سور "يركابي" في "حاتوشا"، تركيا. وتمثل هذه التلال الصناعية أعلى نقطة في تحصينات المدينة، ويبلغ طولها 250 مترا وعرضها 80 مترا، ويعني اسمها "بوابة في الأرض". |
كان الحيثيون (باليونانية: Χετταίοι، باللاتينية: Hetthaei) شعبا أناضوليا لعب دورا مهما في إنشاء إمبراطورية تتمحور حو "حاتوشا" في شمال وسط الأناضول حوالي 1600 ق.م، ووصلت إمبراطورية الحيثيين إلى ذروتها خلال منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد في عهد الملك "سابيليوليوما الأول" حيث شملت رقعة اتساعها معظم منطقة الأناضول وكذلك أجزاء من شمال بلاد الشام وأعالي بلاد الرافدين.
وبين القرنين الخامس عشر والثالث عشر قبل الميلاد، دخلت إمبراطورية "حاتوشا"؛ التي تسمى تقليديا الإمبراطورية الحيثية، في صراع مع الإمبراطورية المصرية والإمبراطورية الآشورية الوسطى ومملكة "ميتاني" الحورية للسيطرة على الشرق الأدنى. وبرز الآشوريون في نهاية المطاف كقوة مهيمنة وضموا الكثير من أراضي الإمبراطورية الحيثية، في حين تم طرد باقي الحيثيين من قبل الفريجيين القادمين حديثا إلى المنطقة، وبعد حوالي 1180 ق.م، أثناء انهيار العصر البرونزي، انقسم الحيثيون إلى العديد من دول المدن "الحيثية الجديدة" المستقلة والتي نجا بعضها حتى القرن الثامن قبل الميلاد قبل الخضوع أخيرا للإمبراطورية الآشورية الحديثة.
وكانت اللغة الحيثية عضوا مميزا في فرع الأناضول من عائلة اللغات الهندو-أوروبية، إلى جانب اللغة اللوفية المتصلة بها، وهي أقدم لغة هندو-أوروبية معروفة تاريخيا، وأشير إليها من قبل المتحدثين بها "باللغة الناشيلية" (لغة "نيشا"). وأطلق الحيثيون على بلادهم إسم "مملكة حاتوشا" ("حاتي" بالأكادية)، وهو إسم تم تلقيه من الحاتيين، وهو شعب سابق كان يسكن المنطقة حتى بداية الألفية الثانية قبل الميلاد وتحدث بلغة غير ذات صلة تعرف باسم "الحاتية". ويرجع الإسم التقليدي "الحيثيون" إلى تعريفهم الأولي بالحيثيين الإنجيليين في علم الآثار في القرن التاسع عشر.
وقد عرف تاريخ الحضارة الحيثية في الغالب من النصوص المسمارية الموجودة في أراضي مملكتهم، ومن المراسلات الدبلوماسية والتجارية الموجودة في مختلف المحفوظات في "آشور" و "بابل" و "مصر" و "الشرق الأوسط"، والتي كان فك رموزها أيضا حدثا رئيسيا في تاريخ اللغويات الهندو-أوروبية، وتمكن الشعب الحيثي من استخدام المركبات بنجاح.
وينسب تطوير صهر الحديد إلى الحيثيين في الأناضول خلال العصر البرونزي المتأخر، وهو ما يفسر نجاحهم الكبير في استغلال مزايا أعمال الحديد في ذلك الوقت، لكن هذا "التميز الحيثي" أصبح محل نظر من قبل العلماء. وكجزء من العصر البرونزي المتأخر / العصر الحديدي المبكر شهد انهيار العصر البرونزي الانتشار البطيء والمستمر نسبيا لتقنية صناعة الحديد في المنطقة. وبينما كانت هناك بعض الأشياء الحديدية من العصر البرونزي الأناضولي، كان هناك عدد من الأشياء الحديدية كذلك الموجودة في مصر وأماكن أخرى خلال هذه الفترة، وقليل من هذه الأشياء كان أسلحة، ولم يستخدم الحيثيون الحديد المصهور بل الحجر النيزكي.
وفي العصور الكلاسيكية، نجت السلالات الحيثية العرقية في ممالك صغيرة متناثرة حول سورية ولبنان وإسرائيل الحديثة، وافتقر أحفاد الحيثيين إلى استمرارية موحدة، وتناثروا واندمجوا في نهاية المطاف في السكان الحديثين في بلاد الشام وتركيا وبلاد الرافدين.
وخلال عشرينيات القرن العشرين، ازداد الاهتمام بتاريخ الحيثيين مع تأسيس جمهورية تركيا الحديثة وجذب اهتمام علماء الآثار الأتراك مثل "هالت تشامبل" و "تحسين أوزغوك"، وخلال هذه الفترة، أثر المجال الحيثولوجي على تسمية المؤسسات التركية، مثل "إيتيبانك" (البنك الحيثي) المملوك للدولة. وتأسيس متحف الحضارات الأناضولية في "أنقرة" على بعد 200 كلم غرب العاصمة الحيثية وضم المتحف المعروضات الأكثر شمولا للفن والقطع الأثرية في العالم.
المرجع:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق