشكل أو بآخر، وعلاوة على ذلك، كانت "سينوريا" (الهيئة الإدارية العليا) في البندقية قد وقعت مؤخرا معاهدة مع العثمانيين ورفضت أي أنشطة مستمرة ضدهم، وقام "أندرياس" بمحاولة أخرى لاستعادة "المورة" على الأقل، وشارك في مؤامرة عام 1485 للاستيلاء على "مونيمفاسيا" من البندقيين. 

غادر "أندرياس" "روما" وسافر إلى "موسكو" مرة أخرى في عام 1490، برفقة سفراء "موسكو" إلى "روما" و "ديميتريوس" و "عمانوئيل راليس"، ولأسباب غير معروفة، يبدو أن "أندرياس" لم يكن مرحبا به في "موسكو"، وبدلا من ذلك اختار السفر إلى فرنسا، حيث استقبله الملك "شارل الثامن" بسخاء ودفع جميع نفقات سفره بعد أن وهبه "أندرياس" صقرا أبيض، ومكث "أندرياس" مع الملك في "لافال" و "تور" من من أكتوبر إلى دجنبر وحصل على أموال إضافية وصلت قيمتها إلى 350 ليفر قبل أن يعود إلى "روما"، وفي عام 1492، كان "أندرياس" في إنجلترا، حيث لم يكن الملك "هنري السابع" مضيافا مثل "شارل الثامن" فأمر ببساطة أمين صندوقه "اللورد دينهام" بدفع مبلغ يراه مناسبا "لأندرياس" ثم منحه خروجا آمنا من البلاد. وكانت جولة "أندرياس" الأوروبية بحثا عن المساعدة لقضيته مماثلة لتلك التي أجراها جده "الإمبراطور عمانوئيل الثاني باليولوجوس" الذي سافر إلى أوروبا من عام 1399 إلى عام 1402 على أمل تأمين مساعدة ضد العثمانيين. 

وفي عام 1490 كان ملك فرنسا "شارل الثامن" يخطط بنشاط لحملة صليبية ضد العثمانيين لكنه شارك أيضا في الصراع للسيطرة على مملكة "نابولي" في جنوب إيطاليا، وكرس الكاردينال الفرنسي "ريمون بيرودي" نفسه بشغف لخطط "شارل" الصليبية لكنه كان ضد تورطه في السياسة الإيطالية معتقدا أن الحرب ضد "نابولي" ستقتل كل محاولة للهجوم على الأتراك، وكان الجنود الفرنسيون يتوجهون بالفعل إلى شمال إيطاليا في طريقهم إلى "نابولي" عندما أمل "بيرودي" في تحويلهم إلى الشرق قبل الصراع مع "نابولي" وبدأ في إعداد خطة (دون علم الملك على ما يبدو) لمنح "شارل" مطالبة رسمية بالعرش البيزنطي. 

وبالتفاوض مع "أندرياس"، ضمن "بيرودي" أنه مقابل تخليه عن ألقابه الإمبراطورية وديسبوتية "صربيا" سيتلقى 4300 دوقية (ما يقرب من 360 دوقية شهريا) منها 2000 دوقية يتم دفعها على الفور عند التصديق على التنازل. وبالإضافة إلى ذلك، وُعد "أندرياس" بحراسة شخصية لمائة من سلاح الفرسان على حساب "شارل"، ووعده بأراضي إما في إيطاليا أو في مكان آخر بالإضافة إلى معاش سيولد دخلا سنويا قدره 5000 دوقية، وعلاوة على ذلك، كان على "شارل" استخدام قواته العسكرية والبحرية لإعادة "ديسبوتية المورة" إلى "أندرياس" مقابل منحه أراضي أسلافه (بمجرد استعادة "المورة") ومقابل ضريبة إقطاعية سنوية "لشارل" تتألف من حصان أبيض مسرج، وكان على "شارل" أيضا استخدام نفوذه مع البابا لرفع معاش "أندرياس" البابوي إلى ما مجموعه 1800 دوقية سنويا (150 دوقية شهريا) وكان يجب اعتبار نقل ألقاب "أندرياس" قانونيا ما لم يرفضها "شارل" قبل 1 نوفبمر 1495 (أي عيد جميع القديسين التالي). 

