الأحد، 14 يوليو 2019

مخطوطة فوينيتش وقصة مادونا أوريانتي


مخطوطة فوينيتش هي على الأرجح أعظم لغز كريبتولوجي في كل العصور، وهي مكتوبة بخط نصي لم يره أحد من قبل، وتحتوي المخطوطة على العديد من صور النباتات التي لم يتم تحديدها بعد. 

ولمعرفة لغز صاحب هذه المخطوطة واللغة التي كتبت بها أو حتى موضوعها تم تسخير مجهود ألمع المؤرخين وعلماء التعمية وحتى الهواة لمدة قرون. 

ومن بين جميع الألغاز التي تحيط بهذه المخطوطة، فإن واحدا منها فقط برز فوق كل الآخرين؛ فمن كتب هذه المخطوطة ولما بذل مجهودا كبيرا لإخفاء محتوى مخطوطته؟ أعتقد أنه يمكن أن نستبعد بأمان احتمال قيام صاحب المخطوطة بعمله هذا لترك لغز للمهووسين بالتشفير بعد 400 سنة قصد حله، لا شك أن هناك شخص ما كان لديه شيء يريد إخفاءه. 

يبقى أن لكل شخص نظريته المفضلة، وهذه نظريتي: هل تعتقدون أن الساحرات كن مجرد خيال من نسج القرون الوسطى؟ حتى وقت قريب نسبيا، كان معظم المؤرخين يتفقون مع ذلك، لكن الساحرات كن فعلا حقيقيات، وكان في موضوعهن الذي قدمته الكنيسة الكاثوليكية تشويه ما لعبادة الشيطان، ومن بين قصص الساحرات هذه أعتقد أن هناك قصة واحدة من بينها مرتبطة بمخطوطة "فوينيتش". 

دعونا نغامر في زاوية غامضة بشكل خاص من التاريخ الأوروبي، وخصوصا سنة 1384، حيث لم يكن "كولومبوس" قد أبحر بعد في المحيط الأزرق، وكان الطاعون الأسود قد بدأ في الاستقرار أخيرا، وكان عصر النهضة على وشك البزوغ. في كتابه: "النشوات: فك رموز ساحرات السبت" يحكي "كارلو غينسبورغ" قصة امرأة تدعى "سيبيليا" كانت زوجة "للومباردو دي فراجلياتي" التي حوكمت من قبل محاكم التفتيش الكاثوليكية في "لومباردي"، وتحت الاستجواب (الذي تضمن كما هائلا من التعذيب) اعترفت "سيبيليا" بجرائم فظيعة وصفت بأنها هرطقة واضحة، فماذا كانت هذه الجرائم؟ 

لقد أخبرت "سيبيليا" المحققين عن لقاءاتها مع سيدة غامضة تدعى "مادونا أوريانتي"، أو سيدة الشرق، والتي كانت لديها القدرة على العرافة، وأنهم في كل ليلة خميس كانوا يجتمعون مع جميع أنواع الحيوانات باستثناء الحمير. 

وقد اتضح أن "سيبيليا" لم تكن العضو الوحيد في مجتمع "أوريانتي"، فقد كانت هناك امرأة أخرى تدعى "بييرينا" وكانت زوجة "بيترو دي بريبيو" قد روت نفس القصة، لكن مع تفاصيل إضافية، فحسب اعترافات "بييرينا" لم يتم استبعاد الحمير فقط من الاجتماعات، ولكن تم حظر الثعالب أيضا، وأن الموتى كذلك كانوا يحضرون هذه الاجتماعات. 

إذن ما علاقة كل هذا بمخطوطة "فوينيتش"؟ هناك قسم واحد من رواية "ببيرينا" يوضح ذلك بالنسبة لي: 

"كانت "أوريانتي" تدرس فضائل الأعشاب لأفراد المجتمع ووصفات علاج الأمراض وكيفية العثور على الأشياء التي سرقت وكيفية فك السحر". 

إذا كان هناك شيء واحد يبدو واضحا في مخطوطة "فوينيتش" فهي الأعشاب والعلاجات، ولا أعتقد أن المخطوطة تحتوي على تعليمات للعثور على الأشياء التي سرقت أو كيفية حل التعاويذ، بل اعتقد أن موضوع مخطوطة "فوينيتش" يدور حول الفضائل العشبية، وبمعنى آخر، إنها كتاب تعاويذ سحرية وجرعات. 

وإذا تقبلتم ذلك كحقيقة، فسيبدو كما لو أن سبب تشفير "مخطوطة فوينيتش" واضح، فهي كتاب كتبه السحرة إذن، وكان لابد لهم أن يخفوا ما كانوا يفعلونه عن الكنيسة. 

وعلى الرغم من أن "بييرينا" و "سيبيليا" سوف يتم إعدامهما في النهاية، إلا أن الأمر سيستغرق ست سنوات لتنفيذه، حيث حكم عليهما مبدئيا بالكفارة والسجن، إذن ما هو التالي في قصة "غينسبورغ"؟
ثلاث ساحرات للفنان الألماني "هانز بالدونغ"، سنة 1514.

لا اعتقد أن الغرض من مخطوطة "فوينيتش" كان منع الاضطهاد، بل كان الغرض منها حماية أسرار تجارية. 

إذن فأين الدليل؟ لقد اتضح أن قصة "سيبيليا" و "بييرينا" كانت شائعة جدا، فنحن نرى أمثلة لنساء يحكين نفس القصة مرارا وتكرارا عبر العصور الوسطى وعصر النهضة، وهناك ثيمات قليلة نراها تتكرر في هذه القصص؛ الربات اللواتي تحيطهن الحيوانات (كما هو الأمر في حالة "أوريانتي") وفي بعض الأحيان تكون للربات خصائص حيوان (كما هو الحال مع عبادة "ريشيلا" التي ستشتهر في وقت لاحق). 

هل نرى هذا في أي موضع من مخطوطة "فوينيتش"؟ حسنا، نعم نحن نرى ذلك في مكان واحد: 

هذه الصورة تظهر في القسم "البيولوجي" من المخطوطة، ولا أعتقد أن الأمر صدفة، لكن هذا نقاش حول فترة أخرى، وفي المقالة التالية، أتمنى مناقشة هذا الجزء الأكثر غرابة من المخطوطة. 

المراجع:

بتصرف عن مقال بنفس العنوان منشور على الموقع التالي:



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ثقافة بازيريك

هي ثقافة تنتمي إلى الحضارة السكيثية البدوية التي تنتمي إلى العصر الحديدي الممتد من القرن السادس إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وقد تم التعرف ...