وعلى الرغم من أن معظم ما كان على "أندرياس" تأمينه من الصفقة كان ماليا بطبيعته، إلا أن الاتفاق لم يكن تنازلا غير مسؤول لمجرد تخفيف وضع "أندرياس" المالي، فقد احتفظ "أندرياس" لنفسه صراحة بلقب "ديسبوت المورة" وجعل "شارل" يعده بمنحه "المورة" إذا حالفه النصر ضد العثمانيين، وفي الأساس، كان "أندرياس" يأمل في استخدام "شارل" كبطل قوي ضد الأتراك، تماما كما كان يأمل في استخدام "فرديناند" ملك "نابولي" قبل 13 عاما من ذلك. 

وتم إعداد وثائق تنازل "أندرياس" من قبل "فرانشيسكو دي شراكتين" من "فلورنسا" كاتب العدل البابوي والإمبراطوري، و "كاميلو بنينبين" وهو أيضا كاتب عدل ودكتور القانون الكنسي والقانون المدني، وفي 6 نوفمبر 1494 في كنيسة "سان بيترو" في "مونتوريو"، وبالإضافة إلى "أندرياس" و "بيرودي" شهد القضية أيضا خمسة رجال دين. وعلى الرغم من أن "شارل" كان مايزال ربما غير مدرك لمنحه الألقاب في نوفمبر، وربما كان البابا "ألكسندر السادس" على دراية كبيرة حيث تم تقديم "أندرياس" من قبله وكان "بيرودي" كاردينالا، وكانت الخطة مثالية "لألكسندر السادس" الذي كان يأمل ـ مثل "بيرودي" ـ في توجيه الجيوش الفرنسية المتقدمة داخل إيطاليا إلى العثمانيين دفاعا عن المسيحية عوض الهجوم على "نابولي"، وإذا كان الإمبراطور الروماني المقدس "ماكسيميليان الأول" يعترض على وجود مفاجئ لإمبراطور آخر في أوروبا الغربية، فإنه أمكن للبابا "ألكسندر السادس" أن يشير ببساطة إلى أن تنازل "أندرياس" لم يتم إقراره بابويا وأن "بيرودي" لم يتصرف بشكل صحيح وإنما فعل ذلك بمبادرة شخصية منه. وعلى أية حال تسببت حملة "شارل الثامن" الإيطالية في بعض القلق في القسطنطينية، وبدأ "بايزيد" في بناء دفاعاته وبناء سفن ومدفعية جديدة وإعادة توجيه قواته العسكرية إلى مواقع دفاعية في جميع أنحاء اليونان والأراضي المحيطة بالقسطنطينية. 

وقد قبل "شارل" في النهاية شروط تنازل "أندرياس" لكنه لم يبتعد عن "نابولي"، وعلى الرغم من أنه كان يفكر في إعلان حملة صليبية بالفعل أثناء إقامته في "أستي" شمال إيطاليا، غير أنه قرر في الأخير عدم المغامرة شرقا إلا بعد غزو "نابولي" ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى إمكانية زيادة عدد خطط الهجوم المحتملة مادامت "نابولي" تحت سيطرته، لكن جهود "شارل" ذهبت هباء عندما تورط في صراع مع البابوية والدول في جميع أنحاء إيطاليا، إلا أنه أمن في 27 يناير 1495 ملكية "جم سلطان" شقيق "بايزيد" والمنافس على العرش العثماني والأسير البابوي السابق، وقد عرض البابا "الإسكندر السادس" تتويج "شارل" شخصيا في منصب إمبراطور القسطنطينية لكن هذا الأخير رفض مفضلا غزو الإمبراطورية الشرقية قبل أن يتوج رسميا كإمبراطور. وفي 22 فبراير، دخل "شارل" منتصرا إلى "نابولي" (وافتُرض أنه اعتمر تاجا إمبراطوريا) ولكنه بعد ثلاثة أيام واجه خسارة كبيرة بوفاة "جم سلطان" وهي الواقعة التي قلبت كل خططه، فغالبا ما كانت الخطط حول الحملة الصليبية المتوقعة متوقفة على دور "جم سلطان" فيها، وعلى الرغم من أن جيش "شارل" كان مايزال سليما فإن وفاة "جم" إضافة إلى تشكيل اتحاد ضد "شارل" شكلا عاملان هامان لتخلي "شارل" تدريجيا عن خططه الصليبية. 

ورغم أنه لم يتحصل على شيء في نهاية المطاف من شرائه للألقاب الإمبراطورية، إلا أن "شارل" كان قد استوعب بشكل شرعي فكرة محاولة غزو القسطنطينية، واضمحلت الآمال أخيرا بغزو فرنسا للإمبراطورية العثمانية بموت "شارل" عام 1498. ورغم مطالبة "أندرياس" بألقابه مرة أخرى بعد عام 1498، إلا أن الملوك الفرنسيين بعد "شارل" الثامن ـ "لويس" الثاني عشر و "فرانسيس" الأول و "هنري" الثاني و "فرانسيس" الثاني أيضا ـ استمروا في استخدام الألقاب والأوسمة الإمبراطورية تلك، واستمر الوضع كذلك إلى عهد "شارل" التاسع عام 1566 الذي أنهى الادعاء الإمبراطوري في نهاية المطاف ربما بسبب الإهمال أو نقص الاستعمال. وكتب "شارل" التاسع بخصوص ذلك أن اللقب الإمبراطوري البيزنطي "ليس بارزا أكثر من لقب الملك الذي يبدو أفضل وأطيب". 

وعلى أية حال ظل "أندرياس" شخصية نشطة في "روما" إلى حين وفاته، وفي 11 مارس 1501 شارك بشكل بارز في دخول احتفالي لسفير من "ليتونيا" إلى المدينة. 

وتوفي "أندرياس" في نهاية المطاف فقيرا في "روما" في وقت ما من يونيو 1502، وفي وصيته، التي كتبها في 7 أبريل من نفس العام، تخلى مرة أخرى عن مطالبته باللقب الإمبراطوري لصالح "فرديناند" الثاني ملك "أراغون" و "إيزابيلا" الأولى ملكة "قشتالة" اللذين لم يستخدماه أبدا، وأعطيت أرملته "كاترين" 104 دوقية من البابا "ألكسندر السادس" لدفع تكاليف جنازته، ودُفن بشرف في كاتدرائية القديس "بطرس" بجوار قبر والده "توماس". وبدفن "أندرياس" و "توماس" في "روما"، يكون قبراهما قد نجيا من التدمير الذي لحق قبور الأباطرة الباليولوجيين في القسطنطينية خلال السنوات الأولى من الحكم العثماني، إلا أن الجهود التي بُذلت للعثور على قبريهما داخل الكاتدرائية ظلت غير مثمرة إلى يومنا هذا. 

وساد الاعتقاد بأن "أندرياس" لم يخلف أي أحفاد، ووفقا "لدونالد نيكول" في مؤلفه "الإمبراطورية الخالدة" (1992) فمن المحتمل أن "قسطنطين" الذي كان يعمل في الحرس البابوي سنة 1508 كان إبنا "لأندرياس"، أما المصادر الروسية فتمنح "أندرياس" إبنة باسم "ماريا باليولوجينا" ـ لم تذكر في المصادر الغربية ـ وتزوجت الأمير الروسي "فاسيلي ميخائيلوفيتش" من خالتها ـ أخت "أندرياس" ـ "صوفيا". وفي 17 يوليوز 1499، ذكر "لودوفيكو سفورزا"، دوق "ميلانو"، أنه أرسل "دون فيرناندو" إبن "ديسبوت المورة" إلى الترك مع خمسة خيول على شكل بعثة دبلوماسية أو تجسسية، وقد يكون "فرناندو" هذا إبنا آخر "لأندرياس" ورغم تبنيه للقب "ديسبوت المورة" بعد وفاة "أندرياس"، يبدو أنه لم يكن لديه تأثير يذكر نسبيا في التاريخ، إما لأنه كان غير راغب في لعب دور بارز أو لأنه ربما كان إبنا غير شرعي وهو ما كان سيعيق مطامحه. إضافة إلى ما تقدم ظهر "ثيودور باليولوجوس" الذي عاش في "كورنوال" جنوب إنجلترا في القرن السابع عشر وادعى النسب من "توماس باليولوجوس" من خلال إبن غير موثق يدعى "جون" الذي كان ـ حسب زعمه ـ سليلا "لأندرياس"، لكن هذا النسب يبقى غير مؤكد.
المرجع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...